عناصر الخطبة
1/مكانة الصلاة وأهميتها 2/من بركات وثمرات الصلاة 3/وجوب إلزام الأولاد بالمحافظة على الصلاة 4/التحذير من ترك الصلاة والتفريط فيها 4/الإجازة وكيفية الاستفادة منها

اقتباس

يا مفرطًا بصلاةٍ إثرَ صلاةٍ، ومفوتًا من كلِ صلاةٍ ركعاتٍ: ألا ترتدعُ وتمتنعُ، وتعاهدُ ربَك؟! ألا تعتبرُ بموتاتِ الفجأةِ، وبحوادثِ السياراتِ, تذكّرْ أنكَ ستموتُ، وستقِفُ بينَ يديِ اللهِ -تعالى- عاريًا، حافيًا، لا مالَ ولا جاهَ، ويومَها ستعلمُ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الحمدُ للهِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ما تعاقب الملوان, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ إلَى الإنس والجان، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ.

 

أَمَّا بَعْدُ: إنها مفزعُنا، إنها راحتُنا، إنها الصلاةُ, أليسَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-  يقول: "قُمْ يَا بِلاَلُ فَأَرِحْنَا بِالصَّلاَةِ", وكان إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى, فعجبًا لمن فقدَ الراحةَ والسكينةَ وهو يلتمسُها في غيرِ الصلاةِ!.

 

نعم؛ صلاتُنا نجاتُنا بل حياتُنا، وإليكم -يا مرتادِي المساجدِ- بالصلواتِ سَبعَ بِشاراتٍ وبركاتٍ: استغفارُ الملائكةِ لكم، وغفرانُ الذنوبِ بعد قولِه: "ربَنا ولكَ الحمدُ"، وإرغامُ الشيطانِ، والتأمينُ؛ إنْ وافَقَ تأمينَ الملائكةِ، والإنصاتُ لقراءةِ الإمامِ، والبراءةُ منَ النارِ ومن النفاقِ, قالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "مَنْ صلَّى للهِ أربعينَ يومًا في جَماعةٍ, يُدرِكُ التكبيرةَ الأولى؛ كُتِبَ له بَراءَتانِ: بَراءةٌ مِنَ النارِ، وبَراءةٌ منَ النِّفاقِ"(رواهُ الترمذيُ بسندٍ صحيح).

 

أيُها المصلونَ: احمدُوا ربَكم أنكم على صلواتِكم محافظونَ، وسلوا اللهَ الثباتَ والمزيدَ، وناصحِوا إخوانَكم جيرانَ المسجدِ؛ شفقةً عليهم, وارعَوا أهلَ بيوتِكم ذكورًا وإناثًا وأيقِظوهم للمحافظةِ على الصلاةِ، لا سيما صلاةَ الظهرِ والعصرِ، وتحملوا الأذى والتعبَ من جرائِه؛ امتثالاً لقولِ ربِنا: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)[طه: 132].

 

أيُها الأبُ الموفَّق: ادعُ لأولادِك وأبشرْ وأمِّلْ، ولا تقُلْ: "تعبتُ!", وردِّدْ كثيرًا دعاءَ الأنبياءِ (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)[إبراهيم: 40], واستشعرْ أنَّ فلذاتِ كبدِك إذا لم يُصلّوا فسيكونونَ حطبًا لجهنمَ فـ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)[التحريم: 6], ولا تُلقِ الحِملَ على أمِّهم؛ فأنتَ أهيبُ، واصطبرْ وتذكرْ أن بيوتَ الأنبياءِ فيها أمرٌ للأهلِ بالصلاةِ، فالتقصيرُ والغفلةُ واردةٌ، فهذا نبيُ اللهِ إسماعيلُ كانَ (يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)[مريم: 55].

 

فمن أرادَ أن يكونَ عند ربِهِ مرضياً فليحُضَّ أهلَه كلما أُذنَ للصلاةِ, ومن المهمِ أن تكونَ حازمًا في تحديدِ أوقاتٍ لهم مع هذهِ الأجهزةِ الذكيةِ؛ وإلا ضيَّعوا حياتَهم وصلاتَهم، وقضوُا ليلَهم بالسهرِ، ونهارَهم بالنومِ.

 

ويا أخي جارَ المسجدِ: كُنْ خيرَ جارٍ لخيرِ بقعةٍ, قال نبيُّك -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا"(رواه مسلم), أتَدْري مَنْ جارُ المسجدِ؟ يُجيبُكَ عليٌّ  حينَ قالَ: "لا صلاةَ لجارِ المسجدِ إلا في المسجدِ", قيلَ: ومَنْ جارُ المسجدِ؟ قالَ: "مَنْ سمِعَ الأذانَ".

 

أخي جارَ المسجد: هلْ مِنَ الدين والعقلِ أنْ يناديَكَ ربُّك -تعالى- في اليومِ والليلةِ خمسَ مراتٍ ثم لا تُجيبُه؟! ولو ناداكَ مَلِكٌ إلى قَصْرِه لوَجَدْتَكَ مُبادِرًا للحضورِ!, فكيفَ بكَ ومَلِكُ الملوكِ يَدعوكَ إلى خيرٍ لنفسِك؟!.

 

يا مفرطًا بصلاةٍ إثرَ صلاةٍ، ومفوتًا من كلِ صلاةٍ ركعاتٍ: ألا ترتدعُ وتمتنعُ، وتعاهدُ ربَك؟! ألا تعتبرُ بموتاتِ الفجأةِ، وبحوادثِ السياراتِ, تذكّرْ أنكَ ستموتُ، وستقِفُ بينَ يديِ اللهِ -تعالى- عاريًا، حافيًا، لا مالَ ولا جاهَ، ويومَها ستعلمُ أن أربَحَ عملٍ تزوَّدتَ بهِ هوَ شُهودُك للجماعاتِ بالمساجدِ، وإنْ كنتَ منَ المتخلِّفين فوَاحَسرتاهُ!, إن كنتَ منَ الهالكِينَ المتخلفينَ الذينَ: (أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[مريم59], وهل تعلمُ أن تاركَ الصلاةِ مجرمٌ أشدَ من مجرمِي العصاباتِ، ألم تسمعْ أن أهلَ النارِ: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)[المدثر: 41 - 43].

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا كما أمرَ، وصلى اللهُ وسلمَ على محمدٍ سيدِ البشرِ.

 

أما بعدُ: فقد قاربتِ الإجازةُ على الانتصافِ, فسل نفسَكَ وفكرْ وقدِّرْ: ما نصيبُ الآخرةِ منها؟ فهي أمانةٌ اجتمعَ فيها مرحلةُ شبابٍ وفترةُ إجازةٍ، وسوفَ تُسألونَ، فالمرءُ سيُسألُ عن مرحلةِ الشبابِ مرتينِ، عن عمرهِ عمومًا، ثم عن شبابِه خصوصًا.

 

أما الجادونَ فهم كثيرٌ بحمدِ اللِه؛ (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ)[محمد: 17], ومن النماذجِ المفرحةِ لمن استثمروا إجازتَهم معلمونَ ومعلماتٌ في جمعيةِ القرآنِ في الدُورِ والحلقاتِ، بذلوا أوقاتَهم لأجلِ كتابِ ربِهم، ومنعُوا أنفسَهم من السفرِ بالإجازةِ، وقطعوا إجازاتِهم الرسميةَ؛ ليَحفظَ وليراجعَ الشبابُ والشوابُ حفظَهم في دوراتٍ صيفيةٍ مكثفةٍ مركزةٍ, في ستةِ جوامعَ, وأربعِ دُورٍ: و(ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ)[يوسف: 38], فجزى اللهُ الجمعيةَ ومَن رباهم على الخيرِ خيرًا، وحفظَ اللهُ أولادَنا من شرِ الفراغِ والشبابِ والجِدةِ.

 

أيها المتمتعونَ بإجازتهم: بقيَ منها نصفُها، فليتذكر أحدُنا  آخرَ الإجازةِ، حين يرجعُ الرابحُ بمكاسبَ، وأنت قَضَّيتَه بنومٍ وعكوفٍ على جوالٍ, فاحذر أن تكونَ ممن (يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)[الفجر: 24], أسأل اللهَ أن يباركَ في أوقاتِنا وأعمارِنا، وأن يجعلَ الفراغَ نعمةً لا نقمةً.

 

اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أعْمَارِنَا أواخِرَهَا، وخَيْرَ أعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا وخَيْرَ أيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاك, اللهم لا تخيِّبنا ونحن نرجوكَ، ولا تعذِبنا ونحن ندعوكَ, اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا خَيْرَ ما عِنْدَكَ بِشَرِّ ما عِنْدَنَا, اللَّهُمَّ صُبَّ عَليْنا الخَيْر صَبَّا صَبَّـًا، ولا تَجْعَل عَيْشَنَا كَدَّا كَدَّا, اللهم وفقْ إمامَنا ووليَ عهدِه بتوفيقِك، اللهم ارزقُهم باطنةَ الصلاحِ والسدادِ.

 

اللهم صلِّ وسلِمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

المرفقات
OIDDbuP6r8Pc9504VDNbYkrHbQpbQRawCHEPfftL.pdf
Pf3EjrPQQXj1IYWrHQFtv60YIxlH2yDWoap5IcoW.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life