عناصر الخطبة
1/رفعة مكانة الصلاة 2/تعظيم الصلاة والمحافظة إقامتها 3/من أخطاء المصلين 4/الحث على تعلم أحكام الصلاة.اقتباس
وَلاَ شَكَّ أَنَّ تَعْظِيمَ الصَّلَاةِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا بِوَقْتِهَا وَخُشُوعِهَا وَخُضُوعِهَا هُوَ الْمَطْلُوبُ فِيهَا، وَالْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ أَجْرُهَا وَأَثَرُهَا؛ وَإِذَا أَمْعَنَّا النَّظَرَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ، نَجِدُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُؤَدِّيهَا بِلَا رُوحٍ وَخُضُوعٍ وَخُشُوعٍ، مَعَ جُمْلَةٍ مِنَ الأخطاء فِيهَا...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ وَالْأَرْكَانِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ: إِقَامَةُ الصَّلَاةِ؛ إِذْ هِيَ سِرُّ النَّجَاحِ وَأَصْلُ الْفَلَاحِ؛ لِأَنَّهَا عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ، قاَلَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
وَلاَ شَكَّ أَنَّ تَعْظِيمَ الصَّلَاةِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا بِوَقْتِهَا وَخُشُوعِهَا وَخُضُوعِهَا هُوَ الْمَطْلُوبُ فِيهَا، وَالْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ أَجْرُهَا وَأَثَرُهَا؛ وَإِذَا أَمْعَنَّا النَّظَرَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ، نَجِدُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُؤَدِّيهَا بِلَا رُوحٍ وَخُضُوعٍ وَخُشُوعٍ، مَعَ جُمْلَةٍ مِنَ الأخطاء فِيهَا، وَمِنْ ذَلِكَ:
الْإِسْرَاعُ فِي الْخُطَى عِنْدَ الذَّهَابِ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَخُصُوصًا عِنْدَ سَمَاعِ رُكُوعِ الْإِمَامِ، وَالرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَلَكِنْ ائْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةَ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَمِنَ الْأَخْطَاءِ: الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَدَاءِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، وَبَعْضُهُمْ وَخُصُوصًا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ يَدْخُلُ وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ الْأَذَانَ الثَّانِيَ، فَيَقِفُ يَنْتَظِرُ وَيُتَابِعُ الْآذَانَ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ شَرَعَ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَهَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ هُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِيَتَفَرَّغَ لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْمُؤَذِّنِ سُنَّةٌ، وَاسْتِمَاعَ الْخُطْبَةِ وَاجِبٌ، وَالْوَاجِبُ مُقَدَّمٌ عَلَى السَّنَةِ.
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: التَّنَفُّلُ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَعَدَمُ إِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ".
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، وَالْإِمَامُ سَاجِدٌ، أَوْ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، أَوْ فِي التَّشَهُّدِ، فَيَبْقَى وَاقِفًا يَنْتَظِرُ الْأَمِامَ حَتَّى يَقُومَ، وَالسُّنَّةُ: الدُّخُولُ مَعَهُ فِي أَيِّ هَيْئَةٍ كَانَ فِيهَا الْإِمَامُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا، وَلا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ"؛ وَالْحَدِيثُ حَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْحَدِيثِ، أَوْ الْإِزْعَاجُ بِنَغَمَاتِ الْجَوَّالِ، أَوْ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْأَدْعِيَةِ وَالْقُرْآنِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ، أَوْ فِي الصَّلَاةِ فَذَلِكَ مِمَّا يُؤْذِي بَقِيَّةَ الْمُصَلِّينَ، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ فَكَشَفَ السِّتْرَ وَقَالَ: "أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ"(وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)،
فَاتَّقُوا اللَّهِ عِبَادِ اللَّهِ، وَحَافِظُوا عَلَى صَلَاتِكُمْ تَكُنْ ذُخْرًا لَكُمْ، وَأَحْضِرُوا قُلُوبَكُمْ فِيهَا، تَكُنْ نُورًا لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلّى الله عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ: مِنَ الْأَخْطَاءِ فِي الصَّلَاةِ: عَدَمُ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهَا بَلْ يَنْقُرُهَا بَعْضُهُمْ نَقْرًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ رَكَنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا، لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَى صَلَاةِ عَبْدٍ لَا يُقِيمُ فِيهَا صُلْبَهُ بَيْنَ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا"(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: الصَّلَاةُ مُنْفَرِدًا خَلْفَ الصَّفِّ دُونَ عُذْرٍ، وَقَدْ رَأَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَجُلاً يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ، فَوَقَفَ حَتَّى انْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "اسْتَقْبِلْ صَلاتَكَ أَيْ أَعِدْ صَلاَتَكَ، فَلا صَلاةَ لِرَجُلٍ فَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ" (وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: الدُّعَاءُ لِلْوَالِدَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهَذَا لَمْ يَرِدْ فِي السَّنَةِ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعاً أَوْ سَاجِداً، وَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِـَنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
عِبَادَ اللهِ: أَخْطَاءُ الْمُصَلِّينَ كَثِيرَةٌ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهَا فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا أَهْلُ الْعَلَمِ فِي كُتُبِهِمْ، عَلَيْنَا الِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا لِتَجَنُّبِهَا وَالْعَمَلِ بِوَصِيَّتِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ بِقَوْلِهِ: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).
التعليقات