عناصر الخطبة
1/ سنن العيد وآدابه 2/ أحكام صلاة العيد وخطبتها 3/ حكم التهنئة بالعيد.اهداف الخطبة
اقتباس
ويشرع للمسلم أن يُظهر الفرح بيوم العيد، ويلبس الجديد، ويزور الأرحام والأقارب والأحبة والمرضى والمساكين، ويعفو ويصل من قطعه أو أساء إليه، وله أن يعلن الفرح والسرور بمقدم العيد، ويلهو بما أباحه له الشرع الحنيف بدون تجاوز وإسراف. ولا بأس بما تعارف عليه الناس من التهنئة ما لم يكن فيه مخالفة شرعية أو تشبه بالكفار...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله ..
أما بعد: أيها المسلمون: غداً هو غرة شهر شوال، وسيصلي المسلمون صلاة العيد شكراً لله -تعالى-.
العيد هو البهجة والسعادة التي تجدد للقلب حياته وحيوته، وحتى يكون الفرح عبادة يؤجر عليها العبد ارتبط العيد بشعيرتين إسلاميتين هما: صوم رمضان، وأداء مناسك الحج والأضاحي. وسُمي العيد عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد.
وليس للمسلم في السنة إلا عيدان، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما هذانِ اليَوْمَانِ؟". قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية قال: "إنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهما خَيْراً مِنْهُما يَوْمَ الفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ" (رواه الإمام أحمد والنسائي).
وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يخصون العيد بمزيد من التجمل، فقد صح عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين. وكان -رضي الله عنه- يغتسل قبل صلاة العيد.
ويشرع للذاهب إلى المصلى أن يذهب من طريق ويرجع من طريق آخر ماشيًا، فعن جابر -رضي الله عنه- قال: "كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذا كان يومُ عيدٍ خالفَ الطريق" (رواه البخاري).
وعن علي -رضي الله عنه- قال: "من السُنَّةِ أن تَخرُجَ إلى العيدِ ماشياً وأن تَأكُلَ شيئاً قبل أن تخرج" (رواه الترمذي).
ومن حكم ذلك إظهار شعائر الإسلام، والسلام على أهل الطريقين. ويسن المشي إلى المصلى لأنه هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقد بوَّب البخاري -رحمه الله- في صحيحه: باب المشي والركوب إلى العيد. قال الصنعاني -رحمه الله-: فسوَّى بينهما، فرجع إلى الأصل في التوسعة.
ويشرع التكبير بعد إكمال الصيام، قال الله -تعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون). [البقرة 185].
ووقت التكبير من غروب شمس ليلة العيد إلى الانتهاء من صلاة العيد.
ويسن للرجال الجهر بالتكبير، فقد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى، يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ثم يكبر حتى يأتي الإمام.
وصيغة التكبير أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. وورد بصيغ أخرى عن بعض الصحابة.
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يَغدُو يومَ الفطرِ حتى يأْكلَ تَمَراتٍ، وكان وَيأْكلهنَّ وِتراً" (رواه البخاري).
أيها المسلمون: وصلاة العيد مشروعة للرجال والنساء، فعن أم عطية قالت: أَمرنا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى. الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ. فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاَةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ إِحْدَانَا لاَ يَكُونُ لِهَا جِلْبَابٌ. قَالَ: "لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا". (رواه مسلم).
وحكمه أنه فرض على الأعيان من المكلفين الذكور على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وهذا هو قول أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والصنعاني والشوكاني والألباني والشيخ ابن عثيمين، رحم الله الجميع.
وأما النساء فيتأكد الخروج في حقهن لصلاة العيد وإن كان لا يجب.
والسنة في صلاة العيد أن تصلى في مكان مكشوف خارج البلد يجتمع فيه كل أهل البلد لأن الأصل اجتماع المسلمين. ولا بأس أن تتعدد المصليات إذا دعت الحاجة لذلك، فليس من السنة صلاتها في المسجد إلا إذا دعت الضرورة لذلك كمطر شديد أو برد شديد أو ما شابه ذلك كالمرض مثلا، وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى".
وليس لصلاة العيد أذان ولا إقامة. فعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العيد غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة" (رواه مسلم).
وليس لها صلاة قبلية ولا بعدية في المصلى. لما في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها".
وأما إذا رجع إلى منـزله سُن له صلاة ركعتين، لما أخرجه ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري قال: "كان رسول -صلى الله عليه وسلم- لا يصلي قبل العيد شيئا، فإذا رجع إلى منـزله صلى ركعتين".
وصلاة العيد ركعتان: الركعة الأولى يكبر سبع تكبيرات بتكبيرة الإحرام يرفع المصلي فيها يديه في التكبيرة الأولى فقط، يكبر فيها الإمام بصوت مرتفع،
أما المأموم فإنه يسمع نفسه فقط كبقية الصلوات، وفي الركعة الثانية يكبر خمس تكبيرات، لما رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد والبيهقي عن عائشة -رضي الله عنها-: "أن رسول -صلى الله عليه وسلم- كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمساً سوى تكبيرتي الركوع".
وخطبة العيد تكون بعد الصلاة بعكس صلاة الجمعة لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخُطبة" (متفق عليه).
وخطبة العيد ليست واجبة، ولكن يسن الاستماع لها والقعود لها والاستفادة منها، لما جاء عند أصحاب السنن إلا الترمذي وهو حديث صحيح عن عبد الله بن السائب قال: شهدت العيد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما قضى الصلاة قال: "إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب".
ومن فاتته صلاة العيد مع الإمام فإنه يصليها كصلاة الإمام تمامًا، وقد ثبت ذلك عن أنس -رضي الله عنه- أنه لم يشهد العيد فجمع مواليه وولده فأمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة فصلى بهم كصلاة أهل المصر. وهذا الأثر رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار". ولكن لا يخطب لها، وإنما فقط يصليها ركعتين بالتكبيرات الزوائد.
بارك الله ..
الخطبة الثانية:
الحمد لله ..
أما بعد: أيها المسلمون: والتهنئة بالعيد من الأمور المباحة. وأفضل التهاني ما ثبت عن الصحابة -رضي الله عنهم-، فقد قال جبير بن نفير: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا التقوا يقول بعضهم لبعض: "تقبل الله منا ومنك" (رواه البيهقي بسند جيد).
ولا بأس بما تعارف عليه الناس من التهنئة ما لم يكن فيه مخالفة شرعية أو تشبه بالكفار.
ويشرع للمسلم أن يُظهر الفرح بيوم العيد، ويلبس الجديد، ويزور الأرحام والأقارب والأحبة والمرضى والمساكين، ويعفو ويصل من قطعه أو أساء إليه، وله أن يعلن الفرح والسرور بمقدم العيد، ويلهو بما أباحه له الشرع الحنيف بدون تجاوز وإسراف.
اللهم ..
التعليقات