عناصر الخطبة
1/التحذير من الربا وما فيه من الوعيد 2/أنواع الربا وبيان كل نوع 3/شروط بيع الربوي 4/نصيحة بالتوبة من الربا

اقتباس

كَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، أَوِ الفِضَّةِ بِالفِضَّةِ، أَوِ الذَّهَبِ بِالفِضَّةِ، أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَطْعُومٍ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَطْعُومٍ، كَالقَمْحِ بِالقَمْحِ، أَوِ القَمْحِ بِالعَسَلِ وَنَحْوِهِ، لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِيهِمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ، كَكيلو قَمْحٍ بِكيلو قَمْحٍ عَلَى شَهْرٍ، أَوْ جِرَامِ ذَهَبٍ بِجِرَامِ فِضَّةٍ عَلَى شَهْرٍ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إن الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71].

 

إن أصدق الحديث كتاب الله -عز وجل-، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ.

 

أما بعد: فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: "أحكام الربا"، واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ فَيتبعونَ أَحسنَهُ؛ (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ)[الزمر: 18].

 

اعلموا -أيها الإخوة المؤمنون- أن أكل الربا من أعظم ما نهى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- عنه، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)[البقرة: 278، 279]، وقال الله -تعالى-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[آل عمران: 130].

 

ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ"[1]، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: "الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ[2]، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ[3] المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ[4]"[5]؛ التولي يوم الزحف: أي الفرار عن القتال يوم ازدحام الطائفتين، قذف المحصنات: أي قذف المحصنات، والقذف الرمي البعيد، استعير للشتم والعيب والبهتان كما استعير للرمي، والمحصنات جمع محصنة، أي: التي حفظت فرجها من الزنا، الغافلات: كناية عن البريئات؛ لأن البريء غافل عما بُهِتَ به من الزنا.

 

وآكِل الربا يقوم من قبره كالمجنون الذي مسه الصرع، قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[البقرة: 275].

 

قوله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)؛ أي: "يقومون يوم القيامة من قبورهم، كقيام الذي يتخبطه الشيطان من المسّ من الجنون"[6] (تفسير الطبري).

 

ولعن الرسول -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا، وَمُؤْكِلَهُ، وشاهديه، رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ"[7]، ورَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ"، وَقَالَ: "هُمْ سَوَاءٌ"[8].

 

والرِّبَا نَوْعَانِ: النوع الأول: رِبَا الفَضْلِ: وَهُوَ الزِّيَادَةُ فِي السِّلْعَةِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَيَحْرُمُ فِي الذهب إذا بيع بجنسه، والفضة إذا بيعت بجنسها، وما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية إذا بيعت بجنسها كالجُنيه، والدولار، والريال، ويحرم كذلك في كل مكيل مطعوم بيع بجنسه، وَفِي كُلِّ مَوْزُونٍ مطعوم بِيعَ بِجِنْسِهِ؛ لِعَدَمِ التَّمَاثُلِ.

 

كبيع جرام ذهب عيار أربعة وعشرين بجرامين من الذهب عيار ثمانية عشر، أو بيع كيلو من القمح الجيد بخمسة كيلو من القمح الرديء، أو بيع طن تمر سعودي بثلاثة طن قمح مصري، فكل هذا لا يجوز، وإنما يجب التساوي في الوزن أو الكيل.

 

ومن أراد ألا يظلم في البيع فليبع ما عنده، ويقبض الثمنَ، ثم يشتري ما يريد، رَوَى مُسْلِمٌ عنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالبُرُّ بِالبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالملْحُ بِالملْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ"[9]، وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا،[10] بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الوَرِقَ بِالوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ"[11]؛ لا تشفوا: أي لا تفضلوا، والورِق: أي الفضة.

 

النوعُ الثاني: رِبَا النَّسِيئَةِ: وَهُوَ التَّأْخِيرُ، فَكُلُّ شَيْئَيْنِ عِلَّتُهُمَا وَاحِدَةٌ، سَوَاءٌ كَانَا مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ، كَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، أَوِ الفِضَّةِ بِالفِضَّةِ، أَوِ الذَّهَبِ بِالفِضَّةِ، أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَطْعُومٍ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَطْعُومٍ، كَالقَمْحِ بِالقَمْحِ، أَوِ القَمْحِ بِالعَسَلِ وَنَحْوِهِ، لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِيهِمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ، كَكيلو قَمْحٍ بِكيلو قَمْحٍ عَلَى شَهْرٍ، أَوْ جِرَامِ ذَهَبٍ بِجِرَامِ فِضَّةٍ عَلَى شَهْرٍ، وَنَحْوِهِ.

 

رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الوَرِقَ[12] بِالوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ"[13]؛ أي: بحالٍّ.

 

ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رضي الله عنه- أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الوَرِقُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ"[14]؛ أي يجوز بيع الذهب بالفضة بشرط التقابض في مجلس البيع، ولا يجوز التأخير في التقابض.

 

اعلمُوا -أيها الإخوة المؤمنون- أنَّ الرِّبَا يَجْرِي فِي الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَالأَمْوَالِ النَّقْدِيَّةِ، وَهَذِهِ هِيَ العِلَّةُ الأُولَى الَّتِي لِأَجْلِهَا حُرِّمَ الرِّبَا، وَهِيَ عِلَّةُ الثَّمَنِيَّةِ.

 

وَيَجْرِي الرِّبَا كَذلِكَ فِي كُلِّ مَا يُكَالُ وَيُطْعَمُ، أَوْ يُوزَنُ وَيُطْعَمُ، وَهَذِهِ هِيَ العِلَّةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا حُرِّمَ الرِّبَا، وَهِيَ عِلَّةُ الطُّعْمِ مَعَ الوَزْنِ، أَوِ الكَيْلِ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ"[15].

 

وَإِذَا بِيعَ الرِّبَوِيُّ بِجِنْسِهِ شُرِطَ فِيهِ شَرْطَانِ:

الشرطُ الأوَّلُ: التَّقَابُضُ فِي المَجْلِسِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، فَلَا يَصِحُّ بَعْدَ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ،[16] كَذَهَبٍ بِذَهَبٍ عَلَى أُسْبُوعٍ، أو فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ عَلَى شَهْرٍ، أَوْ قَمْحٍ بِقَمْحٍ بَعدَ يومينِ، أَوْ عَسَلِ نَحْل بِعَسَلِ نَحْل بَعْدَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ، وَنَحْوِهِ، وَهَذَا يُسَمَّى رِبَا النَّسِيئَةِ.

 

الشرط الثاني: التَّمَاثُلُ فِي المِقْدَارِ، فَلَا يَصِحُّ جِرَامُ ذَهَبٍ بِجِرَامَيْنِ ذَهَبٍ، أَوْ كيلو قَمْحٍ بثَلاثَةٍ، وَهَذَا يُسَمَّى رِبَا الفَضْلِ[17].

 

أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا.

 

أما بعد: فَإِذَا بِيعَ الرِّبَوِيُّ بِمَا اتَّفَقَ مَعَهُ فِي عِلَّةِ الثَّمَنِية، أَوْ عِلَّةِ الطُّعْمِ مَعَ الكَيْلِ أَوِ الوَزْنِ، وَاخْتَلَفَ فِي الجِنْسِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرطُ فِيهِ التَّقَابُضُ فِي المَجْلِسِ فَقَطْ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّمَاثُلُ.

 

كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ، أَوْ ذَهَبٍ بِجُنَيْهَاتٍ، أَوْ مِلْحٍ بِعَسَلٍ، أَوْ تَمْرٍ بِفَاصوليا، أَوْ عَدَسٍ بَفُولٍ، رَوَى مُسْلِمٌ عنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالبُرُّ بِالبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالملْحُ بِالملْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ"[18].

 

وَإِذَا بِيعَ مَا عِلَّتُهُ الكَيْلُ، وَالطُّعْمُ بِالأَثْمَانِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَابُضُ أَيْ فِي المَجْلِسِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّمَاثُلُ فِي المِقْدَارِ، كَمِلْحٍ بِذَهَبٍ، أَوْ قَمْحٍ بِفِضَّةٍ، أَوْ عَسَلٍ بِجُنَيْهَاتٍ، فَيَصِحُّ جِرَامُ ذَهَبٍ بِمَائَةِ صَاعٍ قَمْحًا بَعْدَ أُسْبُوعٍ مَثَلًا، وَيَصِحُّ جِرَامُ ذَهَبٍ بِكِيلُو قَمْحٍ مَثَلًا؛ لِانْتِفَاءِ العِلَّةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا حُرِّمَ الرِّبَا[19].

 

وختَامًا: امتثلوا -عبادَ الله- لأمر الله -سبحانه وتعالى-، واجتنبوا الربا واتركوه؛ فإن عاقبته أليمةٌ في الدنيا، والآخر، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)[البقرة: 278، 279].

 

(رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)[آل عمران: 53]، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[آل عمران: 147]، (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)[آل عمران: 191، 192]، (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)[آل عمران: 193، 194]

 

أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.

 

------

[1] المُوبِقَاتِ: أي المهلكات؛ [انظر: «إكمال المعلم» (1/ 356)].

[2] التولي يوم الزحف: أي الفرار عن القتال يوم ازدحام الطائفتين؛ [انظر: «عمدة القاري» (14/ 62)].

[3] قذف المحصنات: أي قذف المحصنات، والقذف الرمي البعيد، استعير للشتم والعيب والبهتان كما استعير للرمي، والمحصنات جمع محصنة، بفتح الصاد، اسم مفعول أي: التي أحصنها الله تعالى وحفظها من الزنا، وبكسرها، اسم فاعل؛ أي: التي حفظت فرجها من الزنا؛ [انظر: «عمدة القاري» (14/ 62)].

[4] الغافلات: كناية عن البريئات؛ لأن البريء غافل عما بُهِتَ به من الزنا؛ [انظر: «عمدة القاري» (14/ 62)].

[5] متفق عليه: رواه البخاري (2766)، ومسلم (89).

[6] انظر: «تفسير الطبري» (6/ 8، 12).

[7] متفق عليه: رواه البخاري (5347)، ومسلم (1597).

[8] صحيح: رواه مسلم (1598).

[9] صحيح: رواه مسلم (1587).

[10] لا تشفوا: أي لا تفضلوا.

[11] متفق عليه: رواه البخاري (2177)، ومسلم (1584).

[12]متفق عليه: رواه البخاري (2177)، ومسلم (1584).

[13]الورِق: أي الفضة.

[14]متفق عليه: رواه البخاري (2177)، ومسلم (1586)، واللفظ له.

[15] صحيح: رواه مسلم (1592).

[16] انظر: «فتح الوهاب» (2/ 98).

[17]انظر: «فتح الوهاب» (2/ 98).

[18]صحيح: رواه مسلم (1587).

[19] انظر: «كشاف القناع» (8/ 6-7).

 

 

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life