عناصر الخطبة
1/الثناء على المحسنين منهج قرآني وسلوك قويم 2/أمثلة على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الثناء على المحسنين 3/ثناء السلف والتابعين على أهل الفضل 4/فوائد الثناء على أهل الفضل والإحسان 5/عاقبة إنكار فضل أهل الإحسان 6/وجوب الاقتصاد وعدم المبالغة في الثناءاقتباس
إنَّ في الثناء على المحسنين، حِكَمًا كثيرةً، وفوائدَ جليلةً؛ منها: توجيهُ الأنظارِ إلى الخِصالِ الشريفةِ، والفِعالِ الحميدةِ، التي استحقَّ عليها أهلُها الثناءَ، ومنها تثبيتُ مَنِ اتَّصف بهذه الصفات وتشجيعُه، وحثُّه على الاستدامة عليها، ومنها حَفْزُ الهِمَم، واستنهاضُ العزائمِ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، يهدي مَنْ يشاء إلى صراط مستقيم، أحمده -سبحانه-، وهو البر الرؤوف الرحيم، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، صاحبُ النهج الراشد والخُلُق العظيم، اللهم صلِّ على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، ذوي الخير والفضل العميم، وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعدُ: فاتقوا الله -عبادَ الله-، وابتغوا إليه الوسيلةَ وراقِبوه، فالسعيد من اتقى الله، وأقبل على مولاه، فأكرمه -سبحانه-، ونعمه واجتباه؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الْحَدِيدِ: 28].
أيها المسلمون: الثناءُ على المحسنين، والإشادةُ بالعاملين، والمدحُ للمجتهدين، منهجٌ قرآني، وهَديٌ نبوي، ومسلَكٌ تربويّ، يسلُكه أولو الألباب، ويُعرَف به الصفوةُ المخلصون، ويستمسِك به البررةُ المتقون، الذين سلِمَت صدورُهم من الغلِّ، وسَمَتْ نفوسُهم عن الصغائر، وطَهُرت قلوبُهم من السَّخائم.
إنهم يتلون كتابَ ربِّهم بالغداة والعشي، فيجدون فيه الثناءَ العَطِر، على أصحاب النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم-، لجميل صفاتهم، وكريم فعالهم، في قوله -عزَّ اسمه-: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الْفَتْحِ: 29].
كما يجدون فيه الثناءَ على هذه الأمَّة، بأنَّها خيرُ الأممِ، وأنفعُ الناسِ للناس، لكونها تأمُر بما أمَر اللهُ به ورسولُه، وتنهى عمَّا نهى عنه اللهُ ورسولُه، ولإيمانها بالله، وذلك في قوله -سبحانه-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)[آلِ عِمْرَانَ: 110] الآيةَ.
ويجدون فيه أيضًا الثناءَ على الأنصار، لمحبتهم إخوانهم المهاجرين، ولإيثارهم إيَّاهم بكل ما تحت أيديهم، ولو كانوا في أشدِّ الحاجةِ إليه، وذلك في قوله –عزَّ وجلَّ-: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[الْحَشْرِ: 9].
وإذا نظروا في سُنَّة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ألفَوْا فيها حَشدًا وافرًا، وجمهرةً من النصوص الصحيحة الصريحة، في الثناء على المحسنينَ، والمدح لهم بما هو فيهم من كريم السجايا وجميل الخصال؛ فقد أثنى النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- على الصِّدِّيق -رضي الله عنه- لسَبْقه وحُسن بلائه، وبَذله مالَه في سبيل الله، فقال في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "إنَّ أمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومَالِهِ أبو بَكْرٍ"، وقال لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "والذي نَفْسِي بيَدِهِ ما لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ، إلَّا سَلَكَ فَجًّا غيرَ فَجِّكَ"(أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-)، والفجُّ: هو الطريق الواسع بين جبلين.
وقال في الثناء على الأنصار ما أخرجه البخاريُّ في صحيحه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأنْصَارِ، ولو سَلَكَ النَّاسُ وادِيًا وشِعْبًا، لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصَارِ وشِعْبَهَا، الأنْصَارُ شِعَارٌ، والنَّاسُ دِثَارٌ". وفي رواية أنَّه دعا فقال: "اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار" والشِّعار: هو ما يلي الجسدَ من الثياب. والدِّثارُ: هو ما يكون فوقَ الشِّعار. وهو تعبيرٌ عن عِظَم مكانتهم بشدة قُربِهم منه -عليه الصلاة والسلام-، وجاء في الثناء على الحسن والحسين -رضي الله عنهما- ما أخرجه الترمذي في جامعه، بإسناد صحيح، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "الحسنُ والحسينُ سيِّدَا شبابِ أهلِ الجنةِ"، وأثنى على أشج عبد القيس حين قدم عليه مع قومه، فقال له -صلى الله عليه وسلم-: "إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة"(أخرجه مسلم في صحيحه)، إلى غير ذلك مما هو مُدوَّن في أبواب المناقب من كتب السُّنَّة النبويَّة؛ فليس عجبًا إِذَنْ أن يكون لهذا المنهج القرآنيّ، والهدي النبوي، أعمقُ الآثار في نفوس سلف هذه الأمَّة وخيارها -رضوان الله عليهم-، فحَفَلَتْ سِيَرُهم بالكثير المعجِب؛ من حُسن الثناء على مَن استحقَّه بحُسن فعاله، وحلو خِصاله؛ فهذا الإمام سفيان الثوري والإمام عبد الله بن المبارك يقولان: "كان أبو حنفية أفقه أهل الأرض في زمانه"، وهذا الإمام الشافعي يقول عن شيخ الإمام مالك رحمهما الله: "إذا ذكر العلماء فمالك النجم، ومالك حجة الله على خلقه"، ويقول الإمام الشافعي -رحمه الله- عن تلميذه الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: "خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلًا أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد بن حنبل"، ويقول الإمام أحمد -رحمه الله- عن الإمام الشافعي -رحمه الله-: "ما أحد أمسك في يده محبرة وقلما إلا وللشافعي في عنقه منة"، وهذا الإمام مسلم -رحمه الله- يسأل الإمام البخاري -رحمه الله- عن حديث فيبين له علته، فيقول له مسلم: "أبقاك الله يا أستاذ الأستاذين ويا طبيب الحديث في علله".
وما زال هذا الحال شأن الفضلاء وديدن العلماء، ونهج الراسخين في العلم، في كل عصر، وفي كل مصر حتى يأتي أمر الله.
عبادَ اللهِ: إنَّ في الثناء على المحسنين، حِكَمًا كثيرةً، وفوائدَ جليلةً؛ منها: توجيهُ الأنظارِ إلى الخِصالِ الشريفةِ، والفِعالِ الحميدةِ، التي استحقَّ عليها أهلُها الثناءَ، ومنها تثبيتُ مَنِ اتَّصف بهذه الصفات وتشجيعُه، وحثُّه على الاستدامة عليها، ومنها حَفْزُ الهِمَم، واستنهاضُ العزائمِ، بالتشويق لغيرهم ممَّن لم يتَّصِف بتلك الصفات، إلى حُسن التأسِّي وكمال الاقتداء، ومنها القيامُ بمقتضى العدل؛ إذ العدل يقتضي أنَّه كما يُذَمّ المسيءُ لإساءته، فكذلك يُثنى على المحسن لإحسانه؛ فجميلٌ أن يأخذ كلُّ امرئٍ نفسَه بهذا الخُلُق، ويتحلَّى بهذه الحِلية، وأن يُعوِّد عليه أهلَه وأولادَه، وكلَّ مَنْ يلي أمرَه، وإنَّه لَيَسِيرٌ غايةَ اليسر على مَنْ يسَّره اللهُ له، ووفَّقَه إليه، فما هي إلا كلمةٌ طيبةٌ، وهي صدقةٌ يتصدق بها المرءُ على نفسه وعلى إخوانه، فيؤجَر عليها، كما جاء في الحديث الصحيح: "والكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ"، "ودعاء للمحسن"؛ أي: هي دعاء للمحسن بحُسن الجزاء، وهو عبادةٌ يُثاب عليها الداعي، كما جاء في الحديث الصحيح الذي أخرَجَه الترمذيُّ وابنُ ماجه في سننهما بإسناد صحيح، عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "الدعاء هو العبادة".
عبادَ اللهِ: إنَّه لا يجني المرءُ من خُلُق الجحود والتجاهل، وكراهية الاعتراف بالفضل لأهله، والنفور مِنْ شُكر مسدي المعروف على معروفه؛ غيرَ أن يَصِمَ نفسَه بوصمة الحسد، ويضعها عن مراتب الأخيار، ويَقعُدَ بها عن بلوغ المعالي، وعن اللَّحاق بالسابقين إلى كل فضل، والمتقدِّمين إلى كل خير، وإنَّ في شيوع التخلُّق بهذا الخُلُق الكريم، والخصلة الجليلة، وعموم التحلِّي بها، أثرًا عظيمًا آخَر، يتجلَّى في إبراز الصورة المشرقة لهذه الأمَّة المُحمديَّة؛ إذ إنَّها تَعرِف للمحسن إحسانَه، وتُثني عليه، ولو كان من غيرها، كما تُنكِر على المسيء إساءتَه، ولو كان منها، فهذا مقتضى العدل مع الخَلْق جميعًا، وهو الذي أمَر به -سبحانه- بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الْمَائِدَةِ: 8].
نفعني اللهُ وإيَّاكم بهديِ كتابِه، وبسُنَّةِ نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-، أقول قَوْلِي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولكافة المسلمين من كل ذنب، إنَّه كان غفَّارًا.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد.
أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: إن الثناء على المحسن لإحسانه، ليس منه المبالَغة والإسراف في المدح، فإن هذا هو الذي جاء النهيُ عنه في الحديث الذي أخرَجَه الشيخانِ في صحيحيهما، واللفظ للبخاري، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنَّه قال: "سَمِعَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- رجلًا يُثني على رجلٍ ويُطريه في المِدحة، فقال: أهلكتُم -أو قطعتُم- ظهرَ الرجلِ"؛ فإن المراد بالنهي: النهي عن المبالَغة، والإفراط في المدح؛ بدليل قوله في الحديث: "يُطريه"، والإطراء يا عبادَ اللهِ: هو مجاوَزة الحدّ في المدح؛ لأنَّه -كما قال أهل العلم-: "لا يؤمَن على الممدوح في هذه الحالة أن يُداخِلَه العُجْبُ؛ لظنِّه أنَّه بتلك المنزلة، فرُبَّما ضيَّع العملَ أو ترَك الازديادَ من الخير، اتكالًا على ما وُصِفَ به، مما هو مبالَغ فيه"؛ ولذا: فإنَّ المراد بقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث الآخَر، الذي أخرجه الإمامُ مسلمٌ في صحيحه عن المقداد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: "احثُوا في وجوه المدَّاحينَ التُّرابَ"؛ على أن هذا مَن يمدَح الناسَ في وجوههم بما ليس فيهم، وأمَّا المدح بما فيهم فلا يدخل في النهي، على أن يقول في مدحه: "أحسِبه كذا، والله حسيبُه، ولا أزكِّي على الله أحدًا". كما ورد بذلك الحديثُ الذي أخرَجَه البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحيهما، عن أبي بكر -رضي الله عنه-.
وعلى المحسن أن يجعل رضا ربِّه وقَبولَ عملِه نصبَ عينه، وغايةَ كَدحِه، غيرَ آبهٍ بثناء مثنٍ ولا بذمِّ ذامٍّ، واللهُ لا يُضيع أجرَ مَنْ أحسَن عملًا، إذا أخلَص النيةَ، وأحسَن القصدَ، وابتغى وجهَ ربه الأعلى.
فاتقوا الله -عباد الله-، وصلوا وسلموا على خير خلق الله، محمد بن عبد الله، فقد أمرتم بذلك في كتاب الله؛ حيث قال الله -سبحانه-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهم بارِكْ على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنكَ حميدٌ مجيدٌ، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان وعلي، وعن سائر الآل والصحابة والتابعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك، يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزة الدين، ودمِّر أعداء الدين، وسائر الطغاة والمفسدين، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفهم، وأصلِح قادتهم، واجمَعْ كلمتَهم على الحق يا ربَّ العالمينَ.
اللهم انصر دينك وكتابك وسُنَّةَ نبيكَ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعبادكَ المؤمنينَ المجاهدينَ الصادقين، اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِحْ أئمتَنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، وهيِّئ له البطانة الصالحة، ووفِّقه لما تحب وترضى، يا سميع الدعاء، اللهم وفِّقه ووليَّ عهده إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين، وإلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، يا مَنْ إليه المرجع يوم التناد.
اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنتَ خيرُ مَنْ زكَّاها، أنتَ وليُّها ومولاها، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خير، واجعل الموتَ راحةً لنا من كل شر.
اللهم أحسِن عاقبتَنا في الأمور كلها، وأجِرْنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكَرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم اكفنا أعداءك وأعداءنا بما شئت يا ربَّ العالمينَ، اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا ونعوذ بك من شرورهم.
اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، اللهم إنا نعوذ بك من البرص والجنون والجذام، وسيئ الأسقام.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، وَصَلَّى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
التعليقات