رمضان عبر التاريخ (1 - 4)

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16

اقتباس

يتشرف موقع "ملتقى الخطباء" أن يقدم هذا السجل التاريخي لأهم وأشهر أحداث شهر رمضان المبارك عبر التاريخ الإسلامي منذ نشأة الأمة الإسلامية وحتى وقتنا الحاضر، ليكون معيناً وزاداً ومصدراً للخطباء والدعاة والوعاظ في خطبهم ودروسهم وكلماتهم خلال الشهر المبارك، وذلك من أجل تحقيق أعلى نفع وفائدة على المسلمين في هذا الشهر العظيم...

 

 

يتشرف موقع "ملتقى الخطباء" أن يقدم هذا السجل التاريخي لأهم وأشهر أحداث شهر رمضان المبارك عبر التاريخ الإسلامي منذ نشأة الأمة الإسلامية وحتى وقتنا الحاضر؛ ليكون معيناً وزاداً ومصدراً للخطباء والدعاة والوعاظ في خطبهم ودروسهم وكلماتهم خلال الشهر المبارك، وذلك من أجل تحقيق أعلى نفع وفائدة على المسلمين في هذا الشهر العظيم.

 

على أن يكون السرد التاريخي بالترتيب اليومي؛ ليستفيد منها من يلقي كلمات ومواعظ يومية في المساجد والجوامع وغيرها.

 

1 رمضان

فتح مدينة "قرقسيا" الشامية 1 رمضان 17 هـ / 18 أغسطس 638 م:

تقع مدينة "قرقسيا" علي أطراف الجزيرة الفراتية، وهي الآن على الحدود بين العراق وسوريا من ناحية الشمال، وعلى مقربة من نهر الفرات، وكان أهل الجزيرة قد تعاونوا مع الروم في قتالهم ضد المسلمين خلال حركة الفتح الإسلامي لبلاد الشام والعراق أيضا، وقد أغارت جموع أهل الجزيرة على المدن التي فتحها المسلمون بغية استردادها وطرد المسلمين.

 

فكلف الخليفة عمر بن الخطاب قائده على العراق "سعد بن أبي وقاص" بأن يوجه حملة؛ لتأديب أهل الجزيرة الذين تمركزوا في مدينة: "هيت"، ومدينة "قرقسيا"، فأرسل سعد حملة عسكرية بقيادة: "عمر بن مالك" إلى مدينة "هيت"، فوجدها عمر محصنة بقوة، وأهلها مخندقين على أنفسهم، فقام بخدعة حربية ذكية؛ إذ ترك معسكره منصوباٌ كما هو، وأخذ نصف الحملة واتجه إلى مدينة "قرقسيا" وفتحها، في حين أن أهلها ظنوا بأن المسلمين منشغلون بحصار: "هيت"، وذلك في 1 رمضان سنة 17 هـ، فعُدّ ذلك الفتح من الخطط والحيل العسكرية الباهرة.

 

سرية طريف بن مالك 1 رمضان 91هـ / 6 يوليو710 م:

 

بعد أن أكمل المسلمون بقيادة "موسى بن نصير" فتح بلاد المغرب كلها أخذ "موسى بن نصير" في التفكير وبقوة في فتح بلاد الأندلس، وكذلك كان يفكر عامله في طنجة: "طارق بن زياد" وكانت مدينة: "سبتة" الساحلية ما زالت تحت حكم القوط الذين يحكمون إسبانيا، وقد وقعت اضطرابات خطيرة بأسبانيا أطاحت بحكم حاكمها: "وامبا"، وتسميه المراجع: "غطيشة"، فقام والي سبتة القوطي واسمه: "جوليان"، وكان من أعوان الملك المخلوع بالاتصال بالأمير: "موسى بن نصير"، وعرض عليه تسليم: "سبتة" للمسلمين، وتسهيل العبور إلى الأندلس لفتحها.

لخطورة هذا القرار رفع "موسى بن نصير" القرار إلى الخليفة الأموي: "الوليد بن عبد الملك" لاتخاذ قرار حاسم، فأرسل إليه الوليد بن عبد الملك يقول: "اختبرها بالسرايا ولا تغرر بالمسلمين"، وبالفعل أمر "موسى بن نصير" أحد قواده النجباء من البربر، وهو: "طريف بن مالك" بعبور البحر في سرية قوامها مائة فارس وأربعمائة راجل، فجازوا البحر عند أضيق نقطة، ونزلوا على أرض الأندلس في 1 رمضان سنة 91 هـ، كانوا بذلك هم أول قدم مسلمة تطأ هذه البلاد، وقد عرفت هذه المنطقة التي نزل فيها المسلمون باسم: "جزيرة طريف"، وما زال هذا الاسم يطلق حتى الآن على هذه المنطقة.

 

وفاة الطبيب الأشهر "ابن سينا" 1رمضان 428 هـ / 23 يونيو 1037 م:

العلامة الشهير ورأس الفلاسفة وشيخ صناعة الطب، أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا البلخي ثم البخاري، صاحب التصانيف المشهورة في الطب والفلسفة والمنطق، ولد في صفر سنة 370 هـ في مدينة بلخ، وكان أبوه كاتباً ومن دعاة المذهب الشيعي الإسماعيلي، واشتغل ابن سينا بالقرآن والأدب وهو ابن العاشرة، ثم تحول إلى دراسة المنطق والعلوم الفلسفية والكلامية حتى بلغ في المنتهي، وفاق السابقين واللاحقين، وجدد أقوال "الفارابي"، وهو في ذلك يحسب أنه يحسن صنعاً، فتبني أقوالا ظاهرة في الكفر والإلحاد، وذلك كله وهو دون العشرين حتى لقبوه بالمعلم الثالث بعد أرسطو والفارابي.

 

بعد ذلك أخذ ابن سينا دراسة الطب وبرع فيها، حتى علت مكانته وطارت شهرته وهو في مقتبل عمره، وقد بدأت شهرته عندما مرض أمير بخارى: "نوح الساماني" بمرض عضال، استطاع ابن سينا بفضل الله وحده أن يشفيه، فكافأه وأذن له بدخول مكتبة قصره، فاستفاد منها بن سينا كثيرا، قيل: إنه أخذ بعض كتب منها ونسبها لنفسه، ثم تولى بعض الأعمال العامة لنوح الساماني، ثم ترك ذلك وانتقل إلى خدمة: "مجد الدولة البويهي" في "الري" (طهران اليوم)، وقد دأب ابن سينا التنقل من مكان لآخر فانتقل من "نسا" إلى "أباورد" إلى "طوس" إلى "جاجرم" إلى "جرجان" إلى "الري" إلى "أصبهان"، والسبب وراء ذلك الانتقال من مكان لآخر كراهية الناس والأمراء له بسبب آرائه الإلحادية والكفرية.

 

ولابن سينا مؤلفات كثيرة جدا في الطب والفلسفة والحكمة، وله أيضا في الوعظ والإرشاد.

 

أما أشهر كتبه على الإطلاق كتاب: "القانون في الطب" الذي اعتبر مرجعية أوروبا الأولى في الطب لعدة قرون، وقد اعترف له أطباء عصره بتقدمه عليهم، فلقبوه بالشيخ الرئيس، وقد مات في 1 رمضان في 428 هـ.

 

وقد قيل: إنه قد تاب قبل موته، وتصدق بأمواله كلها، ورد المظالم، وأعتق مماليكه، وجعل يختم القران في كل ثلاث؛ فإن صح ذلك فهو خير له، وإلا فالرجل قد أجمع العلماء على تكفيره وتضليله، بما يعتنق من آراء وأقوال فلسفية، ولشيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه القيم: "درأ تعارض العقل والنقل" رد قوي وشامل على أراء ابن سينا، وبيان ضلالها وانحرافها.

 

كما أن الشيخ أبا حامد الغزالي قد كفره في كتابه: "المنقذ من الضلال" بعدة أمور؛ منها: إنكاره لبعث الأجسام ونفيه لعلم الجزئيات، وقوله: إن النبوة مكتسبة.

 

احتراق المسجد النبوي 1 رمضان 654 هـ:

وذلك عندما دخل أحد القوّام على المسجد إلى إحدى خزائن المسجد وبيده شمعة موقدة، فعلقت النار بأبواب الخزانة، ثم اتصلت بالسقف، ثم ما لبثت النار حتى امتدت بسرعة في سقوف المسجد كلها، وأعجزت الناس عن إطفائها، وما هي إلا ساعات حتى احترقت سقوف المسجد أجمع، ووقعت بعض أساطينه وذاب رصاصها، وذلك في 1 رمضان سنة 654هـ، وكادت الحجرة النبوية أن تحترق، وأتى الحريق على معظم أجزاء المسجد في حادثة اهتز لها العالم الإسلامي بشدة، حتى اعتبرها البعض من علامات يوم القيامة، وفاتحة الشرور على العالم الإسلامي، خاصة وأن الخلافة العباسية قد سقطت في العام التالي عندما اجتاح التتار العاصمة بغداد.

 

التبادل المهين 1 رمضان 1405 هـ / 20 مايو 1985:

أثناء قيام المجموعات الفلسطينية الفدائية بشن عمليات قتالية ضد الصهاينة استطاعت إحدى فصائل المقاومة (الجبهة الشعبية) أن تأسر ثلاثة من الصهاينة، وبدأت الحركة في مفاوضة اليهود على إطلاق المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل مقابل إطلاق الأسرى الثلاثة.

 

ونظرا لأن قيمة الفرد الإسرائيلي غالية عند الكيان الإسرائيلي فقد وافق الصهاينة على إطلاق سراح جميع المعتقلين لديهم، وعددهم: 1145 معتقلا فلسطينيا مقابل ثلاثة من الصهاينة الأسرى.

 

وكان الشيخ أحمد ياسين من هذه الصفقة، وقد تمت الصفقة في 1 رمضان 1405 هـ / مايو 1985 م.

 

ورغم النصر الكبير الذي حققه الفلسطينيون بهذا التبادل إلا أنه يبقى في النهاية تبادلا مهينا بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ.

 

2 رمضان

معركة بئر الكاهنة 2 رمضان 82 هـ / 13 أكتوبر 701 م:

بعد أن غدرت قبائل البربر بالقائد المسلم: "عقبة بن نافع" في معركة "تهوذة" سنة 64 هـ، تضعضعت حركة الفتح الإسلامي الشمالي الأفريقي، ثم ازدادت الأمور تعقيدا بعد استشهاد القائد زهير بن قيس الذي تولى القيادة بعد استشهاد "عقبة بن نافع"، فأرسل الخليفة "عبد الملك بن مروان" قائدا جديدا للمنطقة ذا كفاءة عالية، وهو "حسان بن النعمان" الذي استهل ولايته بفتح مدينة: "قرطاجنة" أعظم مدن المغرب وقتها، وكانت تحت سيطرة الروم.

 

ثم سأل "حسان" بعدها عن أقوى ملوك إفريقيا ليسير إليه فيهزمه أو يسلم، فقيل له: الكاهنة، وهي امرأة بجبل أوراس أصبحت زعيمة البربر بعد مقتل: "كسيلة"، فأسرع إليها: "حسان بن النعمان"؛ ليقاتلها على عجل منه، فوقعت الهزيمة بقدر الله -عز وجل- على المسلمين عند نهر: "نيني"، الذي أطلق عليه المسلمون بعدها نهر البلاء، وذلك سنة 77هـ.

 

عاد "حسان بن النعمان" بفلول جيشه بعد هذه الهزيمة الشديدة إلى القيروان، ثم عسكر "حسان" خارج القيروان في منطقة عرفت بعد ذلك بـ"قصور حسان"، وظل مقيما بها خمس سنوات كاملة؛ عملا بأمر الخليفة الذي أمره بالإقامة مكانه، ولا يتحرك حتى يأتيه الأوامر.

 

وظل هذه الفترة يستعد لقتال الكاهنة مرة أخرى، وأخذ في بث العيون لتأتيه بأخبار الكاهنة، وأرسل يطلب من الخليفة الإمدادات.

 

ملكت الكاهنة المغرب كله خمس سنوات، قامت خلالها بعمل في غاية الغباء والحماقة؛ إذ أمرت رجالها بتخريب المزارع والمراعي والبساتين، بدعوى أن المسلمين ما غزوا بلادهم إلا من أجل هذه الثروات، وكان لهذا العمل الأحمق رد فعل قوي لصالح المسلمين؛ إذ خرجت الكثير من قبائل البربر عن طاعتها، واتصلوا بالمسلمين، وطلبوا منهم المساعدة؛ للتخلص من حكم الكاهنة الحمقاء.

 

أرسل "عبد الملك بن مروان" إمدادات كبيرة إلى المغرب لمساعدة "حسان بن النعمان"، فلما اكتملت استعدادات المسلمين، انطلق "حسان بن النعمان" بالجيوش الإسلامية إلى جبال: "الأوراس" معقل الكاهنة، خرجت ناشرة شعرها، وأخذت تتكهن للبربر، ولكن هيهات هيهات أين المفر من سيوف المسلمين؟!

 

ويقع الصدام بين المسلمين والبربر في 2 رمضان سنة 82 هـ، وتقتل الكاهنة ويسلم البربر وتنتهي فتنتها، ويأمن الناس مسلمهم وبربرهم من شرها.

 

معركة بلاط الشهداء 2 رمضان 114 هـ / 21 أكتوبر 732 م:

إنها واحدة من أعظم الحوادث وأبعدها أثرا في تاريخ الإسلام والنصرانية، بل كانت كلمة الفصل الحاسمة في طريق الإسلام والنصرانية في العالم القديم، وهي معركة بلاط الشهداء، أو ما تعرف عند المؤرخين الأوروبيين بمعركة: "بواتييه"، والتي أبقت النصرانية كدين وأمة في أوروبا حتى الآن.

 

فتح المسلمون الأندلس سنة 92 هـ، وأخذوا في دفع فتوحاتهم حتى إلى ما وراء جبال البرنيه: "ألبرت"؛ ففتحوا ولايات فرنسا الجنوبية وبسطوا نفوذهم على سهل "نهر الرون"، ولكن الخلافات العصبية القبلية أدت لهزيمة المسلمين في موقعة "تولوز" سنة 102 هـ، وقتل أمير الأندلس فيها "السمح بن مالك" ومعه زهرة جند الأندلس، فارتد المسلمون إلى حدود فرنسا؛ استعدادا لجولة أخرى، ولكن الفتنة الكبيرة التي اجتاحت الأندلس بسبب الصراع القبلي والعنصري بين البربر والعرب من جهة، والعرب فيما بينهم "قيسية ويمانية" من جهة أخرى، أعاقت حركة الفتح زهاء عشرة أعوام، حتى تم تعيين القائد العظيم: "عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي" واليا على الأندلس سنة 113 هـ.

 

كان عبد الرحمن الغافقي جنديا عظيما، وقائدا محنكا، وسياسيا ماهرا ومؤمناً ورعا شديد الحب للجهاد في سبيل الله، وتغرم نفسه برغبة عارمة للانتقام لمصاب المسلمين في "تولوز"؛ لذلك أخذ في إعداد العدة لغزو بلاد فرنسا مرة أخرى، وقام بإصلاحات إدارية وتنظيمية بالأندلس أدت؛ لتهدئة الأوضاع واستقرار الداخل الأندلسي.

 

وفي هذه الفترة المضطربة حاول أحد زعماء البربر الطموحين والطامعين في الحكم واسمه: "منوسة" أن ينتهز الفرصة ويستقل بحكم الولايات الشمالية، ومن أجل هذا الغرض الجامح دخل في حلف مع الكونت "أودو" حاكم إقليم "أكوتين" في جنوب فرنسا.

 

شعر عبد الرحمن الغافقي بخطورة الأمر فقرر المبادرة بالتحرك قبل استفحال الفتنة، وبالفعل أرسل جيشا لتأديب: "منوسة"، واستطاع هذا الجيش أن يقضي على جيش: "منوسة" ويقتله, فشعر حليفه الفرنسي الكونت "أودو" بالخطر القادم نحوه, فتأهب للدفاع عن مملكته, وعندها توجه "عبد الرحمن الغافقي" بكل جيوشه المسلمة من عرب وبربر في أعظم جيش شهدته فرنسا وإسبانيا، وذلك في محرم سنة 114 هـ، واخترق شمال الأندلس كالإعصار العاتي، وانقض المسلمون على إقليم: "أكوتين" كالسيل الجارف، وحاول "أودو" إيقافهم، ولكن هزم هزيمة فادحة وتمزق جيشه تماما، وفر هو ناحية الشمال, وواصل المسلمون فتحهم للجنوب، حتى وصلوا إلى مدينة: "نيس" على بعد مائة ميل من العاصمة باريس, أي افتتح المسلمون نصف فرنسا الجنوبي كله من الشرق إلى الغرب في بضعة أشهر فقط.

 

كان ملك الفرنج أو فرنسا وقتها: "تيودور الرابع"، ولكن ملوك الفرنج كانوا في ذلك العصر أشباحا قائمة فقط، وكان محافظ القصر الفرنجي واسمه: "كارل مارتل" هو الملك الحقيقي المتأثر بكل سلطة، فاجتمع قيادة الفرنج معه وتشاوروا في كيفية التصدي لهذا الاكتساح الإسلامي لبلادهم، وكان "كارل مارتل" من أدهى رجال الفرنج وأكثرهم حنكة، وكان على عداوة كبيرة مع الكونت "أودو" لذلك تركه فريسة سهلة للمسلمين ولم ينجده فأشار: "كارل مارتل" على قادة الفرنج أن ينتظروا حتى يقدم عليه المسلمون، وقال لهم بالحرف الواحد: "الرأي عندي ألا تعترضوهم في خرجتهم هذه فإنه كالسيل يحمل من يصادره وهم في إقبال من أمرهم، ولكن أمهلوهم حتى تمتلئ أيديهم بالغنائم، ويتخذوا المساكن، ويتنافسوا على الرئاسة، ويستعين بعضهم ببعض, فحينئذ تتمكنوا منهم بأيسر أمر".

 

بعدها حشد "كارل مارتل" جيشا ضخما من الفرنسيين والعشائر الجرمانية البربرية الوثنية والعصابات المرتزقة، ومن كل حدب وصوب، حتى أصبح هذه الجيش أضعاف المسلمين، على الرغم من ضخامة جيش المسلمين، وعسكر الفرنج عند سهل: "تور" بين فرعي نهر: "اللوار"، وواصل المسلمون زحفهم حتى اقتربوا من معسكر الفرنج، فأرسل: "عبد الرحمن الغافقي" دورية استطلاعية لاستكشاف استعدادات العدو، ولكن هذه الدورية أخطأت في تقدير ضخامة الجيش الفرنجي، فاقتحم عبد الرحمن ومن معه نهر "اللوار" لملاقاة الأعداء، ففوجئ بخامة الجيوش الفرنجية، فارتد من ضفاف النهر ثانية إلى الشهل الواقع بين "تور" و"بواتييه"، وكان وضع الجيش الإسلامي غير مطمئن بسبب رغبة قبائل البربر في الانسحاب بالغنائم المهولة التي غنموها خلال اجتياح الجنوب الفرنسي، والإرهاق الذي أصابهم من كثرة القتال.

 

بدأ القتال بين الجيشين في أواخر شعبان على شكل مطاردات جانبية ومبارزات فردية حتى يوم 2 رمضان 114هـ - 21 أكتوبر 732 م، حيث بدأت المعركة العامة الشاملة، واستمرت دون تقدم فريق على الآخر، حتى بدأ التعب على الفرنج ولاح النصر في جانب المسلمين، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان: إذ استطاع الفرنج أن يفتحوا ثغرة إلى معسكر الغنائم، فارتد أعداد كبيرة من الفرسان من قلب المعركة إلى الخلف لحماية الغنائم، ودب الخلل في صفوف المسلمين، وعبثاً حاول القائد "عبد الرحمن الغافقي" تنظيم الصفوف، وحث الجنود على الثبات والبقاء، وأثناء ذلك يصاب: "عبد الرحمن" بسهم قاتل يخر معه شهيدا في أرض المعركة، ويعم الاضطراب والفوضى في الجيش الإسلامي، وانتهز الفرنج الأمر، وشددوا الهجوم على المسلمين، وكثر القتل بينهم، ولكنهم صمدوا حتى جن الليل، وافترق الجيشان دون فصل.

 

وهنا اضطرم الجدل والنزاع بين قادة الجيش الإسلامي، ودب اليأس من النصر بينهم.

 

فقرروا الانسحاب إلى أقصى الجنوب الفرنسي، فلما طلع الفجر لم يجد الفرنج المسلمين في معسكراتهم، فلم يتابعوهم خوفا من الكمين أو المتابعة أو الخداع، وعاد "كارل مارتل" والفرنج إلى الشمال.

 

وبعرف الحروب لم يهزم المسلمون في معركة: "بلاط الشهداء" بل ارتدوا دون أن يحققوا النصر، ولكن هذه المعركة اصبحت أسطورة عند المؤرخين الأوروبيين وأفاضوا عليها هالات من التقديس والبطولة الزائفة، ويجعلون من "كارل مارتل" منقذ النصرانية والأوروبيين من الإسلام والمسلمين، بل اتفق المؤرخون الأوروبيون القدامى والمعاصرون على أنها أهم حدث في تاريخ أوروبا والنصرانية كافة, ونحن نقول: لولا طمع البعض في الغنائم وحرصهم على الدنيا لانتصر المسلمون، وأصبحت أوروبا الآن كلها إسلامية مثل دول الشمال الأفريقي.

 

وفاة أمير الأندلس "عبد الرحمن الناصر" 2 رمضان 350 هـ / 15 أكتوبر 961 م:

واحد من أعظم أمراء الأندلس قاطبة، وأول من تلقب منهم بأمير المؤمنين: عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأموي، الملقب بالناصر لدين الله، وتولى حكم الأندلس بعد وفاة جده الأمير عبد الله سنة 300 هـ، وكان وقتها شابا في الثالثة والعشرين من عمره، وكانت بلاد الأندلس تموج وقتها بالفتن والاضطرابات، وكثرة الثوار والخارجين، وفتنة "ابن حفصون" على أشدها، فأبدى عبد الرحمن عزيمة وشجاعة وصبرا في قتال الخوارج، وذكر الناس بأيام جده الأول عبد الرحمن الداخل، فقاد الجيوش بسيفه، واتبع معهم أسلوب العصا والجزرة، يهاجم بقوة وينتصر عليهم، ثم يستألف قلوبهم بالعفو والإحسان إليهم، وبهذه السياسة الحكيمة قضى عبد الرحمن الناصر على الثورات الداخلية كلها.

 

وفي الوقت الذي كان يقاتل فيه عبد الناصر الخوارج والخصوم، حاول النصارى في شمال الأندلس لَّم شملهم، وتوحيد صفوفهم، والهجوم على المسلمين, ولكنه كان لهم بالمرصاد، وهزمهم عدة مرات سنة 306 هـ، و 312 هـ، فمزق شمل تحالفهم وأعادهم لجحورهم، وقد انشغلوا بعدها في قتال داخلي فيما بينهم، فوقى الله المسلمين شرهم.

 

وقد تسمى "عبد الرحمن الناصر" بأمير المؤمنين سنة 316 هـ لما رأى استفحال شأن الفاطميين واستيلاءهم على بلاد المغرب واقترابهم من مصر، وضعف الخلافة العباسية، وتسلط القرامطة عليها, فأعلن نفسه أميرا للمؤمنين، وهو أول من تسمى من الأمويين بأمير المؤمنين في الأندلس.

 

كان عصر "عبد الرحمن الناصر" عصر عظمة ورخاء ومجد، بل كان في الواقع أعظم عصور الإسلام في الأندلس رغم ما شغله من فتن وحروب مستمرة، حيث لم تمنع مهام الحرب والسياسة "عبد الرحمن الناصر" من قيامه بأعمال عمرانية وحضارية عظيمة في مقدمتها بناء مدينة الزهراء، وقام بتوسيع مدينة قرطبة حتى عادت تفوق بغداد بهاء وفخامة، وكانت أعماله العمرانية تتسم بالبذخ والإسراف الشديد.

 

تولى "عبد الرحمن الناصر" عرض مملكة تفاقمت من حولها الخطوب، واستنفدت مواردها الثورات العنيفة، فتداركها بعزمه وقوة نفسه، فسحق خصومه في الداخل والخارج، وأرخى الأمن والطمأنينة على ربوعها، وأصلح الجيش الذي أضناه الكفاح ضد الثورة، فحشد له الجنود وأجزل عليهم العطاء، واعتنى بالأسطول حتى أصبح المسيطر على البحر المتوسط في الشرق والجنوب.

 

كما أصلح مالية الدولة حتى فاضت الأموال على الجميع وافتدى جميع أسرى المسلمين في بلاد الكفر، كما كان للناصر عناية كبيرة بالعلم والعلماء والجوامع، وأصبحت قرطبة في عهده قبلة الفقهاء والمحدثين والعلماء، وبلغت قوته وسلطانه حتى أن إمبراطور الدولة الرومانية: "أوتو الكبير" سعى إلى مهادنته ومسالمته.

 

وقد توفي "الناصر" في 2 رمضان 350 هـ - 15 أكتوبر 961 م بعد أن حكم الأندلس نصف قرن ارتقى خلالها بالأندلس إلى مصاف أعظم الدول المعاصرة.

 

مؤامرة الفاطميين على صلاح الدين الأيوبي 2 رمضان 569 هـ:

لم يكن سقوط الدولة الفاطمية الباطنية الخبيثة على يد الناصر صلاح الدين الأيوبي بالأمر السهل اليسير على قلوب أتباع هذه الدولة والمنتفعين من بقائها، لذلك حاول فلول الفاطميين القيام بعدة مؤامرات للانقلاب على حكم صلاح الدين، وإعادة الدولة الفاطمية بمصر مرة أخرى، ومن أخطر هذه المؤامرات ما وقع سنة 569 هـ، وعندما تواثق عدة من رجال من أعيان الدولة الفاطمية مثل الشاعر عمارة اليمني، والفضل بن قاضي قضاة الفاطميين، وابن عبد القوي داعي الدعاة، والعويرس ناظر الديوان، وعبد الصمد الكاتب أحد الأمراء الفاطميين، ومعهم منجم نصراني كان قد بشرهم بأن المؤامرة ستنجح.

 

وبدأت خيوط المؤامرة بالاتصال بالصليبيين في الشام ودعوتهم للحضور إلي مصر للمساعدة في التخلص من صلاح الدين وجنوده، وانتهاز فرصة خروج "صلاح الدين" إلى حصن الكرك، ثم قام عمارة اليمني بإغراء توران شاه الأخ الأكبر لصلاح الدين بالتوجه إلى اليمن لفتحها وضمها لنفوذ صلاح الدين، وذلك من أجل إضعاف قوة صلاح الدين، وقد انتخبوا من أبناء العاضد الفاطمي آخر خلفاء الدولة الهالكة من يكون عليه خليفة، ووزعوا المناصب فيما بينهم، ثقة منهم بنجاح خطتهم.

 

بقدر الله -عز وجل- يكتشف صلاح الدين المؤامرة من أحد الرجال الذين حضروا الخطة، ويتم القبض على أطراف المؤامرة، وكبار المشتركين فيها، ثم استفتى العلماء فيهم، فأفتوا بقتلهم، فقتلوا جميعا في 2 رمضان سنة 569 هـ، وبقيت الديار المصرية على السنّة.

 

معركة شقحب 2 رمضان 702 ه / 27 إبريل 1303 م:

ظل اسم التتار يثير الفزع والرعب في قلوب الناس لفترة طويلة بعد الفظائع الوحشية التي ارتكبها التتار في المشرق الإسلامي حتى سقوط بغداد سنة 656 هـ، والمذابح المهولة التي وقعت بها، وكان كابوس التتار يعاود الناس من الحين للآخر على شكل معارك وغارات عنيفة يشنها التتار على الشام بعد أن دان لهم العراق وما يليه، وظل الكابوس جاثما حتى أعلن خان الدولة الأليخانية المغولية وهو الفرع الحاكم للعراق وخراسان، واسمه: "قازان بن أرغون بن أباقا بن هولاكو" دخوله الإسلام، وذلك سنة 695 هـ، وهدم الكنائس في بلاده، وفرض الجزية على النصارى، ورد المظالم لأهلها، وبإسلامه دخل كثير من التتار في الإسلام.

 

ولأن التتار كانوا حديثو عهد بإسلام فلم يتخلص من دمويتهم بصورة كافية، ولم يمح الإسلام من ذاكرة التتار الدموية، وحب الإغارة الذي يعشش في قلوبهم وعقولهم، فيقرر "محمود قازان" الإغارة على بلاد الشام، وبالفعل يحتل دمشق في 14 ربيع الآخر سنة 699 هـ؛ مستغلا حالة الصراع على السلطة في الدولة المملوكية، وأفسد التتار ربوع الشام إفسادا كبيرا، ثم عاد محمود قازان إلى العراق، وترك الشام حامية تقدر بستين ألفا من المقاتلين.

 

خلال هذه الفترة برز نجم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي سعى في إنقاذ الكثير من الأسرى، ودخل معسكر محمود قازان وتكلم معه بشدة، ثم دخل مرة أخرى نائبه وكلمه بشدة، وكلمه في شأن فك الأسرى، ثم سار إلى مصر والتقى مع السلطان الناصر "محمد بن قلاوون" وحثه على تحرير الشام من قبضة التتار لما فعلوه من فساد ودمار.

 

ومرت عدة شهور والناصر منشغل بتحضير الجيوش اللازمة حتى داهمته الأخبار بمسير التتار من العراق إلى الشام، فأسرع وتيرة التجهيز للقتال، وحشد جندا كثيفا واتجه به إلى بلاد الشام.

 

بدأت أفواج التتار تتدفق نحو الشام، والحاميات الموجودة في حلب وحماة وهما أقرب المدن إلى العراق قد فرت نحو دمشق، في حين وصل التتار إلى حمص وبعلبك، وفعلوا فيها الفظائع المعتادة منهم, وجاءت الجيش المصري بقيادة الناصر بن قلاوون والخليفة العباسي المستكفي.

 

وفي يوم 2 رمضان سنة702 هـ مع بداية حركة الفتح الإسلامي للشام، اصطدم المسلمون مع التتار وقد ثبت الخليفة المستكفي في القتال، وكذلك ثبت الناصر محمد وتذامر المسلمون فيما بينهم، وهزموا التتار هزيمة منكرة يردونهم على أعقابهم حتى غرق الكثير في نهر الفرات، ولم يفكر التتار بعدها في غزو بلاد الشام.

 

محمد علي يفتح جزيرة كريت 2 رمضان 1239 ه /30 إبريل 1824 م:

جزيرة كريت من جزر البحر الأبيض المتوسط التي تناوب المسلمون والأوربيون الحكم عليها لعدة مرات، وقد قامت بها حضارة إسلامية عظيمة ومزدهرة من سنة 212 هـ - 350 هـ، وكانت تعرف باسم "أقريطش" وحرفت حتى أصبح اسمها: "كريت"، ولقربها من اليونان ضاعت معالم الإسلام من هذه الجزيرة، حتى أعاد العثمانيون فتحها سنة 1055 هـ، في عهد السلطان إبراهيم الأول، وعاد الإسلام لهذه الجزيرة، ولكن مع اندلاع قورة اليونان سنة 1238 هـ، خلعت كريت طاعة العثمانيين وانضموا مع اليونان في ثورتهم.

 

كلف السلطان محمود الثاني واليه على مصر محمد علي باشا صاحب القوة الفتية في الدولة العثمانية بالقضاة على ثورة اليونان، فأرسل محمد علي باشا حملة بحرية كبيرة بقيادة ابنه الأكبر وسيف نقمته الظلوم الغشوم إبراهيم باشا ومستشاره سليمان الفرنساوي، وفي طريق الحملة فتحت جزيرة كريت مرة أخرى في 2 رمضان سنة 1239 هـ.

 

ميثاق الضمان الجماعي 2 رمضان 1369 ه /17 يونيو 1950 م:

انتهت حرب 48 بين الدول العربية واليهود والإنجليز بنتائج مروعة بالنسبة للدول العربية خاصة دول الطوق أو المواجهة، وفي هزيمة منكرة للجيوش العربية، وضياع معظم أجزاء فلسطين، ثم الطامة الكبرى في إعلان قيام دولة اليهود، وكما أظهرت الحرب مدي الخلل والفساد المتغلغل في حكومات الدول العربية.

 

أخذت الأصوات تتعالى داخل أروقة الجامعة العربية مطالبة بوحدة عسكرية بين الدول الأعضاء، فعقدت معاهدة الدفاع المشترك أو ما أطلق عليها ميثاق الضمان الجماعي.

 

والجدير بالذكر أن بعض الدول العربية المنضمة للجامعة قد رفضت الانضمام لهذه المعاهدة بسبب خضوعها للنفوذ الإنجليزي أو الفرنسي، وقد تم التوقيع على المعاهدة 2 رمضان 1369 هـ ـ 17 يونيو 1950 م.

 

وقد نصت المعاهدة على تضامن الدول المتعاقدة على الدفاع على أمنها وكيانها فيما بينها عند كل خطر يهدد استقلالها، وأن كل اعتداء مسلح يقع على أية دولة أو أكثر يعتبر اعتداء عليها جميعا.

 

الجدير بالذكر أن شيئا من هذه المعاهدة لم ينفذ بسبب الانقسامات بين حكومات الدول العربية، وكثير منها دخل في معاهدات ثنائية مع أطراف خارجية.

 

3 رمضان

وفاة فاطمة -رضي الله عنها- بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- 3 رمضان 11 ه /21 نوفمبر 633 م:

سيدة نساء العالمين، وقرة عين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأم أبيها، وأول أهله لحوقا به، والمعقبة من بعده؛ فاطمة -رضي الله عنها وأرضاها-، وسيرتها وأخبارها أكبر وأجل وأعظم من أن نذكرها في هذا المقام، وقد توفيت يوم الثلاثاء 3 رمضان 11 هـ الموافق 21 نوفمبر 633 هـ.

 

حادثة التحكيم 3 رمضان 37 ه / 14 فبراير 658 م:

انتهت معركة صفين في صفر سنة 37 هـ إلى كارثة مروعة للإسلام والمسلمين، حيث سفكت دماء الآلاف من جند العراق والشام، ثم لم ينتصر طرف على الآخر؛ إذ انفصل الجيشان بعد أن كاد جند العراق أن ينتصروا على جند الشام، وقد اتفق الجانبان على إرسال محكمين من كل جانب للنظر في كيفية إنهاء هذه الفتنة العمياء.

 

بعد 6 شهور اجتمع الحكمان في 3 رمضان سنة 37 هـ، فأرسل علي بن أبي طالب أربعمائة رجلا وحكمه أبا موسى، وأرسل معاوية أقل منه وحكمه عمرو بن العاص -رضي الله عنهم أجمعين-، ودار بين الحكمين حوارا طويلا ومداولات عديدة انتهت إلى إبقاء الأمر على ما هو عليه "علي بن أبي طالب" أميرا للمؤمنين يحكم علي ما تحت يديه من الحجاز والعراق واليمن ومصر، "ومعاوية" يحكم على ما تحت يديه من الشام، مع تفويض أعيان الصحابة السابقين في الإسلام للنظر فيمن يلي أمور المسلمين والاجتماع على رجل يكون خليفة للمسلمين، وذلك بعد أن اعتزل العديد من كبار الصحابة هذه الفتنة.

 

أما ما يروى في كتب التاريخ من الروايات المكذوبة والموضوعة هي هذه الحادثة والتي تصور الصحابة بمظهر طلاب الدنيا والمناصب والسلطة المتصارعين عليها، فتصف أحدهم على أنه مغفل، والآخر على أنه غادر وماكر، والآخر بأنه شاتم وقادح، وهكذا وخاصة رواية الخاتم، فكلها روايات مكذوبة موضوعة باطلة سندا ومتنا، لفظا ومعنى، شرعا وعقلا، وقد تصدى أساطين العلم لها؛ ففندوها وكشفوا بطلانها وكذبها.

 

يعتبر العلامة الأندلسي أبو بكر بن العربي أفضل من رد هذه الأباطيل في سفره القيم والحافل: "العواصم من القواصم"، فليراجع مع التأكيد على أهمية هذا الكتاب لطلاب العلم وعموم الناس، خاصة من الذين ينخدعون بالروايات المكذوبة بدعوى ورودها في كل كتب التاريخ الإسلامي القديمة.

 

وفاة زياد ابن أبيه 3 رمضان 53 ه:

أو زياد ابن أبي سفيان ويقال له: زياد ابن سمية أمير العراق، ولد بالطائف في حجر الحارث بن كلدة طبيب العرب، وكانت أمه سمية إحدى جواري الحارث، ظل منتسبا للحارث بن كلدة، وكان أخوه الكبير أبو بكرة نفيع بن الحارث من الصحابة الأجلاء، وكان زياد من الأذكياء الأشداء النجباء، وكان أول ظهور له على الساحة أيام فتوح العراق حيث كان ضمن جيوش سعد بن أبي وقاص، وقد أرسله سعد للخليفة عمر بن الخطاب بكتاب الفتح، فطلب منه عمر أن يصعد المنبر ويخبر الناس بالفتح، وصعد المنبر وأجاد في الخطبة، وسر به عمر والمسلمون على حداثة سنه.

 

كان زياد بن أبيه في أول عمره من شيعة علي -رضي الله عنه-، ومن أشد أنصاره، وكان نائبه على فارس، وظل على ولائه حتى سنة 44 هـ حيث أقنعه معاوية بن أبي سفيان أنه أخوه لأبيه بن أبي سفيان، وصدق زياد الأمر خاصة بعد أن أقام معاوية على ذلك شهودا، ومن يومها أصبح زياد بن أبي سفيان وصار من شيعة معاوية، وقد ولاه معاوية إمرة الكوفة، وبها معظم شيعة علي بن أبي طالب سنة 45 هـ، فدخلها وخطب بها خطبته البليغة الفائقة الشهيرة بالبتراء، وكان أهل العراق أهل ثورة وفساد فاستعمل معهم القسوة والشدة البالغة، حتى ارتدع الثوار والمفسدون، وقد استعمل جماعة من الصحابة في عمله منهم عمران بن حصين في القضاء، وسمرة بن جندب وأنس بن مالك.

 

شغل زياد بن أبيه أهل العراق بالغزو والفتح وضبط البلاد لمعاوية، وقضى على محاولات الثورة والخروج عن السلطة، وربما تجاوز بذلك لحد القسوة والظلم، ويقال: إنه كان يريد التشبه بعمر بن الخطاب في العدل والقوة، فجار وظلم واشتد بصورة أنقصت من قدره، وإلا فإنه كان من العمال الأقوياء والشرفاء البلغاء، وقد أصيب بالطاعون ومات في رمضان سنة 53 هـ.

 

وفاة مروان بن الحكم 3 رمضان 65 ه / 16 إبريل 685 م:

هو مروان بن الحكم بن أبي العاص القرشي الأموي، أبو عبد الملك، ولد: 2 هـ على الصحيح أيضا، وأبوه هو الحكم بن أبي العاص، وأحد من أكبر أعداء النبي -صلى الله عليه وسلم-، والناجي الوحيد من زمرة السبعة الذين دعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة أيام اشتداد الأذى بالمسلمين، وقد أسلم الحكم يوم الفتح ثم توجه إلي المدينة ثم نفاه النبي إلى الطائف بسبب خيانة بدرت منه فلقب بالطريد، وكان هذا الأمر سببا للنيل من مروان ابنه بعد ذلك.

 

وأما مروان بن الحكم فقد كان من سادات الشباب في قريش؛ قارئاً لكتاب الله، فقيها يعمل بأقضية عمر بن الخطاب وقد عمل كاتبا لعثمان بن عفان، وبسببه كانت قضية الدار، إذا ادعي الثوار الخوارج أن مروان قد لفق كتابا باسم عثمان، يأمر فيه بقتلهم جميعا، وجرى بعد ذلك محاصرة عثمان، ثم قتله مظلوما شهيدا، وقد قاتل مروان يوم الدار قتالا شديدا، ثم اشترك بعد ذلك في معركة الجمل في صف طلحة والزبير، وقد استعمله معاوية على المدينة عدة مرات، فكان كبار الصحابة يصلون خلفه بلا نكير، خلافا لما يزعم الكذابون والوضاعون من تكفير الصحابة لمروان وبغضهم له، وكان أثناء ولايته على المدينة يسير في الناس سيرة حسنة، وإذا له قضية جمع لها كبار الصحابة والفقهاء واستشارهم فيها.

 

وبعد وفاة يزيد بن معاوية سنة 64 هـ واعتزل ابنه الثاني الأمر، تاقت نفسه للإمارة على أساس أنه أجدر بني أمية بالأمر للمكانة، وكان لوالي حمص "حسان بن مالك" دورا كبيرا في إقناعه ومساعدته على ذلك، على الرغم من وجود عبد الله بن الزبير الذي أصبح بعد يزيد بن معاوية الخليفة الشرعي، وخاض معركة شرسة في مرج سنة 64 هـ مع الضحاك بن قيس الفهري من أجل الخلافة، وبعد المعركة ندم مروان على ذلك، وبكى على نفسه، وقال: "قرأت كتاب الله منذ أربعين سنة ثم أصبحت فيما أنا فيه, من إهراق للدماء، وهذا الشأن"، ولكنه لم يعتزل الأمر.

 

وقد مات في 3 رمضان سنة 65 هـ مسموما على ما قيل: إنه من قيام زوجته أم خالد بوضع السم له في الطعام بسبب رفضه تولية ابنها خالد العهد؛ لأن مروان كان لا يراه أهلا لذلك، وقيل: مات فجأة بالسكتة.

 

وقد وردت أحاديث كثيرة ضعيفة في ذم بني الحكم ولعنهم، وأن الأمر سيصير إليهم، لكن هذه الأحاديث في مجموعها تتراوح بين الضعيف الشديد والوضع.

 

سقوط سرقسطة الأندلسية 3 رمضان 512 ه / 18 ديسمبر 1118 م:

كانت مدينة "سرقسطة" من أعظم حواضر الإسلام في الأندلس، فتحها المسلمون مع حركة الفتح الأول أيام موسى بن نصير وطارق بن زياد، وقد اشتق اسمها العربي من اسمها الروماني: "سير أوغسطة"، وهي ذات موقع استراتيجي بالغ الخطورة، فهي تقع شمال شرق الأندلس، وما يعرف بالثغر الأعلى على حدود أملاك النصارى إسبانيا، وكانت المدينة شديدة التحصين مما كان يزين لكثير ممن ولي أمرها أن يخرج عن السلطة المركزية بقرطبة.

                           

 

وفي عهد ملوك الطواف تولت أسرة بني هود حكم "سرقسطة" قاعدة الثغر الأعلى، وكانت هذه الأسرة تسير على سياسة مهادنة نصارى إسبانيا ودفع الأموال الطائلة لملوكها من أجل رد عدوانهم عن مملكة "سرقسطة".

 

وهذه السياسة الخانعة الذليلة هي التي أطمعت النصارى خاصة ملكهم "ألفونسو الأول" الملقب المحارب.

 

كان دخول المرابطين نجدة كبرى لدولة الإسلام بالأندلس، وتأجيلا لسقوطها المدوي عدة قرون، وكان من سياسة أمير المرابطين "يوسف بن تاشفين" الإبقاء على بني هود في "سرقسطة" بواجب الدفاع وكحائط صد عن باقي الأندلس، ولكنه لم يكن يعلم يقينا حقيقة الأوضاع هناك, لذلك قام ولده وخليفته من بعده "علي بن يوسف" بضم "سرقسطة" سنة" 503 هـ.

 

وبعدها شعر المرابطون بمدى خطورة موقع "سرقسطة" وحجم الأخطار التي تهددها، ذلك أن "ألفونسو" المحارب لما علم بدخول المرابطين إليها شن حربا خاطفة عليها، ولكن القوات المرابطة ردته ببسالة، وظلت "سرقسطة" آمنة من سنة 504 هـ حتى سنة 511 هـ حيث انشغل "ألفونسو" المحارب وقتها بحرب داخلية مع جيرانه القشتاليين.

 

بعد أن انتهى "ألفونسو" من حروبه الداخلية اتجه إلى حصار "سرقسطة" لفتحها في صفر سنة 512 هـ، وقد أسبغت على هذه الحرب صفة الصليبية التامة، وذلك أن "ألفونسو" المحارب قد أرسل بسفارة إلى بابا روما يطلب منه إعلان حرب صليبية على المسلمين، وإرسال قوات فرنجية أغلبها من فرنسا للاشتراك معه في الاستيلاء على "سرقسطة" فجاءت أعداد ضخمة من أوربا لنصرة نصارى إسبانيا، وكانت أوروبا وقتها تموج بالحماسة الدينية المفرطة بعد نجاح الحملة الصليبية الأولى على الشام.

 

المقال كامل في المرفق ..

 

رمضان عبر التاريخ (2 - 4)

رمضان عبر التاريخ (3 - 4)

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات