استراتيجية الخطيب (1-2)

أحمد عمرو

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات: مقالات

اقتباس

هذه الطرق مع بساطتها إلا أن لها نتائج باهرة، فهي من أقوى الطرق في تحفيز الذات وإثارة الدافعية في النفس، كما أنها تعمل على تجلية الأهداف التي قد تكون هائمة في الذهن فتعمل على عقالها. كما أنها مفيدة بشكل كبير في تحسين أسلوب وطريقة إلقاء الخطبة..

 

 

 

 

رغم العدد الهائل من الخطب التي تلقى كل يوم جمعة على مستوى العالم الإسلامي ككل، إلا أننا نكاد أن نجزم أن هذا العدد الضخم من الخطب الأسبوعية لا يحدث التأثير بالقدر المأمول منه. ورُغم أن كثيرًا من الخطباء لديهم الرغبة في إحداث تغيير حقيقي ملموس في مستمعيهم، إلا أن افتقاد المنهج العلمي المدروس، وغياب الأهداف والخطط الواضحة، تخفض الكثير من التأثير المنشود.

 

ولمثل هؤلاء وغيرهم من الدعاة الذين احترقت قلوبهم على حال الأمة ويمتلكون منابر يستطيعون من خلالها توصيل رسالتهم السامية نضع بين أيديهم سلسلة (استراتيجية الخطيب) وفي سلسلتنا نهدف أن تكون هناك خطة شاملة يجني الخطيب أو الداعية ثمار تنفيذها بعد فترة، ويحصد نتاج تأثيره في خطوات مدروسة ومعمقة.

 

لذلك فنحن سنبدأ خطوة خطوة إلى أن ننتهي من صناعة خطيب يقود مجتمع مسجده أو حيه إلى تغيير حقيقي نستطيع أن يلمسه ويحسه.

 

فإلى من يحملون همَّ الدعوة إلى دين الله -عز وجل- وتنفطر قلوبهم على أحوال الغافلين نقدم تلك السلسة لعل الله أن ينفع بها.

 

الحلقة الأولى: الأوقات الأربعة:

إذا رغبنا في تقسيم المراحل التي تتم من خلالها الخطبة فسنجد أنها تنقسم إلى أربع مراحل أو أوقات، كل وقت له مواصفاته ودوره في تحقيق الدور المنوط بخطبة الجمعة.

 

وتلك الأوقات هي: وقت إبداعي، وقت تحضيري، وقت تنفيذي، وقت تقييمي.

 

أولاً الوقت الإبداعي: وهو الوقت الذي يسبق وضع الخطط والأهداف قبل الشروع في القراءة أو التحضير، إنه الوقت الذي تطلق فيه العنان لخيالك؛ ليضع لك تصورات المنتج النهائي. إنه أقل الأوقات جهدًا وأهمها من حيث الحصول على الثمرة.

 

استراتيجية تفعيل (الوقت الإبداعي) في عقل الخطيب:

أولى تلك الاستراتيجيات: أن تتخيل نفسك وقد أُدخلت إلى قبرك ووقف الناس يتكلمون عن التأثير، والتغيير الذي أحدثته خطبك بهم، وأن حياتهم تغيرت منذ استماعهم إليك وتأثرهم بك.

 

حاول أن تتخيل عباراتهم وكلماتهم وما نوع التأثير الذي حدث لهم، يمكن تخيل ذلك، لكن حتى تؤتي تلك الاستراتيجية ثمارها عليك بكاتبة تلك الأمور في ورقة أمامك، سجل كل تلك الكلمات التي سمعتها، اكتبها في نقاط واضحة واترك نفسك تنفعل واكتب كل ما سمعته.

الطريقة الثانية: هو أن تتخيل نفسك وقد بلغت من العمر عتياً وأمامك أحد أحفادك أو تلاميذك الصغار وأنت تحكي لهم عن حصيلة تجربتك في الخطابة ومدى النجاحات التي حققتها، وكيف استطعت –واقعياً- أن تغير كثيرًا من المعتقدات والأخلاق الخاطئة في مجتمعك.

 

ارسم تلك الصورة جيدًا في ذهنك، وقم بكاتبة تلك التجربة التي لم تحقق بعد على أنها وقعت بالفعل آتت أكلها.

 

الطريقة الثالثة: أن تعتقد داخل نفسك أنك قادر على الإنجاز، وأن قدراتك تأهلك أن تكون خطيبًا بارعًا مؤثراً، فالكثير من الخطباء يعيش داخل دوامة ضعف القدرات والمواهب، وحتى تستطيع أن تغير الحقيقة المتعلقة بك، وحتى تؤمن أنك منجز جيد فعليك أن تبدأ في إعداد سجل للأحداث التي أنجزتها. والنجاحات التي حققتها لتقتنع؛ أنك -فعلاً- قادر على فعل وتحقيق الكثير.

 

هذه الطرق مع بساطتها إلا أن لها نتائج باهرة، فهي من أقوى الطرق في تحفيز الذات وإثارة الدافعية في النفس، كما أنها تعمل على تجلية الأهداف التي قد تكون هائمة في الذهن فتعمل على عقالها. كما أنها مفيدة بشكل كبير في تحسين أسلوب وطريقة إلقاء الخطبة.

 

هذه الصورة التي رسمتها عن نفسك تحتاج إلى عملية استدعاء دائم، بحيث تمثل محورًا أساسيًا في التفكير، والهدف من وراء تلك العملية أن تقتنع داخل نفسك أنك نفس الشخص المرسوم في الذهن، وأنك قادر على تحقيق تلك الأماني في الواقع.

 

فالخطوة الأولى: هي أن يكون لك حلمًا واضحًا تسعى لتحقيقه وأن تؤمن أنك ذلك الشخص الذي يستطيع تحقيق ذلك الحلم، وأن مقدرتك وموهبتك تمكنك من ذلك. فسرعان ما ستبدأ في خلق الخطة الضرورية؛ لزيادة إنجازاتك، فإن لم يكن لديك صورة أكبر لنفسك فلن تستطيع العيش داخل هذه النفس.

 

وللحديث بقية نكمله في الحلقة القادمة إن شاء الله.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات