مقومات الحياة

سعود بن ابراهيم الشريم

2022-10-10 - 1444/03/14
عناصر الخطبة
1/تأملات في حديث من جوامع الكلم 2/ الأمن في السرب 3/المعافاة في البدن 4/امتلاك قوت اليوم

اقتباس

إنها كلماتٌ يسيرات، لكنها حوت معنى الحياة الحقة والاستقرار الدائم، بل إنها كلمات ترسم للمرء صورة الحياة بقضِّها وقضيضها، وحلوها ومرها، وسهلها وصعبها، على أنها لا تتجاوز هذه المعايير الثلاثة، والتي لا يمكن لأيِّ كائن بشري عاقل أن...

الخطبة الأولى:

 

أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -سبحانه-؛ فإنها دليل الحيران، ورِيّ الظمآن، وأنيس الولهان. بها يسمو المرء ويرتفع، وتُصقَل النفس وتنتفع، هي الحق وماذا بعد الحق إلا الضلال.

 

أيها الناس: إن إعطاء المرء المسلم نفسه شيئاً من فرص المناصحة وأوقات مراجعة وسط دواوين من السنة والمطهرة، ومن ثمَّ حمل نفسه على أن يقف وقوفاً دقيقاً عند حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنبعث من مشكاة النبوة؛ ليعرف أسراره، ويستضيء بأنواره، حتى تنشرح النفس وتصفو، فتؤمن بالنبي المصطفى والرسول المجتبى صلوات الله وسلامه عليه، وتتَّبعُ النور الذي أنزل معه.

 

إنه -ولا شك- سيقرأ أو يسمع كلاماً صريحاً لا فلسفة فيه ولا تعقيد، كلاماً يقرِّر أن حقيقة الإنسان المسلم ومكانته العالية وحياته المستقرة الخالصة من المكدّرات المزمنة والشوائب العالقة لن تكون فيما ينال من لذة عارضة أو صبوة سانحة أو انفِلاتٍ من مسلّماتٍ يظنها الأغرار نوعاً من القيود والتحجير، كلا فالأمر ليس كذلك عباد الله، بل إن المطلع في سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لن يجد إلا ما يسرّه، ويرسم له طريق الحياة المختصر الذي يسرع بوصوله إلى الغاية العظمى ورؤية الرب تبارك وتعالى.

 

يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "من أصبح آمناً في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"(رواه الترمذي وابن ماجه والبخاري في الأدب المفرد).

 

الله أكبر، إنها كلماتٌ يسيرات، لكنها حوت معنى الحياة الحقة والاستقرار الدائم، بل إنها كلمات ترسم للمرء صورة الحياة بقضِّها وقضيضها، وحلوها ومرها، وسهلها وصعبها، على أنها لا تتجاوز هذه المعايير الثلاثة، والتي لا يمكن لأيِّ كائن بشري عاقل أن يتصوّر الحياة الدنيوية الهانئة بدون توافرها، إنه أمن المرء في سربه أي في بيته ومجتمعه، ومعافاته في بدنه، وتوفّر قوت يومه.

 

إنها عبارات سهلة على كل لسان، غير أن وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- لها بكونها تعادل حيازة الدنيا بحذافيرها يجعل كل واحد منا يتأمّل ويدقق النظر في أبعاد هذه المعاني، وتنزيلها على واقع حياتنا جميعاً، ومدى تأثيرها فينا وجوداً وعدما، إيجاباً وسلباً.

 

أمن المرء في سربه -عباد الله- مطلبُ الفرد والمجتمعات على حدّ سواء، وهو الهدف المرتقب لكل المجتمعات بلا استثناء على اختلاف مشاربها، ثم إن إطراء الحياة الآمنة هو ديدن كافة المنابر للصلة الوثيقة بينه وبين إمكانية استقرار المجتمعات، وإلا فما قيمة لقمة يأكلها المرء وهو خائف، أو شربة يشربها الظمآن وهو متوجِّس قلِق، أو نعسة نوم يتخللها يقظات وسنان هلع، أو علم وتعليم وسط أجواء محفوفة بالمخاطر؟!

 

إن كل مجتمع يفقد الجانب الأمني في ثناياه إنما هو في الحقيقة فاقد لمعنى الحياة لا محالة، حتى يكون تِكْأَةً لنهب الناهبين وتفريط المقصرين، فيذهب أقساماً بين أشتات المطامع والأهواء.

 

ومن أجل الأمن -عباد الله- جاءت الشريعة الغراء بالعقوبات الصارمة والحدود الرادعة تجاه كل مُخلٍ بالأمن كائنا من كان، بل وقطعت أبواب التهاون في تطبيقها، أيّا كان هذا التهاون، سواء كان في تنشيط الوسطاء في إلغائها أو في الاستحياء من الوقوع في وصمة نقد المجتمعات التي تدعي الحضارة، ومعرّة وصفهم للغير بالتخلف.

 

وحين يدبّ في الأمة داء التسلّل الأمني فإن المتسببين في ذلك يهيلون التراب على تراث المسلمين، ويقطعون شرايين الحياة الآمنة على الأجيال الحاضرة والآمال المرتقبة.

 

ثم إنه يجب علينا أن لا نقصُر جانب المفهوم الأمني على الفرد وحده، ولا على معنى واحد من معانيه فحسب؛ كأن يُقصَر على ناحية حماية المجتمع من الجرائم لا غير، أو أن يُقصر مفهوم حمايته على جناب الشُرط والدوريات الأمنية دون سواها، بل إن شمولية مفهوم الأمن تنطلق باديَ الرأي في عقيدة المجتمع، وارتباطه الوثيق بربه، والبعد عن الشرك وسبله، والذي هو الظلم بعينه، كما قال الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ)[الأنعام:82].

 

ناهيكم -عباد الله- عن المجالات الأمنية المتكاثرة في المجتمعات، كالأمن الغذائي والأمن الصحي والوقائي والأمن الاقتصادي، والأمن الفكري، والأمن الإعلامي، والأمن الأدبي. فعلى الأمة برُمّتها أن لا تقع في مزالق الانحدار والتغريب تجاه أي معنى من المعاني الأمنية الآنفة، وأن لا تقترف خيانات أمنية في أي لون من ألوانه؛ فالأمن على مثل هذا لا يقلّ أهمية عن أمن الأرواح والأموال؛ فكما أن للبيوت لصوصاً ومختلسين وللأموال كذلك؛ فإن للعقول لصوصاً ومختلسين وللأفئدة لصوصاً ومختلسين، بل إن لصوص العقول والقلوب أشد خطراً وأدهى وأمرّ.

 

إن إصباح المرء المسلم آمنًا في سربه لَهُو من أوائل بشائر يومه وغده، وما صحّة البدن وقوت اليوم إلا مرحلة تالية لأمنه في نفسه ومجتمعه، إذ كيف يصحّ بدن الخائف؟! وكيف يكتسب من لا يأمن على نفسه وبيته؟!

 

ولأجل هذا -عباد الله- كان لزاماً علينا أن نقدر حقيقة الأمن، وأن نستحضرها نصب أعيننا بين الحين والآخر، حتى لا نكون مع كثرة الإمساس لها فاقدي الإحساس بها، ولا سيما حينما نشخص بأبصارنا يمنةً ويسرة لنرى بعض الأقطار الملتهبة بالصراع، والتي يطحن بعضها بعضاً من داخلها، أو بما هو أدهى وأمر من خلال سطوة البغاة عليها واجتياح العدوان المسلّح، استباحةً لأرضها، وقطعاً لحرماتها.

 

ألا من مشاطر لنا أحزان ما يجري في مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثالث المسجدين؟! يصاب المسلمون فيه بالذعر عند كل زفرة نفس من أنفاسهم، يستيقظون عند كل رمية برصاص، أو حركة مجنزرات ظالمة. إنهم يرجون الأمن والأمان، يناشدون العدالة والإنصاف، ينادون المتخصِّصين فيما زعموه مكافحة الإرهاب، لقد ناشدوا وناشدوا وناشدوا، حتى لربما انطلقت صيحات الغير تصفهم بالغباء حينما يناشدون بمدمعهم لا بمدفعهم، أو يطالبون بالعدل من حيث لا يوجد إلا الجور، أو بالسلم من حيث لا توجد إلا الحرب.

 

أين المتحدثون عن الإرهاب، وخطورة الإرهاب، واجتثاث الإرهاب؟! أين المتعاطفون مع الأبرياء؟! أين ما يسمَّى بالحقوق الإنسانية؟! أين وأين وأين؟! ألا يكون قتل المسلمين إرهاباً؟! ألا يكون ترويعهم إرهاباً؟! ألا يكون اجتياح أرضهم إرهاباً؟! ألا ليت شعري من يدري لعل دلالة اللفظ في حق ثالث المسجدين لا تسمَّى عند البعض إلا تِرحاباً، وأما فيما عداها فإنها لا تسمّى عندهم إلا إرهاباً، (وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[آل عمران:119]، ولقد صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: "ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن" قالوا: وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت"(رواه الإمام أحمد وأبو داود).

 

ألا إن الله غالب على أمره عباد الله، (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)[يوسف:21]، (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لّلأَبْرَارِ)[آل عمران:196-198].

 

أيها المسلمون: لقد أتبع النبي -صلى الله عليه وسلم- أمنَ المرء في سربه بكونه معافىً في جسده، وجعل المعافاة في الجسد ثلث حيازة الدنيا بحذافيرها، وهذا أمر واضح جلي؛ لأن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يراه ويحسّ به إلا المرضى من الناس.

 

الصحة والعافية -عباد الله- محلّ لأن يُغبن فيها المرء على حد قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"(رواه البخاري وغيره).

 

السلامة لا يعدلها شيء، والصحة التامة والسلامة من العلل والأسقام في البدن ظاهراً وباطناً لهو من مكامن الحياة الهانئة المستقرة؛ إذ فيها عون على الطاعة، والقيام بالتكاليف الشرعية على أحسن وجه كان، ناهيكم عن أثر الصحة والبسطة في الجسم في نواحي الحياة المختلفة، و"المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وفي كل خير".

 

والبسطة في العلم والجسم مما تُنال به معالي الأمور، كما قال الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)[البقرة:247]، وقال –سبحانه- عن موسى: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَجَرْتَ الْقَوِىُّ الأمِينُ)[القصص:26].

 

الأمراض والأسقام -عباد الله- أدواء منتشرة انتشار النار في يابس الحطب، ومن هنا تكمن الغبطة للأصحاء، غير أن هذه الأسقام هي وإن كانت ذات مرارة وثقل واشتداد وعرك إلا أن الله -جل شأنه- جعل لها حكماً وفوائد كثيرة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، ولقد حدّث ابن القيم -رحمه الله- عن نفسه أنه أحصى ما للأمراض من فوائد وحكم فزادت على مائة فائدة.

 

وقد قال رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها؟ قال: "كفارات"، قال أبي بن كعب: وإن قلَّت؟! قال: "وإن شوكة فما فوقها"(رواه أحمد)، وعند البخاري ومسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من مسلم يصيبه أذىً من مرض فما سواه إلا حطَّ الله به سيئاته كما تحطّ الشجرة ورقها".

 

غير أنه لا يُظن مما سبق -عباد الله- أن المرض مطلب منشود أو بلاء يتطلع إليه العبد المسلم، كلا بل هو محنة يكون الصبر مطلباً عند وقوعها، والمرء المؤمن لا يتمنَّى البلاء؛ إذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "سلوا الله العفو والعافية فإن أحداً لم يُعط بعد اليقين خيراً من العافية"(رواه النسائي وابن ماجه)، وقال مطرف -رحمه الله-: "لأن أعافى فأشكر أحب إليَّ من أن أُبتلى فأصبر".

 

وعلى كلا الأمرين -عباد الله- فإن الصحة بلا إيمان هواء بلا ماء، والمرض بلا صبر ورضا بلاء يتلوه بلاء، وجماع الأمرين دين وإيمان بالله، يقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إنكم ترون الكافر من أصح الناس جسماً وأمرضهم قلباً، وتلقون المؤمن من أصح الناس قلباً وأمرضهم جسماً، وايم الله لو مرضت قلوبكم وصحت أجسامكم لكنتم أهون على الله من الجعلان".

 

(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)[العنكبوت:57].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قد قلت ما قلت، إن صواباً فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إنه كان غفاراً.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

 

فيا أيها الناس: المال في الإسلام وسيلة لا غاية، وطلبه من طريق حلِّه وطيبه أمر مشروع لكل مكتسب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حِينما قال: "من أصبح آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه"؛ أراد بقوت اليوم الحال الوسط بين الضدين؛ إما حال الأثرياء المترفين الذين ضعف عند بعضهم الخلُق والدين، وإما حال المفلسين القعدة الذين استمرؤوا الكسل والبطالة والتشرد.

 

إن الذين يكسلون ولا يربحون، ثم يتسولون، أو يحتالون باسم التكسب، أو العيش ليسوا على سواء الطريق، والذين يحبون المال حبّاً جمّاً حتى يُعميهم عن دينهم وأخلاقهم، وخلواتهم القلبية وجلواتهم الروحية ليسوا على سواء الطريق أيضاً؛ فكلا طرفي قصد الأمور ذميم.

 

فعن الأول يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تعوّذوا بالله من الفقر والقلة والذلة"، ويقول: "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر"(رواهما الإمام أحمد). وعن الآخر يقول الله -تبارك وتعالى-: (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّءاهُ اسْتَغْنَى)[العلق:6-7].

 

وخير الأمور -عباد الله- هو الوسط؛ فإن الفقر كاد يكون كفراً، بل هو مظنة الاتكال على الغير، وربط الأمور مع الناس بما يملكون من مال، لا ما يملكون من خلُق؛ فتختل عند الفقير المعايير، كما أن الغنى مظنة الطغيان، والوقوع في طرق الكسب المحرمة بحثاً عن المال بنهَم، أو هو مظنة الفرار من الحقوق كالصدقة والزكاة وأوجه البر، ولهذا فإن من ملك قوت يومه فإنه يكون في منأًى عن بطر الغنى وهوان الفقر، فيكون كافاً عافاً، ومن هنا جاءت حيازة الدنيا.

 

فالفقر دونٌ برمّته، والغنى يُحمد في الخير، ويُذم في الشر، (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى)[الليل:510]، وصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: "نِعم المال الصالح للرجل الصالح"(رواه أحمد).

 

نقول مثل هذا -عباد الله- لأجل أن نذكر كلَّ ذي نعمة بنعمته، ولنعلم جميعاً أن هناك من المسلمين عن اليمين وعن الشمال عزين من يصبح لا يدري مصير أمنه، ولا قوت يومه، ولا معافاة بدنه، يعيشون أجواء مقلقة وحياة متقلبة، ما عند يوم أحدهم ثقة له بغده، شيوخ ونساء وأطفال، برآء ما جنوا ذنباً، أطهار ما كسبت أيديهم إثماً، سقوفهم واكفة، وجدرانهم نازّة، وجبالهم تسيل حُمما وشظايا، حتى غدت أوديتهم بمآسيهم أباطح؛ فلم تعد الدور دوراً، ولا المنازل منازلاً، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)[ق:37].

 

هذا وصلوا رحمكم الله على خير البرية، وأزكى البشرية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بذلك فقال في كتابه الكريم: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]؛ اللهم صل وسلم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم...

 

المرفقات

مقومات الحياة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات