سقوط حلب ولبننة العالم الإسلامي

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

ومع توالي النكبات والنوازل وآخرها نازلة حلب وسقوط بيد المعسكر الإيراني الروسي اتضح أن حجم المؤامرة أكبر مما يطفو على السطح بكثير ، وأن الأطروحات الحديثة ما هي إلا إعادة إنتاج لمشاريع قديمة ..

 

 

 

الأمة عبر تاريخها واجهت الكثير من الخصوم والأعداء الذين لم تجمعهم راية ولا فكرة ولا هدف سوى محاربة الإسلام وأهله. فقد واجهت الأمة في بداياتها المشركين الأصليين من العرب؛ قريش وأخواتها، ثم واجهت الروم البيزنطيين، والفرس المجوس، ثم واجهت البربر الوثنيين، والقوط والوندال الأوروبيين، ثم واجهت الحملات الصليبية العنيفة لأكثر من قرنين من الزمان في العصور الوسطى بقيادة الفرنجة، ثم واجهت المغول الوثنيين.وكان لها الدور الأروع في إنقاذ البشرية من الاكتساح المغولي للحضارة الإنسانية المعروفة، بعد أن أوقفوا الزحف المغولي على أرجاء المعمورة على عتبات عين جالوت.

 

وفي العصر الحديث واجهت الأمة زحفا شيوعيا أحمر محملا بأفكار الإلحاد والكفر هبت رياحه من الاتحاد السوفيتي، وزحفا غريبا ليبراليا هاتكا ماجنا محملا بأفكار الانحلال والفوضى الأخلاقية هبت رياحه من أوروبا وأمريكا.وأخطر من ذلك كله واجهت كيانا سرطانيا مسموما انغرس في قلب العالم الإسلامي اسمه الكيان الصهيوني.

 

وبعد قرون من الصراع بين الحق والباطل، والصراع بين الأمة الإسلامية وأعدائها شرقاً وغرباً، أيقن خصوم الأمة أن ساحات المواجهة المفتوحة والخالية من عوائق المكر والخداع والتآمر، لن تكون إلا في صالح المسلمين، ومن ثم أجمعوا وقرروا أن تدمير الأمة لن يتأتي إلا من داخلها، والشجرة لن يقطع أصلها إلا أحد أغصانها، بقدر حماسة وانتباه المسلمين للعدو الخارجي، بقدر فتورهم وغفلتهم عن الداخلي. ومن ثم بدأت لعبة القوميات والعرقيات والطوائف إلى آخر ممزقات الوحدة الإسلامية.

 

قبل مائة عام تقريبا وفي أوائل القرن العشرين تفاعلت عدة قوى عالمية للسيطرة على قلب الشرق الأوسط بوصفه الحلقة الأهم في تأمين طرق التجارة العالمية، لسيطرتها على الممرات المائية الرئيسية في العالم، لذلك تنافست عليه القوى الراغبة في تأمين أو تهديدات المستعمرات الأوروبية. وقد بلغت هذه التفاعلات والمنافسة درجة شديدة من التعقيد والتشابك جعلت الصراع الأوروبي في النهاية يصل لقناعة التفاوض والتقاسم، فكانت اتفاقية سايكس بيكو  سنة 1916 الشهيرة، بين انجلترا وفرنسا وروسيا القيصرية للتفاهم على اقتسام قلب الشرق الأوسط بعد التخلص من الدولة العثمانية.ومن ثم كانت الحدود المصطنعة لدول المنطقة بالكيفية التي أرادها الاحتلال الصليبي، ووفق أهدافه ومصالحه وأجندته الآثمة تجاه المنطقة، وفي مقدمتها تمزيق الوحدة الإسلامية وبث الفرقة بين أبناء الأمة الواحدة لتمكين اليهود من إقامة دولتهم في قلب العالم الإسلامي. كانت هذه الاتفاقية هي فاتحة مشاريع التقسيم للعالم الإسلامي والتي ما زالت نسخها تتطور كل يوم عن ذي قبل، في إصرار واضح نحو تمزيق العالم الإسلامي.

 

وبعد مرور قرن من الزمان على هذه المعاهدة المشئومة، وفي ظل واقع عربي وإسلامي مأزوم، وحروب إقليمية وداخلية مستعرة منذ عدة سنوات، تعالت الصيحات من هنا وهناك تنادي بإعادة النظر في هذه الخرائط القديمة، وبرزت أطروحات تقسيم  العراق  وسوريا  واليمن بعد نجاح تقسيم السودان،  التي  روّجت  لها  بعض  الدوائر  الرسمية  في  بعض  عواصم  القرار  الدولي. وبات  عنوان  إعادة  رسم  خريطة الشرق الأوسط  أحد  العناوين  الرئيسية  في  الكثير  من التقارير  والمقالات  الصحافية،  والأبحاث  العلمية،  التي  تنشرها  كبريات الدوريات،  ومراكز  الأبحاث  الدولية.

 

ومع توالي النكبات والنوازل وآخرها نازلة حلب وسقوط بيد المعسكر الإيراني الروسي اتضح أن حجم المؤامرة أكبر مما يطفو على السطح بكثير، وأن الأطروحات الحديثة ما هي إلا إعادة إنتاج لمشاريع قديمة.

 

مشروع عوديد يينون الصهيوني (لبننة العالم الإسلامي)

الإستراتيجي الإسرائيلي "عوديد  يينون "  عمل  لفترة  طويلة في  وزارة  الخارجية  الإسرائيلية  وجهاز  الموساد، ويُعتبر  من كبار مخطّطي  الاستراتيجيات، وقد نشر مشروعه لتقسيم المنطقة سنة  1982  في  ذروة  التحضيرات  الإسرائيلية  لغزو  لبنان  الذي كان في أتون حرب أهلية طائفية بشعة. وكانت فكرة تقسيم  لبنان  تروق جدًا  للإسرائيليين بشرط إعادة  توزيع  المجموعات  الطائفية لتحقق  لهم  أكبر  قدر  من  الأمن عبر بث الحرائق في حدائق الغير. من هنا، نبتت  في ذهن  ينون  فكرة "لبننة" العالم  الإسلامي  كله،  فهي  تقريبًا  الطريقة الوحيدة التي  قد  تمكن  شعبٌ  صغير  مثل الشعب  اليهودي  من  حكم  مساحة  تمتد  من  النيل  للفرات (إسرائيل الكبرى) وإضافة  للمصلحة  العقدية  المادية  في التقسيم الطائفي  للمنطقة،  رأى يينون  فائدة  أخرى  في  إرساء  شرعية  دولة  إسرائيل،  بما أن كل  طائفة  ستكون  لها  دولة،  فوجود  دولة يهودية يصير مبررًا  تمامًا من الناحية الأخلاقية.

 

واعتبرت  الخطة  أن  أهم  محاور  الإستراتيجية  المستقبلية  لإسرائيل  عقب الانتهاء  من  لبنان،  يجب  أن تتركز  في  تقسيم  العراق  لثلاث  دول: شيعية  -  سنّية  -  كردية، ومن بعد  لبنان  والعراق، مصر  وليبيا  والسودان  وسوريا  والمغرب العربي  وإيران  وتركيا  والصومال  وباكستان. استمد  يينون  "واقعية"  مخططه  من  إشكالية  أن  الحدود  العربية  الحالية  غير  قابلة  للدوام، لعدة أسباب:

1 - أن الحدود  وضعتها  دول  استعمارية  من  دون  اعتبار  لهويات  الشعوب  وتوجهاتها  ورغباتها.

 

2 - معظم  الدول  العربية  تضم  طوائف  وإثنيات  غير  منسجمة،  وتستحوذ  على  الحكم  في  غالب  الأحيان  طائفة  واحدة  بعينها  تكون  في  بعض  الأحيان أقلية.

 

3 - وجود  صراع  على الحدود  بين  معظم الدول  العربية.

 

 مشروع برنارد لويس (عرّاب الصهيونية)

المستشرق الصهيوني الانجليزي المولد والأمريكي الموطن "برنارد لويس" كان أول الداعين إلى مشروع تقسيم وتجزئة الشرق الأوسط من باكستان إلى المغرب العربي حيث طرح هذا الموضوع عشية إقامة الإمبريالية الغربية للكيان الصهيوني على أرض فلسطين سنة 1948م، ثم نشر المستشرق الصهيوني دراسة في مجلة وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) يقترح فيها إعادة وزيادة تفتيت العالم الإسلامي من باكستان إلى المغرب، وإنشاء أكثر من ثلاثين كيانًا سياسيًّا جديدًا. وهذا الحديث يعني تحويل العالم العربي والإسلامي إلى "فسيفساء ورقية" تقوم فيها 88 دولة، بدلاً من56دولة، بما يعنيه هذا التقسيم المقترح من شقاقات وصراعات وحروب وآلام، تزيد هذه الكيانات ضعفًا فوق ضعفها، وهزالاً فوق هزالها، ولقد كان برنارد لويس صريحًا عندما قال: إن هذا التفتيت للعالم الإسلامي هو الضمان الحقيقي لأمن إسرائيل، التي ستكون الأقوى وسط هذه "الفسيفساء". في العام 1983، أقر الكونجرس الأميركي بالإجماع، في جلسة سرية، (مشروع برنارد لويس)، وتمّ بذلك تقنين هذا المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأميركية الإستراتيجية للسنوات المقبلة. وقد أرفق لويس خرائط تقسيم الدول، وفيه تم تقسيم مصر لأربع دويلات، والسعودية لأربعة دويلات، وسوريا لأربع دويلات، والعراق لثلاث دويلات، ولبنان لثمان كانتونات طائفية، والسودان لأربع دويلات، ومحو عدة دول في الخليج، وتقسيم الشمال الأفريقي على أساس عرقي بين العرب والأمازيغ، وعنصري بين البيض والسود، كما لم ينس باقي دول العالم الإسلامي حيث لم تسلم دولة مسلمة من مشروع التقسيم. الجدير بالذكر أن لبرنارد لويس خرائط أخرى لتفتيت الاتحاد السوفيتي والكتلة الشيوعية في أوروبا الشرقية.

 

خطة  لويس  لا تكتفي بخرائط صماء  تستغل  الصراعات  الطائفية  والعرقية،  ولكنها  اشتملت  أيضًا على  إشعال تسع  حروب  في  المنطقة،  إلى حرب البلقان  في  أوروبا  التي  توقع  أن  تمتد  لشرق  البحر  المتوسط،  تلك الحروب  ستسرّع  عجلة تقسيم  المنطقة،  وبعد  التقسيم  تنشب  حرب  أخرى  كبرى  عربية-   إيرانية  بمجرد  هيمنة  إيران  على  الدويلة العراقية  الشيعية.  وأشار  لويس  إلى دولتين  فقط،  ينبغي  الحفاظ  على  استقرارهما وقوتهما واستقلالهما  والاعتماد  عليهما:  إسرائيل وتركيا (العلمانية  العسكرية)،  إلا  أن  ذلك  لم  يمنعه  من  طرح  تصوّر  الدولة  الكردية التي  تقتطع  جزءًا  من  تركيا. 

 

مشروع الجنرال رالف بيترز (حدود الدم)

في يوليو 2006م نشرت المجلة العسكرية الأمريكية "آرمد فورسز جورنال" خارطة جديدة للشرق الأوسط وضعها الجنرال الأمريكي المتقاعد رالف بيترز تصف وضع الشرق الأوسط الأفضل في مقالة عنونها بـ"حدود الدم" وفي هذه المقالة والخارطة المرفقة معها قسم فيها بيترز الشرق الأوسط على أسس عرقية ودينية وطائفية، وقد برر لهذا التقسيم أن هناك أقليات مضطهدة ومظلومة وأن منطقة الشرق الأوسط تستحق وضعاً أفضل مما هي فيه وأن تقسيم سايكس بيكو قد ظلمت شعوب هذه المنطقة، وأن التقسيم الأفضل لها يجب أن يكون على أسس عرقية وإثنية وطائفية وأن الصراعات الطائفية والتصفيات العرقية الحاصلة في بعض البلدان لن تنتهي إلا إذا تم إعادة تقسيم المنطقة على هذه الأسس. ويقول بيترز إن هذا التقسيم لن يحدث إلا بعد أن تسفك دماء مئات الآلاف من أبناء المنطقة، وأن لا محالة من إراقة هذه الدماء. وكان للسعودية نصيب كبير من خطة بيترز للتقسيم الدموي، حيث قال نصاً : جزء  في  الشمال  ينضم  للأردن،  الحجاز  يستقل  كدولة مقدسات  ونموذج  إسلامي  من  الفاتيكان،  السواحل  الشرقية  تذهب  إلى شيعة العراق،  جزء  في  الجنوب الغربي  يندمج مع  اليمن،  وبذلك،  لا  يتبقى للسعوديين إلا نجد،  وعاصمتهم  الرياض في  قلبها.

 

مشروع جيفري جولدبرج (المحافظين الجدد)

في  العام  التالي  لنشر "حدود الدم"، بدأ  جيفري  جولدبرج،  وهو من المنتمين  للمحافظين  الجدد  داخل  أروقة  السياسة  الأميركية، بكتابة  سلسلة  مقالات  في صحيفة ذي " أتلانتيك " ذات الميول الصهيونية، ترسم  خريطة جديدة  للشرق  الأوسط، تزامنا مع إقرار  مجلس  الشيوخ الأميركي  خطة غير  ملزمة  لتقسيم العراق.  وأضاف جولدبرج  في  خريطته  دولة  جنوب  السودان  (تأسست  رسميا  بعد  أربع  سنوات من كتابة المقالات )، ودولة سيناء  المستقلة  التي  شهدت عام  2004  أول  عمليات  العنف. وامتدت  الخريطة  هذه  المرة  إلى  عمق  أفريقيا  بتقسيم  الصومال.  واعترف  جولدبرج  بقوة  "حزب الله"   ومركزيّته  في  جنوب  لبنان،  فتصور  له  دولة  شيعية  مستقلة، ودعا  إلى  دولة  درزية في  شمال  الأردن  وجنوب  سوريا.

 

الطريف أن الرئيس الأمريكي الجديد " ترامب " في حواره الشهير مع صحيفة النيويورك تايمز في نوفمبر الماضي، قال أن بلاده قد استغلت بالفعل الربيع العربي، لإعادة رسم خرائط المنطقة، وقال إنه ليس من الجيد أن تفعل الولايات المتحدة ذلك، ولا من وظيفتنا – الأمريكيون – أن نخلق "أممًا" جديدة أو نعيد رسم حدود الدول القائمة!!

 

هل التقسيم قادم لا محالة ؟!

البعض يرى أن خطط التقسيم ربما تكن أمراً واقعاً لا مفر منه بسبب سياسات  التوازن  الطائفي  التي  اعتمدتها  واشنطن  بين  إيران والدول  العربية  ذات  الغالبية  السنّية والتي أدت  في الواقع إلى  إثارة نعرات  الصراع  الطائفي  ومفاقمتها. أيضا بسبب محاولة أمريكا تأسيس  نظام  أمني  متعدد  الأطراف  ومتوازن في  المنطقة،  بحيث  تلعب  بعض  التحالفات الإقليمية،  إضافة  إلى  حضور  مباشر  من  قوى  دولية  ذات  مصالح  في  المنطقة،  أدوارا  أمنية  محدودة  ومتنافسة،  برعاية  أميركية.

 

غير أن الخطر الأكبر يتمثل في ازدياد محفزات الصراع في المنطقة، و تصاعد  عمليات  التطهير  العرقي  وإعادة  رسم  الخريطة الديموغرافية  والإثنية  للشرق  الأوسط، بسبب تمكين الغرب لإيران والشيعة في المنطقة، كما حدث  خلال  سنوات تصاعد  العنف الطائفي  في  العراق  أو  بشكل  أكثر  جسامة  وخطورة  فيما تشهده سوريا  من عمليات  إعادة  رسم  للخريطة  السكانية، وتأسيس  كانتونات  طائفية  صرفة تعمق من واقع  الانفصال الطائفي،  وتصاعد  مشاعر  الكراهية الطائفية.

 

 مآلات سقوط حلب

أكثر الأطراف استفادة من هذه المخططات الأمريكية الآثمة؛ إيران وإسرائيل، فإيران حققت اختراقات غير مسبوقة وكان آخرها  حلب، وتتحكم في قرار ومصير أربع عواصم عربية؛ بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، وتعيش هذه الأيام ذروة مجدها السياسي والاستراتيجي. أما الكيان الصهيوني فهو كيان منكمش غير قابل للتوسع لكنه أيضا مسكون بهاجس تأمين حدود أمنه القومي. وهما الآن يخوضان صراعا مريرا، عسكريا بالنسبة لإيران، ومخابراتيا بالنسبة للكيان الصهيوني، لحماية حدودهما والتي تتجاوز الحدود الجغرافية إلى العمق الإستراتيجي، وعلى امتداد مناطق الصراع لكل منهما، وخطوط التلاقي أحيانا أكثر من نقاط الصدام، عدوهما الأول والأخير من يهدد ليس وجودهم وإنما عمقهم الإستراتيجي.وكل يوظف أدواته ويسند حلفاءه وحماة حدوده الإستراتيجية ويوثق صلاته بالمنضمين للجدد لناديهم، لكن مجريات الأحداث والتقلبات تعاكس أحيانا رغباتهم وتصطدم مع إرادتهم.

 

سقوط حلب بأيدي إيرانية وبتواطؤ دولي وإقليمي كان له رنة كبيرة في طهران، فللمرة الأولى، أمكن لطهران ممارسة سلطتها على مساحة واسعة في الشرق الأوسط تمتد عبر العراق وسوريا إلى لبنان، وهو قوس نفوذ ( هلال شيعي ) كانت قوى عربية سنية، خاصة السعودية، تحذر منه منذ سنوات، وهي الآن قريبة من إقامة "هلال شيعي" ونفوذ إقليمي يمتد من الحدود الأفغانية إلى البحر المتوسط.

 

سوف تُسجَّل هذه الفترة من التاريخ العربي والإسلامي، كواحدة من أسوأ المحطات التاريخية، محتلَّةً مكانها جنبًا إلى جنب مع أحداث مثل سقوط بغداد ودمارها على أيدي المغول، واستباحة الصليبيين للقدس. فالسنن الربانية في الكون والخلق لا تعرف محاباة ولا جوراً، لذلك؛ فإن قوانين الأسباب وحدها في الأمم غير المسلمة، تكفي لكي يحققوا نصرًا، لكنها في حال المسلمين، يتوجب معها أن يتواكب مع الأخذ بالأسباب – وهي مهمة للغاية كذلك – الكثير من الأمور العقائدية والنوايا، وهي من أخطر ما يكون؛ لأنها داخل النفس البشرية، ولا يمكن كشفها سوى من خالقها.

 

فالبعض يعتقد أن الله -عز وجل- سيرسل جيش الملائكة لنصرة أهل حلب أو الموصل أو غيرها من قواعد أهل السنّة المحاصرين من مليشيات إيران وحلفائها من صليبي أمريكا وروسيا، وهذه النصرة السماوية لا تتم إلا عندما يستفرغ الصف المسلم ما في وسعه، ويبذل كل جهده، ويجتنب كل مثبطات الانتصار، وليس لأنك مسلم، فقط مسلم؛ سوف تحظى بهذا الكرم الإلهي؛ لأن الله تعالى لن ينصر صفاً يتشح بالإسلام، بينما هو لا يعبر عن صحيح الإسلام.

 

العالم الإسلامي اصطبغ بلون الدم في الكثير من مناطقه حتى عادت مثل شقائق النعمان من كثرة الصراعات والجراحات، فهل يستفق الساسة والقادة والشعوب لما يراد بهم، وينحوا خلافاتهم الصغيرة من أجل مواجهة أخطر تهديد يواجه الأمة والمنطقة عبر تاريخها؟ فالبديل هو الانهيار وذهاب الريح والقوة والدولة، كما قال المولى -عز وجل- (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات