غلق مضيق هرمز، وعبثية الهر الإيراني

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

أيضاً المناورة العسكرية البحرية التي قامت بها المملكة العربية السعودية أكتوبر الماضي تحت مسمى (درع الخليج) في مضيق هرمز، خير رد على ترهات إيران وتهديداتها الجوفاء، حيث فندت كذب طهران فيما تدعيه الآن، حيث لم يتم الكشف عن أي حضور إيراني في المضيق طيلة فترة المناورات، ما يجعل الحديث عن سيطرة مفاجئة درباً من الخيال الذي يفتقد للمنطق.

 

 

 

 

مثل موسم الأعاصير الاستوائية، والأمطار الموسمية، والرياح الخماسينية المحملة بالأتربة والسموم، وفي مناسبات متكررة اعتادت عليها القوى الإقليمية والدولية؛ خرجت علينا إيران مهددة ومرعدة ومزبدة بغلق مضيق هرمز وذلك على لسان حانوتي الجيش الإيراني – وهو وصف حقيقي لا سخرية فيه - العميد باقر زادة، بتصريح مثير نشرته وكالة (فارس) الإيرانية، حيث أكد فيه أن مضيق هرمز والخليج الفارسي - العربي رغم أنفه - منطقة إستراتيجية، وأن إيران تبسط سيطرتها على هذه المنطقة بشكل كامل، ومن ثم وجب الدفاع عنهما حتى الموت، مؤكداً أن من يموت دفاعًا عن هذه المناطق الحيوية سيصبحون نور الهداية لكل البشرية، لذا كان دفن جثامين الموتى المجهولين في جزر المضيق رسالة لبث روح التحدي في نفوس المقاتلين.

 

هذا التهديد الإيراني جاء على خلفية تمديد الكونجرس الأمريكي للعقوبات المفروضة على إيران لفترة زمنية جديدة، في تصويت صادم للإيرانيين الذين ظنوا أن الاتفاق النووي سيلغي العقوبات الأمريكية عليهم.

 

فهل ستقدم إيران حقاً على غلق المضيق الاستراتيجي الهام؟ وهل في قدرتها ذلك فعلاً؟ وما التداعيات المتوقعة لمثل هذا العمل التصعيدي الكبير؟

 

المضيق بين التاريخ والحاضر:

سمي مضيق هرمز بهذا الاسم نسبة إلى جزيرة هرمز التي تقع على ساحل مكران على ضفاف نهر ميناب التابع لإيران في الوقت الحاضر، وكذلك لتوسطه مملكة هرمز القديمة، وهرمز كلمة فارسية تعني أهورا مزدا وهو إله الديانة الزردشتية التي كان يدين بها المجوس قديماً. وقيل سمي نسبة للقائد الفارسي هرمز الذي كان يحكم هذه المنطقة من قبل كسري الفرس، وكان مشهوراً بالغدر والخيانة، حتى ضرب به العرب المثل فقالوا: "أكفر من هرمز" وقد انتصر عليه المسلمون بقيادة خالد بن الوليد سنة 12هـ في معركة ذات السلاسل، وقد قتله خالد –رضي الله عنه– بنفسه في المبارزة.

 

 

من منظور الجغرافيا السياسية يعد الخليج العربي من أكثر أماكن العالم أهمية من الناحية الإستراتيجية، لاسيما وهو الذي يربط وسط آسيا مع غربها، ومع بحر العرب والمحيط الهندي وأفريقيا عبر البحر الأحمر، وقد زادت هذه الأهمية مع ظهور النفط الخليجي، إذ بات يسيطر هذا الممر العالمي على محيط نفطي لا حدود له يحوي حوالي 730 مليار برميل، كما أنه  يعد الباب الوحيد الذي تخرج منه صادرات النفط إلى الدول المستهلكة، والعالم الصناعي على وجه الخصوص، والتي تبلغ أكثر من 17 مليون برميل يوميًا، لذلك يعد مضيق هرمز واحدًا من أهم الممرات المائية في العالم، إذ يعبره أكثر من 40% من نفط العالم بمعدل 20-30 ناقلة نفط يوميًا، وبمعدل ناقلة كل 6 دقائق في ساعات الذروة، حيث يقع بين إيران في الشمال والشمال الغربي وعمان في الجنوب، وتتألف شواطئه الشمالية من الجزء الشرقي (لجزيرة ركيشيم) مع جزر (لاراك) و(هينجام)، أما شواطئه الجنوبية فتتألف من الساحلين الغربي والشمالى لشبه جزيرة مسندام الواقعة في أقصى الشمال بالأراضي الرئيسية لسلطنة عمان. ومن المنظور الجيوبوليتيكي، تكتسب قضية المرور في مضيق هرمز أهميتها بحكم كون المضيق من الناحية القانونية يُعد من المضائق الدولية التي تخضع لنظام المرور العابر الذي لا تحتاج فيه السفن، بما فيها الحربية، إلى إذن مسبق لعبوره.

 

 

نظراً لموقع المضيق الاستراتيجي، فإنه لم يستطع الإفلات عبر التاريخ من الأطماع وصراع الدول الكبرى للسيطرة عليه، فمنذ القرن السابع قبل الميلاد وهو يلعب دوراً دولياً وإقليمياً هاما ًأسهم في التجارة الدولية. وقد خضع للاحتلال البرتغالي ثم سائر الدول الأوروبية خصوصاً بريطانيا لتنتشر الشركات الغربية المتنافسة، ويتراجع الأمن مع غزوات القراصنة. فقد اعتبرت بريطانيا مضيق هرمز مفترق طرق استراتيجية، وطريقاً رئيسيّاً إلى الهند، فتدخلت بأساليب مباشرة وغير مباشرة في شؤون الدول الواقعة على شواطئه؛ لتأمين مواصلاتها الضرورية، فارضة الاحتلال ومتصارعة مع الفرنسيين والهولنديين لسنوات طويلة، إضافة إلى صدامها مع البرتغاليين ابتداء من العام 1588م بعد معركة الأرمادا وإثر إنشاء شركة الهند الشرقية، وبذلك ضمنت بريطانيا السيطرة البحرية على هذه المنطقة.

 

 

لم تكن الملاحة يوماً عبر هذا المضيق موضوع معاهدة إقليمية أو دولية، وكانت تخضع الملاحة في مضيق هرمز لنظام الترانزيت الذي لا يفرض شروطاً على السفن طالما أن مرورها يكون سريعاً، ومن دون توقف أو تهديد للدول الواقعة عليه. وأخيراً فإن مضيق هرمز هو المنفذ البحري الوحيد لدول العراق والكويت والبحرين وقطر والإمارات.

 

 ومع رحيل الاحتلال الأوروبي وقع المضيق تحت قبضة التنافس الإيراني العربي الأمريكي، حيث تسعى إيران للسيطرة عليه في ظل منافسة عربية شرسة، وترقب أمريكي حفاظاً على مصالحها النفطية والاقتصادية من زاوية، ودعم الإستراتيجية السياسية التي تهدف إلى التصدي للدب الروسي وحلفاءه من جانب وحماية أمن الكيان الصهيوني من جانب آخر.

 

إيران واللعب بورقة المضيق:

هذه التهديدات الإيرانية ليست جديدة، فقد سبق أن هددت مرات كثيرة بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، في حال تعرض مصالحها الى خطر ما. منذ بداية السبعينات وحتى الآن، وتهديداتهم في هذا الإطار لم تكن أبدا بمستوى ما يعدون به، فالتهديد شيء والإقدام على تنفيذ التهديد، وإقفال أهم نقطة مرور بحرية في العالم، حيث تعبر ناقلات النفط العملاقة كل يوم محملة بأكثر من 17 مليون برميل من النفط، شيء آخر.

 

لقد رصد الخبراء الجيوستراتيجيين في المنطقة بعض العوامل التي تفسر حال (الصراع) بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، وهي في مجملها عوامل مرتبطة بتداعيات مرحلة ما بعد (الربيع العربي) والبيئة الإقليمية التي أفرزتها، وتبين منها، أن إيران واجهت بيئة إقليمية أظهرت أن رسالتها الثورية أضحت ضعيفة وتجاوزتها الأحداث. ولكن يبقى التحدي الأكبر الذي أفرزته تلك البيئة بالنسبة لإيران، هو احتمالات خسارة الحليف السوري، وما ستفرضه تلك الخسارة من اختيارات صعبة على موقع طهران ونفوذها في الإقليم؛ لارتباط ذلك بعلاقاتها المباشرة مع جماعات كثيراً ما اعتمدت عليها في توسيع دائرة نفوذها الإقليمي، وأهمها بالطبع حزب الله في لبنان.

 

ولمواجهة هذه البيئة الإقليمية الجديدة، عملت إيران على إيجاد بدائل للحفاظ على نفوذها خاصة في منطقة الخليج، وهي المجال الحيوي لأمنها القومي، واتبعت في هذا الشأن أدوات عدة أدخلتها في حالة من (الصراع) مع دول الخليج، كما اتجهت إلى تعزيز نفوذها في دوائر أخرى خارج منطقة الخليج، يتقاطع فيها نفوذها مع النفوذ الخليجي، وخاصة المملكة العربية السعودية.

 

وبعد الدخول المباشر لإيران على خط الأزمة السورية، ومشاركة الحرس الثوري في القتال مع حزب الله داخل سوريا، بدأ القلق الشديد يساور المعنيين من سياسيين واقتصاديين في دول الخليج من احتمال إقدام طهران على اللعب بورقة (مضيق هرمز)  الذي يمر فيه 17 مليون برميل نفط يومياً، أي نحو 20% من مجموع كميات النفط المنقولة بحرياً على مستوى العالم، الأمر الذي يهدد بأزمة عالمية نتيجة الخلل الذي تواجهه الأسواق بين العرض والطلب بسبب نقص الإمدادات. وتدرك إيران ما يتعرض له الاقتصاد العالمي من هزات متتالية، وأهمية النفط كسلعة استراتيجية أساسية تقوم عليها صناعات الدول الكبرى، وما يمكن أن ينتج من آثار سلبية، إذا ما قامت بتنفيذ مخطط إغلاق المضيق الذي ينقل معظم النفط المستخرج بشكل أساسي من كل من المملكة العربية السعودية وقطر والعراق وإيران والإمارات والكويت.

 

ومن أجل إضفاء طابع الجدية على التهديدات الإيرانية صادق مجلس الشورى الإيراني في عام 2012م على مشروع قانون يهدد بإغلاق المضيق أمام ناقلات النفط، رداً على العقوبات الأوروبية ضد النفط الإيراني، وأخذت بموجبه حكومة محمود أحمدي نجاد في ذلك الوقت تفويضاً مفتوحاً لتنفيذ هذا التهديد في الوقت الذي تراه مناسباً، الأمر الذي يزيد من شدة المخاوف الدولية من التداعيات الاقتصادية التي تترتب على الخطوة التنفيذية المرتقبة. مما حدا بالجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية بالتأكيد على أحقية بلاده في اتخاذ كل الوسائل المتاحة لإعادة فتحه.

نظيره في الشق المقابل قائد البحرية الإيرانية الأميرال حبيب الله سياري أعلن من جهته أن إغلاق المضيق سهل جدا للقوات المسلحة شرب كأس ماء"، وقال سياري:" المضيق تحت سيطرة الجمهورية الاسلامية الإيرانية بالكامل ".

 

هل تستطيع إيران غلق المضيق؟

تعرف إيران جيداً أن مجرد التلويح بإغلاق مضيق هرمز واستهداف ناقلات النفط سوف يخلقان (أجواء حرب) في المنطقة ستكون إيران حتماً في النهاية هي الخاسرة وبفداحة. ولكن ذلك لم يمنع إيران من الاستعداد لمثل هذه الخطوة الخطيرة. فالقلق الإيراني من تصريحات الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن بضرب مضيق هرمز في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، دفع طهران إلى الاستعداد لهذا التهديد، وإن لم يترجم على أرض الواقع، معتمدة في ذلك على أن الحرس الثوري يمتلك 700 موقع ميناء ومرسى وجزيرة ونقاط مختلفة، وذلك على طول الضفة الشرقية للخليج العربي، يمكن استخدامها لأغراض عسكرية في اعتراض السفن الحربية والتجارية وناقلات النفط ومنعها من المرور في المضيق، وهو أمر بديهي إذا ما نشبت الحرب وذلك بواسطة ما يملكه من زوارق صواريخ وزوارق انتحارية، أو عبر زرع الألغام البحرية على جنبات المضيق. لذلك سعت طهران إلى تطوير منظومة التسليح لديها، وهو ما تم كشفه خلال المناورات البحرية التي أجرتها قوات الحرس الثوري والبحرية النظامية عن عدة تطويرات أجرتها على أنظمة التسليح البحرية، ترتبط معظمها، بخطط العمليات تجاه مضيق هرمز.

 

المضيق هو المدخل الوحيد لـ 13 مرفأ تجارياً وعسكريا يمرّ من خلالها أكثر من 55% من واردات الخليج التجارية، وإغلاقه أو تحول مياهه إلى (ميدان معركة) ستكون لها عواقب وخيمة على الدولة المنفذة للإغلاق من الناحية الجيوسياسية، ليس فقط باعتباره مخالفة مباشرة للقانون الدولي؛ بل لأن إغلاق المضيق سيعتبر اعتداء على أمن سبع دول في وقت واحد (دول الخليج بالإضافة إلى أميركا)، وقطع الطريق أمام إمدادات حيوية لأكثر من 23 دولة أوروبية وآسيوية – بما في ذلك أكبر أربع دول آسيوية: الصين والهند وباكستان واليابان. بمعنى آخر، أن الدولة التي تقترف مثل هذا العمل ستستعدي ثلاثين دولة بشكل مباشر، وبقية دول العالم بشكل غير مباشر لارتباط الدول المعتدى عليها بأحلاف أمنية كالناتو مثلاً، أو إقليمية كالجامعة العربية، أو تضررها تجارياً بسبب ارتفاع حاد في أسعار الطاقة العالمية. وبالتالي فإنه من الناحية العملية إيران لا تستطيع غلق المضيق، ولكن المناورة والتهديد الأجوف أو اللجوء لسيناريوهات بديلة عن الغلق.

 

 

خيارات إيران الخطيرة:

آثار أي عمل عسكري بين إيران والدول المتضررة من غلق المضيق ستكون لها انعكاسات سلبية على دول المنطقة، وسائر العالم. إيران تعتمد بشكل رئيس على صادراتها النفطية للعيش، وتستورد 40% من وقود السيارات، وفي حال انقطعت تلك الإمدادات عن طهران لأشهر فإن الإيرانيين على موعد مع انهيار كبير للبنية الاقتصادية الداخلية، لاسيما مع العقوبات المحتملة بعد الحرب والتي قد تطال صادرات النفط الخارجية، وليس بوسع أحد التكهن بالسلوك الذي سيتبعه النظام الإيراني، فلقد تعوّد قادة النظام ممارسة السياسة على حافة الهاوية، ولكن في المرات العديدة التي كان استمرار النظام فيها معرضاً للخطر، كان الحرص على بقاء النظام يتغلب على نزعة الانتحار لدى بعض رجاله، ومن أبرز السيناريوهات المحتملة حال التصعيد بخصوص المضيق:

  1-الأكثر احتمالا: حرب الناقلات:

 الاحتمال الأقرب هو أن تقوم إيران باستهداف حاملات النفط وتلغيم مجرى المضيق واستهداف البوارج الأجنبية في الخليج، وذلك عبر ترتيب ثلاث مناطق عمليات تمهد لإغلاق المضيق: الأولى، شرقي بندر عباس حيث العمق البحري قصير. الثانية، إلى مرفأ جسك. والثالثة، إلى مرفأ شاه بحر على المحيط الهندي، ويستوجب ذلك نشر مظلة صواريخ استراتيجية خلف هذه المناطق، مع استخدام قرابة 1000 طراد محملة بصواريخ (ساقر) المضادة للمدرعات. وفي هذا يراهن الإيرانيون بشكل رئيس على ألغام (إي – أم 53) تيتهيرد الأرضية التي حصلوا عليها من الصين أوائل التسعينات، ومع جاهزية صواريخ من طراز شهاب1 و2 و3 وشهاب 4 و5 و6 وسجّيل وفجر الى جانب طائرات كوبرا وشاهد وابابيل وشفق وغيرها من الطائرات الروسية الصنع والزوارق الحربية السريعة، فإن لدى الإيرانيين اعتقادا بأنهم يملكون القدرة على إغلاق المضيق لثلاثة أشهر على أقل تقدير. وفي رأي المراقبين العسكريين فإن امكانية إغلاق مضيق هرمز واردة، خصوصاً أن عرضه يبلغ 60 كلم وينخفض إلى 34 كلم عند أضيق نقطة فيه، فيما يتراوح عرض مجريي الدخول والخروج بين 5 و10 كلم، الأمر الذي يعني أن غرق ناقلتين من القطع المتوسط كفيل بغلق المضيق أمام الملاحة البحرية.

 

2–عمليات إرهابية غير معترف بها من قبل طهران:

الإيرانيون واثقون بقدرتهم على إيجاد آلاف المقاتلين لقيادة طرادات الموت على الطريقة الكاميكازية اليابانية، واستهداف القطع البحرية الأجنبية ومعها بواخر الدول الحليفة، بالإضافة إلى ناقلات النفط والموانئ المطلة على الخليج في شكل تفجيرات وهجمات إرهابية، احتمال وارد قد تقوم به جماعات أو أفراد يعملون لصالح إيران أو متعاطفون معها، وهو ما سترفض إيران الاعتراف به وتحمله إلى جهات إما معادية للولايات المتحدة أو معادية للثورة الإسلامية، تريد توريط إيران.

 

3-الأقل احتمالاً: استهداف القوات الأجنبية بشكل مباشر:

على الرغم من خطورة الترسانة الإيرانية، إلا أنها تفتقر إلى أهم مكون في معارك بحرية كالاستيلاء على مضيق هرمز، وهو العجز الواضح والبين في قدراتها الجوية الدفاعية والهجومية، فعلى الرغم من امتلاك إيران لعدد وافر من الطائرات، إلا أن أغلبها قديمة لا تصلح لمواجهة السلاح الخليجي والأمريكي الحديث.

 

ماذا وراء التهديدات الإيرانية؟

الكثير من التساؤلات فرضت نفسها عقب التصريحات التي أدلى بها حانوتي الجيش الإيراني العميد باقر زادة، بشأن سيطرة بلاده على مضيق هرمز والخليج العربي، تصدرتها احتمالات أن تكون هذه الخطوة -حال صحتها– إرهاصات أولية لنشوب حرب عالمية ثالثة. بعض وسائل الإعلام ربطت بين هذا التحرك وبين تصريحات ترامب الأخيرة بشأن السيطرة على ممرات الملاحة العالمية، وهو ما ينبئ بمواجهات صدامية مرتقبة بين واشنطن والدول الواقعة أو المسيطرة على تلك الممرات، ولكن قراءة الواقع الجيوسياسي يقودنا إلى حقيقة هذه التهديدات الإيرانية.

 

هذه التهديدات الإيرانية لا تعدو كونها مجرد صورة من صور القط حين يحاكي انتفاخاً سورة الأسد!! فقط مجرد استعراض فارغ لإثبات الذات في فترة سياسية وعسكرية معينة، حينما يخلو الخليج العربي والمحيط الهندي من حاملات للطائرات بسبب سياسة التبادل العسكري المتبع في هذه المنطقة الاستراتيجية، وأيضاً انشغال معظم القوى الدولية بالحرب في سوريا والعراق. فالخطوة الإيرانية لا تعدو كونها استعراضاً أمام دول الخليج، ومحاولة لإثبات الحضور العسكري والسياسي في آن واحد، خاصة وأن طهران لا تجرؤ على استفزاز دول العلم قاطبة بهذه التحركات التي قد تقود إلى عقوبات جديدة ضدها.

 

أيضاً المناورة العسكرية البحرية التي قامت بها المملكة العربية السعودية أكتوبر الماضي تحت مسمى (درع الخليج) في مضيق هرمز، خير رد على ترهات إيران وتهديداتها الجوفاء، حيث فندت كذب طهران فيما تدعيه الآن، حيث لم يتم الكشف عن أي حضور إيراني في المضيق طيلة فترة المناورات، ما يجعل الحديث عن سيطرة مفاجئة درباً من الخيال الذي يفتقد للمنطق.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات