من جديد .. الأقصى في خطر

عامر الهوشان

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

وفي العصر الحديث تتجدد الأخطار على هذه المدينة المقدسة وخاصة على المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، فمنذ احتلال اليهود للقدس وعمليات تهويد المدينة وتغيير معالمها الإسلامية تجري على قدم وساق، إضافة للحفريات تحت المسجد الأقصى وحوله التي لم تهدأ ولم تتوقف في ليل أو نهار، في سعي منهم لهدم المسجد وبناء الهيكل المزعوم، والتي كان من آخر آثارها ما أفاد به شهود عيان

 

 

 

 

 

لم تتوقف الأخطار عن مدينة القدس والمسجد الأقصى منذ فجر التاريخ وحتى الآن، ولن تتوقف هذه المخاطر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فسنة الله تعالى في المدافعة بين الحق والباطل باقية إلى قيام الساعة، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا.

 

وإن سنة الله تعالى في نصر أهل الحق على أهل الباطل لا تتحقق إلا إذا هيأ المؤمنون في أنفسهم وجمعهم عوامل النصر التي بينها الإسلام، من صدق الإيمان ونصرة دين الله، وإعداد القوة بالجهاد مع الصبر والمصابرة والمرابطة، إضافة لتجنب عوائق النصر ومسببات الهزيمة، كالتنازع والاختلاف والغرور والرياء وترك الجهاد.

لقد فتح المسلمون الأوائل القدس وحرروا الأقصى من عبث الرومان حين استجمعوا أسباب النصر ومقدماته في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ليعود الصليبيون لاحتلال القدس واستباحة المسجد الأقصى حين فقد المسلمون هذه الأسباب عام 492 هجري 1099م.

 

وما إن استجمع المسلمون أسباب استحقاق نصر الله تعالى وتأييده من جديد في عهد الدولة الزنكية والأيوبية، من خلال التمسك بدين الله ونشر تعاليمه بين الناس، وإعادة الوحدة واجتماع الكلمة وإعداد القوة، حتى جاء نصر الله واستعاد المسلمون المسجد الأقصى بعد معركة حطين التاريخية عام 583 هجري 1187م.

 

وحين تنازع أبناء صلاح الدين وأحفاده فيما بينهم على الملك، واختلفوا فتفرقت كلمتهم وتشرذمت دويلاتهم، سقط المسجد الأقصى مجددا بيد الصليبيين، ولكنه سقط هذه المرة دون قتال، فقد سلمت القدس أكثر من مرة في عهد كل من الكامل بن العادل سلطان مصر في عام 626 هجرية، والصالح إسماعيل حاكم دمشق عام عام 638 هجرية.

 

وفي العصر الحديث تتجدد الأخطار على هذه المدينة المقدسة وخاصة على المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، فمنذ احتلال اليهود للقدس وعمليات تهويد المدينة وتغيير معالمها الإسلامية تجري على قدم وساق، إضافة للحفريات تحت المسجد الأقصى وحوله التي لم تهدأ ولم تتوقف في ليل أو نهار، في سعي منهم لهدم المسجد وبناء الهيكل المزعوم، والتي كان من آخر آثارها ما أفاد به شهود عيان بمنطقة سلوان جنوب المسجد الأقصى، بأن "جدارا استناديا" بالمدينة قد انهار بسبب تلك الحفريات الصهونية.

 

وأمام صمت العالم على هذه الانتهاكات، وانشغال معظم الدول العربية والإسلامية باضطراباته الداخلية، واصل الاحتلال الصهيوني مسيرة بسط سيطرنه على القدس والمسجد الأقصى، من خلال مناقشة الكنيست "الإسرائيلي" في جلسة مطولة له أمس الثلاثاء نزع السيادة الأردنية عن المسجد الأقصى، وتعزير سيطرة الاحتلال عليه، بناء على مقترح تقدم به نائب رئيس الكنيست "موشيه فيجيلن".

 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد ناقشت لجنة الداخلية داخل الكنيست "الإسرائيلي" اليوم الأربعاء استعدادات قوات جيش الاحتلال لتأمين اقتحامات كبيرة للمسجد الأقصى خلال عيد الفصح العبري الذي يحين موعده بعد حوالي شهر ونصف الشهر من الآن.

 

كما طالب عضو الكنيست عن حزب الليكود "ميري ريغيف" بالسماح لليهود بالصلاة في الأقصى، وأن تُقسم الأيام بين اليهود والمسلمين كما في الحرم الإبراهيمي، ناهيك عن مقترحات لترتيب صلوات يهودية في الأقصى وفتح جميع أبواب الأقصى أمامهم.

 

وكعادة ردات الفعل العربية الشكلية والظاهرية غير المجدية أمام هذه الأحداث الخطيرة المتلاحقة على المسجد الأقصى، يعقد مجلس الجامعة العربية اليوم اجتماعا طارئا على مستوى المندوبين الدائمين لـ"بحث التحرك العربي المطلوب في مواجهة الهجمة "الإسرائيلية" الشرسة على المسجد الأقصى والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني"، بحسب تصريحات صحافية أدلى بها الأمين العام المساعد لدى الجامعة العربية لشؤون فلسطين السفير محمد صبيح.

 

وعلى الرغم من قرار مجلس النواب الأردني اليوم طرد السفير "الإسرائيلي" من عمان، واستدعاء السفير الأردني من "تل أبيب"، محذرين الحكومة من تجاهل هذا القرار، إضافة لقيام 47 نائبا بتقديم طلب مساء أمس للحكومة الأردنية بتقديم مشروع قانون جديد لإلغاء معاهدة "وادي عربة" المبرمة بين الأردن و"إسرائيل" عام 1994م، أو على الأقل تجميد العمل بهذه الاتفاقية، إلا أن الواقع لا يشير لإستجابة منتظرة من الحكومة، ليس لكون هذا القرار غير ملزم قانونيا أو دستوريا للحكومة فحسب، بل لأن الوضع الراهن للدول العربية والإسلامية في ظل الانقسام والاضطراب الذي تشهده معظم عواصمها لا يؤهلها لذلك.

 

إن الحقيقة التي لا بد أن يعيها العرب والمسلمون بشكل جيد أن سنن الله وقوانينه لا تحابي ولا تجامل أحدا، وأنه ما لم يفيئوا إلى ربهم ويستمسكوا بدينه، وما لم تجتمع كلمتهم وتتوحد قواهم، وما لم يجعلوا من قضية القدس والأقصى قضية عقدية لا سياسية، وما لم يحققوا في أنفسهم أسباب استعادة القدس والأقصى من يد اليهود الغاصبين، فإن النصرعلى أعدائهم ما يزال بعيد المنال.

 

 

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات