نظرة الإسلام إلى سكان العالم (2 ـ 2)

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

بالجملة فكل حربي دخل الديار الإسلامية من غير نية الإقامة المستمرة فيها يعقد له عقد الأمان المؤقت، وبمجرد منحه الأمان المذكور يسمى مستأمناً أو معاهداً، وإقامته تكون مؤقتة، وقد تجدد وقتاً بعد آخر ولكن لا تكون إقامته دائمة. فإن أصبحت دائمة صار ذمياً من رعايا الدولة الإسلامية..

تكلمنا في الجزء الأول عن أهل الذمة؛ تعريفهم، وشروط العقد معهم، وأصنافهم، وحقوقهم ووجباتهم، وواجب الدعوة الإسلامية بحقهم. ونواصل الحديث في هذا الجزء عن باقي أصناف غير المسلمين من وجهة نظر الإسلام تجاه سكان العالم.

 

ثانياً: المستأمنون:

1– تعريفه:

قال ابن منظور في لسان العرب: "اسْتأْمَنَ إِليه: دخل في أَمانِه، وقد أَمَّنَه وآمَنَه. وقرأَ أَبو جعفر المدنيّ: لستَ مُؤَمَّناً أَي لا نُؤَمِّنك. والمأْمَنُ: موضعُ الأَمْنِ. والأَمِنُ: المستجيرُ ليَأْمَنَ على نفسه". وقال الجوهري في مختار الصحاح: "استأمَنَ إليه دخل في أمانه". وقال في المصباح المنير: "استأمنه طلب منه الأمان واستأمن إليه دخل في أمانه".

 

وفي الاصطلاح يكون عقد الأمان: عقد يفيد ترك القتل والقتال مع الحربي، أو رفع استباحة دماء الحربي ورقه وماله حين قتاله، أو الغرم عليه مع استقراره تحت حكم الإسلام مدة زمنية معينة.

 

2–أقسام عقد الأمان:

نقسم عقد الأمان بين المسلمين وغيرهم لنوعين: مؤبد، ومؤقت.

أما المؤبد: فهو عقد الذمة المعروف بشروطه التي ذكرناها في الجزء الأول.

 

اما المؤقت فنوعان: الاستئمان، والموادعة:

أما الاستئمان: طلب الأمان من العدو الحربي حتى يدخل دار الإسلام بلا خوف على حياته، وذلك لغرض مشروع ثم يرجع إلى بلاده. قال ابن القيم – رحمه الله -: "المستأمن فهو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها، وهؤلاء أربعة أقسام " الرسل، والتجار، والمستجيرون الذين يُعرض عليهم الإسلام والقرآن، فإن شاءوا دخلوا الإسلام، وإن شاءوا رجعوا إلى بلادهم، وطالبوا حاجة من زيارة أهل أو غيرها ".

 

بالجملة فكل حربي دخل الديار الإسلامية من غير نية الإقامة المستمرة فيها يعقد له عقد الأمان المؤقت، وبمجرد منحه الأمان المذكور يسمى مستأمناً أو معاهداً، وإقامته تكون مؤقتة، وقد تجدد وقتاً بعد آخر ولكن لا تكون إقامته دائمة. فإن أصبحت دائمة صار ذمياً من رعايا الدولة الإسلامية.

 

3–مشروعية الاستئمان:

الأصل فيه قوله – تعالى –: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) [التوبة:6]، وقد أجمع أهل العلم على أن الآية محكمة وغير منسوخة، فحكمها باق إلى يوم القيامة. وقوله –صلى الله عليه وسلم -: " ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم " متفق عليه.

 

والأصل في أن الجهة المخولة بمنح عقد الأمان الإمام أو نائبه؛ لأنه ينظر إلى ما فيه مصلحة المسلمين، ويجوز أن يكون المؤمن من أفراد الرعية من المسلمين المكلفين ذكوراً كانوا أو إناثاً، والحر والعبد في ذلك سواء، هذا ما عليه جمهور أهل العلم، وخالف أبو حنيفة – رحمه الله - في أمان العبد، فإنه لا ينعقد عنده إلا أن يكون مأذوناً له في القتال، ولا أمان للمجنون ونحوه. قال -صلى الله عليه وسلم-:"وذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ". قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -: "ذمة المسلمين واحدة: أي أمانهم صحيح، فإذا أمن الكافرَ واحدٌ منهم حرم على غيره التعرض له ". وقال النووي -رحمه الله -: "قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم" المراد بالذمة هنا الأمان. معناه: أن أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا أمّنه به أحد المسلمين حرُم على غيره التعرُّض له ما دام في أمان المسلم، وللأمان شروط معروفة ".

وعن أم هانئ -رضي الله عنها قالت: "ذهبتُ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، قالت: فسلمت عليه، فقال: من هذه؟، فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب فقال: مرحباً بأم هانئ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفاً في ثوب واحد، فلما انصرف قلت يا رسول الله: زعم ابن أمي أنه قاتلٌ رجلاً قد أجرتُه، فلان بن هبيرة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قد أجَرْنا من أجرتِ يا أم هانئ"، قالت أم هانئ وكان ذلك ضحى".

 

وينطبق عقد الأمان في عصرنا الحاضر على:

1-تأشيرة الدخول الممنوحة من الحكومات للوافدين عليها، والزيارة.

2-على دعوات الآحاد من المسلمين التي توجه إلى أناس من المشركين للزيارة ونحوها.

3-عقود العمل أو استقدام الفنيين ونحوهم من قبل شركات يملكها مسلمون وغير ذلك من كل صورة ينطبق عليها التوصيف الشرعي للأمان.

 

ومتى انعقد الأمان صار للحربي المستأمن حصانة من إلحاق الضرر به سواء من المسلم المؤمَّن أو من غيره من المسلمين أو حتى الذميين. قال ابن قدامة – رحمه الله -:"الأمان إذا أعطي أهلَ الحرب حرم قتلهم ومالهم والتعرض لهم ".

 

4–أحكام المستأمنين.

ذكر الفقهاء أحكاماً كثيرة للمستأمنين تتعلق بأنكحتهم ومواريثهم وجناياتهم وأموالهم وأمنهم وغير ذلك. هذه الأحكام في مجملها أن يلتزموا بأحكام الإسلام، وألا يحدثوا فساداً أو خيانة للأمة الإسلامية، ولا يظهروا منكراً أو فجوراً، وألا يظهروا شعائرهم الكفرية أو يستعلنوا بها، وأن يكون عقدهم مؤقتاً، ويجدد حسب الحاجة، وبعض الفقهاء رأي ألا تزيد المدة عن عام وإلا أصبح ذمياً تجري عليه أحكام أهل الذمة، ويضاف إلى تلك الشروط مخالفة المستأمن لأي شرط خاص اشترطه عليه الإمام أو الجهة المانحة لعقد الأمان، مثل أن يشترط عليه أن يحمل سلاحاً أو ينتقل من مكانه لآخر دون إعلام الجهة أو يتوقف عن دفع مال تعهد بدفعه حال أمانه وهكذا.

 

ويعتبر ناقضاً لعقد الأمان كل من أخل بشروط عقده أو تسبب في إحداث ضرر للمسلمين أو انتهك شريعة الإسلام بمحرم – ولو كان هذا المحرم مباح في دينه -، قال ابن القيم معلقاً على حادثة قتل كعب بن الأشرف: " وإنما قتلوه  لأجل هجائه وأذاه لله ورسوله، ومن حل قتله بهذا الوجه لم يعصم دمه بأمان ولا بعهد، كما لو أمّن المسلم من وجب قتله لأجل قطع الطريق ومحاربة الله ورسوله والسعي في الأرض بالفساد الموجب للقتل، أو أمَّن من وجب قتله لأجل زناه، أو أمَّن من وجب قتله لأجل الردة أو لأجل ترك أركان الإسلام ونحو ذلك، ولا يجوز له أن يعقد له عهدا سواءً كان عقد أمان أو عقد هدنة أو عقد ذمة؛ لأن قتله حد من الحدود وليس قتله لمجرد كونه كافراً.  فثبت أن أذى الله ورسوله بالهجاء ونحوه لا يحقن معه الدم بالأمان فلأن لا يحقن معه بالذمة المؤبدة والهدنة المؤقتة بطريق الأولى "، وقال النووي في المجموع:" فصل: الشروط المحظورة في الشرع، والتي لا يجوز للإمام أن يعقد الهدنة عليها.

 

تقدّم: أنه لا يجوز أن يهادنهم على مالٍ يحمله المسلمون إلى المشركين. ومنها: أن يهادنهم على دخول الحرم، أو استيطان الحجاز. ومنها: أن يهادنهم على ردّ ما غنمه المسلمون من سبي ذراريهم. ومنها: مهادنتهم على ترك القتال إلى الأبد، وقد تقدّم لما فيه من تعطيل للجهاد. ومنها: أن يهادنهم إلى أكثر من عشر سنين. ومنها: أن يهادنهم على المجاهرة بشرب الخمور وأكل لحم الخنزير وإظهار شركهم. ومنها: أن يهادنهم على خراج يضربونه على بلاد المسلمين. وهي شروط محظورة منع منها الشرع، فلا يجوز أن تشترط في عقد الهدنة، فإذا شرطت، فقد وجب نقضها " منقول من المجموع بتصرف.

 

ثالثاً: الموادعون:

1– تعريف الموادعة:

الموادعة لغة المصالحة، وتسمى أيضاً المعاهدة والمسالمة والمهادنة. يقال: توادع الفريقان أي تعاهدا على ترك القتال فيما بينهما فترة من الوقت.

 

واصطلاحاً: مصالحة أهل الحرب على ترك القتال مدة معينة بعوض أو غيره، سواءً فيهم من يقر على دينه ومن لم يقر، دون أن يكونوا تحت حكم الإسلام. وهي نوع من الأمان المؤقت. وصيغتها: لفظ الموادعة أو المسالمة أو المصالحة أو المعاهدة أو المهادنة ونحوها، وركنها: الإيجاب والقبول بين الإمام أو نائبه، وحاكم الأعداء.

 

2–الموكل بعقد الموادعة:

الذي يتولى عقد الموادعة هو الإمام أو نائبه باتفاق الفقهاء، فإن عقدها أحد الأفراد؛ عُدَّ ذلك افتئاتًا على الإمام أو نائبه، ولم يصح العقد عند الجمهور، ويصح عند الحنفية إذا تولاه فريق من المسلمين بغير إذن الإمام إذا توافرت المصلحة للمسلمين فيه؛ لأن المعول عليه وجود المصلحة وقد وُجدت، ولأن الموادعة أمان، وأمان الواحد كأمان الجماعة. ولكن الراجح أن الإمام ومن ينوب عنه وحده هو المسئول عن ذلك؛ لأن ذلك من باب السياسة الشرعية العامة المنوطة بالحاكم وحده، وليس لآحاد الرعية.

 

3-مشروعية الموادعة:

أن يكون المسلمون في حال ضعف والكفار أقوياء؛ لأن الموادعة ترك القتال، فلا يجوز إلا في حال ضعف المسلمين، والحقيقة أن هذا الشرط حالة من الحالات التي يطلب فيها باتفاق العلماء وجود المصلحة من عقد الهدنة، والمصلحة كما تتحقق حال ضعفنا، تتحقق بأغراض أخرى كرجاء إسلام الكفار، أو عقد الذمة، أو التعاون معهم لدفع عدوان غيرهم، أو لإقرار السلام وتبادل المنافع الاقتصادية ونحوها.

والأصل فيها: قوله – تعالى –: (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) [محمد: 35]، وقال سبحانه: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) [الأنفال: 61]، وقد وادع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل مكة عام الحديبية على إنهاء الحرب عشر سنين. وإجماع المسلمين على جوازها بشروط معينة.

 

4– شروط الموادعة:

الشرط الأول: الضرورة أو التحقق من وجود مصلحة للمسلمين، فإذا كان بالمسلمين ضعف وبالكافرين قوة وبأس، جاز مهادنتهم استعداداً لمعاودة قتالهم؛ لأن الموادعة ترك القتال المفروض، وهذا هو المعتمد من قول الأحناف، أما المالكية والشافعية والحنابلة فيشترطون تحقق مصلحة للمسلمين من الموادعة.

 

الشرط الثاني: التوقيت، فللابد من تحديد سقف زمني للموادعة، وإلا فالتأبيد يفضي إلى تعطيل الجهاد، وهذا لا يجوز بل يعتبر مجلبة للخزي وتسلط العدو. وقد اختلف العلماء في المدة الزمنية، فذهب الجمهور إلى أن أقصاها عشر سنوات، لفعله -صلى الله عليه وسلم- مع مشركي قريش، في حين ذهب الأحناف لجواز أن تكون المدة أكثر من ذلك، على  ما يراه الإمام من مصلحة.

 

الشرط الثالث: ولا يُقاتل المعاهدون ما لم تظهر منهم بوادر الخيانة، لقوله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) [الأنفال: 58]. ولا بأس بأن يتم الصلح على عوض مالي يدفعه المسلمون إلى الكفار عند الاضطرار من خوف هلاك أو أسر طويل، أو يدفعه الأعداء للمسلمين إذا كان في الدفع مصلحة للمسلمين؛ لأن الله –تعالى- أباح لنا الصلح مطلقًا في قوله: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) [الأنفال:61]، فيجوز ببدل أو بغير بدل، ولأن المقصود من الصلح هو دفع الشر والخطر، فيجوز بأية وسيلة، وهذا باتفاق الفقهاء وقد استدلوا بحادثة عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلث ثمار المدينة على غطفان حتى يفكوا الحصار عن المدينة في عام الأحزاب.

الشرط الرابع: خلو عقد الهدنة من كل شرط فاسد، كأن يشترط الأعداء منع فك أسرانا منهم، أو ترك مالنا الذي استولوا عليه لهم، أو بدفع مال لهم ولم تدع ضرورة إليه، أو التنازل عن بعض واجباتهم نحو المسلمين أو دولتهم أو دينهم، فكل شرط من هذه الشروط يفسد عقد الهدنة ويجعلها لاغية.

 

5–الفرق بين الموادعة والأمان العام:

هناك فرق بين الهدنة والموادعة والأمان العام مع جماعة من الحربيين من نواحٍ أربع:

الأولى: أن الهدنة معاهدة بين دولتين على إنهاء القتال وتوفير السلام في جميع أنحاء الدولة، أما الأمان العام فهو اتفاق الدولة مع جماعة غير محصورة على المسالمة، ومنح الأمان في بلد أو إقليم معين.

الثانية: أن الهدنة طريق لإنهاء الحرب بين المسلمين وغيرهم، وأما الأمان العام فهو لتأمين جماعة ولو في أثناء الحرب.

الثالثة: أن الإجابة لطلب الأمان واجبة، لقوله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ) [التوبة: 6]، أما الإجابة لطلب الهدنة فمباحة جائزة وليست واجبة، بشرط مراعاة مصلحة الدولة الإسلامية.

الرابعة: إذا بطل أمان رجال لم يبطل أمان نسائهم والصبيان، وإذا انتقضت الهدنة انتقض أمان جميع المهادنين.

 

رابعاً: المحايدون:

الحياد في العلاقات الدولية عبارة عن تنظيم العلاقات السلمية بين الجهة المحاربة والجهة التي لا تشترك في الحرب، وساء كان باسم شخص معين، أو باسم مجموعة أو قبيلة معينة، أو دولة معينة، كما يحدث اليوم في العلاقات الدولية.

والمحايدون هم الذين لا ينحازون، أو يرفضون الأخذ بإحدى فكرتين متعارضتين، ولا يؤيدون إحداها على الأخرى، ويحتفظون بعلاقات سلمية مع الطرفين.

الدليل على ذلك قوله - تعالى –: (وَدُّوا  لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا* لَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا)  [النساء:89-90]، وقد نزلت هذه الآيات بعد فتح مكة وبعد أن قطعت الحروب، وهي من الآيات المحكمات التي لا يتطرق إليها النسخ، ومعناها أن الله – تعالى – أوجب  قتل غير المسلمين في الحرب سوى طائفتين:

الأولى: الذين يتصلون بالمعاهدين بأن كانوا حلفاء لمعاهدنا.

 

الثانية: الذين لا يقاتلون المسلمين، وذلك بأن يأتوا مسالمين قائلين: "لا نريد أن نقاتل معكم أو ضدكم". وهؤلاء الذين ضاقت صدورهم عن قتال المسلمين وقتال قومهم، فيعلنون الحياد.

 

هذه الآيات نزلت في قبيلة (بني مدلج) عندما جاءوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  غير مقاتلين، وعاهدوه ألا يعينوا عليه، كما جاء في صلح خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، وعن مجاهد – رحمه الله -: "أنها نزلت في هلال بن عويمر الأسلمي، وكان بينه وبين النبي – عليه الصلاة والسلام – عهد وحلف، وقصده ناس من قومه فكره أن يقاتل المسلمين، كما كره أن يقاتل قومه، فرفع عنه القتل بالآية.

 

أيضا ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد اتفق مع بني ضمرة على أن يكونوا في حالة حياد بينه وبين قريش. وقد استقرت الموادعة على ألا يغزو بني ضمرة ولا يغزونه ولا يكثروا عليه جمعاً، ولا يعينوا عليه عدواً.

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات