سلسلةُ عبادات في النوازل..

عادل بن عبد العزيز المحلاوي

2022-10-10 - 1444/03/14
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

عبادة القيام بين يدي الله، وعبادة الخشوع والتذلل والإفتقار بين يديه، وفيها عبادة تلاوة القرآن، والتسبيح، والدعاء.. فاجتهد في الإكثار منها، فأثرها عظيم على النفس، وفيها دفع كلِّ شرَّ....

1- في النوازل: (يُكثر العبدُ من صلاة النافلة)؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ فزِع إلى الصلاة.

 

والصلاةُ تجمع كثيرا من العبوديات، ففيها:

عبادة القيام بين يدي الله، وعبادة الخشوع والتذلل والإفتقار بين يديه، وفيها عبادة تلاوة القرآن، والتسبيح، والدعاء.. فاجتهد في الإكثار منها، فأثرها عظيم على النفس، وفيها دفع كلِّ شرَّ.

 

2- في النوازل: (نُجددّ التوبة، ونُكثر من الإنابة)

 

فالله يبتلي العبادَ بالمِحن والشدائد رحمة بهم ليُنيبوا، ويعودوا، ويستغفروه.. والتوبة مطلوبة من العبد في كلِّ وقت وآن، وتشتدُّ الحاجة إليه في وقت النوازل، والبعض يظنّ أنّ التوبة للعاصين فقط ومع أنّهم أولى النّاس بها إلا أنّها مطلوبة من الجميع؛ فأعظم العابدين الصادقين محمد صلى الله عليه وسلم "يتوب في اليوم أكثر من سبعين مرة"؛ فكم يحتاج من دونه لها في كلِّ يوم!؟

 

3- في النوازل: (نُكثر من الاستغفار)؛ فالاستغفار به تزول الشرور، وآثار الذنوب.

والعبدُ لا ينفك من الخطيئة، وعلاجها كثرة الاستغفار، وفي الأثر: "يقولُ إبليس: أهلكتُ بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بالاستغفار".

 

وأنفع الاستغفار: ما كان فيه العزيمة على التخلص من الذنب، والندم على كلِّ خطيئة، والعزم على عدم العودة، والإقبال على الطاعات.

 

4- في النوازل: (تزدادُ صلةُ المؤمنِ بكتاب ربه)؛ فالقرآن ملاذ المؤمنين، وملجأ المتقين، به تطمئن القلوبُ، وترتاح النفوس، وهو الشفاء لكل داء، ومنها: داء الخوف والقلق؛ فما نزل بالعبد ضُرّ فعالجه بمثل القرآن.

 

من يقرأُ القرآن سيجد أنّ الله كتب مقادير الخلق فلن يتغيّرُ شيء ممّا قضاه، فيطمئنّ قلبُه، ويؤمنُ أنّ كل قضاء يقضيه اللهُ لعبده فهو خيرٌ له.

 

وأنّ الأمور -في الغالب- ليس كما يظنّ المرء؛ فعسى ما تكرهه النفوس يكونُ فيه الخير الكثير.. بمثل هذه الأصول لتالي القرآن تزولُ المخاوف، وتحلّ الطمأنينة.

 

5- في النوازل: (أكثر من ذكر الله)؛ ففي الذكر نزول السكينة، وغشيان الطمأنينة، وزوال كلِّ مخوِّف.

اجتمع الكفّار على النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، وأرجف المرجفون في المدينة تخويفاً لهم، وقالوا لهم: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ..)[آل عمران:173]، فكان جواب المؤمنين (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).

 

فبذكر الله مع حضور القلب تتنزّل الرحمات، وتنقشع الغموم، وتعظم أجور العاملين.. لنتعوّد على أذكار الصباح والمساء.. لدينا فراغ كبير لنقول "سبحان الله وبحمده" مئة مرة؛ فأين من يقولها كل مساء وصباح؟ نحتاج نستغفر الله كثيراً؛ فما نصيب الاستغفار من دقائق يومك وليلك؟ نستطيع أن نقول "لا حول ولا قوة إلا بالله" مئة مرة؛ فهي كنز من كنوز الجنّة، متى آخر مرة قلتها؟ وقل مثل ذلك في بقية الأذكار؛ فعلينا أن نغيّر من حالنا في هذه العبادة، ولنهتم بها كثيراً. وأحضر قلبك عند الذكر، وانظر بعدها للأثر.

 

6- في النوازل: (يجبُ الصدور عن العلماء)؛ فاللهُ جعل العلماء منارات يُهتدى بهم في الظلمات، وأنوارٌ يُستضاء بهم في الملمات، فحقٌ على الأمّة أن تجعلهم المرجع عند كلِّ حادثة، وتصدر منهم عند كلِّ نازلة.. فالعلماء نظرتهم ليست آنية، بل يقيسون الأمور ويحسبونها ويقدرونها القدر المناسب لها.

 

وقد أنار الله بصائرهم بعلم كتابه وسنّة نبيه عليه الصلاة، وكلما كان صدور العامّة عن آراء العلماء كلما سلموا في الحال والمآل.

 

7- في النوازل: (علّق قلبك في الله)

 

في الغالب القلوب ضعيفة تتعلّق بالماديات والمحسوسات، وتميل إلى الحاضر الموجود من الآدميين ونحوهم، ولكنّ قلب المؤمن قد عرف عظمة ربه، وقدرة مولاه، فعلّق قلبَه به، لِم نلتفت للمخلوقين، ولِم نُنزل حاجتنا بعبد ضعيف مثلنا؛ فيا طالب الفرج علّق قلبك بالقوي المتين، فإنّه على كلِّ شيء قدير.

 

في النوازل تضطرب الأفئدة، وتتزلل القلوب، ولكنّ المؤمن يثبتُ ثبات الجبال الرواسي، فإنّ له في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة؛ ففي أحداث حياته كلها كان قلبُه متعلقاً بالله.

 

وكن على يقين أنّ القلب إذا تعلّق بربه جاءه الفرج، فمن تعلّق بالله فإنّه إنّما يأوي إلى ركن شديد.

 

8- في النوازل: (كن رحيماً بالمستضعفين)؛ فإنّما تُنصر الأمّة بالمستضعفين، فعندهم تتنزّل الرحمات، جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم سبباً للنصر، فقال: "ابغوني في ضعفائكم، فإنما ترزقون -أو تنصرون- بضعفائكم"(رواه أبو داود).

 

فبمثل هؤلاء -الذين ربما لا يُؤبه بهم- يتنزّل الرزق والخير، ويُستدفعُ الشر والمكروه؛ فاحرص على العناية بهم، ورحمتهم وإعانتهم، فالراحمون يرحمهم الرحمن، والجزاء من جنس العمل.

 

9- في النوازل: (أحسن الظنّ بالله)؛ فلن تهلك الأمَّة بجائحة عامة، قضاءٌ قد قضاه اللهُ لهذه الأمّة المرحومة، ورحمةٌ منه عليهم مكتوبة؛ فأحسن الظنّ بالله..

سيزول المكروه.

وتنقشع الغمّة.

وتزول الكربة.

ستعودُ الحياة إلى طبيعتها.

سيجتمع الأهل، وستمتدّ الأفراح، وترتفع الأتراح.

أحسن الظنّ بالله " فالله عند حسن ظنّ عبده به "

فظنّ بربك خيراً، وأمّل معروفه وإحسانه، وثق بفضله ورحمته.

لن تطول أي غمّة، فالله رحمته غلبت غضبه، وعافيته أوسع من عذابه.

 

10- في النوازل: (أكثر من الدعاء)

 

فلا شيء أكرم على الله من الدعاء، ولا أحد أرحم بالخلق من الخالق، ولا يقدر رفع الضرّ إلا هو، ولا يكشف المكروب سواه.

تنزل الكوارث في الأرض ليتيّقظ العباد، وليتنبّه الغافلون، وليقلّ التعلق بالدنيا، وليوقن العباد بحاجتهم لربهم.

فإذا أراد العباد كشف الضُرّ عنهم، وإزالة المكروه، فليكثروا من الدعاء، وليصدقوا فيه، فالله أكرم من أن يرد يدي عبده صفراً إذا رفعها إليه.

ولا يهلكُ على الله إلا هالك.

 

أخيراً: في النوازل: (لا تكن مُرجفاً في مجتمعك)

 

فالشائعات تكثر في النوازل، وتنتشر الأقاويل التي لا خِطام لها ولا سائق، فجديرٌ بالعاقل أن يكون حذراً من نقل كلِّ شائعة، متثبتاً عند كلِّ نقل.

فإذا جاءك خبر فانظر لصحته أولاً، فإذا تبيّن لك صحته، فانظر إلى الجدوى من نقله، ثمّ انظر لمن تنقله.

ويتأكد هذا الأمر مع وسائل التواصل التي تنقل الأخبار، فلا يكاد خبرٌ ينزل إلا وينتشر في الآفاق.

فتبيّن وتثبّت وكن فرداً مطمئناً لمجتمعك لا مرجفاً له.

 

اللهم احفظنا من كلِّ بلاء، وادفع عنّا كلَّ شر.

اللهم أنزلنا بك حوائجنا فاقضها، واستودعناك أنفسنا وأهلينا وبلادنا وولاة أمورنا فاحفظنا جميعاً يا رحمن.

توكلنا عليك فأنت نعم المولى ونعم الوكيل.

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات