هل أهان الإسلام المرأة؟ شبهات وردود (1 - 2)

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

نذكر أعداء الإسلام: أن عدم فهم طبيعة النساء، وكيفية التعامل معهن قد أعطانا هذه الإحصائية المثيرة في معقل الليبرالية الغربية، وفي نفس الوقت رأس الحرب في العدوان على العالم الإسلامي: أمريكا: يغتصب يومياً في أمريكا 1900 فتاة، 20% منهن يغتصبن من قبل آبائهن! يقتل سنويا في أمريكا مليون طفل ما بين إجهاض متعمد أو قتل فور الولادة! بلغت نسبة الطلاق في أمريكا...

في إطار الحرب الضروس التي يشنها الغرب وأعداء الأمة على العالم الإسلامي اتبع الغرب أساليب خطيرة وطرائق فريدة في الطعن في الإسلام وثوابته، ومن أجل ذلك ما ادخر أعداء الأمة جهداً ولا وسعاً في دراسة الأمة الإسلامية دينيا وتراثيا وتاريخيا، وتوسعوا في قراءة النصوص القرآنية والنبوية، من أجل التوصل في النهاية لإحكام الحرب على الإسلام, وذلك لخدمة عدة أهداف منها:

أولاً: تشويه صورة الأمة الإسلامية تشريعيا واجتماعيا وثقافيا، وذلك لصد الناس عن دعوة الحق، والدخول في هذا الدين الحق، وما هم بقادرين ولا ناجحين -إن شاء الله تعالى-.

 

ثانياً: بث الفرقة ونشر الفتنة داخل الصف المسلم نفسه بتشكيك المسلمين في ثوابت دينهم وقداسة شريعتهم، وترويج الأباطيل والأكاذيب عن هذه الشريعة، وبالتالي ينصرف المسلمين عن تنبي هذه الشريعة كمنهج حياة.

 

ثالثاً: تكوين وإنشاء طابور خامس من أبناء المسلمين يتولون حرب الإسلام من الداخل بالوكالة عن الأعداء الذين يحاربون من الخارج، لإحكام الحصار والحرب على المسلمين، وهؤلاء العملاء الخبثاء من أخطر التحديات التي تواجه الأمة المسلمة الآن ، لوصول كثير من هؤلاء العملاء لمناصب حساسة، ذات توجيهي وريادي، مما يسهل عليهم عملية غسل أدمغة الناس، وتوجيههم لخدمة أغراضهم الشريرة.

 

وفي هذه المقالة سوف نعرض لبعض النصوص النبوية والقرآنية، التي قال عنها أعداء الإسلام أنها تظلم المرأة وتقهرها، وتزري بها وتحط من مكانتها وكرامتها، وتحملها ما لا ذنب لها فيه، إلي  آخر هذه الاتهامات الباطلة والمشكلة الحقيقية في الفهم الخاطئ لهذه النصوص عند كثير من المسلمين، مما ينعكس سلبا على العمل والتطبيق، وهذا الفهم والتطبيق الخاطئ عند المسلمين أحسن أعداء استغلاله وروجوا أباطيلهم عن الإسلام مستعينين بالواقع العملي لتعاملات كثير من المسلمين مع المرأة.

 

وقبل أن نعرض لنماذج من هذه النصوص كان لابد من وضع قواعد هامة في فهم هذه القضية تحديدا:

أولاً: أن هذه النصوص النبوية صحيحة، ومنها ما يبلغ حد التواتر، ولم يطعن في صحتها أحد من أهل العلم المعتبرين، وذلك حتى لا يأتي  أحد من المسلمين من يحاول إنكار هذه النصوص، أو ردها أو تكذيبها من باب الدفاع عن الإسلام ورسوله، فذلك عين ما يريده أعداء الإسلام منا، يريدون منا التنكر لسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وتكذيبها وردها، والبراءة من نسبتها للنبي، مما يمهد السبيل للتنازل والتخلي عن السنة النبوية كلها، بإثارة الشبهات  والأباطيل عليها شيئا فشيئا وهكذا..

 

ثانياً: إن هذه النصوص في أحيان كثيرة لا تفهم بفردها إلا إذا جمعت بقية النصوص الواردة في نفس الباب، فإذا أردنا أن نصل للفهم الصحيح للنص فلابد من استيفاء كل النصوص والروايات الواردة في موضوعها، وهذه هي طريقة أهل العلم في التوصل لحكم شرعي في أي مسألة حتى لا نضرب النصوص بعضها ببعض.

 

ثالثاً: أن البعض يحاول تفسير هذه النصوص بطريقة متعسفة، لا يقبلها النص اللغوي أو الشرعي، فيلجئون للتأويل البعيد جدا لدرجة الفساد من أجل تفادي أباطيل وشكوك أعداء النبوة، وهذا أيضا يفتح بابا واسعا لتأويل كل نصوص الشريعة ولي عنقها من أجل خدمة أهداف المبطلين.

 

وهذه نماذج من بعض النصوص الشرعية التي فهمت وطبقت خطئا واستغلها أعداء الإسلام في الطعن فيه.

 

النص الأول: النساء أكثر أهل النار: فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع، ورأبت أكثر أهلها النساء، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن، قيل: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلي إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت : ما رأيت منك خيرا قط" (أخرجه البخاري في صلاة الكسوف).

 

فأعداء الإسلام يقولون: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد ظلم المرأة وقهرها، وحكم عليها بالسجن المؤبد في الدنيا بلزوم بيتها، وحكم عليها المؤبد في الآخرة بدخول النار، وبأعداد كبيرة، حتى صار معظم أهل النار من النساء، وهذه شهادة من النبي بذلك تتفق مع العقائد والتصورات الخاطئة  في الحضارات والأمم السابقة عن كون المرأة سبب الخطيئة، والتي أخرجت آدم -عليه السلام- من الجنة.

 

أما كثير من المسلمين فيفهمون من الحديث الحكم على جنس المرأة بالسوء والشر وكثرة العصيان، التمرد على حق الزوج مما يؤدى إلي دخولها النار، ويرفعون هذا النص في وجه أي امرأة مهما كان حالها كسوط تذكير على النهاية المؤلمة للمرأة.

 

أما التفسير الصحيح لهذا النص النبوي الشريف فيكون من خلال معرفة عدة نقاط:

1- أن النص ليس اتهاما لجنس المرأة ذاته؛ لأنه خبر يقرر صفات أهل النار من النساء، وليس صفات النساء عموما، ذلك  لأنه لو كان كما يفهم البعض أن الشر غالب على فطرة النساء دون الرجال، وفى أصل خلقتهم، لكانت النساء غير مسؤولات عن الزيادة في فعل الشر؛ لأنه مقتضى خلقتها، ولكن الحديث يوضح أنهن مسئولات ويعاقبن بما كسبت أيديهن من كفران العشير، وكفران الإحسان.

 

2- أن الذي رآه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أهل النار وأكثريتهم نساء يشمل كل الأمم السابقة ومعلوم أن امة الإسلام هي أقل الأمم عددا وعمرا، ففي الحديث: "إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالرقمة في ذراع الحمار" (البخاري ومسلم)، فمعظم من رآهم الرسول من نساء الأمم السابقة، لذلك بالغ في نصيحة النساء المسلمات من الصفات المؤدية لدخول النار، من كفران العشير والإحسان.

 

3- أن الروايات الأخرى التي وردت في نفس الباب، توضح معنى المسؤولية والمعاقبة، وأسباب دخول النار، عن أبي سعيد الخدري: "يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار" فقلن: بم يا رسول الله؟ قال: "تكثرن من اللعن، وتكفرن العشير".

 

فإن اللعن من الذنوب المحرمة التي يستوجب صلى الله عليه وسلم التحذير منها؛ لأنها من أسباب دخول النار لعظم هذا الذنب الذي لا يلتفت له كثير من الناس خاصة  النساء؛ فعن أبي زيد ثابت بن الضحاك الأنصاري -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ولعن المؤمن كقتله"، وأما كفران العشير فهو من الأمور المشاهدة عند كل النساء المسلمات وغيرهن، حيث يغلب عليهن الانفعال والتسرع في إصدار الأحكام ونسيان المعروف والإحسان والعشرة الطيبة أمام أول خطأ من جانب الزوج، ولكثرة هذا الأمر وشيوعه بين النساء، وجب التحذير منه، لأنه من لا تدرى المرأة يكون من أسباب دخولها النار، وبالتالي هذا الحديث من أعظم الأحاديث رعاية وعناية من جانب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالنساء، إذا يلفت انتباهها لأمر تفعله كثيرا في الدنيا وهو من أسباب هلاكها، حتى لا تفعله وتجتنبه، وألقى لها في الحديث أيضا طوق النجاة من هذا المصير إذا ما أتت بما نهاها عنه، فدلها على طريق الصدقة والاستغفار: "تصدقن وأكثرن من الاستغفار".

 

وفى رواية أخرجها عن طريق جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- وهى عند مسلم في صحيحه، وذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ولفظها في وصف النساء المستحقات لدخول النار: "وأكثر من رأيت فيها من النساء اللاتي  إن أؤتمن أفشين، وإن سئلن بخلن، وإن سألن ألحفن، وإن أعطين لم يشكرن"، وكلها صفات ذميمة يستحق صاحبها بغض النظر عن جنسه أن يدخل النار.

 

النص الثاني: ناقصات العقل والدين: عن أبي سعيد الخدري قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء، فقال: "يا معشر النساء ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن" قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: "أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك نقصان دينها" (البخاري ومسلم).

 

هذا النص النبوي من أشهر النصوص التي استخدمها أعداء الإسلام في الطعن في شريعة الإسلام والرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأيضا من أشهر الأحاديث التي أساء المسلمون فهمها وتطبيقها.

 

فأعداء الإسلام قالوا: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أهان المرأة إهانة لزمتها طول حياتها، وعلى مر العصور: بأن أعطاها صك عدم الصلاحية لأي شيء، وأعطاها شهادة دائمة بنقص العقل والدين، فالمسلمون ينظرون للمرأة من خلال هذا الصك وهذه الشهادة، فالمرأة عندهم غبية عاصية، فاسدة، مهانة  ذليلة، مقهورة، بحكم الإسلام ورسوله.

 

وأما كثير من المسلمين رغم نطقهم باللغة العربية إلا إن جهلهم بمعانيها قادهم لأن يتهموا المرأة دائما بعدم الصلاحية وعدم الاستقامة، وكلما أخطـأت المرأة ولو خطأ صغير أرجعوا ذلك لنقصان عقلها ودينها، ويفسرون كل مواقف المرأة التي لا توافق مرادهم من منظور نقصان العقل والدين.

 

والتفسير الصحيح لهذا النص يكون بدراسة وتأمل مناسبة الخطاب، ومن يوجه إليه الخطاب، وصياغة أسلوب الخطاب:

1- فمناسبة الخطاب صلاة العيد، وهى مناسبة سعادة وسرور وبهجة كان يأمر فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل المدينة كلهم بالخروج إلى المصلى لصلاة العيد، فهل نتوقع عندها والنساء والمسلمون كلهم سعداء أن يعكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- صفو يومهم بتهمة، وحط كرامة وامتهان لشخصيتهن، كما يقول أعداء النبوة، ويفهم بعض المسلمين.

 

2- أما المخاطب بالحديث فهم نساء الأنصار ومعهن نساء المهاجرين، ومعروف أن نساء الأنصار كن ذوات سطوة وصوله عن رجالهن، وتعلمت نساء المهاجرين منهن هذا الأمر كما يقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار".

 

3- أما الصياغة لشكل الخطاب ففيها مدح النساء -غير ما يظن أعداء الأمة ومعهم قطاع كبير من أبنائها-  فعندما يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهذه صياغة تقريرية تعبر عن تعجب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من التناقض القائم في ظاهرة تغلب النساء على ما فيهن من ضعف على الرجال على ما فيهم من قوة بدنية وحزم وشدة، فهذا تعجب من حكمة الله وقدرته على ذلك بأن وضع القوة مظنة الضعف، وأخرج الضعف مظنة القوة، فالصياغة تدل على التعجب والمدح لهذه القوة والسلطة الخفية للمرأة على الرجل، وتشير من طرف خفي إلى معشر النساء بأن يتيقن الله -عز وجل- في هذه القوة والسلطة السالبة لسلب الرجل الحازم، ولا يستعملنها إلا في الطاعة والرشاد, لذلك كانت مناسبة العظة يوم عيد لتكون الصدور مسرورة، وأكثر انشراحا لقبول العظة والوصية.

 

أما تفسير: "نقصان العقل والدين" فلم يدع لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- المجال للتأويل واعتساف النص كل حسب هواه، وحسب ما يتأثر ويؤثر فيه، فأخبرنا عن السبب في هذا النقصان في العقل والدين، وأعداء النبوة أدخلوا لعقول كثير من المسلمين عكس الحديث فأفهموهم أن شهادة المرأة نصف شهادة المرأة هو بسبب ضعف عقلها، وليس العكس فنصف الشهادة هو تفسير نقص العقل، وليس نقص العقل هو سبب نصف الشهادة.

 

وتعليل حكمة نقصان الدين ذكرها أيضا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفسره، بترك الصلاة والصيام أيام الحيض والنفاس، وهو نقص جزئي ليس للمرأة فيه دخل فهو راجع لأصل فطرتها وخلقتها، وفي بعض الشعائر وليس في كل الشعائر، وهي تثاب في تلك الفترة لامتثالها لأوامر ربها ورسولها، ولها مندوحة في أداء شعائر أخري كثيرة أثناء توقف الصلاة والصيام، ومعاذ الله -عز وجل- أن يأمرها بترك الصلاة والصيام أثناء الحيض والنفاس، ويعاقبها علي ذلك، وهو الذي قد يأمرها بالترك، وهل يأمرها الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، بالترك ثم نقول نحن لها اتكاء على كلمة: "نقصان الدين" بأنها في الأصل عاصية وغير طائعة أو أن لغيرها عليها فضل، أو ترجع كل تصرفاتها لنقصان العقل والدين، هل يعقل ذلك؟!

 

النص الثالث: الضلع الأعوج: فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء" (أخرجه البخاري).

 

لا أدري حقيقة كيف وصلت البجاحة بأعداء النبوة الدرجة أن يحتجوا بالحسن على القبح، والتكريم على الإهانة، والرعاية والعناية على الغض والإهمال، ولكنها صفقة قد اعتدناها من أعداء النبوة ونعالهم من بني قومنا من بلادنا.

 

فالحديث من أعظم أسباب العناية والرعاية النبوية للمرأة، بل هو دستور الحياة السعيدة ودستور ومنهج التعامل مع المرأة، إذ يحدد فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، طبيعة وفطرة المرأة، ومواطن ضعفها وسبب تصرفها، ثم يرشد الرجال على كيفية التعامل مع هذه الطبيعة، وذلك في كلمات وجيزة بين وصيتين مؤكدتين بالنساء للرجال، فأية عظمة هذه، وأية مكانة تلك التي حصلت عليها المرأة المسلمة رغم أنوف الحاقدين.

 

فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يبدأ حديثه بالوصية بالنساء يلفت الانتباه ويذكر السامع بأهمية ما سيقول، ثم يوضح أصل خلقة المرأة, ويفسر قوله عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) [النساء: 1]، ثم يوضح خصوصية خلق المرأة، ويقيم تناظر بين شكل الضلع الذي خلقت منه المرأة وطبيعتها وسلوكيها وفطرتها ليكون الرجال على بينة من هذا الأمر جيدا عند التعامل مع المرأة فلا يتعاملون معها على أنها مثلهم رجل، ويجبرونها على ذلك لأن ذلك تقيما سيؤدي إلى الكسر، ومعناه كما فسره الرسول -صلى الله عليه وسلم- الطلاق وقطع الرابطة الزوجية، فالمرأة غير الرجل جسديا ونفسيا، ومن الظلم البين التعامل مع المرأة علي أنها مثل الرجل تماما، لذلك كانت الوصية النبوية العظيمة.

 

وبعد أن شرح النبي -صلى الله عليه وسلم- طبيعة المرآة وفطرتها أرشد إلى طبيعة أشد خصوصية، وهي طبيعة اللسان وإن اعوج شيء في الضلع أعلاه فلسان المرأة يتحرك تبعا لطبيعتها العاطفية الانفعالية، نتيجة ما تمر به من فترات حيض وحمل وولادة، ونفاس ورضاع وسن يأس, وكلها تغيرات هرمونية تأثر علي الحالة المزاجية للمرأة، تجعلها سريعة الانفعال والغضب, فحث النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجال الصبر على هذه الطبيعة؛ لأن المرأة لا تتعمد ذلك ولا تقصده، وهذا يتضح من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الآخر: "لا يفرك مؤمن مؤمنة أن كره منها خلقا رضي منها أخر" (أخرجه مسلم).

 

ولتأكيد هذا المعنى الذي يقصده الرسول -صلى الله عليه وسلم- ختم كلامه بالوصية مرة أخرى، حتى لا ينسى الرجال هذه الطبيعة، وطريقة التعامل فيحسنوا معاشرة النساء، ويرفقوا بهن، وبالتالي تحفظ الأسرة المسلمة من الإنهدام والتشتت.

 

ثم نقول لعل هذه الوصية العظيمة قد حفظت للمرأة المسلمة كرامتها، ورفعت من قدرها، وحافظت على قوة الأسرة المسلمة، وبالتالي المجتمع المسلم لعهود طويلة كان يستمسك الناس فيها بوصايا الرسول.

 

ثم نذكر أعداء الإسلام أن عدم فهم طبيعة النساء وكيفية التعامل معهن قد أعطانا هذه الإحصائية المثيرة في معقل الليبرالية الغربية، وفي نفس الوقت رأس الحرب في العدوان على العالم الإسلامي: أمريكا:

يغتصب يومياً في أمريكا 1900 فتاة، 20% منهن يغتصبن من قبل آبائهن!

يقتل سنويا في أمريكا مليون طفل ما بين إجهاض متعمد أو قتل فور الولادة!

بلغت نسبة الطلاق في أمريكا 60% من عدد الزيجات.

رصدت إحصائيات عام 1997م اغتصاب امرأة كل 3 ثوان بأمريكا والضرب المبرح لـ6 ملايين امرأة ومقتل 4 آلاف امرأة في ذات السنة،80%  من المتزوجات منذ 15 عشرة سنة أصبحن مطلقات في سنة 1982م.

تم اغتصاب امرأة واحد كل 3 ثوان سنة 1997م.

كما عانت 6 ملايين امرأة أمريكية من سوء المعاملة الجسدية والنفسية من قبل الرجال. 70% من الزوجات يعانين الضرب المبرح.

4 آلاف امرأة يقتلن في كل سنة على أيدي أزواجهن أو من يعيشون معهن.

فبأبي أنت وأمي يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا من علمت العالم بأسره, وأعطيتنا مفاتيح للتعامل مع كل البشر.

النص الرابع: صواحب يوسف: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لما مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة فأذن فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف -حزين خافت الصوت- إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس وأعاد قوله فأعادوا له، فأعاد الثالثة قال: "إنكن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصلي بالناس" (أخرجه البخاري).

 

هذا الحديث كسابقيه استغله الطاعنون في الإسلام وفى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقالوا لقد تكرر منه في أحاديث كثيرة ذم المرأة وظلمها، ووصفها بأبشع الصفات، والشهادة عليها بسكنى النار، إلى آخر هذا الكلام الباطل.

 

كما أستغله أيضا الشيعة الرافضة فاسدي  العقيدة للطعن في زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفهمه كثير من المسلمين على أنه تقليل من حال المرأة وتلونها ومكرها.

 

ولكي نفهم المعنى الصحيح كان لابد من معرفة من هن صواحب يوسف؟ صواحب يوسف هن المذكورات في سورة يوسف في  قوله عز وجل: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) [يوسف: 30]، وعلى ما قاله المفسرون: إنهم قد أفشين في المدينة قصة حب امرأة العزيز لفتاها يوسف -عليه السلام-، وهن قد فعلن ذلك للتوصل للرؤية يوسف، هذا الذي فتن امرأة العزيز بجماله فهن قد أظهرن شيئا وأبطلن شيئا آخر.

 

ووجه التشبيه النبوي لأمهات المؤمنين بصواحب يوسف أن عائشة -رضي الله عنها- قد قالت مقالتها وهي تخشى في باطنها أن يتشاءم الناس من أبي بكر إن قام مقام النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة، فأظهرت ضعف أبي بكر ورقته وسرعة بكاؤه إن صلى بالناس مكان النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما عاد عليهن الأمر مرة أخرى فأعدن له نفس الرد، ولكن على لسان حفصة هذه المرة الثانية، غضب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأصر على أبي بكر وقال لهن مقالته: "إنكن صواحب يوسف".

 

فالتشبيه بين الموقفين من باب أن المرأة أحيانا -وبدافع المصلحة أو الحياء أو الخوف، وهي أمور معتبرة ومقبولة- تظهر غير ما تبطن، وليس تظهر عكس ما تبطن حتى لا يفهم الناس من الكلام أننا نؤيد نفاق المرأة، فإظهار شيء وإبطان شيء آخر لا يخالفه ولا يعتبر نفاقا ولا من باب ذي الوجهين، أما إظهار شيء وإبطان عكسه، فهذا هو المذموم فإظهار المحبة وإبطان البغض نوع من النفاق وهكذا..

 

فالمرأة قد تظهر غير ما تبطن لمصلحة تراها كما فعلت عائشة حتى لا يتشاءم الناس من أبي بكر، هذا غير أن هذه الصفة يشترك فيها الرجال والنساء، وإن كانت في النساء أكثر لغلبة الحياء عليهن في أحيان كثيرة.

 

وللحديث بقية...

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات