من الذي أطلق الصاروخ على مكة؟!

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2022-10-08 - 1444/03/12
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

ومع مجيء الخميني وثورته الطائفية الرافضية عادت مرة أخرى المؤامرات ضد بيت الله الحرام، وقد ابتدع الخميني لشيعته ما يسمى بمظاهرة البراءة، حيث يقوم الحجاج الشيعة الروافض بالتظاهر أثناء موسم الحج ضد أمريكا وإسرائيل كنوع من أنواع الدعاية الكاذبة لاستقطاب عامة المسلمين لمذهبهم وعقيدتهم، وكانت السعودية بادئ الأمر تتغاضى عن مثل هذه المظاهرات من باب..

 

 

 

 

أعلن التحالف العربي في اليمن، الذي تقوده السعودية، يوم أمس الخميس، اعتراض وتدمير صاروخ باليستي من طراز سكود على بعد 65 كم من مكة المكرمة. السعودية تقول أن الصاروخ أطلقته الميلشيات الحوثية التي قادت انقلاب منذ قرابة العامين في اليمن، والصاروخ أتى من محافظة صعدة، شمالي اليمن، ويعد هذا ثاني صاروخ يطلقه الحوثيون ويستهدف منطقة مكة المكرمة خلال الشهر الجاري، وذلك بعدما سبق أن اعترضت قوات التحالف العربي صاروخًا تم إطلاقه باتجاه الطائف - مكة يوم 9 أكتوبر الجاري. وتتعرض الأراضي السعودية خاصة الحدودية منها مع اليمن للقصف الحوثي اليومي ردًا على قيادة المملكة للتحالف العربي في اليمن. ومن جانب الحوثيين لم يأت تصريح رسمي بشأن الواقعة لكن وسائل إعلام موالية للحوثيين تقول إن الصاروخ المتوجه إلى مكة، كان المقصود به مطار جدة؛ لتعطيل حركة الملاحة فيه، كرد على لما يقوم به التحالف العربي بقيادة السعودية في مطار صنعاء.

 

استهداف مكة إرث شيعي قديم:

طالما كانت تخريب مكة وتدمير بيت الله الحرام هدفاً يحلم به أعداء الملة المحمدية على اختلاف راياتهم، فمنذ أيام أبرهة الأشرم سنة 571م وحتى اليوم لم تنقطع هذه المحاولات الخبيثة، غير أن أكثر أعداء الأمة محاولة للنيل من الكعبة والحرم؛ الشيعة باختلاف مللهم وفرقهم من رافضة وباطنية، فلقد تشعبت فرق الشيعة الرافضية إلى ثلاث شعب وفق مخطط مدروس وذلك لإحداث فوضى اجتماعية وأخلاقية ودينية، في الأمة الإسلامية ككل. والقرامطة هي فرقة باطنية مرتدة عن الإسلام خرجت من عباءة التشيع والرفض، وتنسب لحمدان قرمط وهو من أهل الكوفة، وكان قرامطة البحرين بزعامة أبي طاهر الجنابي من أشد فرق الشيعة الباطنية على الإسلام والمسلمين، وكانوا بمثابة الجناح العسكري للشيعة، وقد أسسوا قاعدة حربية في "هجر" و"الإحساء" هددت الخلافة العباسية في جنوب العراق، وقد قاموا بأبشع مجزرة عرفها الحرم المقدس سنة 317هـ، فقتلوا آلاف الحجيج، وخربوا الكعبة، وسرقوا كنزها، وخلعوا الحجر الأسود من مكانه، وردموا بئر زمزم بجثث الحجيج، في الواقعة المشهورة تاريخياً. وقد كشفت هذه المجزرة المروعة التي قام بها القرامطة عن مستور عقائدهم وأهدافهم ولقد أرسل أول خلفاء الفاطميين عبيد الله المهدي برسالة توبيخ وتسفيه وسب لأبي طاهر يلومه فيها على هذه الجريمة؛ لأنها كشفت أسرارهم الباطنية، مما يدل على العلاقة الوثيقة التي تجمع كل هؤلاء الملاحدة، وهي علاقة التشيع والرفض. وفي سنة 414 هجرية قام رجل مصري شيعي بضرب الحجر الأسود بسيف في يده محاولاً تكسيره وأخذ بالتهديد بأنه سيهدم الكعبة، فأخذه الناس وقتلوه وأحرقوه، ثم اتضح بعد ذلك أنه كان ضمن مجموعة مكونة من مائة رجل جاءت بهدف إحداث فتنة داخل مكة.

 

وصل ذروة التآمر الشيعي الرافضي على بلاد الحرمين حيث أغلى مقدسات الأمة المسلمة في أوائل القرن العاشر الهجري، وذلك عندما تعاون الصفويون الروافض حكام إيران مع البرتغاليين الصليبيين ضد الدولة العثمانية في جنوب الجزيرة العربية وتحديدًا في بلاد اليمن وعمان، والروافض يعلمون علم اليقين ما كان يخطط له البرتغاليون من احتلال مكة والمدينة ونبش قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسرقة جثمانه الشريف ومساومة المسلمين به على بين المقدس. ولقد فشل هذا المخطط بهلاك طاغية البرتغال البوكيرك وهزيمة الشاه إسماعيل الصفوي أمام سليم الأول العثماني في معركة جالديران سنة 920 هجرية. بعد ذلك اهتم العثمانيون بالحرمين وشددوا الحراسة عليها ووضعت الحاميات القوية برًا وبحرًا في جدة والشام والعراق واليمن لغلق كل المسالك لبلد الله الحرام أمام كيد الأعداء من الصليبيين والرافضة.

 

ومع مجيء الخميني وثورته الطائفية الرافضية عادت مرة أخرى المؤامرات ضد بيت الله الحرام، وقد ابتدع الخميني لشيعته ما يسمى بمظاهرة البراءة، حيث يقوم الحجاج الشيعة الروافض بالتظاهر أثناء موسم الحج ضد أمريكا وإسرائيل كنوع من أنواع الدعاية الكاذبة؛ لاستقطاب عامة المسلمين لمذهبهم وعقيدتهم، وكانت السعودية بادئ الأمر تتغاضى عن مثل هذه المظاهرات من باب تأليف النفوس وتحسين العلاقات أملاً في كف الخميني عن غلوه وطموحاته، ولكن الطموحات الخمينية بلغت به لئن يستدعي ثوب أبي طاهر القرمطي من ذاكرة التاريخ، وفي موسم الحج سنة 1407 هجرية ـ 1987 ميلادية وفي مظاهرة البراءة المعهودة، حمل الروافض صور الطاغية الخميني ومجسمًا كبيرًا للمسجد الأقصى كنوع من الخداع للتعمية على الهدف الأصلي، وبدلاً من أن يهتفوا ضد أمريكا وإسرائيل، هتفوا باسم الخميني ونادوا به زعيمًا للعالم الإسلامي، وكان الروافض قد أخفوا تحت ملابس الإحرام سكاكين وخناجر استعدادًا لاقتحام الحرم، ومبايعة الخميني في قلب الكعبة زعيمًا لعموم المسلمين، وحدث ما كان يخشى عقباه، ووقع الصدام بين قوات الأمن التي أدركت المخطط وبين الروافض وسالت الدماء مرة أخرى بأرض الله الحرام، وقتل في هذا الصدام المروع 402 حاج، بينهم 275 إيرانيًا و42 غير إيراني و85 سعوديًا، وقد أعلنت إيران على لسان هاشمي رفسنجاني أنها ستحرر الأماكن المقدسة من الوهابيين (وهي التسمية التي يطلقها الروافض على أهل السنة والجماعة والسلف الصالح) الأشرار مما يوضح طبيعة العداوة والبغضاء والكراهية الرافضية. ولم تتوقف المؤامرات الشيعية عند هذه الكارثة، إذ أصر الخميني على أن يثأر لنفسه، فقامت مجموعة شيعية جعفرية تنتمي لمنظمة الدعوة الكويتية بتفجير عبوات ناسفة بمكة سنة 1409 هجرية ـ 1989 ميلادية أدت لمقتل بعض الحجاج الباكستانيين، وقد تم القبض على هذه المجموعة وتنفيذ شرع الله -عز وجل- فيهم.

 

من أين أتت صواريخ الحوثيين؟

الحرب الدائرة في اليمن منذ الانقلاب الحوثي أوائل 2015م وحتى اليوم كشفت عن الكثير من الأمور الجارية في الخفاء وتحت جنح الظلام، كشفت عن الكثير من العلاقات الخفية، والصفقات القذرة التي كانت تعقد بليل، تتبدل فيها الولاءات والتحالفات، ويختلف فيها الباطن عن الظاهر، ويتلقى فيها الصديق الطعنات الغادرة ممن كان يحسبه أقرب الناس إليه، وممن أحسن إليه كثيراً.

 

فمن المعروف أن الحوثيين قد حظوا بعدد ضخم من الأسلحة عندما انضمت لهم كتائب الجيش اليمني، كانت مناصرة للرئيس السابق علي عبد الله صالح، في بداية الحرب. غير أن نوعية السلاح الذي بيد الحوثيين وخاصة الصواريخ البالستية قد طرأ عليه تطور كبير، فلم يعد سلاحاً روسياً قديماً منذ الثمانينيات، حيث تؤكد التقارير الاستخباراتية عن وجود عمليات تهريب سلاح من الطراز الحديث على نطاق واسع، قادماً من إيران، إلى يد الحوثيين عبر وسطاء وأطراف يعتبروا حلفاء تقليديين للسعودية، بل وربما شركاء في التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

فالقصف الحوثي منذ بداية الشهر الجاري بدأ يطال مناطق في شمال المملكة وليس جنوبها، فقطـ، وبعد معاينة أجزاء الصواريخ المنفجرة تبين أنها صينية الصنع وحديثة، وليست من صنع روسي قديم الطراز، ويتجاوز مداها الإلف كيلومتر، وهي أصابت مدينة الطائف! وبعد تتبع عملية تسريب الصواريخ إلى الحوثيين أفضت إلى أن الصين باعت الصواريخ لإيران، وهذه الأخيرة أرسلتها إلى الحوثيين عبر طريقين لا ثالث لهما:

الأول: الطريق البحري، عبر مضيق "باب المندب"، وهذا معناه أن الصواريخ قد مرت عبر القواعد التي يسيطر عليها الجيش المصري الذي يتولى مراقبة هذا الجزء من المضيق، لو ثبتت هذه الفرضية تكون مصر متواطأة مع الحوثيين وإيران في الحرب الدائرة باليمن، كما أنها تكون شريكة في هذه الجريمة الشنعاء، مما يمثل طعنة غادرة من الجانب المصري الذي اعتمد طيلة السنوات الماضية على الدعم السعودي الهائل وقت الأزمات. وبعض المراقبين يرجع السبب الحقيقي لتوتر العلاقات بين البلدين في الأسابيع الأخيرة؛ لثبوت هذه الحادثة عند السلطات السعودية، لا لموقف مصر في الأمم المتحدة من الأزمة السورية.

 

الثاني: الطريق البري، عبر الحدود المشتركة مع سلطنة عمان، صاحبة الرصيد الكبير من المواقف الرمادية، وأيضاً صاحبة العلاقات الوثيقة مع أمريكا وإيران في آن واحد، والراعي الخفي لمفاوضات الاتفاق النووي بين الغرب وإيران. وهذا هو التحليل الأقرب للصحة، فقد قال مسؤولون غربيون وأميركيون لرويترز إن المعلومات المتاحة حول تزايد وتيرة نقل الأسلحة مبنية على جهود استخباراتية وإنه رصد زيادة وتيرة التهريب عبر طرق برية معروفة على الحدود المشتركة مع سلطنة عمان، لكن لم يتضح بعد حجم هذه الشحنات، ومدى علم السلطات العمانية بها، أم أنها تعلم وتغض الطرف عنها.

 

وقال مسؤول عسكري يمني لرويترز: "إن إحدى طرق التهريب تتم عبر شيحان، وهي منطقة مهجورة ومدخل لإقليم مهرة الممتد لمسافة 288 كيلومتراً على الحدود اليمنية العمانية. ورغم أن هذه المنطقة كانت تخضع لسيطرة الحكومة، فقد باتت ملاذاً آمناً للتهريب بسبب ضعف السلطة المركزية بها. وبالإضافة إلى عمليات التهريب التي تتم عبر موانئ ثانوية على الساحل اليمني، قال المصدر العسكري إن وتيرة التهريب زادت بعدما شعرت إيران بأن الحوثيين في موقف صعب، وبعدما أرادت بعث رسالة لهم مفادها أنها مستمرة في دعمهم حتى نهاية الصراع.

 

مآلات ضرب مكة بالصواريخ:

بعيداً عن التصريحات التي أطلقها الحوثيون عن عدم تعمدهم توجيه الصواريخ ناحية مكة، وأن مطار جدة هو المقصود. وحتى مع تبني وجهة النظر السعودية عن الحدث، فإنه في كلا الحالات تخيل سيناريو سقوط الصاروخ على تلك المدينة المقدسة لدى كافة المسلمين أمرًا غير هين، وسيكون له أثره في الصراع الإقليمي والدولي فوق ما يتخيل أشد الناس تشاؤماً.

 

فليس الأمر مثل المحاولات السابقة؛ لاستهداف الكعبة ومكة، فآخر المحاولات كانت منذ قرابة الثلاثين عاماً، ووسائل الاتصال والتواصل وقتها لا تقارن بما عليه الآن من تقدم وسرعة ودقة، ولا أكون مبالغاً إذا قلت: إن مثل هذا الجريمة الشنعاء ، ستكون سبباً لاشتعال حرب عالمية بنكهة طائفية، وستتحول المنطقة من الخليج إلى المحيط إلى بحر من نار تأكل الأخضر واليابس، وسيتحول كل شيعي، وهم أقلية محدودة في المنطقة – أقل من 10% - إلى أهداف مشروعة للثأر والانتقام، بغض النظر عن مدى تورطها في الجريمة، أو مدى موافقتها أو رفضها له، وهو عين ما يقصده الحوثيون أو القرامطة الجدد الذي يريدون بتحريض مباشر من إيران أن يشعلوا حرباً طائفية في المنطقة العربية بأسرها، يسهل معها لإيران إلى تحقيق أسمى غاياتها وأهم أهدافها؛ احتلال الحرمين الشريفين، ولعل تصاعد الحرب الكلامية والدعائية الإيرانية ضد السعودية في موسم الحج الماضي كان تمهيداً وتوطئة لمثل النوع من الخطط والمؤامرات.

 

الحوثيون بنادق مستأجرة تستخدمهم إيران للضغط على السعودية ومحاربة أهل السنة، واستكمال مؤامرة تطويق العالم الإسلامي، وأن الذي أطلق الصواريخ على مكة ليس من ضغط على الزر وحده، ولكن الذي أمدهم بالسلاح، والذي سهّل مروره وتهريبه إليهم، والذي أمدهم بالمعلومات الاستخباراتية اللازمة لقصف هذه البقعة المقدسة، والذي ساعدهم بالأقمار الصناعية لتحديد الهدف، والذي غض الطرف عن مؤامرتهم وهم يعلم بها قبل وقوعها. كل هؤلاء شركاء الجريمة، وكل هؤلاء هم الذين أطلقوا الصاروخ على بلد الله الحرام، وحسابهم على الله -عز وجل.

 

ولكن الذي يجهله المتآمرون أعداء الأمة والملة والمقدسات، أن الذي يحمى البيت والحرم هو الله -عز وجل-، وأنه -سبحانه وتعالى- سمى بلده الحرام "بكة" في محكم التنزيل؛ لأنها تبك أعناق الجبابرة وكل من تسول له نفسه المساس بأقدس بقاع الأرض، واسألوا أبرهة الحبشي، وأبا طاهر الجنابي، وخرابنده التتاري، وأرناط الصليبي، وإسماعيل الصفوي، وألبوكيرك البرتغالي، ماذا جرى لهم عندما تعرضوا لحرم الله؟! والذي يجهله القرامطة الجدد أنهم بهذه الجريمة الشنعاء، إنما يحاربون الله -عز وجل- نفسه، فمن يقوى على محاربة جبار السموات والأرض، لذلك فليستبشر الناس ولا يجزعون لمثل هذه الأعمال الخبيثة؛ لأنها مقدمة النصر، وبشرى بزوال الطواغيت المتربصين ببيت الله الحرام وبلده المقدس.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات