من حجة الوداع معالم وأحداث

عمار منلا

2022-10-06 - 1444/03/10
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

أن دين الأمة من لدن آدم إلى قيام الساعة هو الإسلام، وأن كل الأنبياء قد سلك طريق الحج، ولذا يدلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سنلاحظ في مراحل الطريق إلى حج الأنبياء وأسمائهم والإشارة الواضحة إلى الأماكن التي مروا بها..

 

 

 

 

عند دراسة السيرة يتبين للباحث أن المولى -سبحانه وتعالى- يهيئ لسيدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كل أمر ما يتحقق به قول المولى -سبحانه وتعالى-: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ).

 

ومثال ذلك: طريق حجة الوداع ففيه يجد الباحث:

أ- كثرة الأحكام الفقهية التي حصلت في الطريق وتوضح أمور الحج والإحرام.

 

ب- أن دين الأمة من لدن آدم إلى قيام الساعة هو الإسلام، وأن كل الأنبياء قد سلك طريق الحج، ولذا يدلنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما سنلاحظ في مراحل الطريق إلى حج الأنبياء وأسمائهم والإشارة الواضحة إلى الأماكن التي مروا بها.

 

خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة يوم السبت نَهَارًا بَعْدَ الظّهْرِ لِسِتّ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ (وقيل لخمس بقين من ذي القعدة).

 

1- ذي الحليفة:

نزل بذي الحليفة فأقام بها يومه ذلك وبات ليلته تلك؛ حتى يتتابع إليه الناس ويدركه من بعد عنه.

وفي ذي الحليفة وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ زَوْجَةُ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا- بِذِي الْحُلَيْفَةِ مُحَمّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- أَنْ تَغْتَسِلَ وَتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبٍ وَتُحْرِمَ وَتُهِلّ.

وَكَانَ فِي قِصّتِهَا ثَلَاثُ سُنَنٍ إحْدَاهَا: غُسْلُ الْمُحْرِمِ، وَالثّانِيَةُ: أَنّ الْحَائِضَ تَغْتَسِلُ لِإِحْرَامِهَا، وَالثّالِثَةُ: أَنّ الْإِحْرَامَ يَصِحّ مِنْ الْحَائِضِ.

 

 وسار - صلى الله عليه وسلم حتى بلغ الروحاء.

2- الروحاء (موضع قربَ المدينة، من أعمال الفُرع، على نحو من أربعين ميلاً من المدينة).

روى التِّرْمِذِيَّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرو بْن عَوْف أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مر فِي وَادِي الرَّوْحَاء وَقَالَ: " لَقَدْ صَلَّى فِي هَذَا الْمَسْجِدِ سَبْعُونَ نَبِيًّا " وفي أثر: "لقد مر بالروحاء سبعون نبياً، فيهم نبي الله موسى حفاة عليهم العباء، يؤمون بيت الله العتيق".

 

وفي الروحاء رَأَى حِمَارَ وَحْشٍ عَقِيرًا، فَقَالَ دَعُوهُ فَإِنّهُ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبُهُ " فَجَاءَ صَاحِبُهُ إلَى رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ شَأْنُكُمْ بِهَذَا الْحِمَارِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- أَبَا بَكْرٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الرّفَاقِ.(النسائي).

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الْمُحْرِمِ مِنْ صَيْدِ الْحَلَالِ إذَا لَمْ يَصِدْهُ لِأَجْلِهِ وَأَمّا كَوْنُ صَاحِبِهِ لَمْ يُحْرِمْ فَلَعَلّهُ لَمْ يَمُرّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ.

 

وفي الروحاء تتابعت الوفود، روى مسلم: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- لَقِىَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ «مَنِ الْقَوْمُ». قَالُوا الْمُسْلِمُونَ. فَقَالُوا مَنْ أَنْتَ قَالَ « رَسُولُ اللَّهِ ». فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ « نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ ».

 

ومن اللطائف أن مما يدل على أهمية التوثيق المكاني ما تقدم، وهذا الحديث الذي رواه أحمد: عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: « إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ هَرَبَ الشَّيْطَانُ حَتَّى يَكُونَ بِالرَّوْحَاءِ ». وَهِىَ مِنَ الْمَدِينَةِ ثَلاَثُونَ مِيلاً.

 

3- الأثاية وهي بين الرويثة والعرج:

وفي الْأُثَايَةِ بَيْنَ الرّوَيْثَةِ وَالْعَرْجِ، إذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلّ فِيهِ سَهْمٌ فَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ لَا يَرِيبُهُ أَحَدٌ مِنْ النّاسِ حَتّى يُجَاوِزُوا.

 

فالذي صَادَ الْحِمَارَ كَانَ حَلَالًا، فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ أَكْلِهِ، وَهَذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنّهُ حَلَالٌ وَهُمْ مُحْرِمُونَ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ فِي أَكْلِهِ وَوَكّلَ مَنْ يَقِفُ عِنْدَهُ لِئَلّا يَأْخُذَهُ أَحَدٌ حَتّى يُجَاوِزُوه (النسائي، الموطأ، ابن حبان).

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنّ قَتْلَ الْمُحْرِمِ لِلصّيْدِ يَجْعَلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَيْتَةِ فِي عَدَمِ الْحِلّ إذْ لَوْ كَانَ حَلَالًا.

 

4- العرج:

وَكَانَتْ زِمَالَتُهُ وَزِمَالَةُ أَبِي بَكْرٍ وَاحِدَةً (أَي مَركوبهما وأداوتُهما وما كان معهما في السفر) وَكَانَتْ مَعَ غُلَامٍ لِأَبِي بَكْرٍ فَجَلَسَ رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ إلَى جَانِبِهِ وَعَائِشَةُ إلَى جَانِبِهِ الْآخَرِ وَأَسْمَاءُ زَوْجَتُهُ إلَى جَانِبِهِ وَأَبُو بَكْرٍ يَنْتَظِرُ الْغُلَامَ وَالزّمَالَةَ إذْ طَلَعَ الْغُلَامُ لَيْسَ مَعَهُ الْبَعِيرُ فَقَالَ أَيْنَ بَعِيرُك ؟ فَقَالَ أَضْلَلْتُهُ الْبَارِحَةَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَعِيرٌ وَاحِدٌ تُضِلّهُ. قَالَ فَطَفِقَ يَضْرِبُهُ وَرَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- يَتَبَسّمُ وَيَقُول: اُنْظُرُوا إلَى هَذَا الْمُحْرِمِ مَا يَصْنَعُ، وَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- عَلَى أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَيَتَبَسّمَ وَمِنْ تَرَاجِمِ أَبِي دَاوُدَ عَلَى هَذِهِ الْقِصّةِ بَابٌ " الْمُحْرِمُ يُؤَدّبُ غُلَامَهُ " .(أبو داود).

وفي رواية أخرى:

وفي أحد منازله -صلى الله عليه وسلم- في الطريق في مكان يسمى العرج جلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبجانبه زوجه عائشة، وجلس صاحبه أبو بكر وبجانبه ابنته أسماء، وكان أبو بكر ينتظر أن يطلع عليه غلامه بزاملته التي كانت تحمل متاعه ومتاع النبي -صلى الله عليه وسلم- فطلع الغلام وليس معه بعيره فقال أبو بكر: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة، فطفق أبو بكر يضربه ويقول: بعير واحد وتضله، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ينظر إليه ويبتسم ويقول: انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع! وجعل أبو بكر يتغيظ على غلامه، والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "هون عليك يا أبا بكر فإن الأمر ليس إليك ولا إلينا معك" ولم يلبثوا طويلاً حتى وجدت الزاملة وجاء الله بها.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات