الدعاة وإشكالية الحوار المعاصرة (1-2)

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2022-10-06 - 1444/03/10
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

إن من الضروري أن يتلقَّى الداعية إلى الله قواعد الحوار وأصوله، في عالم يموج اليوم بالنظريات الكافرة والاتجاهات المنحرفة، فقد أصبح الحوار فنًّا يدرس باسم: فن الجدل، وأحيانًا يسمونه: فن المناظرة. إضافة إلى فن آخر له علاقة كبيرة بالموضوع، وهو ما يسمى بفن العلاقات العامة، الذي تقام فيه دورات لكثير من الموظفين، والمتخصِّصين في العلاقات العامة هذا الفن الذي يحتاجه الدعاة المعاصرين.

 

 

 

الدعوة الإسلامية تواجه كثيراً من الإشكاليات المعاصرة التي تجعل مهمة الدعوة إلى الله –عز وجل- أكثر تعقيدا ًوتشابكاً عن ذي قبل، فالتحديات قديماً كانت واضحةً وصريحةً وبسيطةً في مجمله، بعكس البيئة المعاصرة، فبيئة الدعوة الإسلامية اليوم تحفل بكثير من المعوقات الداخلية والخارجية التي تفرض على الدعاة وضع الحلول اللازمة لمواجهة هذه الإشكاليات حتى تمضي راية الدعوة خافقة في الآفاق ما بقى الليل والنهار. ومن أبرز هذه الإشكاليات المعاصرة، إشكالية الحوار ومخاطبة الغير، سواءً كان هذا الغير من عموم الناس أو جمهور المدعوين أو حتى الدعاة أنفسهم فيما بعضهم البعض.

 

أولاً: تعريف الحوار:

 

الحوار هو: الرجوع عن الشيء، وإلى الشيء، يقال: حار إلى الشيء وعنه حوراً ومحاراً ومحاورةً: رجع عنه وإليه. وفي الأثر: "من دعا رجلاً بالكفر وليس كذلك حار عليه" أي: رجع عليه ما قاله عن أخيه. وفي الأثر: "وأعوذ بك من الحور بعد الكور" بمعني: انحلال العمامة بعد ثباتها، كناية عن تفكك ثبات المؤمن وعودته إلى الطريق الخطأ. والمحاورة: مراجعة المنطق، والكلام في المخاطبة. قال تعالى: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ) [الكهف: 37]، أي يراجعه الكلام ويجادله فيه.

 

وحقيقة الحوار اللغوية مطابقة لحقيقته الاصطلاحية والتي تعني التباحث بين طرفين أو أكثر، ومراجعة الكلام بينهم بغرض التوصل إلى اتفاق وإبداء وجهة النظر. والتحاور: التجاوب، لذلك لا مندوحة في الحوار بين متكلم ومستمعٍ، ولابد فيه من مراجعة الكلام وتبادله وتداوله.

 

الحوار في أدق معانيه ودلالاته الاصطلاحية يعبر عن اتجاه سام وراق في المجتمعات، بعيداً عن نزق الأهواء، وجموح العواطف، وغائلة الظلم، والتعصب، والانفلات، ووسيلة من أرق وسائل إقرار الحق والعدل والنصح والإرشاد للبشر كافة. إنه توظيف حيوي لملكات الخير في النفس البشرية؛ للحيلولة دون انحدارهم في طريق الغواية والتيه أو الصدام.

  

 

ثانياً: الجذور التاريخية للحوار:

 

 اعتمدت المجتمعات منذ أقدم العصور على الحوار في التعليم والتلقي ونقل الأفكار والقيم والثقافات السائدة، والمحافظة عليها، ولم يكن الحوار مجرد وسيلة تعليمية تستخدم في المدارس والمعاهد، بل شكل من أشكال العلاقة القائمة بين أفراد المجتمعات، ووسيلة من أهم وسائل تجذير العلاقات وحل الخلافات.

 

وحينما يختلف الناس فإنهم يسلكون في معالجة هذا الخلاف مسالك شتى لإنهاء الخصومات، وإثبات الحجة، منها الحرب والنزال، ولكن شواهد التاريخ تؤكد على أن المبادئ والنظريات والآراء التي فرضت بالقوة، لا تدوم طويلاً، في حين أن التي قامت على الحوار والإقناع اكتسبت صلابةً وبقاءً وصموداً حيناً من الدهر. فلغة الحوار غالباً ما تكون أقوى من لغة السلاح؛ لأنها تعتمد على القناعات الداخلية الذاتية، بل ربما أفلح الحوار فيما لا تفلح فيه الحروب الطاحنة. ولعل حوار ابن عباس -رضي الله عنهما- مع الخوارج خير دليل على ذلك، وأيضاً حوار عمر بن عبد العزيز معهم. فقد استفحل أمر الخوارج في الموصل، فوجَّه إليهم عمر بن عبد العزيز فقيهًا اسمه: عون ابن عبد الله، وهو أخو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة -رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين- فقال لهم عون بن عبد الله: إنكم كنتم تطلبون حاكمًا في مثل عدالة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فلمَّا جاءكم هذا الحاكم كنتم أنتم أول من نفر عنه وحاربه. قالوا: صدقت، ولكنه لم يتبـرأ ممن قبله ولم يلعنهـم، فلم يلعن علي بن أبي طالب، ولا معاوية، ولا بني أمية، لذا فنحن نحاربه. قال لهم: كم مرةً في اليوم تلعنون فيها هامان؟ قالوا: ما لعنّاه قط! قال: أيسعكم أن تتركوا لعن وزير فرعون الطاغية، والمنفذ لأوامره، والذي بنى صرحه بأمره، ولا يسعكم أن تتركوا لعن أهل قبلتكم، إن كانوا أخطئوا في شيء، أو عملوا بغير الحق؟! فسكتوا ورجع منهم طائفة كبيرة. فَسُرَّ بذلك عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه -وأرضاه، وقال لهذا الرجل: لماذا لم تحتجّ عليهم بعدم لعن فرعون؟ قال: لو قلت لهم: لماذا لا تلعنون فرعون؟ ربما قالوا: إننا نلعنه، أما هامان فقلَّ من يلعنه على ألسنة الناس، فلذلك اخترته. فسكن هؤلاء الخوارج. والشاهد هنا كما يقول السكوني في (عيون المناظرات): "فكانت حجة عمر أبلغ من قتالهم بالسيف". وهكذا يتبين أن الحجة القوية، والحوار الهادئ المقنع الرزين، من صاحب عقل وفهم وعلم، يفعل في كثير من الأحيان ما لا تفعله السيوف ولا المدافع والطائرات.

 

ثالثاً: أهمية الحوار: تعد قضية الحوار فريضة إسلامية، اقتضتها ضرورة الدعوة إلى الله -عز وجل-، التي اعتمدت في رسالتها إلى الإنسانية، منطق الرفق واللين والمجادلة بالتي هي أحسن، انطلاقاً من قوله -عز وجل: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: 125]. والإسلام لم ينظر إلى الحوار على أساس أنه ترف فكري، يدرب الإنسان على الانتصار والتفوق فقط، بل على أساس أنه ضرورة تكسب الإنسان القدرة على استعمال أدوات الدفاع عن الحق بطريقة أكثر مرونةً وذكاءً. ولقد اقتصت عالمية الإسلام شق قنوات اتصال بالآخرين، ومد يد التعاون والتفاعل الإيجابي معهم بوسائل ربانية حانية كما قال المولى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت: 34]. وبالنظر إلى تاريخ الدعوة والدعاة من الأنبياء والمرسلين ومن سار على دربهم من العلماء والمصلحين، نجد أن الحوار قد حقق أهدافا هامة للدعوة، من أبرزها:

 

الهدف الأول: دعوة الناس إلى الإسلام والسنّة، فتعقد لذلك محاورات مع غير المسلمين؛ لإقناعهم بأن دين الله –تعالى- حق لا شك فيه، أو مع مبتدعين منحرفين عن السنة؛ لدعوتهم إلى السنة، وأمرهم بالتزامها. والقرآن الكريم حافل بنماذج من مثل هذه الحوارات التي جرت بين أنبياء الله ورسله -عليهم الصلاة والسلام- وبين أقوامهم، حتى إن قوم نوح قالوا له: (يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [هود:32]، فأكثر جدالهم حتى تبرَّموا من كثرة جداله لهم، والجدال نوع من الحوار.

 

 فالدعاة بحاجة إلى أن محاورة أصحاب المذاهب والنظريات والأديان الأخرى، بهدف دعوتهم إلى الله –تعالى-فالحوار وسيلة من وسائل الدعوة. ولا يجوز اليأس من أحد من الناس، أو الاعتقاد بأن العالم اليوم يعيش حالة إفلاس من النظريات والعقائد والمبادئ والمثل، فهذا غير صحيح، بل العالم اليوم يعيش حالة تخمة من كثرة النظريات والمبادئ والعقائد والمثل والفلسفات وغيرها، صحيح أنها باطلة، ولكن هذا الركام الهائل من الباطل مدجج بأقوى أسلحة الدعوة والدعاية، والدعاة الذين تدرَّبوا وتعلَّموا كيف يدافعون عن الباطل حتى يصبح في نظر الناس حقًّا، أما أهل الحق فكثير منهم لا يحسن الطريقة المثلى للحوا؛ لإقناع الخصم بما لديه من الحق والسنة. وقد لا يحسن هؤلاء أن يناقش بعضهم بعضًا، إلا من خلال فوهات المدافع والبنادق، فإن لم يملكوها، فمن خلال الأفواه التي تطلق من الكلمات الحارة الجارحة، ما هو أشد فتكًا من الرصاص والقذائف.

 

الهدف الثاني: فصل الخلاف في الأمور الاجتهادية، فالحوار يُعد وسيلة للوصول إلى اليقين والحق في مسألة اجتهادية اختلفت فيها أقوال المجتهدين، فيتكلم اثنان في محاورة أو مناظرة للوصول إلى الحق في مسألة اجتهادية ليس فيها نص صريح، أو إجماع لا يجوز تعديه. فالوصول إلى الحق، وترجيح أحد الآراء المطروحة وتضييق هوة الخلاف وتقريب وجهات النظر، من أهم أهداف الحوار، خاصة في هذا العصر الذي كثرت فيه الخلافات مصداقاً لقوله -صلى الله عليه -وسلم: " فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا".

 

وليست المشكلة في وجود الخلاف، فوجوده طبيعي في أصل خلقة بني آدم (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) [هود: 118]، ولكن المشكلة فيما يؤدي إليه الخلاف من تباغض وتنافر وتناحر عندما تقف قنوات الحوار، وتعجز الأطراف المختلفة عن التفاهم بالحوار.

 

وليس من الضروري أن تكون نتيجة الحوار إقناع الطرف الآخر بأن ما عندك حق، وما عنده باطل، فليس هذا بلازم، فقد تقنع إنسانًا بذلك، فإن لم تتمكن، فأقل شيء تكسبه من الحوار - إذا التزمتَ بالشروط الموضوعية له- أن يعلم خصمك أن لديك حجة قوية، وأنك محاور جيد، وأن يأخذ انطباعًا بأنك موضوعي متعقل، بعيد عن التشنج والهيجان والانفعال. فكثير من الناس يظنون أن الآخرين لا يملكون الحق، وليس عندهم شيء، وأنهم مجرد مقلِّدين، فإذا حاوروهم وناظروهم علموا أن لديهم حججًا قوية، فأقل ما تكسبه أن تجعل أمام مناظرك علامة استفهام. فقد تلتقي بنصراني داعية إلى النصرانية، فتناقشه، فمن المحتمل أن يسلم، وهذا خير كثير، وهو أرقى وأعلى ما تتمناه، لكن قد لا يسلم، فهل تعتبر أنك قد خسرت المناظرة؟ لا؛ لأنه وإن لم يسلم، فربما صار عنده تفكير في الإسلام يدعوه إلى أن يبحث، ثم قد يسلم ولو بعد حين، وإذا لم يفكر في ذلك، فعلى الأقل صار عنده شكوك في دينه، وإذا لم يحصل هذا، فعلى أقل تقدير فتر شيء من الحماس الذي كان يحمله لدينه، وصار عنده تردد في مذهبه الباطل.

 

الهدف الثالث: الجدال المحمود، الحوار والجدال والمناظرة كلها ألفاظ متقاربة لمعنى واحد، وإن كان أكثر ما جاء من لفظ الجدال في القرآن الكريم يطلق على الجدال المذموم، كما في قوله تعالى: (وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) [الكهف:56].

 

ولكن جاء لفظ الجدل في القرآن أيضًا في مواضع محمودة، قوله تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [العنكبوت:46]، فهذا جدل بالتي هي أحسن لدعوة اليهود والنصارى إلى الإسلام. قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125]، وقوله تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ) [هود:74]، قوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة:1]. فالحقيقة الحوارية تبرز من ثلاثة وجوه تكشف الحاجة للجدال المحمود:

 

1-أن طريق الوصول إلى الحق ليس واحداً، وإنما طرقا شتى وكثيرة.

 

2-أن تواصل الحوار بين الأطراف المختلفة فئات أو أفراد يفضي مع مرور الزمن إلى تقلص شقة الخلاف بينهم.

 

3-أن الحوار يسهم في توسيع العقل وتعميق مداركه بما لا يوسعه ولا يعمقه النظر الذي لا حوار معه، فالعقل يتقلب مع الحوار، وبقدر تقلبه يتسع ويتعمق.

 

رابعاً: قواعد الحوار:

 

إن من الضروري أن يتلقَّى الداعية إلى الله قواعد الحوار وأصوله، في عالم يموج اليوم بالنظريات الكافرة والاتجاهات المنحرفة، فقد أصبح الحوار فنًّا يدرس باسم: فن الجدل، وأحيانًا يسمونه: فن المناظرة. إضافة إلى فن آخر له علاقة كبيرة بالموضوع، وهو ما يسمى بفن العلاقات العامة، الذي تقام فيه دورات لكثير من الموظفين، والمتخصِّصين في العلاقات العامة هذا الفن الذي يحتاجه الدعاة المعاصرين. والعلاقات العامة تعني: حسن الاتصال بالآخرين؛ لإقناعهم برأي، أو لترويج سلعة من السلع، أو تصحيح فكرة، أو التمهيد لقضية من القضايا من خلال الاتصال بالناس، فهو فن لابد للداعية أن يتعلمه نظريًّا وعمليًّا. وللحوار قواعد كثيرة، نعرض بعضها فيما يلي:

 

القاعدة الأولى: تحديد موضوع الحوار، وهي قاعدة بديهية في أي حوار، وإلا أصبح الحوار مكلمة فارغة، فينبغي أن يدور الحوار حول مسألة محددة، فإن كثيرًا من الحوارات تكون جدلاً عقيمًا، ليس له نقطة محددة ينتهي إليها، فينبغي أن يكون الحوار أو الجدل (بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125] حول نقطة معينة، بحيث يتم التركيز عليها، ولا يتعداها الحوار حتى يُنْتَهى منها. قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) [ آل عمران: 64].

 

القاعدة الثانية: مناقشة الأصل قبل الفرع، فينبغي ألا يتم التناقش في الفرع قبل الاتفاق على الأصل؛ إذ أن مناقشة الفرع مع كون الأصل غير متفق عليه، تعتبر نوعًا من الجدل العقيم إلا في حالات معينة. ونضرب أمثلة لحالات يمكن فيها مناقشة الفرع، أو مناقشة الأصل: فلو جاءك كافر لا يؤمن بيوم الحساب، وأخذ يناقشك في قضية حجاب المرأة المسلمة، أو في قضية تعدد الزوجات، أو في مسألة الجهاد، حيث إن هذه القضايا بالذات هي أكثر القضايا التي يثير حولها الغربيون شبهاتهم؛ لإثارة الفتنة بين المسلمين. المهم هو كيف تحاور هذا الكافر الذي لا يؤمن بالإسلام؟ هل تناقشه في هذه المسائل إذا حاورك بشأنها؟

 

 

بإمكانك هنا أن تحاوره بإحدى طريقتين:

 

الأولى: أن تحيل إلى الأصل، فتقول له: إن الجهاد وتعدد الزوجات والحجاب وما على شاكلة هذه القضايا، جزء من دين الإسلام، وبدلاً من أن نناقش هذه النقاط ينبغي أن نرجع للأصل، وهو الإسلام، فنتجادل فيه، فإذا اقتنعت بالإسلام، فحينئذ -من باب أولى- أن تقتنع بهذه الأمور، ولا حاجة أن نتجادل فيها، وإذا لم تقتنع بالإسلام، فنقاشي معك في هذه الجزئية يعتبر نوعًا من العبث الذي لا طائل تحته.

 

الثانية: يمكنك أن تناقشه بالحجج المنطقية، في نفس الجزئيات التي يجادل حولها.

 

فمثلاً: إذا تكلم عن تعدد الزوجات، فيمكن أن تجادله في هذا الموضوع بأن تخبره أنه من الثابت علميًّا أن عدد النساء أكثر من عدد الرجال، فإذا لم نأذن للرجال بتعدد الزوجات، فذلك يعني أن هؤلاء النساء بقين ضائعات بلا أزواج، أو اضطررن إلى ممارسة البغاء والرذيلة، فتعدد الزوجات ضرورة لابد منها؛ لأن نسبة الإناث في أكثر المجتمعات أكثر من نسبة الرجال. وهكذا، عندما تثبت لهذا الكافر حالات وأوضاعًا يكون تعدد الزوجات فيها أمرًا سائغًا؛ فربما آمن بالإسلام من خلال اقتناعه بهذه الحجج. 

 

القاعدة الثالثة: الاتفاق على أصل يُرجع إليه، فيجب الاتفاق على أصل يرجع إليه المتحاورون إذا وُجد الخلاف، واحتدم النقاش، وذلك كالاتفاق على الرجوع عند الاختلاف إلى القرآن الكريم، وإلى صحيح السنة، وإلى القواعد الثابتة المستقرة، أو إلى ما كان عليه السلف الصالح، المهم أن نتفق على أمور تكون مرجعًا عند الخلاف. وغياب المرجعية في كثير من الحوارات يجعلها مضيعة للوقت ومجلبة للشقاق والخلاف، وربما أورثت المتحاورين مزيداً من القناعات الخاطئة عن كل طرف، وترسخت النظرة السلبية لدى الفريقين.

 

وللحديث بقية...

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات