غدًا توزع الجوائز في أعظم مشهد إسلامي

أبو بكر جابر الجزائري

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

ثم احذروا -أيها المتسابقون الأبطال- من العائق الأكبر، احذروه أن يعوقكم كما عاق أممًا من قبلكم، احذروه إنه: "حب الدنيا وكراهية الآخرة"، فأحبوا الآخرة بالإكثار من الزكاة والصلاة، واكرهوا الدنيا بتقليل الرغبة فيها وبالتجافي عن الشهوات.

 

 

 

 

بسم الله ولي المؤمنين ومتولي الصالحين.. بسم الله الرحمن الرحيم ورب العالمين.. بسم الله المنعم بأوسمة القبول على السابقين..

 

يُعلَن لجماهير المتسابقين من المؤمنين والمسلمين أن غدًا توزع فيه جوائز السابقين لَيَومٌ قريب.. إنه يوم العيد السعيد الذي لم يبق عليه إلا أن تحترق فحمة آخر ليلة من ليالي السباق.. ليالي رمضان المشرقة العِذَاب.. ليالي الأنس والشوق إلى الحبيب القريب.

 

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..

 

أيتها الجماهير المتسابقة.. أيتها الفئات المؤمنة الآملة.. أيتها المواكب الراكبة إلى الله الراكضة: إلى المشهد.. إلى مصلى العيد.. هلموا.. هلموا.. خذوا بطاقات الحضور من بيوت إماء الله تعالى وعبيده الفقراء والمساكين بدفع صدقات فطركم إليهم، ثم يمموا المشهد آملين راجين، وبذكر ملككم العظيم لاهجين:

 

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

لا تزالون مكبرين مهللين كذلكم حتى ساحة المشهد.. خذوا أماكنكم من قاعة المشهد مترنمين بتسبيح مليككم السبُّوح رب الملائكة والروح قائلين: سبحان الله والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

والآن -معشر المتسابقين- إليكم هذه القائمة بأسماء الفائزين في مسابقة شهر رمضان العظمى:

 

أسماء الفائزين في المسابقة:

* عبد الله الذي كان لا يشهد صلاة الجماعة صبحًا ولا عصرًا ولا عشاءً فأصبح لا تفوته أية ركعة منها.

 

* عبد الله الذي كان بينه وبين أحد أقربائه عداوة وشحناء فأزالها وصافى قريبه وبرَّه وأحبه في الله.

 

* عبد الله الذي كان يؤذي جيرانه فترك أذاهم وأبرَّهم وأحسن إليهم تقربًا إلى الله -سبحانه وتعالى-.

 

* وليُّ الله الذي كان يستهويه الطرب فيسمع الأغاني، ويقضي جزءًا كبيرًا من يومه وليله حول المذياع يسمع أصوات الشيطان ومزاميره فتاب من ذلك وأصبح إذا سمع صوت طرب أدخل أصبعيه في أذنيه كي لا يسمع تقربًا إلى الله تعالى.

 

* وليُّ الله الذي كان يأتي بيوت الله ورائحة فمه متغيره بنتن التبغ والشيشة فاستحيى من الله تعالى، وترك ذلك تطهيرًا لبيت ربه وتطييبًا لفمه الذي يذكر به اسم ربه.

 

* ولي الله الذي كان بعض أصدقائه يدعوه إلى السمر على لعب (الكيرم) والورق، فكان بذلك يغضب مليكه، وملائكته وصالحي إخوانه فعدل عن ذلك خوفًا من الله.

 

نكتفي بذكر هذه القائمة من أسماء الفائزين ونكبر الله: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ثم لنستمع لهذا الهتاف:

 

هنيئًا لمن سابق فسبق! هنيئًا لمن تاب وأناب وقُبل! هنيئًا لمن أحب الله فأحبه الله!

 

وأنتم -أيها المتخلفون عن ركب الفائزين-: لا تيأسوا من رحمة الله، إن مليككم يقول: (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)، إنه قد هيأ لكم فرصة أخرى للسباق والفوز فاهتبلوها، إنها تبتدئ من يومكم هذا ولا تنتهي إلا بسبقكم وفوزكم، فارموا إذًا بخيول العزم في ميدان السبق، واستعينوا بالصبر والصلاة، واستعينوا على ترك الآثام بخوف المقام، وتقووا على الطاعة بذكر الساعة، وتغلبوا على الرذائل بكرهها وحب الفضائل.

 

ثم احذروا -أيها المتسابقون الأبطال- من العائق الأكبر، احذروه أن يعوقكم كما عاق أممًا من قبلكم، احذروه إنه: "حب الدنيا وكراهية الآخرة"، فأحبوا الآخرة بالإكثار من الزكاة والصلاة، واكرهوا الدنيا بتقليل الرغبة فيها وبالتجافي عن الشهوات.

 

* وأخيرًا إلى الإخوة هذين المثالين العجيبين:

 

المثال الأول: رجل شديد وسخ الجسم والثياب تفوح منه رائحة النتن والتعفن الكبير، من رآه كرهه وفر منه، ذهب إلى نهر عذب فغسل جسمه وثيابه وتطيب بأجود أنواع المسك والطيب، فصار أحسن الناس هيئة، وأجملهم منظرًا، وأطيبهم ريحًا، ولم يلبث إلا يسيرًا حتى رمى نفسه في حمأة منتنة فتمرغ فيها، وعاد أقبح ما يكون منظرًا، وأنتن ما يمكن ريحًا.. وذلك مثل من ترك المعاصي في رمضان توبة منه إلى الرحمن، ولما انقرض شهر رمضان عاد إلى معاصيه، وراجع ما كان يأتيه فتهاون بالصلاة، وغفل عن ذكر الله... نسي الله فأنساه الله نفسه فكان من الفاسقين.

 

المثال الثاني: رجل عليل الجسم سقيم البدن، شاحب الوجه، مصفر اللون، قد غارت عيناه ونضب ماء محياه، ساقته عناية الله إلى مستشفى الأمراض المستعصية فعالج أوجاعه، وداوى أسقامه، فعاد كأصح الناس جسمًا، وأنضرهم وجهًا غير أنه يتمتع بتلك الصحة ولم ينعم بذلك الكمال إلا أيامًا معدودة؛ حيث عاد إلى أسباب أسقامه وأوجاعه الأولى يتعاطاها ويجري وراءها حتى عاودته الآلام وأحاطت به من جديد الأسقام.. وذلك مثل من أناب إلى ربه، وتاب في رمضان من ذنبه، ولما خرج رمضان عاد إلى معصية الديان، فزين بيته بالصور والتماثيل، ونام عن صلاة الليل وترك مجالس العلم وأقبل على مجالس اللعب واللهو، فترك سماع القرآن وشغل سمعه بأصوات الشيطان.

 

فاحذر -أيها المتسابق الفائز- سبيل هذين الرجلين، واربأ بنفسك أن تكون من الخاسرين، وسلام عليك في الفائزين الصالحين.

 

 

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات