حادثة مولد النبي صلى الله عليه وسلم

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

هذه الحادثة العظمى تشتمل على عدة مباحث هامة ينبغي التنبيه عليها , مع مراعاة أن الكلام عن مولده صلى الله عليه وسلم وما ورد فيه من آثار وأخبار لا يعني مطلقا أننا نؤيد أو نشارك أو نوافق أو نرضى بالبدعة المزعومة التي يحتفل بها الصوفية ومن دار معهم من عوام المسلمين بمولده صلى الله عليه وسلم , وذلك لكثير من الأدلة والبراهين كما قرر ذلك فطاحل علماء الأمة .

 

 

 

 

هذه الحادثة العظمى تشتمل على عدة مباحث هامة ينبغي التنبيه عليها , مع مراعاة أن الكلام عن مولده صلى الله عليه وسلم وما ورد فيه من آثار وأخبار لا يعني مطلقا أننا نؤيد أو نشارك أو نوافق أو نرضى بالبدعة المزعومة التي يحتفل بها الصوفية ومن دار معهم من عوام المسلمين بمولده صلى الله عليه وسلم , وذلك لكثير من الأدلة والبراهين كما قرر ذلك فطاحل علماء الأمة .

 

أما المباحث التى تشتمل عليها هذه الحادثة العظمى فهي كالآتي :

1. التحقيق التاريخي لمولده .
2. نسبه الشريف .
3. آيات وعلامات المولد .

 

أولا : التحقيق التاريخي لمولده :

هناك اتفاق تاريخي على اليوم والشهر الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم , واختلاف في تحديد هذا اليوم والعالم الذي ولد فيه , وذلك بين المؤرخين ورواة السير.

 

1- اليوم :
هناك إجماع علي على أنه قد ولد صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين , للحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في كتاب الصيام , والإمام أحمد والبيهقي وفيه أن أعرابيا قال : يا رسول الله , ما تقول في صوم الإثنين ؟ فقال " ذاك يوم ولدت فيه , وأنزل علي فيه ".
أما ما ذهب اليه بعض طوائف الشيعة من أنه قد ولد يوم الجمعه فمردود وباطل لمخالفته للحديث الصحيح , كما أن خلاف الشيعة غير معتبر ولا قيمة له عند أهل العلم.

 

2- الشهر :
هناك إجماع على أنه قد ولد في شهر ربيع الأول , أما ما نقل ابن عبد البرق المالكية من أنه قد ولد في شهر رمضان فباطل ومردود .

 

3- العام :
ذهب جمهور المؤرخين أنه قد ولد في عام الفيل , وذلك لكثير من الآثار والأخبار التي ذكرت مولده في عام الفيل , منها أثر قيس بن مخرمة , و أثر قبات بن أشيم , وأثر محمد بن جبير بن مطعم , وأثر سويد بن غفلة , وأثر ابن عباس رضي الله عن الجميع , وهذا هو الراجح الثابت الذي لا محيد عنه .
في حين ذهب الزهري على أنه صلى الله عليه وسلم قد ولد بعد عام الفيل بثلاثين سنة وهذا بعيد جدا , في حين ذهب ابن أبزى أنه قد ولد بعد عام الفيل بعشر سنين وهذا لا دليل عليه , كما أن شهرة عام الفيل وما وقع فيها من أحداث مع أقوام مثل العرب يحفظون تواريخهم جيدا ويعتزون بأمجادهم , تمنع من الاختلاط في تعيين ما وقع فيه من أحداث و أمور ومنها مولده صلى الله عليه وسلم .

4- تحديد اليوم :

وهى المسالة التي وقع فيها خلاف واسع ومقبول بين العلماء من المؤرخين ورواة السيرة وذلك لعدة أقوال نذكرها بالترتيب التصاعدي للأيام :
‌أ- ليلة الثاني من شهر ربيع الأول ( قول الواقدي ) .
‌ب- ليلة التاسع من شهر ربيع الأول ( قول الزهري ومالك وموسى بن عقبة وابن حزم ورجحه المحققون مثل ابن دحية والحميدى والخوارزمي , كما أكده علماء الفلك في العصر الحديث مثل محمود باشا الفلكي المصري الشهير , وهو القول الراجح الذى نصره المعاصرون ) .
‌ج- ليلة العاشر من شهر ربيع الأول ( الباقر من آل البيت والشعبي ) .
‌د- ليلة الثانى عشر من شهر ربيع الأول ( ابن اسحاق في السيرة وهو الأشهر الذى عليه كثير من الناس , ولعل كون ابن اسحاق قائله سبب لشهرة هذا القول ) .

‌ه- ليلة السابع عشر من شهر ربيع الأول ( طوائف الشيعة ) .

والخلاصة في تحقيق مولده صلى الله عليه وسلم أنه قد ولد ليلة الاثنين أو صبيحته الموافق التاسع من شهر ربيع الأول في عام الفيل الموافق 571 ميلادية .

ثانيا : النسب الشريف

النبي صلى الله عليه وسلم بإجماع الأمة سيد ولد آدم وخير خلق الله و إمام الأنبياء والمرسلين , و أكمل بشري خلقا وخلقا , لذلك كان نسبه هو أعظم وأشرف وأعلى وأرفع نسب بشري على وجه الأرض , ورد في ذلك أحاديث صحاح كثيرة نذكر منها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل باب فضل نسب النبي , قال : ( إن الله عز وجل اصطفي من ولد إبراهيم إسماعيل , واصطفي من بني إسماعيل كنانة , واصطفي من كنانة قريشا , واصطفي من قريش بني هاشم , واصطفاني من بنى هاشم ) .

 

أما نسب الرسول صلى الله عليه وسلم المحفوظ والمجمع عليه بين العلماء , فهو كما ذكره الإمام البخاري في صحيحة في كتاب مناقب الأنصار – باب مبعث النبي تحت رقم 3851 فقال : هو ابو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر ( فهر هو قريش ) بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .

وأهل العلم على التوقف عند عدنان وعدم الرفع بعده , فعدنان من ولد إسماعيل يقينا , ولكن لا يدرى كم بينهما من الآباء , قال ابن عباس : ( بين عدنان و إسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون ) , وقال عمر : ( إنما ننتسب الى عدنان , وما فوق ذلك لا ندرى ماهو ) , وقال عروة بن الزبير : ( ما وجدنا من يعرف وراء عدنان ولا قحطان إلا تخرصا ) , وقد كره الإمام مالك وجماعة من العلماء أن يرفع الرجل نسبة الى آدم , فهذا كله من قبل التخرص والظن , وقال البغوي في شرح السنة بعد ذكر النسب الى عدنان : ( ولا يصلح حفظ النسب فوق عدنان ) وتابعه على نفس الكلام ابن القيم في زاد الميعاد وقال ابن سعد في طبقاته : ( الأمر عندنا الإمساك عما وراء عدنان الى إسماعيل ) , أما محمد بن اسحاق رأوى السيرة الأشهر فيرفع النسب الشريف حتى آدم عليه السلام , ويجعل بين عدنان وإسماعيل ثمانية آباء , وبين اسماعيل وآدم عشرين أبا , ويخالفه يونس بن بكير وغيره في هذا العد , والصحيح المعتمد الذى لا يعول إلا عليه النسب الشريف الى عدنان .

 

أما نسب أمه فيلتقى عند عبد مناف فهى : آمنه بنت وهب بنت عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر الى آخر النسب الى عدنان فهو صلى الله عليه وسلم عريق الطرفين , نفيس المعدنين , فهو من نسل الذبيحين و ولد ابراهيم أبي الأنبياء عليهم السلام .

 

نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم من دلائل نبوته وصدق دعوته , فشرف النسب له أثر ومكانه في النفوس و القلوب , وذو النسب الشريف لا تنكر عليه الصدارة الدينية بالنبوة والدعوة , والدنيوية بالإمارة والخلافة , ووضيع النسب تأنف نفوس الكثيرين من أتباعه والإنضواء تحت لوائه , ويتضح ذلك من سؤال هرقل لأبي سفيان عن نسب رسول الله , فقال أبو سفيان : ( هو فينا ذو نسب .............) فقال هرقل : ( وكذلك الرسل تبعث في نسب من قومها ... ) .

 

ثالثا : آيات وعلامات المولد

أولى تلك الآيات حادثة الفيل وإهلاك الله عز وجل لأبرهة ومن معه صيانه للبلد الحرام واستعدادا لمولده صلى الله عليه وسلم , هى الحادثة التي سبق وأن تكلمنا عنها بالتفصيل في موقع سابق .

ومن الآيات أيضا نجاة أبيه عبد الله بن عبد المطلب من الذبح , وذلك أن عبد المطلب لم يكن له من الولد سوى الحارث وهو الذي اشترك معه في حفر بئر زمزم , ولاقى بسبب ذلك عندا ومشقة كبيرة لذلك نذر لله إن رزقه الله بعشرة أولاد ذكور ليذبحن واحدا منهم , فلما اجتمع عنده العشرة , اقترع على الذبيح عدة مرات , فخرج سهم عبدالله في كل مرة , فقدمه للذبح في صحن الكعبة , فقامت قريش دونه ومنعت عبد المطلب من ذبحه خشية أن تكون سنة ماضية مثلما حدث مع وأد البنات وأشاروا عليه بالفداء .

 

ومن الآيات أيضا زواج عبد الله من آمنه وهى أشرف نساء قريش نسبا وحسبا , وكان ذلك الزواج بداية أمر النبي صلى الله عليه وسلم , وقد قيل للنبي ما أول بدء أمرك : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام ) أخرجه الإمام أحمد في سنده والحاكم و صححه ووافقه الذهبي والألباني .

ودعوة ابراهيم عليه السلام هي في قوله عز وجل ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ......) البقرة 129

وبشرى عيسى عليه السلام ...( ومبشرا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد ...) الصف 5.
قال ابن كثير : ( وتخصيص الشام بظهور نوره إشارة الى استقرار دينه وثبوته ببلاد الشام ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلا للإسلام وأهله , وبها ينزل عيسى بن مريم بدمشق بالمنارة الشرقية البيضاء منها , ولهذا جاء في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم : ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتى أمر الله وهم كذلك ) وزاد البخاري ( وهم الشام ) .

ومنها خبر اليهودي في المدينة الذي يرويه حسان بن ثابت قال : إنى بغلام يفته ابن سبع سنين , أعقل ما رأيت وسمعت , إذا بيهودي في يثرب يصرخ ذات عداة : يا معشر اليهود فاجتمعوا إليه – وانا أسمع – فقالوا ويلك مالك ؟ ! قال : قد طلع نجم أحمد الذي يولد به في هذه الليلة .

أما ما يروى من ارتجاس إيوان كسرى وسقوط شرفاته وخمود النيران ورؤيا الموبذان وخبر سطوح وعبد المسيح وغيرها من الأخبار فإنها لا تصح .

 

 

المصادر
1) سيرة ابن هشام .
2) الروض الأنف .
3) دلائل النبوة .
4) السيرة النبوية للذهبي .
5) السيرة النبوية للصلابي .
6) البداية والنهاية .
7) تفسير القرآن العظيم لابن كثير .
 

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات