إلقاء الخطبة

سامي بن خالد الحمود

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: إلقاء الخطبة

 

 

الإلقاء: هو الغاية التي ينتهي إليها الإعداد والبناء, وهو الصورة التي يتلقى بها السامع حصيلة ما جاد به خطيبه.
تنمية الشجاعة والثقة بالنفس
إن كسب الثقة بالنفس والقدرة على التفكير بهدوء أثناء التحدث إلى مجموعة من الناس ليس أمراً صعباً مثلما يتخيل معظم الناس. وهي ليست موهبة فطرية محضة وهبها الخالق لأفراد قليلين, بل إن جزءاً كبيراً منها مكتسب, وباستطاعة كل فرد أن ينمي طاقته الكامنة إذا ما كانت لديه رغبة كافية لذلك.
لا تتصور أن حالتك صعبة, فمعظم الذين أصحبوا فيما بعد خطباء أجيالهم أصيبوا في بادئ الأمر بالخوف وضعف الثقة بالنفس.
كيف تكتسب الثقة بنفسك ؟
أولاً:الاستعانة والثقة بالله:
تذكر أنك إنما تخطب وتتكلم بحول الله تعالى وقوته, فإن شاء الله تعالى أطلق لسانك, وإن شاء عقده, ولو وكلك الله إلى نفسك لعييت وعجزت.
إن حنجرتك التي هي وعاء خروج الأصوات, ولسانك وشفتيك وأسنانك التي تصيغ الحروف والنغمات, إنما هي خلق من خلق الله تعالى الذي أنطق كل شيء.
واعلم أن الله معك.. شاهد ومطلع عليك.. نظره أسبق من نظر المخاطبين إليك.
فاعتصم بالله، وليكن لك في نبي الله موسى عليه السلام أسوة حسنة حيث (قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني* يفقهوا قولي).
ثانياً: تعزيز الدافع والرغبة:
ما من فعل إلا وله دافع. وبقدر قوة الدافع يكون الإقبال على العمل, وتحمل أعبائه.
لدى بذل أي مجهود, يصاب بعض الأشخاص بالوهن ويرتمون خلال الطريق. لذا يجب أن تظل تفكر بما ستمنحك هذه المهارة حتى تبقى رغبتك قوية صادقة.
إن طالب العلم مثلاً أو الداعية - وهو يحمل عبء تبليغ الدين - عليه أن يستشعر وهو يتعلم الخطابة أنها وسيلة هامة من وسائل الدعوة وتبليغ الدين, وأنه لا مفر له من الإقدام على تعلم الخطابة وإجادتها حتى يبلِّغ رسالته إلى الناس.
ثالثاً: الإلمام بالموضوع:
لا يستطيع الإنسان أن يشعر بالارتياح حين يواجه مستمعيه إلا بعد أن يفكر ملياً ويخطط حديثه ويعرف ما الذي سيقوله.
قام بعض المبتدئين متحدثاً عن موضوع ليس لديه الإلمام الكافي نحوه, فاضطربت عباراته, واهتزت ثقته بقدراته, فاتهم نفسه بالفشل وعدم القدرة على الخطابة. والسبب في الحقيقة إنما يعود لسوء التحضير والتخطيط.
رابعاًً: التصرف بثقة وتفاؤل:
قد يقول قائل: كيف أتصرف بثقة وأنا أشعر بالخوف ؟
قد يبدو أن الفعل يلي الشعور, فالتصرف بشجاعة لا يمكن أن يصدر إلا ممن يشعر فعلاً بالشجاعة.
لكن علماء النفس اكتشفوا أن الفعل والشعور يسيران معاً, ويؤثر كل منهما على الآخر, ومن خلال تعديل الفعل - الذي هو ضمن سيطرة الإرادة - نستطيع أن نعدل الشعور بشكل غير مباشر.
ولهذا فإذا ما فقدت الشعور بالسرور الطبيعي فإن طريقك إلى السرور هو أن تتحدث وكأنك مسرور مسبقاً, ولكي تشعر بالشجاعة تصرف وكأنك شجاع.
وقد جاء في السنة ما يشير إلى هذا المعنى في تربية النفس, وذلك فيما ورد في التباكي عند فقد البكاء الطبيعي. فقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة أسارى بدر أنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر يبكيان قال: (يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك, فإن وجدت بكاءً بكيت, وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما) (1) .
و روي هذا المعنى مرفوعاً في حديث: " ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا " وفيه ضعف(2).
ثم تفاءل.. فالتفاؤل سبب قوي في الوصول إلى المراد.
ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب الفأل(3) ؛ لأنه من حسن الظن بالله, فإياك والتشاؤم.
ولسنا نعني بهذا الكلام أن يسبح المرء منا في أوهام التفاؤل السلبي، بل المقصود التفاؤل الإيجابي الذي يبعث الأمل, ويشحذ الهمم, ويقوي العزيمة على المبادرة واتخاذ أنجع الأسباب لبلوغ الهدف.
خامساً: المران والتدريب:
إن أول وآخر طريقة فعالة لتوليد الثقة بالنفس في فن الخطابة, هي أن تقف وتخطب.
فالأعصاب تهدأ تماماً من خلال العادة والتمرين الدائم لقوة الإرادة. فإن كان لدى الإنسان خطاب فإنه سيجيد الكلام أكثر حين يردده ويتدرب عليه باستمرار.
تدريب عملي:
اختر موضوعاً لديك معرفة سابقة به, قم بإنشاء خطاب حوله مدته خمس دقائق, تدرب على إلقاء الخطاب عدة مرات, ثم قم بإلقائه أمام مجموعة من رفاقك, وضع كل جهدك وقوتك أثناء قيامك بذلك.
قف مستقيماً وتطلع إلى عيون الجمهور. ابدأ الكلام بثقة وكأن الجميع يدينون لك بالمعروف.
لا تعبث بملابسك أو تفرك يديك, وإذا اضطررت للقيام بحركات عصبية نتيجة التوتر أمسك شيئاً أمامك بشدة كالمنبر أو الطاولة ونحوه.
ربما ينتابك خوف عارم أو نوع من الصدمة أو التوتر العصبي في الدقائق الأولى التي تواجه فيها الجمهور. لكنك إذا ثابرت فإنك ستتجاوز كل شيء ما عدا هذا الخوف الأولي الذي ليس سوى خوفاً أولياً فحسب. فبعد الجمل القليلة الأولى, تستطيع أن تسيطر على نفسك. وستتحدث بطمأنينة وارتياح.
من المفيد أن تسجل خطابك بواسطة مسجل الصوت أو الفيديو, ثم تقوم بالمراجعة وتلمس أوجه القصور لتتغلب عليها في المرات المقبلة.
كيف تستحضر موضوعك؟
إذا كتب الخطيب الموضوع فهو مخير بين أمرين:
1. إن شاء حفظه وألقاه 2.وإن شاء ذكر مضمونه
وليحذر جهده من قراءته على الناس من ورقة, فإن ذلك يضعف قوته ويذهب بتأثيره في النفوس كما هو مشاهد.
والأمر الثاني أحسن الأمرين, حتى لا يكون مقيداً بعبارة خاصة, فإذا عرض له أمر جديد أثناء الخطابة أمكنه القول فيه, وكثير من الحفاظ إذا نسوا جملة تلعثموا أو ارتج عليهم فيفقدون هيبتهم في نفوس السامعين.
وما أحوج الخطيب إلى الهيبة والجلال ! فكان من الأحسن والمصلحة ألا يتقيد بعبارة يحفظها بل يتخير من العبارات ما يؤدي المعاني التي حصل عليها ببحثه وتفكيره.
هذا إذا كتب الموضوع. وإن شاء عدم الكتابة واكتفى برسم الموضوع في مخيلته وتسطيره في ذاكرته التي قواها بالمران والممارسة, كان ذلك أحسن وأكمل.
* طريقة الملاحظات المساعدة
بعد تحضير الموضوع ضع ملاحظات موجزة, ربما ترغب في الاستعانة بها حين تتدرب على انفراد, وربما تشعر براحة أكثر لو أنك تحتفظ بها بجيبك أثناء مواجهة الجمهور, وربما تحتاج إلى الاستعانة بها أثناء إلقاء الخطبة.
وإذا شعرت بضرورة الاستعانة بالملاحظات, اجعلها مختصرة جداً، واكتبها بأحرف كبيرة, بحيث تعبر كل كلمة عن جملة أو جمل من الخطبة.
وفي أثناء إلقائك الخطبة استرق النظر إلى ملاحظاتك حين تضطر لذلك, لكن تأكد من تغطية ضعفك أمام الجمهور.
وبرغم جميع ما قيل, هناك حالات يتوجب فيها استخدام الملاحظات.
فمثلاً, بعض الناس, خلال إلقاء خطبه القليلة الأولى, يعاني من العصبية والتوتر حتى إنه لا يستطيع أن يتذكر خطبته التي جهزها. ما هي النتيجة ؟
ينسى المادة التي درسها, فينزلق عن الطريق العالية، ويسقط في الهاوية.
لماذا لا يمسك هؤلاء الأشخاص بأيديهم ملاحظات موجزة مكثفة خلال خطواتهم الأولى؟
فالطفل يتمسك بالأثاث عند محاولاته الأولى للمشي, لكن ذلك لا يستمر طويلاً.
وتجدر الإشارة إلى حقيقة مهمة، وهي أنه يجب ألا تحاول أن تستظهر الخطبة حرفياً, فإن ذلك قد يؤدي إلى كارثة.
ومع ذلك, وبرغم هذا التحذير يحاول بعض من يقرأ هذه الأسطر أن يفعل ذلك. فإن فعل, فبماذا سيفكر حين يقف لإلقاء كلمته ؟
سيحاول بالطبع أن يتذكر التركيب الإنشائي, ويفكر بالأشياء السابقة, ولا يتطلع نحو الأمام, وهذا بعكس عمليات العقل البشري, فيأتي الخطاب حينئذ جافاً بارداً, وبعيداً عن الطبيعة الإنسانية.
لا تبحث عن الكلمات, ابحث فقط عن الحقيقة والفكرة, عندئذٍ تتدفق الكلمات دون أن تسعى إليها.
مهارات الإلقاء الجيد:
1- طريقة الوقوف:
إن الوقوف الصحيح له دوره في ارتياح الخطيب أثناء إلقاء الخطبة مما يزيد ثقته بنفسه, كما أنه يساعده على التنفس الصحيح الذي يؤثر في فعالية الصوت.
2- لا تبدأ بعجلة:
بعدما تنهض لمخاطبة جمهورك, لا تبدأ بعجلة. فهذه هي السمة المميزة للمبتدئ.
تطلع إلى جمهورك للحظة.. إن كانت هناك ضجة, توقف قليلاً حتى تزول.. أبق صدرك عالياً.
لكن لمَ الانتظار لفعل ذلك أمام الجمهور ؟ لم لا تفعل ذلك يومياً حين تكون منفرداً بذاتك، عندئذٍ يمكنك أن تفعل ذلك تلقائياً أمام الناس.
احذر الصدمة الأولى:
لاحظت بعض المبتدئين أثناء تدربهم على الخطابة، فكان بعضهم بمجرد وقوفه أمام الجمهور وشروعه في الخطبة يتلعثم في أول الكلام, بل ربما ارتج عليه فنسي المقدمة تماماً, مع أنه قد اجتهد في إعداد الخطبة. لماذا ؟
إن الكلمات الأولى التي يتفوه بها الخطيب في اللحظات الأولى من وقوفه أمام الجمهور تختلف عن غيرها من كلمات الخطبة.
ذلك لأنه يستقبل موقفاً جديداً يكتنفه الغموض والخوف. فهو يقف أمام الجمهور لأول وهلة وجهاً لوجه, وربما سيطر عليه شبح الخوف من الفشل أو الخطأ أو عدم قبول الناس له, فيصاب بالتوتر العصبي مما يؤدي إلى ذهوله عن الموضوع. مع أنه في الحقيقة ما أن يمضي في الكلام حتى يشعر بالطمأنينة والثقة.
ما الحل ؟
إن كلمات المقدمة من أهم العوامل المؤثرة في الخطبة، فبها يكتسب الخطيب الثقة بنفسه, وبها يحكم الجمهور على هذا الشخص الغريب الماثل أمامهم.
ولهذا, ضاعف الجهد في إعداد المقدمة وتكرارها واستحضارها حتى تكون من الوضوح مثل اسمك تماماً, وإياك والثقة الزائدة.
4- الاتزان وضبط النفس:
الاتزان يعني الطمأنينة والهدوء, وتجنب إحداث أي حركة في غير محلها.
وقد ذكرنا سابقاً أنه لا ينبغي العبث بملابسك لأنها تلفت الانتباه.
هناك سبب آخر وهو أن ذلك يمنح انطباعاً عن الضعف وقلة الثقة بالنفس.
5 - التواصل مع المخاطب, والتحدث بشكل مباشر:
يجب أن يشعر المستمع أن هناك رسالة موجهة من قلب الخطيب إلى قلبه.
إن الجمهور الحديث, سواء كان في اجتماع أو تحت خيمة, يريد من الخطيب أن يتحدث بشكل مباشر كما لو كان في جلسة سمر, وبالأسلوب العام الذي يستخدمه أثناء محادثة واحد منهم.
إذا كنت تخطب أمام الناس فإنك ستستحوذ على استحسانهم إذا كنت تخطب بأسلوب طبيعي لدرجة أن مستمعيك لن يحلموا أبداً بأنك تلقيت تدريباً على فن الخطابة.
إن مهمة تعليم أو تدريب الناس على الإلقاء ليست من المهام الصعبة الإضافية, بل إنها مسألة إزالة العوائق, وتحريرهم من القيود, واستدراجهم للتحدث بشكل طبيعي.
والطريقة الوحيدة لاكتساب هذه الطبيعة هي التدريب.
تدريب عملي:
إذا وجدت نفسك تتحدث بأسلوب متكلف, توقف وقل في نفسك:" ما الأمر؟ انتبه! كن طبيعياً ", يمكن أن تختار واحداً من المستمعين وتتخيل أنه سألك سؤالاً وأنت تجيب. تحدث إليه, وانس وجود سائر الحاضرين.
يمكنك الذهاب إلى أبعد من هذا, لتطرح أسئلة وتجيب عليها.
فمثلاً, في منتصف خطابك, تستطيع أن تقول: " لعلك أيها الأخ الكريم تتساءل عن سبب هذه المشكلة ؟ إن السبب بكل بساطة هو...." ثم تبدأ بالإجابة عن السؤال الخيالي.
يمكنك القيام بهذا الأسلوب بشكل طبيعي جداً. فهو يقطع الرتابة في الإلقاء, ويجعله أكثر مباشرة وتأثيراً.
6 - جودة النطق:
مخارج الحروف العربية متعددة معلومة, فعلى الخطيب أن يخرج كل حرف من مخرجه الصحيح, لكن مع مراعاة السلاسة والسهولة وعدم التكلف, فإن النفوس تنفر من التنطع والتشدق, وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " هلك المتنطعون "(4).
7 - مجانبة اللحن:
ينبغي للخطيب أن يعتني عناية تامة باللغة العربية صرفاً ونحواً, فيتكلم بلغة عربية صحيحة فصيحة.
وإذا أعياه الأمر فليقرأ خطبته على من يصحح له عباراتها, ويضبط كلماتها.
8 - التمهل في الإلقاء:
الإلقاء السريع المتعجل يفقد المتابعة, كما أنه قد يشوه إخراج الحروف فيختلط بعضها ببعض وتتداخل المعاني وتلتبس العبارات, وقد يؤدي التعجل إلى إهمال الوقوف عند المقاطع ورعاية الفواصل.
وهذا التمهل الذي ندعو إليه لا ينبغي أن يقود إلى هدوء بارد, وتثاقل مميت.
9 - تمييز الكلمات الهامة بالمؤثرات اللفظية:
ولغتنا العربية مليئة بالمؤثرات والمحسنات اللفظية التي تضفي إلى الكلمة طابعاً مميزاً جذاباً. فيمكن للخطيب أن يؤكد الكلمات الهامة ويلفت انتباه السامع لها بالمبالغة في تمييزها بهذه المؤثرات.
أمثلة تطبيقية:
أ – التشديد: كقوله تعالى: {فذلكم الله ربكم الحقّ}, وقوله: {وبسّت الجبال بسّاً}، وكقول الخطيب: الصّلاة, الرّحمة.
ب – الغنة: كقوله تعالى: { وأزلفت الجنَّة}, وقوله تعالى: {فلهم عذاب جهنم}.
ج – المد: كقوله تعالى {مأواهم النار}, وقوله: {والأمر يومئذ لله}، وكقول الواعظ: تذكروا صور العذاب في النار.. من حر وسموم.. وزمهرير وزقوم.
وقد يجتمع أكثر من مؤثر لفظي في الكلمة الواحدة فيقوى تميزها. كقوله تعالى: {فإذا جاءت الطامَّة الكبرى}.
10 - تغيير نبرة الصوت:
من أسباب ضعف التأثير, وتطرق الملل والسآمة إلى السامعين, أن يتحدث الخطيب بطبقة رتيبة على وتيرة واحدة.
عندما تجد نفسك كذلك ابحث عن أي جملة مناسبة لتغير من خلالها نبرة صوتك بما يتوافق مع أسلوب الجملة.
ومما يساعدك في القيام بهذا التغيير أمران: 1- التوقف اليسير 2- التدريب.
11 - تغيير سرعة الكلام:
فالأفكار الرئيسية والجمل الهامة ينبغي أن يلاحظ في إلقائها التؤدة وعدم الاستعجال, تمكيناً لاستيعاب السامع لها, وتعزيزاً لأثرها في النفوس.
12 - التوقف قبل وبعد الأفكار المهمة:
الخطيب الناجح يعرف أين يتوقف أثناء خطبته. فإذا مر بفكرة عظيمة يرغب في ترسيخها في أذهان مستمعيه توجه إليهم, وأحدق بعيونهم مباشرة للحظة من دون أن يقول شيئاً.
هذا الصمت المفاجئ له نتيجة الضجة المفاجئة. وهو يجذب الانتباه, ويجعل كل إنسان منتبهاً ومتحفزاً لما سيتلو ذلك الصمت.
وكذا يقال في التوقف بعد كل جملة يراد توكيدها, فهو يضيف إلى قوتها قوة أخرى من خلال الصمت, وذلك أن المعنى يغوص في هذه الأثناء في النفس ويؤدي رسالته.
لكن يجب أن يكون التوقف بشكل طبيعي, ومن دون تكلف.
وقد قيل: " من خلال صمتك تتكلم " فالصمت ليس ذهبياً أكثر مما يستخدم عندما تتكلم. وهو أداة قوية ومهمة لا ينبغي إغفالها, ومع ذلك فهي مهملة من قبل الخطيب المبتدئ.
مثال تطبيقي:
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: " أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: " أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: " أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ؟ " قُلْنَا: بَلَى، قَال:َ " أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِه،ِ قَالَ: " أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ؟ " قُلْنَا: بَلَى، قَال: " فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُم "(5).
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلا مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ: " يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ سَارَ سَا5عَةً، ثُمَّ قَالَ: " يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: " يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ " قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ.
قَال: " هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ ؟ " قَالَ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا "، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً قَالَ: " يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ " قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ: " هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ؟ " قَال:َ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: " أَنْ لا يُعَذِّبَهُم "(6).
13 - ماذا يجب أن تفعل بيديك ؟
لا تفكر فيهما. فإذا انسدلتا بشكل طبيعي إلى جانبيك, يكون الأمر مثالياً.
لا تظن أبداً أن أحداً سينتبه لهما أو أن لديه أدنى اهتمام بهما, هذا بالإضافة إلى أنهما ستكونان متحررتين للقيام بحركات تلقائية عندما يستدعي الأمر ذلك.
14 - الحركات والإشارات:
للحركات والإشارات أثرها الهام في الخطابة, وهي نوعان:
1- حركات لا إرادية: فالغاضب يقطب جبينه ويعبس وجهه, وذو الحماس تنتفخ أوداجه وتحمر عيناه, ومنهم من تنقبض أصابعه وتنبسط, ومنهم من يعلو صوته حماساً وتفاعلاً, ومنهم من يبكي رقة وخشوعاً.
2- حركات إرادية: تعكس الانفعال والمشاعر وتعين على مزيد من المتابعة والتوضيح.
وينبغي أن تكون هذه الإشارات والحركات منضبطة بقدر معقول, وانفعال غير متكلف, ومتناسقة مع الشعور الحقيقي.
من الصعوبة إعطاء قواعد محددة في هذا الباب, لأنه يعتمد على مزاج الخطيب, وعلى تحضيره وحماسه وشخصيته وموضوعه, وعلى الجمهور والمناسبة.
وإذا استخدمت الإيماءات والإشارات بمهارة, وبلا تكلف, وكانت ملائمة لمعاني الكلمات المصاحبة لها فإنه من الممكن أن تكون يدا الخطيب أداة عجيبة لإيصال الأفكار وتحريك المشاعر.
أمثلة تطبيقية :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ وَيَقُولُ: " بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ " وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَيَقُولُ: " أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّد،ٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ "... الحديث(7).
وفي رواية: يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَقَدْ عَلا صَوْتُهُ:... ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ.
عَنْ حُصَيْن بن عبد الرحمن أن عُمَارَةَ بْنَ رُؤَيْبَةَ رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ(8).
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّى لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ فَأَشَارَ بِيَدَيْهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُ الآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمْ الصَّلاةَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتَيْنِ فِي قِبْلَةِ هَذَا الْجِدَارِ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ" ثَلاثًا(9).
عن أَبِي هُرَيْرَةَ أنه قرأ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (سَمِيعًا بَصِيرًا) قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ(10)     (11).
15 - الاتصال البصري:
لا بد من توزيع النظر على الجمهور. فعيناك هما الحبل الذي يربطك بهم, يعرفون من خلاله مدى اهتمامك بهم, وتعرف أنت من خلاله مدى اهتمامهم بما تقول.
وهذا يزيد ثقتك بنفسك ويخلصك من الارتباك والتوتر, كما أنه يفيدك في معرفة ردود فعل المستمعين وانطباعاتهم لتجري على موضوعك أو طريقة إلقائه التعديل المناسب.
16- ما هو دور الابتسامة المشرقة ؟
الابتسامة من أبرز مظاهر الشخصية، فهي تكسب الثقة في الحال, وتُظهر حسن نية المرء بسرعة.
تقول حكمة صينية: " من لا يستطيع الابتسام يجب أن لا يفتح متجراً " فالابتسامة المرحبة مطلوبة أمام الجمهور كما هي مطلوبة وراء الآلة الحاسبة في المتجر.
هناك خطباء يتقدمون بأسلوب بارد متكلف وكأن عليهم القيام بمهمة مزعجة, فيحمدون الله عند انتهائهم. ونحن أيضاً كمستمعين نشعر بمثل ذلك, لأن هذه الأساليب تنتقل بالعدوى.
17- ما هو تأثير الملابس على الخطيب والمستمع ؟
في أحد البحوث أجمع كل الأفراد أنهم عندما يكونون بمظهر لائق وأنيق يشعرون بتأثير ذلك في منحهم الثقة بالنفس والرفع من تقديرهم الذاتي.
هذا هو تأثير الملابس على من يرتديها, فما هو تأثيرها على الجمهور ؟
لا شك أن لها أثراً عليه، فإذا كان الخطيب لا يعتني بملبسه, فإن الجمهور يُكنّ احتراماً ضئيلاً لهذا الإنسان مثلما يفعل هو لمظهره.
وإذا اعتاد الناس في مجتمع ما على لبس الخطيب أو الداعية لباساً معيناً ( كالعباءة مثلاً في مجتمعنا السعودي ) فليعتن الخطيب بهذا الجانب مراعاةً لعرف المخاطبين وقبولهم, وتعزيزاً لأثر خطبته في نفوسهم.
18 - اجمع جمهورك:
الحقيقة أن الجمهور لا يشعر بالإثارة عندما يكون متفرقاً. وما من شيء يقضي على الحماس كالفراغات الواسعة والكراسي الفارغة بين المستمعين.
اجمع جمهورك فإنك تستطيع إثارته بنصف الجهد. إن الإنسان وسط جمهور ضخم يفقد فرديته حيث يصبح فرداً من الجمهور, ويحُرَّك بسهولة أكثر مما يكون فرداً واحداً. وسيتفاعل ويضحك للأشياء التي لا تكاد تثيره حين يكون بين مجموعة صغيرة من المستمعين.
إذا كنت ستتحدث إلى مجموعة صغيرة, يجب أن تختار غرفة صغيرة. وإذا كان المستمعون متفرقين اطلب منهم التجمع في المقاعد الأمامية قربك. أصرّ على ذلك قبل أن تبدأ الكلام.
لا تقف أمام المنبر إلا عندما يكون الجمهور ضخماً, وهناك سبب يدعوك لذلك.
أقم روابط حميمة, واجعل خطابك كالحديث. وأبق الجو منعشاً.
19 - أرنا وجهك, واهتم بالإضاءة:
الناس يهتمون برؤية الخطيب, لأن التغيرات التي تطرأ على تعابير وجهه هي جزء حقيقي من عملية التعبير عن الذات. وهي تعني في بعض الأحيان شيئاً أكثر مما تعنيه الكلمات.
أما الإضاءة, فالخطيب العادي ليس لديه أدنى فكرة عن أهمية الإضاءة المناسبة.
دع الضوء يغمر وجهك. إذا وقفت تحت الضوء مباشرة ربما يكسو الظل وجهك, وإذا وقفت أمام الضوء مباشرة من المؤكد أن لا يبدو وجهك واضحاً. أليس من الحكمة إذن أن تختار قبل أن تنهض للخطاب البقعة التي تمنحك أفضل إنارة ؟
وأما الأثاث, فالترتيب المثالي هو التخلي عن الأثاث. فلا شيء يلفت الانتباه وراء الخطيب, أو على جانبيه, لا شيء سوى ستارة من القماش.
20 - القضاء على قواطع الانتباه:
لا يستطيع الجمهور أن يقاوم إغراء التطلع إلى الأشياء المتحركة أو الملفتة للانتباه. إذا علم الخطيب هذه الحقيقة, فإن عليه أن يقوم بالآتي:
أولاً: الابتعاد عن العبث بملابسه والقيام بحركات عصبية تحط من قدره.
ثانياً: يجب أن يتدبر الخطيب أمر جلوس الجمهور إذا أمكنه ذلك, لكي لا يجذب انتباههم دخول المتأخرين.
ثالثاً: يجب ألا يلتقي الضيوف على المنبر.
21- طريقة مبتكرة:
يستخدم بعض الخطباء المعاصرين رموزاً لأساليب ومهارات الإلقاء والتوقف يقوم بتدوينها بين جمل الخطبة, أو بإزائها في الهامش, وذلك أثناء التدرب المسبق على الخطاب, أو يدوّنها على ملاحظاته إذا استخدم طريقة الملاحظات المساعدة التي سبق ذكرها. كما يمكن الاستعانة بالألوان بدلاً عن الرموز الخطية.
أمثلة تطبيقية :
(.. ): وقوف ( ! ) أسلوب تعجب
(...): وقوف طويل ( ؟ ): أسلوب استفهام
( رفع ): رفع مستوى الصوت ( ترتيل ): ترتيل الآية
( خفض ): خفض مستوى الصوت ( إشارة ): إشارة أو حركة إرادية مناسبة
هذه مجرد أمثلة ولكل خطيب أن يستخدم ما يناسبه من الرموز.
مهارات تحسين الذاكرة:
من مقومات الخطيب الناجح قوة ذاكرته, وجودة استحضاره عناصر خطبته.
فما هي قوانين التذكر التي يمكن أن نطور من خلالها ذاكرتنا ؟
يقول علماء النفس: إن الرجل العادي لا يستخدم أكثر من عشرة بالمائة من طاقة الذاكرة الفعلية لديه. فهو يهدر التسعين بالمائة الأخرى بسبب انتهاكه قوانين التذكر الطبيعية.
هل أنت واحد من هؤلاء ؟ إن كنت كذلك فأنت مصاب بعاهة اجتماعية سائدة.
إن " قوانين التذكر الطبيعة " بسيطة جداً, وهي ثلاثة فقط, وكل ما يسمى بـ" جهاز الذاكرة " يقوم على هذه القوانين :
1- الانطباع. 2- التكرار. 3- ترابط الأفكار.
1 - الانطباع:
إن أول قانون للذاكرة هو: الحصول على انطباع عميق وسريع وراسخ عن الشيء الذي ترغب في تذكره, ومن أجل القيام بذلك, يجب أن تركز تفكيرك.
إن خمس دقائق من التركيز الشديد تسفر عن نتائج عظيمة أكثر من قضاء عدة أيام في التأمل.
قدّم اثنين أو ثلاثة من أصدقائك إلى إنسان عادي هناك فرصة في أن ينسى اسم واحد منهم بعد دقيقتين. لماذا ؟ لأنه لم يبد اهتماماً كافياً بهم, ومن المحتمل أن يخبرك أن لديه ذاكرة ضعيفة. كلا, بل لديه قوة ملاحظة ضعيفة.
يقول أحد الكتاب: كنت أستظهر المحاضرات غيباً في كل ليلة, وكان علي في كل ليلة أن أستعين بصفحة من الملاحظات كي لا أرتبك، وكانت الملاحظات تتألف من بدايات الجمل من المحاضرة. هذه الملاحظات كانت تحميني من نسيان فكرة ما, لكنها كانت تبدو متشابهة في الصفحة, ولم تشكل أية صورة. كنت أتصورها في قلبي, إلا أنني لم أستطع أن أتذكر بالتأكيد تتابعها, لذلك كان علي الاحتفاظ بهذه الملاحظات بالقرب مني والنظر إليها من حين لآخر, وحالما أفقدها, لا يمكنك أن تتخيل أهوال تلك الليلة.
ثم اكتشفت وسيلة أخرى للحماية, فحفظت أول الأحرف غيباً بالتتابع.
بعد ذلك خطرت لي فكرة الصور ! فتلاشت مشكلاتي. وخلال دقيقتين, رسمت بقلمي ست صور قامت بعمل الجمل الرئيسية تماماًَ, ثم ألقيت بالصور حالما رسمتها, لأنني تأكدت أن باستطاعتي إغلاق عيني ومشاهدتها في أي وقت.
2- التكرار:
باستطاعتك أن تتذكر كمية لا متناهية من المعلومات إذا كررتها جيداً. أعد المعلومات التي تريد أن تتذكرها. استخدم الكلمة الجديدة في محادثتك, وادع الغريب باسمه إذا أردت أن تتذكره, فإن المعرفة التي تستخدم ترسخ في الذهن.
ما هو التكرار الذكي ؟
الإنسان الذي يكرر مراراً في جلسة واحدة يستخدم ضعف الوقت والطاقة الضروريين لتحقيق النتائج ذاتها عندما تجرى عملية التكرار في فترات منفصلة.
وغرابة الذهن هذه - إذا أمكننا تسميتها كذلك - يمكن تعليلها بعاملين اثنين:
أولاً: خلال فترة الفراغ بين تكرار المادة, ينشغل العقل الباطن بتوثيق ترابط الأفكار, كما قيل: نحن نتعلم السباحة خلال الشتاء.
ثانياً: إن الذهن باستخدام فترات الفراغ لا يشعر بالإرهاق الناتج عن التطبيق المتتابع.
وهنا اكتشاف مفيد جداً عن الطريقة التي بها ننسى. فقد أظهرت التجارب النفسية مراراً أن المادة الجديدة التي نتعلمها ننساها خلال الساعات الثمان الأولى أكثر مما ننساها خلال الثلاثين يوماً التالية. إنها نسبة مذهلة !
والحل هو المراجعة والتكرار المنظم.
ولهذا قال بعض السلف: السبق حرف, والتكرار ألف.
3- ترابط الأفكار:
وهو المادة الضرورية للتذكر. وفي الحقيقة, إنه تفسير للذاكرة نفسها.
إن سر الذاكرة الجيدة هو تكوين عدة أفكار مترابطة ومتعاكسة لدى كل حقيقة ترغب في الحصول عليها. ويتم ذلك بإيجاد معناها والتفكير الدائب بها عبر عدة أسئلة: لماذا ؟ كيف ؟ متى ؟ أين ؟ من قال ذلك ؟...إلخ
كيف تتذكر عناصر خطبتك ؟
هناك طريقتان تستطيع من خلالهما أن تتذكر عناصر الخطبة:-
أولاً: بواسطة دافع خارجي: كالملاحظات, مع أن الأولى بالخطيب تجنب استخدامها إذا أمكنه ذلك.
ثانياً: بربط الشيء بشيء موجود في الذهن مسبقاً, وذلك بتسلسل منطقي.
ماذا تفعل إذا نسيت النقطة التالية ؟:
يلجأ بعضهم إلى افتعال موقف معين كالتأكد من وضوح الصوت أو شرب الماء, وخلال هذا التوقف الضئيل يلتقط الفكرة ويتابع.
لكن أفضل منقذ في مثل هذا المأزق الذهني هو: استخدام آخر كلمة أو عبارة في الجملة الأخيرة لتوليد تعليق مناسب أو جمل جديدة فيما يجري تذكر النقطة التالية أثناء إلقاء هذه الجمل.

 

 

 

 

 

 

(1) رواه مسلم ( 1763 ).
(2) رواه ابن ماجه ( 1354) وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه.
(3) رواه البخاري ( 5756 ) ومسلم ( 2224 ) عن أنس t .
(4) رواه مسلم ( 267. ) عن ابن مسعود
(5) البخاري ( 1741 ) ومسلم ( 1679 )
(6) رواه البخاري ( 2856 ) ومسلم ( 30)
(7) رواه مسلم ( 867 )
(8) رواه مسلم ( 874 )
(9) رواه البخاري ( 749 )
(10) رواه أبو داود ( 4728 ) وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود: صحيح الإسناد.
(11) قال أبوداود في السنن / 668: " قال ابن يونس: قال المقرئ: يعني أن الله سميع بصير, يعني أن لله سمعاً وبصراً.
قال أبو داود: وهذا رد على الجهمية "..

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات