بعض أحكام صلاة الجمعة (2 - 3)

عبد الجليل مبرور

2022-10-08 - 1444/03/12
التصنيفات: أحكام الخطبة

اقتباس

وتقييد سماع النِّداء بمسافة معيَّنة لم يثبت بدليل، وهو مَحْض تحَكُّم، واختلاف الصحابة -رضي الله عنهم- دليل على عدم ورود مقيَّد، فوجب العمل بالحديث على إطلاقه، والمعتبر مَظِنَّة السَّماع غالبًا، إذا كان المؤذِّن صَيِّتًا، والرِّياح ساكنة، والأصوات هادئة، والعوارض منتَفِية.

 

 

 

 

تكلمنا في المقال الأول عن الفصل الأول "فرضية صلاة الجمعة" من البحث المسمى (بعض أحكام صلاة الجمعة)، وفي هذا المقال سوف يكون كلامنا عن الفصل الثاني" شروط وجوب الجمعة" فأقول وبالله التوفيق:

 

اتَّفق العلماء على أنَّ الجُمعة تجب على كلِّ مسلم حرّ ذكَر، واختلفوا في شرطين آخَرَين:

 

الشرط الأول: الإقامة.

 

الشرط الثاني: القرب من موضعها.

 

المبحث الأول: شرط الإقامة:

 

وقد شرَطها الجُمهور من الأحناف[1]، والمالكيَّة[2] والشافعية[3] والحنابلة[4]، وخالف في ذلك الظاهرية[5].

 

أدلَّة القائلين بِشَرْط الإقامة:

الدليل الأول:

عن جابر أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "مَن كان يُؤْمن بالله واليوم الآخِر، فعليه الجُمعة يوم الجمعة، إلاَّ مريض أو مسافر أو امرأة أو صبي أو مملوك، فمَن استَغنى بِلَهو أو تجارة استَغنى الله عنه، والله غنيٌّ حميد"؛ حديث صحيح؛ لشواهده[6].

 

الدليل الثاني:

حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "ليس على مسافر جمعة" ضعيف لكن يشهد له ما قبله[7].

 

الدليل الثالث:

أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يُسافر فلا يصلِّي الجمعة في سفَره.

 

الدليل الرابع:

كان في حجَّة الوداع بعرفة يوم الجمعة، فصلَّى الظُّهر والعصر جمْعَ تقديم، ولَم يُصلِّ جمعته وكذلك فعَل الخُلفاءُ الرَّاشدون وغيرهم.

 

دليل القائلين بعدم اشتراط الإقامة:

الدليل الأول:

استدلُّوا بعموم قوله -جلَّ وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9].

فقالوا: هذا يَشمل كلَّ مُسلم بدون تقييد، لا بِسَفر، ولا بغيره.

واستدلوا أيضًا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- "أنهم كتبوا إلى عمر بن الخطاب يسألونه عن الجمعة وهم بالبَحْرين؟ فكتب إليهم: أنْ جَمِّعوا حيثما كنتم"[8].

وعن ابن جريج قال: "بلَغني أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- جمع بأصحابه في سفر، وخطَبَهم متوكِّئًا على قوس"[9].

 

الرَّاجح:

والذي يَظهر أنَّ الراجح مما سبق هو قول الجمهور، وقد أُجيبَ عن أدلة الظاهرية بما يلي:

أما عموم الآية فقد خصَّصه حديث جابر -رضي الله عنه- وفعله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في عدم صلاة الجمعة بعرفة.

وحديث عمر بن الخطاب فيه دلالة صحَّة الجمعة في القُرى والمدن، كما فَهِمه مخرِّجه حيث بَوَّب له بقوله: "باب مَن كان يرى الجمعة في القُرى وغيرها".

 أما بلاغ ابن جريج فضعيف، وما كنَّا لِنَقبله ونَرُدَّ حديث جابر -رضي الله عنه- ومُرْسل ابن شهاب.

 

المبحث الثاني: شرط القرب من موضعها:

اتَّفق العلماء على أن الجمعة تجب على مَن في المِصر؛ سواءٌ سمع النِّداء أو لم يَسمع[10]، ثم اختلفوا في مسألتين:

 

المسألة الأولى: الاختلاف في وجوبها على أهل المصر والقرى.

 

المسألة الثانية: اختلاف الجمهور في حدِّ القرب من المصر.

 

المطلب الأول: وجوبها على أهل المصر والقرى.

فقيل: هي واجبة على أهل المصر فقط، ولا تَلزم الجمعةُ من كان خارج المصر أو القرية مع أهله بحال، إذا كان بينهم وبين المصر فُرْجة، ولو كانوا من ربض المصر، وهو مذهب الأحناف[11].

 

وقيل: واجبةٌ على أهل المصر والقرية، وهو مذهب جمهور العلماء من المالكية[12] والشافعية[13] والحنابلة[14]، وهو اختيار ابن تيميَّة[15].

 

أدلة القائلين بوُجوبها على أهل المصر دون خارجه:

الدليل الأول:

عن علي -رضي الله عنه -: "لا جمُعة، ولا تشريق، ولا صلاة فِطْر ولا أضحى، إلاَّ في مصر جامع، أو مدينة عظيمة"؛ صحيح موقوف على علي -رضي الله عنه[16].

 

 قالوا: وإن كان الصحيح وقْفَه فمِثله في حُكم المرفوع؛ لأنَّه من شروط العبادة، ولا مَدْخل للرأي فيها.

 

 قالوا: لأنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يُقيم الجمعة بالمدينة فلا يدعو أهل العوالي والسَّواد، ولو وجَبَت عليهم لوجب عليه أن يأمرهم بها، قال: ولأنَّ كُلَّ موضع لا تجب فيه صلاة الجمعة لا تجب على أهله الجمعة، قياسًا على من لم يسمع النِّداء.

 

ولأنه لَمَّا لَم يكن سماع النِّداء في البلد شرطًا في وجوب الجمعة؛ لأنَّها تجب عليهم وإن لم يسمعوه، وجب أن يَبطل الاعتبار به فيمن خارج البلد، فلا تجب عليهم الجمعة وإن سمعوه، قال: ولأنَّ ما قَرُب من البلد في حكم ما بعد عنه، ألاَ ترى أنَّه لو نوى السَّفر، وفارق بنيان البلد، جاز له القَصْر والمسح ثلاثًا كما لو بعد عنه، فلَمَّا لم تجب الجمعة على مَن بعد لم تجب على من قرب[17].

 

أدلة وجوبها على أهل المصر والقرية:

الدليل الأول:

عموم قوله -جلَّ وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9].

 

الدليل الثاني:

عن عبدالله بن عمرٍو أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "الجمعة على من سمع النداء" حديث حسَن[18].

وفيه أنَّ النِّداء قد يُسمع على مسافة فرسخ، فيلزم مَن كان خارج البلد بهذه المسافة.

 

 الدليل الثالث:

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- "أنهم كتبوا إلى عُمَر بن الخطاب يسألونه عن الجمعة وهم بالبحرين؟ فكتب إليهم: أن جمِّعوا حيثما كنتم"[19].

 

الدليل الرابع:

عن ابن عبَّاس: أنه قال: "إن أول جمُعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مسجد عبد القيس بِجُواثَى من البحرين"[20]، وهي قرية من قرى البحرين.

 

الدليل الخامس:

عن ابن عمر: "أنه كان يرى أهل المياه بين مكَّة والمدينة يجمعون، فلا يعيب عليهم"[21].

 

الدليل السادس:

حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدَّثَنا عبدالله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر أنَّ محمد بن جعفر بن الزبير حدَّثه عن عروة بن الزُّبير عن عائشة زوجِ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قالتْ: كان الناس يَنْتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي، فيأتون في الغبار يُصيبهم الغبار، والعرق فيخرج منهم العرق، فأتى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "لو أنَّكم تطَهَّرتم ليومكم هذا"[22].

 

الدليل السابع:

عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك -وكان قائدَ أبيه بعدما ذهب بصَرُه عن أبيه كعب بن مالك أنه كان إذا سمع النِّداء يوم الجمعة ترَحَّم لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النِّداء ترحَّمت لأسعد بن زرارة! قال: لأنَّه أوَّل مَن جمع بنا في هزم النَّبيت من حَرَّة بني بياضة في نَقِيع يقال له: نَقيع الخَضَمات، قلتُ: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون[23].

قال الخطابي: حَرَّة بني بياضة قرية على ميل من المدينة[24].

 

الدليل الثامن:

عن اللَّيث بن سعد قال: "كلُّ مدينة أو قرية فيها جماعة وعليهم أمير، أُمِروا بالجمعة، فلْيُجمع بهم؛ فإنَّ أهل الإسكندرية ومدائن مصر ومدائن سواحلها كانوا يُجمعون الجمعة على عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما- بأمرهما، وفيها رجال من الصَّحابة"[25].

 

الدليل التاسع:

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "كلُّكم راعٍ" وزاد الليث: قال يونس: كَتَب رُزَيق بن حكيم إلى ابن شهاب، وأنا معه يومئذ بوادي القرى: هل تَرى أن أجمع، ورزيق عامل على أرض يعملها وفيها جماعة من السُّودان وغيرهم، ورزيق يومئذ على أَيلَة، فكتب ابنُ شهاب -وأنا أَسمع- يأمره أن يجمع؛ يُخبِره أن سالِمًا حدَّثه أن عبدالله بن عمر يقول: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "كلُّكم راع وكلُّكم مسؤول عن رعيته؛ الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيِّده ومسؤول عن رعيته"، قال: وحسبت أن قد قال: "والرَّجل راعٍ في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، وكلُّكم راع ومسؤول عن رعيته"[26].

 

ووجْه ما احْتجَّ به على التَّجميع من قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "كلُّكم راع" أنَّ على من كان أميرًا إقامة الأحكام الشرعية -والجمعة منها- وكان رُزَيق عاملاً على الطائفة التي ذَكَرها، وكان عليه أن يراعي حقوقَهم، ومن جملتها إقامة الجمعة.

قال الزَّين بن المُنير: في هذه القصَّة إيماء إلى أنَّ الجمعة تنعقد بغير إذْنٍ من السُّلطان إذا كان في القوم من يقوم بمصالحهم، وفيه إقامة الجمعة في القرى، خلافًا لمن شرط لها المُدُن.

 

فإن قيل: قوله: "كلُّكم راعٍ" يعمُّ جميع الناس، فيدخل فيه المرْعيُّ أيضًا، فالجواب أنه مرعي باعتبار، راعٍ باعتبار، حتى ولو لم يكن له أحَدٌ كان راعيًا لجوارحه وحواسِّه؛ لأنَّه يجب عليه أن يقوم بحقِّ الله وحق عباده[27].

 

الدليل العاشر:

عن أبي هريرة، قال: أتى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- رجلٌ أعمى، فقال: يا رسول الله، إنَّه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يرخص له، فيصلِّي في بيته، فرخَّص له، فلما ولَّى، دعاه، فقال: "هل تسمع النِّداء بالصلاة؟" قال: نعم، قال: "فأجب".

وهذا الحديث عامٌّ فيمَن كان من أهل القرية نفْسِها ومن كان قريبًا منها وهو يسمع النِّداء، فإذا تأكَّد إجابة النِّداء لصلاة الجماعة فالجمعة من باب أولى.

 

الترجيح:

والذي يَظهر أن الرَّاجح هو قول الجمهور؛ لما سَبَق من الأدلة، وقد أجابوا عن أدلة الأحناف بأجوبة:

فأما الجواب عن قوله: "لا جمعة إلاَّ على أهل مصر جامع"، فهو مروي عن علي -رضي الله عنه- وموقوف عليه، ولو صحَّ مُسنَدًا لَحُمل على من لم يسمع النِّداء، وخصَّ بقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- "الجمعة على كلِّ من سمع النداء"؛ لأنه عام، وهذا خاصٌّ منه.

 

وأما قولهم أنه -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يأمر أهل العوالي والسواد بها، فبُهْت مع نصِّ كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأنَّ الله تعالى قد أمرهم بها بقوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) [الجمعة: 9].

ورسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قد ندبهم إليها في قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "تجب الجمعة على كلِّ مسلم".

وأما قياسهم فالمعنى في أصله: أنه لم يَبْلغهم شعار الجمعة.

 

وأما قولهم: لما بطَل اعتبار النِّداء في وجوب الجمعة في البلد بطَل اعتباره خارج البلد، وهو نداء الجامع، فلا يُعتبر في أهل البلد، ولا في الخارجين عنه، والنِّداء الذي اعتبرناه خارج البلد اعتبرناه في البلد، وهو النِّداء في كلِّ موضع منه، فاستَوَيا.

 

وأمَّا قولهم ما قَرُب من البلد في حُكم ما بعد عنه، فغير صحيح؛ لأنه لو نَوى سفَر ما قَرُب لم يَقْصر، ولو نوى سفر ما بَعُد جاز أن يقصر، فعُلِم أن حكم ما قرب قد يخالف حكم ما بعد.

فإذا صحَّ ما ذكرناه، فهو حُجَّة على جميع مَن خالفنا[28].

 

المطلب الثاني: اختلاف الجمهور في حد القرب من المصر:

ذهَب جمهور العلماء إلى القول بأنَّ الجمعة واجبة على أهل المصر والقرية، وعلى من كان خارِجَهما مع القرب دون البعد.

 

ثم اختلفوا في حدِّ هذا القرب على أقوال:

فقيل: تجب الجمعة على من يبعد عن البلد بنحو فَرْسخ فأَقلَّ؛ أيْ: ما يقارب ثلاثة أميال، ولا فرق في ذلك بين المصر والقرية والأخصاص (أيْ: بيوت الجريد أو القصَب)، وهو مذهب المالكية[29]، والحنابلة[30]، واختاره ابن تيميَّة[31].

وقيل: العبرة بسماع النِّداء، وهو مذهب الشافعية، وهو رواية عن أحمد[32].

وقيل: يلزم المجيء إلى الجمعة مَن كان منها بحيث إذا زالت الشمس وقد توضَّأ قبل ذلك، دخل الطريق أثر أول الزَّوال، ومشى مُترسِّلاً، ويُدرك منها ولو السَّلام، سواء سمع النداء أو لم يسمع، وهو مذهب الظاهريَّة[33].

وقيل: مَن آواه اللَّيل إلى أهله، رُوي ذلك عن ابن عُمَر وأبي هريرة وأنس والحسن ونافع مولى ابن عمر، وكذلك قال عكرمة والحكم وعطاء والأوزاعي وأبو ثور[34]، وقيل غير ذلك[35].

 

أدلَّة القائلين بأنها تجب الجمعة على من يبعد عن البلد بنحو فرسخ فأقل:

الدليل الأول:

عن جابر -رضي الله عنه- قال: قام رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- خطيبًا يوم الجمعة، فقال: "عسى رجلٌ تحضره الجمعة وهو على قَدْر ميل من المدينة، فلا يحضرها"، ثم قال في الثانية: "وهو على قدْر ميلين من المدينة فلا يحضرها"، ثم قال في الثالثة: "وهو على قدر ثلاثة أميال من المدينة، فلا يحضر الجمعة، ويطبع الله على قَلْبه"؛ ضعيف جدًّا[36].

 

الدليل الثاني:

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "ألاَ هل عسى أحَدُكم أن يتَّخذ الصبة من الغنم على رأس ميل أو ميلين، فيتعذَّر عليه الكلأ، فيرتفع، ثم تَجِيء الجمعة فلا يجيء ولا يشهدها، وتجيء الجمعة فلا يَشهدها، وتجيء الجمعة فلا يشهدها، حتىَّ يُطبَع على قلبه"؛ صحيح لغيره[37].

 

الدليل الثالث:

حدَّثنا أحمد بن صالح، قال: حدَّثنا عبدالله بن وَهْب، قال: أخبرني عمرُو بن الحارث عن عُبَيدالله بن أبي جعفر أنَّ محمد بن جعفر بن الزبير حدَّثه عن عروة بن الزُّبير عن عائشة زوجِ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قالت: كان النَّاس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي، فيأتون في الغبار يصيبهم الغبار، والعرق فيخرج منهم العرق، فأتى رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "لو أنَّكم تطهَّرتم ليومكم هذا"[38].

 

 وقد جاء تحديد العوالي عند البخاري، قال: حدَّثنا أبو اليَمَان قال: أخبرنا شُعَيب عن الزُّهري، قال: حدَّثني أنس بن مالك، قال: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يصلِّي العصر والشمسُ مرتفعة حيَّة، فيذهب الذَّاهب إلى العوالي، فيأتيهم والشمس مرتفعة، وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه[39].

 

الدليل الرابع: آثار عن بعض الصحابة:

عن عمرو بن شُعَيب أنَّ عبد الله بن عمرِو بن العاص "يكون بالوهط، فلا يَشْهد الجمعة مع الناس بالطَّائف، وإنما بَيْنه وبين الطائف أربعة أميال أو ثلاثة"[40].

 عن ثابتٍ البُنَاني قال: كان أنَسٌ "يكون في أرضه، وبينه وبين البصرة ثلاثة أميال، فيَشهد الجمعة بالبصرة"[41].

 

أدلة القائلين: إنَّ العبرة بسماع النداء:

استدلوا بعموم قوله -جلَّ وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9].

عن عبدالله بن عمرو أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "الجمعة على من سمع النداء"؛ حديث حسَن.

 

قالوا: إنَّ القاعدة تقول: المُطْلق يَجري على إطلاقه ما لم يَقُم دليلُ التقييد نصًّا أو دلالة، ومعناه أنَّه يجري على إطلاقه ما لم يَقُم دليل التقييد نصًّا؛ أيْ: لفظًا، وذلك بأن يكون مقرونًا بنحوِ صفة، أو حال، أو إضافة، أو مفعول، أو نهي، أو شرط، أو استثناء، أو دلالة، كقول المكاري لآخَر: اشْتَرِ لي بغلاً أو بغلة، فاشترى له بغلة[42].

 

وتقييد سماع النِّداء بمسافة معيَّنة لم يثبت بدليل، وهو مَحْض تحَكُّم، واختلاف الصحابة -رضي الله عنهم- دليل على عدم ورود مقيَّد، فوجب العمل بالحديث على إطلاقه، والمعتبر مَظِنَّة السَّماع غالبًا، إذا كان المؤذِّن صَيِّتًا، والرِّياح ساكنة، والأصوات هادئة، والعوارض منتَفِية.

 وحديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "ألاَ هل عسى أحدكم أن يتَّخذ الصبة من الغنم على رأس ميل أو ميلين، فيتعذَّر عليه الكلأ، فيرتفع، ثم تجيء الجمعة فلا يجيء ولا يشهدها، وتجيء الجمعة فلا يَشهدها، وتجيء الجمعة فلا يشهدها، حتى يُطبع على قلبه".

فيه تنبيه على أن الميل والميلَيْن مِنْ مظنَّة القرب، ومِن مظنَّة سماع النِّداء غالبًا، وليستْ نصًّا فيما زاد عنها أنه لا تجب عليه.

 

أدلَّة القائلين: يلزم المجيء إلى الجمعة مَن كان منها بحيثُ إذا زالتِ الشمسُ وقد توَضَّأ قبل ذلك، دخل الطريق إثْرَ أول الزوال، ومشى مُترسِّلاً، ويُدرك منها ولو السَّلام، سواء سمع النداء أو لم يسمع.

قالوا: إنُّ النِّداء قد لا يَسمعه؛ لِخَفاء صوت المؤذِّن، أو لحمل الرِّيح له إلى جهة أخرى، أو لحوالة رابية من الأرض دونه من كان قريبًا جدًّا، وقد يسمع على أميال كثيرة إذا كان المؤذِّن في المنار والقرية في جبل والمؤذِّن صَيِّتًا والرِّيح تحمل صوته.

أنَّ قول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "أتَسمع النِّداء؟" قال: نعم، قال: "أَجِب"، أنه إنَّما أمره بالإجابة لحضور الصَّلاة المدعوِّ إليها، لا مَن يوقن أنه لا يدرك منها شيئًا، هذا معلوم يقينًا، ويبيِّن ذلك إخبارُه -عليه السَّلام-بأنه يهمُّ بإحراق منازل المتخلِّفين عن الصلاة في الجماعة لغير عُذر.

 

فإذْ قد اختلفوا هذا الاختلافَ، فالمرْجوع إليه ما افتَرَض الله الرجوعَ إليه مِنَ القرآن والسُّنة، فوَجدنا الله –تعالى- قد قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) [الجمعة: 9]، فافترض الله –تعالى- السَّعي إليها إذا نُودي لها، لا قبل ذلك، ولَم يَشترط تعالى مَن سمع النداء ممن لم يسمعه، والنِّداء لها إنما هو إذا زالت الشمس، فمن أَمَر بالرَّواح قبل ذلك فرضًا فقد افتَرَض ما لم يفترضه الله –تعالى- في الآية ولا رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فصحَّ يقينًا أنه تعالى أمر بالرَّواح إليها إثْرَ زوال الشمس، لا قبل ذلك، فصحَّ أنه قبل ذلك فضيلة لا فريضة، كمن قرَّب بدنة، أو بقرة، أو كبشًا، أو ما ذُكِر معها.

 

وقد صحَّ أمر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- مَن مشى إلى الصَّلاة بالسكينة والوقار، والسَّعي المذكور في القرآن إنما هو المَشْي لا الجري، وقد صحَّ أن السَّعي المأمور به إنما هو لإدراك الصَّلاة لا لِلْعَناء دون إدراكها، وقد قال -عليه السَّلام -: "فما أدركتم فصَلُّوا، وما فاتكم فأتِمُّوا"، فصحَّ قولُنا بيقين لا مِرْية فيه[43].

 

أدلة القائلين: إنها تجب على مَن آواه الليل إلى أهله:

عن أبي هريرة عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "الجمعة على مَن آواه اللَّيل إلى أهله"؛ ضعيف جدًّا[44].

والمعنى أنَّها تجب على مَن يمكنه الرُّجوع إلى أهله قبل دخول الليل، واستُشكل بأنه يَلزم منه أنه يجب السَّعي من أول النهار، وهو بخلاف الآية[45].

 

الراجح:

والذي يظهر أن الرَّاجح هو أنَّ العبرة بسماع النِّداء، أمَّا تحديده بفرسخ فغير منصوص، والقاعدة تقضي بأنَّ المُطْلَق يجري على إطلاقه ما لم يَقُم دليل التقييد نصًّا أو دلالة، خصوصًا وأنَّ الصحابة قد اختلفوا في تقدير حدِّ القرب، فوجب الرُّجوع إلى النَّصِّ، أمَّا تحديدها بوقت الزوال فغير منضبط؛ لكون الناس ليسوا سواء في معرفته.

 

وأما من قال: إنها تجب على من آواه الليل إلى أهله، فمَحْجوج بِوَهاء طرُق الحديث، فبَقِي –إذًا- النِّداء الذي هو شعار المسلمين، وبه أُنيطَ الحضور إلى صلاة الجماعة، فمِن باب أولى أن تُناط به الجمعة، فمن سَمِعه وجب عليه إجابته، وقد يَسمع على أميال كثيرة إذا كان المؤذِّن في المنار، والقرية في جبل، والمؤذِّن صيِّتًا، والرِّيح تحمل صوته، خصوصًا في عصرنا الحالي وقد اختُرِعت مُكبِّرات الصوت التي قد ملأَتْ جنبات المدن، فأصبح النِّداء يبلغ أميالاً، والتقييد بغير نصٍّ صحيحٍ صريح فيه تحجيرُ الواسع، والله تعالى أعلى وأعلم وأحكم.

 

يتبع المقال الثالث وفيه "الفصل الثالث" ومباحثه.

 

----

المراجع:

[1] "المبسوط" (2 / 21)، "الدُّر المختار" (3 / 27)، "بدائع الصنائع" (1 / 258).

 

[2] "الكافي" في فقه أهل المدينة (1 / 248)، "القوانين الفقهية" (63)، "بداية المجتهِد" (1 / 159).

 

[3] "مُغْني المحتاج" (1 / 414)، "المهذب" (1 / 205)، "المجموع" (4 / 351).

 

[4] "دليل الطالب" (1 / 55)، "المُغْني" (3 / 206).

 

[5] "المُحلَّى" (5 / 49).

 

[6] أخرجه الدارقطني (2 / 305)، والبيهقي (3 / 261)، من طريق ابن لهيعة، ثنا معاذ بن محمد الأنصاري، عن أبي الزُّبير عن جابر، فذكره.

 

وهذه الطريق لها ثلاث عِلَل:

الأولى: ابن لَهِيعة، وقد اختلط.

 

الثانية: جهالة معاذ بن محمد الأنصاري، قال العقيلي: في حديثه وَهْم يحمل حديث رجل على غيره؛ "الضُّعفاء" (1348).

 

"لسان الميزان" (8 / 95): قال الذَّهبي ما رَوى عنه إلاَّ ابن لهيعة؛"المُغْني في الضعفاء" (307).

 

الثالثة: عنْعَنةُ أبي الزبير لا تُقبل ما لم يصرِّح بالتحديث.

 

غير أنَّ للحديث شواهدَ يصحُّ بها:

 

الشاهد الأول: من حديث طارق بن شهاب.

 

أخرجه أبو داود (1067) مرسَلاً، وقال: "طارقٌ قد رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يسمع منه".

 

وقد رواه الحاكم (1 / 288) من حديث طارق عن أبي موسى عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وصحَّحه.

 

قال الحافظ في "التلخيص" (651): "وصحَّحه غير واحد".

 

غير أنَّ المحفوظ هو المُرسَل.

 

قال البيهقي (3 / 261): "هذا الحديث وإن كان فيه إرسال فهو مرسل جيِّد".

 

قال الزيلعي (2 / 199): "قال النَّووي في "الخلاصة": وهذا غير قادح في صِحَّته، فإنه يكون مُرسَل صحابي، وهو حُجَّة، والحديث على شرط الشيخين".

 

الشاهد الثاني: من حديث تميم الداري مرفوعًا: ((الجمعة واجبة، إلاَّ على صبي أو مملوك أو مسافر))؛ أخرجه العُقيلي في "الضعفاء" (193) والبيهقي (3 / 261) وزاد: ((المرأة والمريض))، وسنده ضعيف جدًّا.

فأبو عبدالله الشامي مجهول؛ "الجَرح والتعديل" (9 / 409).

والحكَم أبو عمرو بن عمرو مجهول؛ "الجَرح والتعديل" (3 / 119).

ومحمد بن طلحة بن مُصرِّف ضعيف؛ "تهذيب التَّهذيب" (3 / 597).

وضِرَار بن عمرو وقال فيه البخاري فيه نظر؛ "العقيلي" (193).

قال أبو زرعة: "هذا حديث منكَر"؛ "عِلَل ابن أبي حاتم" (2 / 585).

 

الشاهد الثالث: عن مولى لآل الزبير:

أخرجه البيهقي (5 / 261) من طريق حسن بن صالح بن حي، حدَّثني أبي، حدَّثني أبو حازم عنه، وسنده ضعيف.

 

الشاهد الرابع: عن أبي هريرة:

 

أخرجه الطبراني في "الأوسط"، كما في "مَجْمع البحرين" في زوائد المعجمين (2 / 195) من طريق عبدالعظيم بن رغبان الحمصي، ثنا أبو معشر عن سعيد المَقبري عن أبي هريرة، وقال: لم يَروه عن المقبري إلاَّ أبو مَعْشر، تفَرَّد به عبدُالعظيم.

وأبو معشر ضعيف أسَنَّ، واختلَطَ كما في "التقريب".

وعبد العظيم بن رغبان ضَعَّفه الدارقطني؛ "اللِّسان" (4 / 40)، و"الميزان" (2 / 639).

وقد رواه الطبراني في "الأَوْسَط" زوائد المعجمين (2 / 196)، من طريق إبراهيم بن حماد بن أبي حازم المَدِينِي، ثنا مالك بن أنس، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة.

قال الطبراني: "لم يَرْوِه عن مالك إلاَّ إبراهيم".

وإبراهيم بن حمال ضعَّفه الدارقطني؛ "اللِّسان" 1 / 50، "الميزان" 1 / 28.

 

الشاهد الخامس: عن محمد بن كعب القرظي وهو مرسل.

أخرجه ابن أبي شيبة (5191)، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، وعنعنة هشيم.

 

[7] أخرجه الطبراني في "الأوسط" (مجمع البحرين (2 / 197))، والدارقطني (2 / 307)، من طريق القواريري، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عبدالله بن نافع، عن أبيه، عنه.

وعبدالله بن نافع ضعيف.

قال يحيى: ضعيف، وقال مرة: ليس بشيء، وقال مرة: ليس بذاك، وقال مرة: يُكتب حديثه، وقال عليٌّ: يَروي أحاديثَ مُنكرة، وقال البخاريُّ: مُنكَر الحديث.

وقال النَّسائيُّ: متروك الحديث، وقال ابن حبَّان: كان يَخْطئ ولا يعلم، لا يُحتجُّ بأخباره التي لم يُوافق فيها الثِّقات؛ "الضعفاء والمتروكين" (2 / 144).

قال البيهقي: الصحيح وقْفُه على ابن عمر.

 

[8] رواه ابن أبي شيبة (5108) وابن حزم في "المُحلَّى" (5 / 50) بسند صحيح.

 

[9] عبدالرزَّاق في "مصنَّفه" (5196) "المُحلَّى" (5 / 50).

قال أبو بكر الأثرم، عن أحمد بن حنبل: إذا قال ابن جريج: "قال فلان" و"قال فلان" و"أخبرت" جاء بِمَناكير، وإذا قال: "أخبرني" و"سمعت" فحَسْبُك به"؛ "تهذيب الكمال" (18 / 348).

قال الدارقطني: تجَنَّب تدليس ابن جريج؛ فإنَّه قبيح التدليس، لا يدلِّس إلاَّ فيما سمعه من مجروح، مثل إبراهيم بن أبي يحيى، وموسى بن عبيدة وغيرهما، وأما ابن عُيَيْنة فكان يدلِّس عن الثِّقات؛ "تهذيب التهذيب" (6 / 405).

 

[10] "الاستذكار" (باب الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين)؛ "المجموع" (4 / 353) "فتح الباري" لابن رجب (8 / 156) "نَيْل الأوطار" (6 / 235).

 

[11] "الاختيار لتعليل المختار" (1 / 82)، "بدائع الصنائع" (1 / 261)، "حاشية ابن عابدين" (3 / 30).

 

[12] "المدوَّنة" (1 / 233)، "أقرب المسالك" (25)، "التلقين" (131)، "الكافي" في فقه أهل المدينة (69)، "حاشية الصَّاوي" (1 / 325)، "مواهب الجليل" (2 / 527)، "الإكليل" (72).

 

[13] "الأم" (2 / 381) "المجموع" (4 / 354) "مُغْني المحتاج" (1 / 415) "الحاوي الكبير" (2 / 404).

 

[14] "المُحرَّر في الفقه" (142) "المقْنِع، مع الشَّرح الكبير، مع الإنصاف" (5 / 161) "المُغْني" (3 / 208) "كشَّاف القِناع" (1 / 503).

 

[15] "مجموع الفتاوى" (24 / 92).

 

[16] أخرجه عبدالرزَّاق في "مصنَّفه" (53 / 167 - 168 (والبيهقي في "السُّنَن الكبرى" (3 / 179) والطَّحاوي (2 / 54) من طريق زبيد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن عن علي، فذَكَره، وإسناده صحيح.

وأخرجه عبدالرزاق في "مصنَّفه" وابن أبي شيبة (2 / 101)، من طريق أبي إسحاق عن الحارث عن علي فذكره، وفيه الحارث الأعور.

قال الحافظ: في حديثه ضعْفٌ، كذبه الشَّعبي في رأيه، ورُمِي بالرَّفض.

[17] "الحاوي الكبير" (2 / 405).

 

[18] أخرجه أبو داود (1056) وأبو بكر المَروزي في كتاب الجمعة (69) والدَّارقطني (1590) والبيهقي (3 / 246) وابن الجوزي (1 / 157) من طريق قبيصة، حدثنا سفيان، عن محمد بن سعيد، يعني الطائفي، عن أبي سلمة بن نبيه، عن عبدالله بن هارون، فذكره.

قال أبو داود: رَوى هذا الحديث جماعة، عن سفيان، مقصورًا على عبدالله بن عمرو، لم يرفعوه، وإنما أسنده قبيصة.

قال الدارقطني: "قال ابن أبي داود: محمد بن سعيد هو الطائفي ثقة وهذه سنة تفرد بها أهل الطائف".

غير أنَّ للحديث علَّتَيْن:

الأولى: الاختلاف في رفعه ووقفه.

الثانية: جهالة كلٍّ من أبي سلمة بن نبيه، وعبدالله بن هارون، كما قال الحافظ في "التَّقريب".

قال البيهقي: وقبيصة بن عقبة من الثقات، ومحمد بن سعيد هذا هو الطائفي ثقة، وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جَدِّه.

وهذا الشاهد أخرجه الدارقطني (1589) والبيهقي (5583) من طريق الوليد عن زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

قال الحافظ في "الفتح" (2 / 385): "ويؤيِّده قوله -صلَّى الله عليه وسلم- لابن أمِّ مكتوم: ((أتَسْمَع النِّداء؟)) قال: نعم، قال: ((فأجب)).

 

[19] رواه ابن أبي شيبة (5108) وابن حزم في "المُحلَّى" (5 / 50) بسند صحيح.

 

[20] أخرجه البخاري (812).

 

[21] "مصنف عبدالرزَّاق" (5199) بسند صحيح.

 

[22] البخاري 902.

 

[23] أخرجه أبو داود (1069) وابن ماجه (1082) وابن خزيمة (3 / 112-113) والدارقطني (2 / 5-6) والحاكم (1 / 281) بسند حسن.

 

[34] "مَعالم السُّنن" (245).

 

[25] البيهقي في "الكبرى" (5612).

 

[26] البخاري (893).

 

[27] "فتح الباري" (2 / 381).

 

[28] "الحاوي الكبير" (2 / 406).

 

[29] "المدوَّنة" (1 / 233) "أقرب المسالك" (25) "التلقين" (131) "الكافي" في فقه أهل المدينة (69) "حاشية الصَّاوي" (1 / 325) "مواهب الجليل" (2 / 527) "الإكليل" (72).

 

[30] "المُحرَّر في الفقه" (142) المقنع مع "الشَّرح الكبير" مع "الإنصاف" (5 / 161) "المُغْني" (3 / 208) "كشَّاف القِناع" (1 / 503).

 

[31] "مجموع الفتاوى" (24 / 68).

 

[32] "المقنع، مع الشَّرح الكبير، مع الإنصاف" (5 / 165).

 

[33] "المُحلَّى" (5 / 526).

 

[34] "فتح الباري" لابن رجب (8 / 161).

 

[35] "المجموع" (4 / 354) "فتح الباري" لابن رجب (8 / 161): "وقالت طائفة: تجب الجمعة على من بينه وبينها أربعة أميال؟ وروي عن ابن المنكدر والزهري وعكرمة وربيعة.

ورُوي عن الزهري -أيضًا- تحديده بستة أميال، وهي فرسخان.

وروي عن أبي هريرة، قال: تُؤتى الجمعة من فرسخين.

خرجه ابن أبي شيبة بإسناد ضعيف.

ورَوى عبدالرزَّاق بإسناد منقطع، عن معاذ، أنه كان يقوم على منبره، فيقول لقوم بينهم وبين دمشق أربع فراسخ وخمس فراسخ: "إن الجمعة لَزِمَتكم، وأن لا جمعة إلاَّ معَنا".

وبإسناد منقطع، عن معاوية، أنه كان يأمر بشهود الجمعة مَن بينه وبين دمشق أربعة عشر ميلاً.

 

المقال كامل في المرفق..

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات