الواجبات المرعية في تلقي الأوامر الشرعية

مالك بن محمد بن أحمد أبو دية

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

فالإخلاص: تصفية العبدِ عملَه بصالح النية عن جميع شوائب الشرك، وذلك بأن تصدر منه جميع الأقوال والأعمال خالصةً لوجه الله، وابتغاء مرضاته، ليس فيها شائبة رياء أو سمعة، أو قصد نفع دنيوي أو غرض شخصي، أو شهوة ظاهرة أو خفية، أو الاندفاع للعمل لمحبة شخص...

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فاعلم -رحمك الله- أنَّ على مَن وصله الأمرُ عن اللهِ أو رسولِه -صلى الله عليه وسلم- عشرةُ واجباتٍ:

أولها: أن يتلقاه بالرضا والقبول، والتسليم والانقياد، محبًّا له راغبًا فيه؛ فإن هذا من أصل الإيمان؛ قال الله -تعالى-: (إِنَّما كانَ قَولَ المُؤمِنينَ إِذا دُعوا إِلَى اللَّهِ وَرَسولِهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم أَن يَقولوا سَمِعنا وَأَطَعنا وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ)[النور: ٥١]، وقال سبحانه: (وَما كانَ لِمُؤمِنٍ وَلا مُؤمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمرًا أَن يَكونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلالًا مُبينًا )[الأحزاب: ٣٦]، وقال تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَجيبوا لِلَّهِ وَلِلرَّسولِ إِذا دَعاكُم لِما يُحييكُم وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ يَحولُ بَينَ المَرءِ وَقَلبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيهِ تُحشَرونَ )[الأنفال: ٢٤]، وقال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا)[النساء: ٦٥]؛ قال العلامة السعدي -رحمه الله- في تفسيره: (ثم أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم، أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف، بخلاف مسائل الإجماع، فإنها لا تكون إلا مستندة للكتاب والسنة، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق، وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض، ثم لا يكفي ذلك حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر، وطمأنينة نفس، وانقياد بالظاهر والباطن، فالتحكيم في مقام الإسلام، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان، فمَن استكمل هذه المراتب وكمَّلها، فقد استكمل مراتب الدين كلها، فمَن ترك هذا التحكيم المذكور غير ملتزم له فهو كافر، ومَن تركه مع التزامه، فله حكم أمثاله من العاصين).

 

والتسليم للأمر يكون بالخلاص من شبهة تعارضه، أو شهوة تمنع من فعله، أو إرادة تعارض الإخلاص فيه، أو رأي يعارض الشرع والقدر. وصاحب هذا التسليم هو صاحب القلب السليم الذي لا ينجو يوم القيامة إلا هو كما قال تعالى: (يَومَ لا يَنفَعُ مالٌ وَلا بَنونَ * إِلَّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَليمٍ)[الشعراء: ٨٨-٨٩].

 

والواجب الثاني: أن يجتهد في تعلُّمه، وذلك أن الأعمال كالبنيان، وأساسها العلم والإيمان؛ قال أبو عبدالله بن القيم -رحمه الله-: من أراد علو بنيانه، فعليه بتوثيق أساسه وإحكامه وشدة الاعتناء به، فإن علو البنيان على قدر توثيق الأساس وإحكامه، فالأعمال والدرجات بنيان وأساسها الإيمان، ومتى كان الأساس وثيقًا حمل البنيان واعتلى عليه، وإذا تهدم شيء من البنيان سهل تداركه، وإذا كان الأساس غير وثيق لم يرتفع البنيان ولم يثبت، وإذا تهدم شيء من الأساس سقط البنيان أو كاد. فالعارف همته تصحيح الأساس، والجاهل يرفع في البناء من غير أساس، فلا يلبث بنيانه أن يسقط؛ قال تعالى: (أَفَمَن أَسَّسَ بُنيانَهُ عَلى تَقوى مِنَ اللَّهِ وَرِضوانٍ خَيرٌ أَم مَن أَسَّسَ بُنيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانهارَ بِهِ في نارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ)[التوبة: ١٠٩].

 

فالأساس لبناء الأعمال كالقوة لبدن الإنسان، فإذا كانت القوة قوية حملت البدن ودفعت عنه كثيرًا من الآفات، وإذا كانت القوة ضعيفة ضعف حملها للبدن، وكانت الآفات إليه أسرع شيء؛ فاحمل بنيانك على قوة أساس الإيمان، فإذا تشعث شيء من أعالي البناء وسطحه، كان تداركه أسهل عليك من خراب الأساس.

وهذا الأساس أمران: الأول: صحة المعرفة بالله وأمره وأسمائه وصفاته. الثاني: تجريد الانقياد له ولرسوله دون ما سواه، فهذا أوثق أساس أسس العبد عليه بنيانه وبحسبه يعتلي البناء ما شاء (الفوائد). وقال أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله- في جامعه الصحيح: "باب: العلم قبل القول والعمل، والدليل: قوله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)[محمد: 19]، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل".

 

والواجب الثالث: أن يعزم على العمل به، ويصدق ربه في ذلك؛ ليصدقه فيوفقه ويعينه ويسدِّده، وحتى إذا قبضه الله قبل العمل قبضه على تلك النية الصادقة بالعزم على الفعل؛ قال الله -تعالى-: (وَمَن يُهاجِر في سَبيلِ اللَّهِ يَجِد فِي الأَرضِ مُراغَمًا كَثيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخرُج مِن بَيتِهِ مُهاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسولِهِ ثُمَّ يُدرِكهُ المَوتُ فَقَد وَقَعَ أَجرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ غَفورًا رَحيمًا)[النساء: ١٠٠]. وليحذر من أن يَمنعه الكبر عن العمل؛ فإن من أنواع الكبر: ألا تعمل بالعلم؛ ذكره العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- في (شرح الحلية).

 

والواجب الرابع: أن يعمل به، ويسارع إلى ذلك قبل أن يحال بينه وبين العمل، وهو ثمرة علمه به، وعلامة صدق عزمه ونيته، وشرط فوزه ونجاته؛ قال الله -تعالى-: (وَالعَصرِ * إِنَّ الإِنسانَ لَفي خُسر ٍ * إِلَّا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَتَواصَوا بِالحَقِّ وَتَواصَوا بِالصَّبرِ)[العصر: ١-٣].

وليحذر من التسويف والتباطؤ، فلربما عوقِب بذلك؛ قال ابن القيم -رحمه الله-: "العزائم والهمم سريعة الانتقاض، قلما ثبتت، والله -سبحانه- يعاقب من فتح له بابًا من الخير فلم ينتهزه، أن يحول بين قلبه وإرادته، فلا يمكنه بعدُ من إرادته عقوبة له، فمن لم يستجب لله ورسوله إذا دعاه حال بينه وبين قلبه وإرادته، فلا يُمكنه الاستجابة بعد ذلك؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[الأنفال: 24]، [زاد المعاد ٣ / ٥٠٢].

 

والواجب الخامس: أن يوقعه على المشروع خالصًا صوابًا. ومعنى قولنا: خالصًا: أي تكون النية فيه خالصة لله -سبحانه وتعالى-، لا يريد العبد به إلا وجه الله عز وجل والدار الآخرة، لا يريد بذلك دنيا يصيبها، أو عرَضًا من عرَضِ الدنيا، أو جاهًا، أو غير ذلك، وإنما يريد بذلك وجه الله؛ قال الله -عز وجل-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)[البينة: 5]؛ فالإخلاص: تصفية العبدِ عملَه بصالح النية عن جميع شوائب الشرك، وذلك بأن تصدر منه جميع الأقوال والأعمال خالصةً لوجه الله، وابتغاء مرضاته، ليس فيها شائبة رياء أو سمعة، أو قصد نفع دنيوي أو غرض شخصي، أو شهوة ظاهرة أو خفية، أو الاندفاع للعمل لمحبة شخص أو مذهب أو مبدأ، أو حزب يستسلم له بغير هدى من الله، بل لا بد أن يكون مبتغيًا بعمله وجه الله والدار الآخرة، ولا يلتفت لأحد من الخلق يريد منه جزاءً أو شكورًا؛ قال الله -تعالى-: (إِنَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ لا نُريدُ مِنكُم جَزاءً وَلا شُكورًا)[الإنسان: ٩]، ومعنى قولنا صوابًا: أي يكون وَفْق ما جاء في الكتاب والسنة، وذلك يتطلب من العبد أن يقف على جميع أحكام العبادات، وأن يتعلم ذلك؛ حتى يؤدِّي عباداته على الوجه الصحيح المَرْضِيِّ عند الله، فإن خالف ذلك رُدَّت عليه عبادته، وفي حديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ".... وصلُّوا كما رأيتموني أصلي...."(رواه البخاري: ٦٣١ ومسلم: ٦٧٤).

وعن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناس، خذوا عني مناسككم"؛ (رواه النسائي: ٣٠٦٢، وصححه الألباني في صحيح الجامع: ٧٨٨٢)؛ فكل ذلك يُبين أهمية تعلم العبادة على وَفْق هَدْي كتاب الله عز وجل وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وإذا خفي على العبد شيء أو جهِله، وجب عليه الرجوع فيه إلى أهل العلم، فلا يتخبط ولا يعبَث بدينه.

 

والواجب السادس: أن يتقنه ويستغفر الله من تقصيره فيه؛ قال الله -تعالى-: (وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ وَسَتُرَدّونَ إِلى عالِمِ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ )[التوبة: ١٠٥].

وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يُتقنه"(رواه الطبراني في الأوسط: ٩٨١، والبيهقي في الشعب: ٤/٣٣٤، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: ١١١٣).

 

والواجب السابع: أن يسأل الله قبوله منه، ويحذَر من ارتكاب ما يحبطه، وذلك أن فعل المأمور -إذا كان على وجه الإخلاص والمتابعة- قُبِلَ، ولا يوفق العبدَ لهذا إلا اللهُ، ومَن وفَّقه الله لهذا اقتضى ذلك منه ترك المنهيات والمحذورات، فإن من ثمرات الطاعات ترك المنهيات؛ قال الله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ)[العنكبوت: ٤٥]. والعكس بالعكس، فالمنهيات قواطع وموانع صادَّة عن فعل المأمورات أو عن كمالها، فمن عقوبة المعصية حرمان الطاعة، أو نقصان أجرها بعد وقوعها، أو حبوطها بالكلية؛ كما قال تعالى: (وَلَو أَشرَكوا لَحَبِطَ عَنهُم ما كانوا يَعمَلونَ)[الأنعام: ٨٨]، وقال سبحانه: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تُبطِلوا صَدَقاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذى)[البقرة: ٢٦٤]. فلا ينبغي لعبدٍ مؤمن أن يطمئن لنفسه ويركَن إلى عمله، ولا أن يغتر بطاعته، فإن القلوب تتقلب، والثابت من ثبته الله عز وجل، فلا بد من الافتقار إلى الله الملك ودعائه.

 

والواجب الثامن: أن يثبته ويداوم عليه؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كانَ رَسولُ اللهِ إذا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ"(رواه مسلم: ٧٤٦)، وعنها -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "أدومه وإن قلَّ"(رواه مسلم: ٧٨٢).

 

والواجب التاسع: أن ينشره ويدعو إليه ويعلِّمه غيره، فعن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بلِّغوا عني ولو آية"(رواه البخاري: ٣٤٦١).

قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: "كل من علم سنة ينبغي أن يُبينها في كل مناسبة، ولا تقل أنا لست بعالم، نعم لست بعالم، لكن عندك علم"(شرح رياض الصالحين: ٤/٢١٥)، وقال الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله: "ولذلك -يا طالب العلم- إذا وفَّقك الله إلى خير فاسعَ إلى نشره بمقدار ما علمتَ، فإنك بذلك تزداد علمًا، ولذلك يقول بعض مشايخنا: "من أسباب زيادة العلم أن يعلِّم الإنسان ما عَلِمَ"، فإذا تعلمت شيئا وعلَّمته، كافأك الله بأن تتعلم أكثر، وهكذا في كل خير، وهذه قاعدة شرعية: كلما بذلت الخير زادك الله منه، حتى المال"(شرح رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه: ٦٩ – ٧٠).

 

والواجب العاشر: أن يصبر على ما يلقاه في ذلك. وذلك أنه يحتاج إلى صبر إذا كان الأمر الشرعي يخالف له عادةً أو هوى، ويجب عليه أن يجاهد هواه؛ ليكون تبعًا للأمر، لا يتم له إيمانه إلا بذلك، ويحتاج إلى صبر على التعلم؛ ليعبد الله على علم وبصيرة، فيقع العمل منه صوابًا كما أراده الله وكما بيَّنه رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويحتاج إلى صبر على إيقاع العمل خالصًا؛ فإن النفس أعصى ما تكون على الإخلاص، ولا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصًا وابتُغِيَ به وجهه، ويحتاج إلى صبر على العمل وإتقانه، وصبر عن دواعي التقصير والتفريط فيه، وعلى حضور القلب والخشوع بين يدي المعبود سبحانه، وألا ينساه في أمره، فليس الشأن في فعل المأمور به فحسب، بل الشأن كل الشأن أن لا ينسى الآمِرَ حال الإتيان بأمره، فيستصحب ذكره دومًا في الأمر، ثم يحتاج إلى صبر على عدم رؤية عمله، وعدم منه به، وعلى أن يفتقر في ذلك لمولاه، فلا يرى عمله ولا يستكثره ولا يستعظمه، ولا يُعجب به، بل يصبر عن نقله من ديوان السر إلى ديوان العلانية. ويحتاج إلى صبر على سؤال الله قبوله، وعلى حفظه مما يشوبه أو يُحبطه من مفسدات الأعمال كالمن والأذى والرياء، وابتغاء حرث الدنيا والرغبة فيما عند الخلق، ويحتاج إلى صبر كي يثبته ويداوم عليه، ويحتاج إلى صبر في نشره والدعوة إليه والتعليم، وعلى تحمل الأذى في سبيل ذلك، ويحتاج إلى صبر على الصبر؛ قال الله -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اصبِروا وَصابِروا وَرابِطوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ)[آل عمران: ٢٠٠].

 

اللهم وفِّقنا للعمل الصالح الرشيد، والحمد لله الهادي من يشاء إلى صراط مستقيم.

 

المصدر/ جديد المقالات

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات