تجديد الخطاب الديني

أحمد محمد كنعان

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

ولا جدال بأن مهمة تجديد الدين أو تجديد الخطاب الديني تتطلب ممن يقوم بها أن يكــون مــن أهل الدين المؤمنين به، وأن يتمتع بالملكة العلمية التي تؤهله لهذه المهمة، وأن يمتلك - في الوقت نفسه - الخبرة الكافية بالواقع الذي يجتهد لتغييره، ملمّاً بأحوال العالم التي لها علاقة بهذا الواقع.

 

 

 

تجديد الخطاب الديني... دعوة  انتشرت خلال السنوات القليلة الماضية في بلدان المسلمين، تزعمها نفر من المفكرين معظمهم إن لم نقل جلّهم غير متخصصين في العلوم الإسلامية!!!

 

 ومع تسليمنا، بل دعوتنا إلى التجديد والاجتهاد في الإسلام،  لإعادة الروح والحيوية للشريعة الإسلامية بعد قرون طويلة من الجمود الذي أصابها نتيجة عوامل كثيرة سوف نطرحها في مناسبة أخرى قريبة إن شاء الله تعالى، نقول مع تسليمنا ودعوتنا إلى التجديد والاجتهاد، فإننا لم نجد في طروحات المنادين المعاصرين إلى تجديد الخطاب الديني ما يحقق التجديد الحقيقي الذي يدّعون، وإنما وجدنا جملة من الآراء الشاذة التي لا تتفق وأصول البحث العلمي، وأنما تستند إلى الهوى الذي لا يغني عن الحق شيئاً !!

 

ألا إن التجديد الذي نتوخاه هو التجديد الذي ينفي عن الدين ما أصابه من جمود أو ابتداع أو اجتهادات شاذة،

 

نريد تجديداً يعيد للدين صورته النقية الفاعلة، تجديداً يؤدي إلى تآلف القلوب واجتماع الكلمة ووحدة الأمة في وقت باتت فيه الأمة عرضة لعواصف عاتية تكاد تمحوها عن خارطة العصر !!

 

نريد خطاباً دينياً قادراً على تغيير الواقع نحو ما هو أفضل، لا خطاباً يضحي بأصول الدين مراعاة للواقع كما يفعل أكثر مدّعي التجديد الذين يجعلون الواقع هو الحاكم على الشرع، فيقلبون الميزان رأساً على عقب !!

 

ولا جدال بأن مهمة تجديد الدين أو تجديد الخطاب الديني تتطلب ممن يقوم بها أن يكــون مــن أهل الدين المؤمنين به، وأن يتمتع بالملكة العلمية التي تؤهله لهذه المهمة، وأن يمتلك - في الوقت نفسه - الخبرة الكافية بالواقع الذي يجتهد لتغييره، ملمّاً بأحوال العالم التي لها علاقة بهذا الواقع.

 

والحقيقة أن قضية التجديد ليست قضية جديدة وإنما هي قضية قديمة في تاريخنا الإسلامي، لعلها ترجع الى ظهور تيار "المعتزلة" في القرن الثاني من الهجرة، الذين حاولوا التجديد فعمدوا إلى تقديم العقل على النقل، ما دفع عدداً غير قليل من علمائنا للرد عليهم، مثل "ابن رشد" و "ابن تيمية" وغيرهما من العلماء الذين أجمعوا على ضرورة وضع العقل في موضعه، دون إفراط ولا تفريط  !

 

واليوم نجد بعض من يصفون أنفسهم بوصف "المفكر الإسلامي" ونحوه يعيدون سيرة ذلك الخلاف القديم الذي أثاره المعتزلة وأشياعهم، فنرى مفكري اليوم يقدمون العقل على " النصّ" مسايرة لما يطرحه مفكرون وفلاسفة معروفون بعداوتهم للإسلام! ما يجعل الدين عرضة للتغيير والتبديل دونما ضابط، اللهم إلا الظن والهوى، كما فعل اليهود والنصارى من قبل،  حينما نصّب أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ) [التوبة: 31]،  فراحوا يحلون ويحرمون ويبدلون شرع الله -عز وجل-، فمن فعل ذلك بذريعة التجديد فقد نصّب نفسه رباً من دون الله!!

 

وهذا لا يعني إغلاق الباب دون الاجتهاد والتجديد، وإنما هو تنبيه وتوجيه، وتحذير من التلاعب بشريعة الله تحت ذريعة التجديد، نطرح هذا التنبيه والتحذير بعد أن لاحظنا من خلال متابعاتنا الطويلة لطروحات الدعاة المعاصرين إلى التجديد أن معظمهم - وأكاد أقول كلهم -مقلدون، يرددون مقولات مفكرين وفلاسفة غير مسلمين معروفين بمواقفهم المعادية للإسلام، ما يعني أن هذا الطريق في التجديد سوف ينتهي بإخراج نسخة معاصرة من الإسلام لا يجمعها مع الدين الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم سوى الاسم. .. فتأمل!!!

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات