هم العدو فاحذروهم (الحوثي الخطر القادم)

أ زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

وقد كان من نتاج ومآلات هذه التصرفات الرعناء لهذا الفكر المنحرف والمنهج الضال والعقيدة الفارسية أن خلّف الناس وراءهم أموالهم وحقوقهم، وهجروا ديارهم وأراضيهم بعد أن ذاقوا مرارة العيش وذل الحياة جراء تعنت هذه الفئة المجرمة، ونتيجة لإقصاء هذه الثلة العميلة التي خانت دينها وباعت وطنيتها وتخلت عن عادات وتقاليد وطنيها.

 

 

 

 

تتكالب الأمم، وتتحد الفرق، ويتفق المختلفون، ويجتمع المتغايرون، إذا كان العدو هو الإسلام، وبالأخص أهل السنة؛ فعندها ستغيب كل الخلافات، وتختفي كل الإشكالات، وتموت كل السيئات، وتزول كل الضغائن، وتنطمس كل الشعارات.

 

وليس هذا بغريب على كل صاحب علم وذي بصيرة من أمره ومعرفة بشريعة ربه -عز وجل- ودراية بهدي نبيه -عليه الصلاة والسلام-، فملة الكفر من اليهود والنصارى والمشركين وغيرهم أعداء ظاهرون وخبثاء بيّنون، وليس هذا بدعًا من القول، بل بصريح نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المستفيضة، منها قوله تعالى: (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) [الممتحنة: 2]، كذا من خلال استقراء تاريخهم العدائي والإجرامي من لدن بعثة سيد المرسلين المبشر في الكتب السابقة وحتى زماننا؛ ستجد تاريخهم حافلاً بكل قبيح وحاوٍ لكل ما هو انتهاك للإنسانية.

 

وبالتالي نقول: إنه لا غرابة ولا جديد في عداوة أهل الكتاب والمشركين للدين الإسلامي وأهله المتمسكين والمعتصمين به والمتحاكمين والراجعين إليه؛ إلا أن ما نقصده هنا ونحب بيانه هو الكارثة الكبرى والرزية العظمى، وهو أن قومًا زعموا أنهم على طريق القرآن الكريم سائرون، ولدين الإسلام ناصرون، وللحق منتصرون، ولآل بيت رسول الله ينتسبون، ولليهود يبغضون ويلعنون، ولأمريكا وحلفائها بالموت يتمنون، حتى نسجوا في شعارهم ذلك فطفحت به البقاع، فلم يبق مسجد ولا دار ولا حي ولا جبل ولا سهل إلا ورأيت تلك الشعارات الزائفة معلقة بمقاساتها المختلفة؛ شعار يشهد عليهم بالكذب وينطق عليهم بالدجل.

 

ونحن ندرك يقينًا أن ديننا لم يكن يومًا مجرد شعارات، ولم يكن الحق لحظةً صرخات، أو كان الولاء والبراء هتافات؛ بل كان تبرؤًا بالقول والفعل، كان وما زال مودة للذين آمنوا ورحمة بينهم وعداوة للذين كفروا وغلظة عليهم، كان تعايشًا على المودة والسلام، وتقديرًا وتعظيمًا لحقوق الآخرين وإنسانيتهم حتى مع الكافر غير المحارب، وإلا فماذا يعني قوله -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا". أخرجه البخاري.

 

وهذا ما لم نجده في تاريخ الحوثي منذ نشأته المشؤومة وظهوره الموبوء، وكذا عموم طائفة الشيعة منذ ظهورها ونشأتها؛ فهي طائفة دموية ثورية قاتلة، تثير المشاكل وتبعث النعرات وتؤجج الصراعات والعصبيات وتنادي بالثارات؛ فئة قامت على القتل والتدمير، وشبّت على الحرب والتهجير، وعاشت على الخيانة والاسترزاق على بيع الذمم والضمير الإنساني والبلاد الإسلامية... ولقد كان لها الفضل الأول لكل مستعمر، والباع الكبير لكل غازٍ، واليد الطولى لكل محتل، وما تُسُلِّط على بلد إسلامي في القديم والحديث إلا وهم من تواطأ وكذا من باع، وهم من تقاضى ومن استفاد؛ فهم رأس الأفعى.

 

وإنك لترى متأسفًا هذا الفكر حيثما حلّ وارتحل تجد النكبات وترى المآسي وتسمع الآهات؛ آلاف العوائل نزحت وهجرت، ومئات البيوت هدمت وفجرت، وحقوق بغير حق سُطِي عليها وصودرت، وكم من الرجال اعتقلوا وعذبوا، ومن النساء أهينت وربما اغتصبت وإن سموها في دينهم أنها تمتعت.

 

حتى المصاحف أهينت وأحرقت يوم زعموا أنهم مسيرة القرآن، ولم تسلم منهم بيوت الله حيث حولت إلى مجالس لمضغ القات والعبث والتعبئة الفكرية الخاطئة والمنحرفة رغم قولهم: أنصار الله، وما كتاف عن الإعلام ببعيد، فقد نقلت كاميراتهم الخبيثة تفجيرًا هزّ المنطقة كان بحجم مكرهم وخبثهم، وصحب ذلك الصرخة التي عرفوا بها كما عرف الحمار بالنهقة، وللأسف لم يكن الذي فجروه البيت الأبيض أو كانت تل أبيب أو كانت كنسية؛ بل كان مسجدًا يُذكر فيه اسم الله؛ والسؤال: لماذا فجروه ولماذا لم يستفيدوا منه ويدرسوا فيه مناهجهم؟! تجبك هذه الأفعال الشنيعة بنفسها هو الحرب على الدين باسمه وتحت شعاره.

 

وقد كان من نتاج ومآلات هذه التصرفات الرعناء لهذا الفكر المنحرف والمنهج الضال والعقيدة الفارسية أن خلّف الناس وراءهم أموالهم وحقوقهم، وهجروا ديارهم وأراضيهم بعد أن ذاقوا مرارة العيش وذل الحياة جراء تعنت هذه الفئة المجرمة، ونتيجة لإقصاء هذه الثلة العميلة التي خانت دينها وباعت وطنيتها وتخلت عن عادات وتقاليد وطنيها.

 

إن هذا الفصيل إقصائي من الدرجة الأولى منذ نشأته، عدائي منذ ظهوره، لا يقبل التعايش مع أبناء من يدّعي النسبة إليهم (أهل الإسلام) ولا يقبل بالحوار معهم ولا يرضى بالبقاء لهم، والعجيب أنه يتعايش مع كل ملة، وينسجم مع كل نحلة، ويذوب مع كل فكر إلحادي أو مادي؛ لكنه مع أهل السنة العدو اللدود والخصم الحقود.

 

ومن منطلق هذه العداوة المكرسة في فكره والمستقاة من عقيدته الثابتة في مناهجه والمستوردة من حوزاته ومعمميه، فهو يسعى ليلاً ونهارًا وبكل ما أوتي من خبث ومكر وقوة ودعم؛ لا أقول: لإقصاء أهل السنة، بل قتلهم ونفيهم؛ فهم -في نظره- حلال الدم والعرض، وقتلهم قربة إلى الله تعالى، وبالتالي فهو لا يأبه أن يستعين بالكافرين ويتآمر مع المستعمرين والاحتلاليين ليدخلوا بلاد الإسلام فيعينوه في قتل أهل الإسلام وتشريدهم والتنكيل بهم.

 

والتاريخ يشهد، والذكريات خالدة، والأحداث جارية، والمواقف حاضرة؛ ففي العراق وسوريا ولبنان وقبلها أفغانستان آهات وصرخات؛ فالجروح لم تندمل بعد، وقبور الموتى لم تجفّ، والتعذيب والاعتقال لم ينتهِ، وسيف القتل والإبادة لم يتوقف، والتشريد والتهجير والتجويع سياسة مستمرة، والاغتصاب والانتهاك لم يغِبْ، والمشهد ما زال في بعض حلقاته الطويلة ومسلسله الإجرامي المتواصل.

 

وفي اليمن ما ذُكر وما لم يُذكَر، فذاكرة الجميع لم تنسَ ما حصل لأهل دماج وصعدة عمومًا، كان آخر ذلك الحصار الخانق والتجويع المميت المتعمد لعدة أشهر لثلة من أهل العلم، والذين لم يُرَ منهم سوء، ولم يسمع عنهم تهمة، ولا تناقل المجتمع عنهم شكوى، ولا شوهدت عليهم رزية، ولم ينافسوا أحدًا في سياسية أو سلطة أو مال أو جاه طيلة بقائهم في قلعة العلم دماج، والسر في ذلك ما ذكره القرآن بقوله تعالى: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [البروج: 8].

 

ومن هنا نقول وبوضوح لمن لم يدرك مكر الحوثي وحقيقته، أو غَرَّه شعاره وتلبيساته، أو بهرته مهرجاناته وخطاباته: إنه عميل لقوى خارجية طائفية، دولة فارس إيران يسوّق لها ثورتها وينشر عنها فكرها، كما يعمل وينفذ لأجندة خارجية، فهو حليف الكفرة ورسول الفجرة، وليس أشد خوفا وأعظم خطرا على اليمن يخشى عليها عقيدة ودينًا وأمنًا واستقرارًا وهدوءًا وسكينة واقتصادًا واستقلالاً أشد من هذه النبتة الخبيثة والورم السرطاني، فهو العدو الحقيقي، والخطر المحدق، أكبر من خطر العلمانية التي تسعى لتمييع الدين وتضييع الشريعة ونقض الحكم، وينطبق عليهم قول الله: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون: 4].

 

وعلى الجميع أن يدرك أن الحوثي هو الخطر القادم على وطننا، وهو من سيجلب لها الويلات ويفتعل الأزمات ويخلق لها العداوات عمومًا وعلى أهل السنة خصوصًا؛ لا أقول هذا لأنه يمتلك مكونًا وحجمًا أو انتشارًا وقبولاً أو قوة وعتادًا، لا؛ بل لكونه المركب الهنيء لكل مستعمر، والفراش الوثير لكل متآمر، والراحلة الذلول لكل غازٍ، والطريق الممهد لكل محتل.

 

فهم العدو الداخلي المتربص، وهمزة الوصل المذمومة بين أعداء الإسلام وبين حربهم للإسلام، وهم الجسر الذي يعبر منه المحتلون لكسر سيادة الدول الإسلامية لفرض هيمنتهم على الشعوب الإسلامية والعبث بأعراضهم وكرامتهم، فدول الكفر تعتبر هذه الطائفة حليفًا إستراتيجيًا حتى مع وجود المفرقعات التي يبثها أصحابها في الهواء ليغطي ضبابها ودخانها أبصار من يعتمدون على حاسة البصر لا على نور البصيرة.

 

ووالله لو مُكِّن لهذا الفكر من الولاية العامة، وصارت له الغلبة، ووُسِّد إليه الأمر، لينصبنَّ المشانق في الطرقات والشوارع، وليفرضنّ العقوبات الجائرة والقرارات الظالمة على كل سني، لا يتيح لخارج من بلده أن يهاجر، ولا لمن دخل البلاد من أرض المهجر أن يدخلها، وليقيدن جهازه القومي بيانات كل ممانع سني رجع الوطن ليلقى ما لم يكن في الحسبان، وليعملن شيعته وأتباعه ما يفعله أمثالهم شيعة نظام سوريا بالشعب السوري الثائر وشيعة إيران بالأحوازيين وشيعة العراق بأهلها وحزب اللات بأهل السنة والمهجرين من الفلسطينيين في المخيمات، وكما فعل أجدادهم عبر التاريخ في العراق وغيره.

 

لذا نهيب بالجميع أن يدركوا حجم المؤامرة ويعرفوا من هو العدو الحقيق للوطن والمواطن، وعلى الجميع أن يرصوا الصف ويوحدوا الكلمة ويلموا الشمل ليقفوا جميعًا في وجه المتآمر والمتربص العميل، كما على الجميع أن يعدوا العدة الإيمانية والعقدية والبدنية والعسكرية لإيقاف هذا التمدد وقطع دابر هذا الإجرام.

 

وعلى دعاتنا خاصة وأهل العلم والفكر منهم أن يستنفروا قواهم، فالوضع لم يكد يُحتمل، فالسوابق خطيرة، والنذر أخطر، والواقع خير شاهد، فعليهم أن يكثفوا الجهود في مواجهة هذا الخطر، وأن يعملوا في كل الاتجاهات، ويفتحوا عدة مسارات، ويسلكوا كل السبل المشروعة المتاحة في تربية أتباعهم وتحذير عامة الناس من خطرهم والعمل على إعدادهم، وخصوصًا الخُلَّص منهم؛ الفكر بالفكر، والحجة بالحجة، والقوة بالقوة، والبيان بالبيان، والتحشيد بالتحشيد، والتجميع بالتجميع... وهكذا؛ لتتوازن القوى، ويعلم الخصم أن ديننا ليس دين العلم والدعوة ولزوم المساجد فقط، أو دين السلام والتسامح فحسب؛ بل دين المقاومة والمواجهة والتضحية والبذل في الوقت المناسب في الزمان المناسب مع الخصم المناسب.

 

يصدق فيهم قو الشاعر:

عباد ليل إذا جن الظلام بهم  *** كم عابد دمعه في الخد أجراه

وأسد غاب إذا نادى الجهاد بهم***هبوا إلى الموت يستلقون رؤياه

 

اللهم قنا شر الأشرار وكف عنا شر طوارق الليل والنهار واجعل تدبير كل صاحب باطل وضلال تدميرا عليه يا سميع يا غفار!!

 

وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات