ليبرالية بقشرة إسلامية

بندر بن عبد الله الشويقي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

بل إن النظريةَ الجديدةَ تقتضي -وإن لم ينتبه أصحابها لذلك- أنَّ السعوديين تحوَّلواً منذ زمنٍ بعيدٍ إلى أبناء سَلولٍ؛ إذ من المعلوم أنه لم يُتَح لهم التصويت على مرجعية الشريعة، بل اتخذ هذا القرارُ وأُعلنَ دون الرجُوع إلى أصواتهم، فوجدوا أنفسهم يلتزمون أحكاماً لم يختاروها. فهم -إذن- منذ عقودٍ منغمسون في النفاق إلى آذانهم!

 

 

 

 

 

(ماذا لو قرَّرُ الشعبُ تنحيةَ الشريعة؟). دعونا الآن نؤجِّل هذا التساؤل المفترَض رُغمَ أهميته شرعاً، وخطورته عقدياً. ولنتحدَّث عن أمثلةٍ واقعيةٍ، تشرحُ الخلل الجليَّ والانحراف الضَّخم، لدى من يطلقُ قاعدة (سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة)، ومن يعُدُّ الحكمَ بشرعِ الله دون تصويتٍ واستفتاءٍ اعتداءً على الناسِ وانتهاكاً لحقوقهم، ومن يقولُ: إن اعتمادَ مرجعيَّة الشريعة دون تصويتٍ واستفتاءٍ سوف يحوِّلُ الناس إلى منافقين.

وقبل الدخُول في التفصيل، أجدُ من الضروريِّ هنا التنبيهَ إلى الفرقِ الشاسع بين البحثِ في أصل الحكم الشرعي، وبين البحثِ في مشروعية الخروج عن هذا الحكم لاعتبارات الضرورة، أو عدم الاستطاعة.

أقولُ هذا لأني رأيتُ من أبعد النجعة فاستدلَّ بحال النجاشيِّ في الحبشة، حين لم يحكم في بلده بشريعة الإسلام، فجعلَ ذلك دليلاً على قاعدة (سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة).

مثلُ هذا الاستدلال يجعلك تتوقف كثيراً عند أهلية أصحابه لمناقشة مثل هذه المسائل؛ إذ من المعلومِ -عند من يعرف التأريخ- أن النجاشيَّ كان مستضعفاً لا نصيرَ له، فكان يخفي إسلامه عن قومه مداراةً لهم، وخوفاً منهم، فكيف يطلبُ من مثله الحكمُ بشريعة الإسلام؟! وكيف يصحُّ الاستدلال بحاله، على حالة الدولة المسلمة المستقرة.

أعجبُ من هذا وأغربُ مسلك من يستدلُّ بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقم دولته بمكة، ولم يفرض على الناس حكمَ الشريعة! فكيف يمكن أن يخطر هذا الاستدلالِ ببال من يدركُ أن النبيَّ كان بمكةَ في بلاءٍ وشدةٍ، وكان أصحابه يؤذون أمامه، ويعذبون، ويفتنون عن دينهم، فلا يستطيع الدفعَ عنهم، ولا يملك إلا أن يأمرهم بالصبر. بل كان هو نفسه يؤذى ويوضع القذر على رأسه الشريفة وهو ساجدٌ عند الكعبة. فالحديثُ هنا عن إقامة دولة وعن تطبيق الشريعة يطرح علامات استفهام حول مصداقية المستدلِّ. وإن بالغنا في إحسان الظنِّ فسنقولُ: إننا أمامَ فقهٍ وفهمٍ يبلغ الغاية في الهشاشةِ والضَّعف.

حسناً...دعونا الآن نطوي مثل هذه الاستدلالات الهزيلة، ولنؤجل البحثَ في الصور والتساؤلات المفترضَة، ولنشرع في الحديثِ عن الآثار الواقعية لقاعدة (سيادة الأمة، قبل تطبيق الشريعة)...فما الذي يعنيه هذا التقعيد؟ وهل يعي أصحابه مآلات قولهم ؟

لنأخُذ مثالاً نعايشه هنا في السعودية يشرحُ الإشكال والخلل في مثل هذا التنظير:

نحن لدينا مرجعية قضائية معلنة هي (شريعة الإسلام). وأدركُ -كما يدركُ غيري- أن ثمةَ خروقاتٍ واسعةً لتلك المرجعية المعلَنَة. وقد كنَّا إلى وقتٍ قريبٍ نحسبُ أن من أهمِّ واجبات المصلحين الإلحاح والمطالبة بتصحيح واستدراك ما نقصَ، كي يصحَّ لنا أن نقول بحقٍّ: (إن مرجعيتنا في الحكم شريعةُ الإسلام).

لكن حسب نظرية (سيادة الأمة، قبل تطبيق الشريعة)، فإنَّ على المصلحين أن يعيدوا النظر في شرعية مطلبهم هذا. فمن الآن وصاعداً: سيكونُ من الخطأ ومن الإثم ومن الجُرم والاستبداد مطالبة الحكومة عندنا بالتزام شرع الله، لأنها لا تملك الحقَّ في ذلك أصلاً؛ إذ ليس لها إكراه الناس على حُكم الشرع دون عمل تصويتٍ واستفتاءٍ! فما دامت السلطةُ ترفُض إجراء هذا التصويتِ، وتأبى القيامَ به، فإنه لا يحقُّ لها إطلاقاً اعتمادُ الشريعة مرجعيةً للحُكم، ولا يحقُّ لأحدٍ أن يطالبها بهذا!

ليس هذا فحسبُ...بل إن من توابع تلك النظرية الجديدة أن من الواجب على المصلحين الصادقين الناصحين أن يقوموا بوظيفةٍ معاكسةٍ لوظيفتهم الحالية. فما دامت سيادة الأمة مغيبةً، وما دام هناك إصرارٌ على تغييبها، فإن على المصلحين أن يطالبوا بهدم وإلغاء القسم المتبقي لدينا من مرجعية شريعة الإسلام، بدل أن يسعوا في استكماله وتسديده! لأن هذا القسم في الواقع يمثل انتهاكاً لسيادة الأمة، وإكراهاً على الدين!

أصحاب النظرية الجديدة يقولون: حكمُ الشريعة لا يجوز أن يأتي إلا عبر (سيادة الأمة) من خلال نظام التصويتِ الحرِّ. ولا يجوزُ الإتيان بالشريعة عبر الفَردِ المتغلِّب، أو الفئة المتغلِّبة. فما لم تتحقَّق سيادة الأمة، وما لم يُفسَح لها المجالُ لتعبِّرَ عن نفسها وتختارَ مرجعيتها، فليس لأحدٍ أن يستبدَّ فيفرض على الأمةِ الحكمَ بشريعَةِ الإسلامِ. لأن القرآن ينصُّ على أنه (لا إكراه في الدين)، ولأن فرضَ الشريعة دون تصويتٍ سوف يؤدي إلى تحويل السعوديين إلى منافقين!

بل إن النظريةَ الجديدةَ تقتضي -وإن لم ينتبه أصحابها لذلك- أنَّ السعوديين تحوَّلواً منذ زمنٍ بعيدٍ إلى أبناء سَلولٍ؛ إذ من المعلوم أنه لم يُتَح لهم التصويت على مرجعية الشريعة، بل اتخذ هذا القرارُ وأُعلنَ دون الرجُوع إلى أصواتهم، فوجدوا أنفسهم يلتزمون أحكاماً لم يختاروها. فهم -إذن- منذ عقودٍ منغمسون في النفاق إلى آذانهم!

إذا ذهبنا خارجَ السعودية، وأرَدْنا تصدير تلك النظرية المبدعةِ إلى الدُّعاة والمصلحين في الخارج، فجئنا -مثلاً- إلى إمارةِ (دبي). فيفترض أن نشرحَ للناسِ هناك أنه مع الإصرار على تغييب سيادة الأمة في بلدهم، فإن من الواجب عليهم ألا يتورَّطوا في المطالبة بسنِّ أيِّ قانونٍ يحدُّ من مظاهر انتهاك شرع الله هناك. لا بُدَّ أن يفهموا أنه لا يحقُّ لهم مطالبة حاكمهم المتغلِّب بحظر الخمور -مثلاً- أو منع التعري على الشواطئ. لأن الله قال: (لا إكراه في الدين). ولأن الفردَ المتغلِّبَ ليس له فرضُ الشريعة دون تصويتٍ واستفتاءٍ، ولأن منع الخمور سيحوِّلُ السُّكارى إلى منافقين، والعرايا إلى منافقاتٍ. وهذا يتنافى مع مقاصد الشريعة!

خلاصة النظرية أننا دائماً: ينبغي أن نطالبَ فقط بشيءٍ واحدٍ: (سيادة الأمة)، وما لم يُجَب مطلبنا، فإن واجبنا يقضي أن نجتهدَ جميعاً في نبذ الشريعة وإقصائها ما أمكن، لئلا نخالف أمر الله الذي قال: (لا إكراه في الدين). ونحن -في فعلنا هذا- مأجورون عند الله، لأننا راعينا الأولويات الشرعية، فحرصنا على أن تكون (سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة)!
تلك حقيقةُ ما يقرِّره ويدعو إليه -دون وعيٍ- أولئك المتصدون لتجديد النظرية السياسية الإسلامية بزعمهم. فهذا معنى قولهم إن الشريعة لا يجوز أن تُفرَضَ إلا عبر التصويت، وهذا معنى قولهم: (سيادة الأمة) قبل (تطبيق الشريعة). فتشريعات الإسلام-حسب تنظيراتهم- يجب أن يلتزمها الفردُ في نفسه فقط، أما على مستوى الدولة، فلا شريعةَ إلا بتصويتٍ، ومع غياب التصويت، لا بُد من تعطيل التشريعات الإسلامية كلها، إلى أن تستعيد الأمة سيادتها عبر صناديق الاقتراع!

بين حكم المتغلب، وسيادة الأمة

مشكلةُ أصحاب تلك النظرية الأخيرة أنهم حين يناقشون مسألة الإلزام بمرجعية الشريعة، يتحدَّثُ أحدُهم وكأنَّ لديه دولةً سوف يعيد تركيبها من الصِّفر. هو يتحدثُ وكأنه جالسٌ على كرسي، وبين يديه أرضٌ فضاءٌ لا يوجد فيها دولةٌ، ولا سكان، ولا سُلطة لأحدٍ عليها، وعن يمينه يجلس الشعب الذي سوف يسكن هذه الأرض بعد تشكيل نظامها، وعن يساره صندوقٌ فيه مفاتيح السلطة التشريعية. فيأتي أحدُهم ليفتح الصندوق، ويخرج منه مفاتيح السلطة بأطراف أصابعه، ثم يسأل من حوله بذكاءٍ وفطنهٍ: أيهما أحسن وأضمن أن نعطي مفتاحَ السلطة للشعب كلِّه، أو أن نختار فرداً واحداً نمنحه حقَّ فرض الشريعة؟

ترى أحدَهم يحدِّثُ من حوله مُفاخراً: أنا أرى منح سلطة التشريع للشعب. بينما أنتم ترون منحها لفَردٍ متغلبٍ. هذا هو الفرق بيني وبينكم. فكلُّنا نؤمن بمرجعية الشريعة. لكن نختلف في تحديد الطرف الذي سوف نمنحه حقَّ الحكم بالشرع!

ما لم ينتبه له هذا القائلُ أن النقاشَ والبحثَ ليس عن دولةٍ سوف نبنيها على أرض المريخ أو زُحَلٍ. بل الكلامُ يتعلقُ بأوضاعٍ ودُوَلٍ قائمة لم تأتِ باختيار أحدٍ ولا مشورته. فحين يكون أمامك بلدٌ محكومٌ بنظامٍ فرديٍّ متغلبٍ مستأثر بالسلطة، ولا ينوي التنازل عنها، أو إشراك غيره فيها، والناسُ خاضعون له (طوعاً أو كرهاً)، وهو يحكمهم بقانونٍ وضعيٍّ لم يشاورهم فيه. فهل هناك إشكالٌ لو سعينا في إقناعه بتحويل نظامه، أو تقريبه -على الأقل- إلى المرجعية الإسلامية ؟

حسب نظرية (سيادة الأمة) لا يجوز ذلك. لأن هذا من الإكراه في الدين. فإذا لم يقبل المتغلبُ الاحتكامَ لسيادة الأمة والتصويت على مرجعية الشرع، حرُم علينا السعيُ إلى تحكيم الشريعة من خلاله! ومن نصح هذا الحاكم المتنفِّذَ بالتزام شرع الله في حكمه، فإنه يكون آثماً عند الله -عز وجلَّ-، لأن الشريعة لا يجوز أن تأتي إلا عبرَ سيادة الأمة!

وقد تعب جملةٌ من الأفاضل كي يشرحوا: أنهم لا يؤمنون بصحة وجود فردٍ مُتغلِّبٍ يملك حقَّ نصب الشَّريعة ونزعها متى شاء. لكنَّهم يعالجونَ أوضاعاً قائمةً، ويجتهدون في الاقترابِ من حكم الشرع حسبَ السبُل المتاحَة. فإن كانوا يعملون في ظلِّ نظامٍ يحتكم للتصويت والانتخاب ويلتزم نتائجه، فسوف يسعون لمرجعية الشريعة من خلال هذا النظام إن رأوا المصلحةَ في ذلك. وإن كانوا يعملون في ظل نظام حكمٍ فرديٍّ يرفض التنازُل عن السلطة، فسوف يسعَون لتحقيق مرجعية الشريعة من خلاله أيضاً. ولو أن هذا الفردَ المتغلبَ سمع وأطاعَ لهم فالتزم شرعَ الله في قضائه وحُكمه وتشريعاته، فلا يعني هذا أن القصة انتهت، فتفرُّده بالسلطة المطلقة وإن كان واقعاً مفرُوضاً بالقوةِ، فليس هو الوضع الصحيح الذي ينشدونه، لكنَّه خيرٌ من وضعٍ يجمعُ بين تفرُّدٍ بالسلطةِ، وإقصاء لمرجعية الشرع.

هذه النقطة ظلت عصيةً على فهم أصحاب تلك النظرية المتفرِّدة، فظلُّوا يردِّدُون ويتساءلون بذكاءٍ: أيهما أحسن أن يناط تطبيقُ الشريعة بالفَرد أم بالأمة؟

تناقضٌ غير مفهومٍ

عزيزي القارئ حاول أن تجمع بين هاتين الفكرتين، علَّك تفلحُ فيما عجزتُ عنه.

يقولُ أحدُهم: "وظيفة الاستفتاء هو الاحتكام إلى إرادة الناس حين تتصارع القيم والإرادات، فيتمُّ حسمُها بمسارٍ سلميٍّ وحضاريٍّ، لا بمسارِ الحرُوب والاقتتالِ والإرهابِ والقَمْعِ والإقصاء وسَفك الدِّماء وانتهاك الحرمات...".

تأمَّل معي -أيها القارئ الكريم- كيف يتمُّ تصوير نتيجة إقرار مرجعية الشريعة دون تصويت: (اقتتالٍ)، (إرهابٍ)، (قمع)، (إقصاء)، (سفك دماءٍ)، (انتهاك حرماتٍ).

ففي رأي صاحب تلك النظرية، أن حكمَ الشريعة في بلاد المسلمين إذا لم يأتِ عبر صناديق الاقتراع، فالنتيجةُ شلالاتٌ منسكبةٌ من الدماء، وركامٌ من الجماجم والأشلاء، وليس هناك أيُّ فرصة لخيارٍ ثالثٍ. مع أن صاحبَ هذه المقولة هو نفسُه الذي كان يقول: إن الشعوبَ إذا خُيِّرت، فهي قطعاً لن تختارَ إلا الإسلام!

هل هناك في التناقُضات أوضح من هذا؟!

أين يمكنُ أن توجد هذا الصورة: شعبٌ نقطعُ ونوقنُ ونجزمُ أنه متى خُيِّر، فلن يختار مرجعيةً غير شريعة الإسلام، ولا يمكنُ أبداً أن يبتغي عنها بديلاً. لكنَّ هذا الشعب نفسه سوف يُشعل الأرض، ويزلزلُ الأرجاء، ويحوِّل البلاد إلى أنهارٍ وبحارٍ ومحيطاتٍ من الدماء، فيما لو أعلن حاكمه التزامه شريعة الإسلامِ دون استفتاءٍ وتصويتٍ!

ألا يمكن أن يتصوَّر هؤلاء شعباً مسلماً يفرح ويستبشر لو سمعَ قراراً بالتزام حكومته المتغلِّبة بدين الله وشرعِه ؟!

هل الشريعة كائنٌ حيٌّ ؟

أن يتبنى أحدٌ وجهة نظرٍ خاطئةٍ، فليس ثمة ما يستغربُ؛ إذ الجميع يخطئ. لكن البليَّة حين يكون الخطأ مبنياً على تصوُّرٍ بالغ السذاجة لمسألةٍ اقتحمها الكاتبُ بجُرأةٍ دون أن يفهم أبعادها وحدودها.

وتزدادُ الصورةُ قُبحاً حين يُصَاغُ ذاك التصوُّر الساذج ثم يُطرَحُ بلغة الأستاذ الخبير، الذي سوفَ"يحرِّك المياه الراكدة"، ويعلِّمُ الآخرين كيفيَّة "إعادة تنظيم وترتيب النظرية السياسية في التصوُّر الإسلامي".

يقولُ صاحبُ مقالة (سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة) معترِضاً على من حاول أن يشرح له سُوءَ فهمه: "تستغربُ أن يأتي بعضُ المعترضين ويقول: (السيادة لا تكونُ لأحدٍ من الخلق.السيادة للشريعة فقط). حسناً: أتعلمونَ ما معنى هذا الكلام؟ وأرجو أن يتحملَّني البعضُ، لأني سأبدأ بشَرح البدهيات العقليَّةِ ومآلات إنكارها. وشرحُ البدهيات ثقيلٌ على نُفوس العقلاء. ولكن ما الحلُّ مُكرَهٌ أخاك لا بطَل!!".

هو هنا وضع نفسه في صورة الأستاذ المحنَّك، والقانوني الخبير الذي وجد نفسه مكرهاً على ممارسة مهمةٍ ثقيلةٍ على نفسه؛ مهمة شرح البدهيات العقلية لمن لا يفهمها.

وحين شرعَ الخبيرُ في الشرح قال: "إذا قلنا (السيادة للشريعة) فهذا يعني أن الشريعة كائنٌ حيٌّ يملك القدرة والإرادة. يأكلُ الطعامَ ويمشي في الأسواق، ويجلس على عرشه، ويأمُر وينهى! وبالتالي: الشريعة هي التي تطبقُ نفسها في الواقع! وهي التي تنقُل نفسها من كونها منظومةً من القيمِ والأحكام والمبادئ إلى كونها دستُوراً..وليست بحاجةٍ إلى تصويت واستفتاء الأمة كما يقول التنويريون (هداهم الله).

ثم يضيف شارحاً غباء المعترضين عليه: "بناءً على هذا المنطق، إذا أردْنا أن نطبقَ الشريعة في ولاية (لاس فيغاس) بأمريكا مثلاً. فيكفي أن نرسِل القرآن وصحيح البخاري -زادهما الله تشريفاً- إلى (لاس فيغاس)، ونضعهما في أحد البيوت الفخمة، وعلى أحد الرفوف المذهَّبة. وبإذن الله لن تمرَّ سنةٌ إلى ولاس فيغاس بدون ملاهي وفنادق للدعارة والقمار".

هذا ما قاله صاحبُ النظرية. وسوف أعترفُ أن الرجُل بحقٍّ كان يشرحُ بدهيةً ومسلمةً عقليةً. وقد كان بإمكانه أن يريح نفسه من هذه المهمة الثقيلة عليه، لو أنه أعطى نفسه فرصةً لفهم معنى (السيادة) التي يتحدَّث عنها الجميعُ.

واختصاراً للوقت سوف أشرح له المسألة بنفس طريقته، وأقول له: إن كنت تظنُّ أن (سيادة الأمة) كائنٌ حيٌّ يأكل الطعامَ، ويمشي في الأسواق، ويجلس على العرش، ويفرِضُ نفسه بنفسه. فما عليك إلا أن تتصل هذه الليلة بسيادة الأمة، وتطلب منها أن تحجُز مقعداً على أقرب رحلةٍ، فتأتي إلينا، أو تذهب إلى أي بلدٍ يوجد فيه حكمٌ فرديُّ متغلِّبٌ. وبمجرَّد وصولها إلى هناك، تتغافل عين الرقيب، فتتسلل في ظلمة الليل، وتتربَّع في المادة الأولى من الدستور. وفي الصباح ينتهي الاستبداد، وتنكشف الغمة، وتنعم الأمة في ظلِّ حكمٍ ديمقراطيٍّ رشيدٍ!

هل هذا منطقٌ مقبولٌ ؟

أصلُ الإشكال هنا أن الكاتب عاجزٌ عن التمييز بين (السيادة العليا)، وبين من ينفِّذ مُستلزمات ومقتضيات هذه السيادة ويطبق القوانين الناشئة عنها. هو يظنُّ أن السيادة الشرعيَّة العليا هي لذاك يُنفِّذ القوانين ويطبقِّها، ويتصوَّر أن من يطبق الشريعة وينفِّذها في الواقع، لا بُدَّ أن يكون هو صاحبُ السيادة التشريعية!

هو يقول: الشريعة لن تحكم بنفسها، ولا بُدَّ لها من عملٍ بشريٍّ يجسِّدُها على الأرض. فإذا لم ترضوا بأن تكون الأمةُ هي التي تختارُ مرجعيَّة الشريعة، فليس أمامكم إلا أن تقولوا: إن فرداً أو جماعةً يملكون ذلك الحقَّ. فأنتم تهربون من سيادة الأمة، إلى سيادة الفرد المتغلِّب. أنتم توهمون الناس أنكم تدعُون لسيادة الشريعة، بينما الواقع أنكم تنادون بسيادة الفرد. أنتم ترفضُون أن يصوِّت الشعبُ على اختيار حكم الشريعة، ثم تقبلون إسناد حقِّ الاختيار للحاكم المتغلِّبُ، فتجعلون حقَّ الحكم بالشريعة ونبذها منوطاً به.

هكذا تمَّ تصوير المسألة ... وربما جاء الآن دوري لأمارس تلك العملية الثقيلة على العقلاء، عملية شرح البدهيات العقلية والمسلَّمات الشرعية:

معنى سيادة الشريعة

حين يقولُ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق". أو يقولُ "إنما الطاعة في المعروف". و"على المرءِ المسلم السمعُ والطاعةُ فيما أحبَّ أو كرِهَ، إلا أن يؤمرَ بمعصيةٍ. فإن أُمِرَ بمعصيةٍ، فلا سمعَ و لا طاعةَ".

حين يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، فهو يؤسِّسُ لمبدأ سيادة الشريعة. لأنه في كلامه هذا لا يقرِّرُ حُكمَاً فَردياً والتزاماً شخصياً وحسب، بل قد أسَّسَ -أيضاً- لمعنى سيادة الشريعة سيادةً قانونيةً. فحين يأتي التشريعُ المناقضُ صراحةً لدين الله، فلا سمعَ ولا طاعةَ. سواءٌ جاء هذا التشريع عبر فردٍ متغلِّبٍ، أو عبر تصويتٍ عامٍ، أو بواسطةٍ برلمانٍ منتخَبٍ. فكلُّ هؤلاء مخلوقون، ولا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.

فليس لأحدٍ أن يلتزمَ التشريع المناقض صراحةً للدين إلا مع الإكراه.

ولا يجوزُ للقاضي أن يحكُمَ بهذا التشريع، أو يعاقبَ من خالفه.

وإن حكَم به القاضي، فليس لصاحب السلطة التنفيذية إنفاذ هذا الحكم.

فإن فعلوا ذلك: فلن نقولَ أنهم آثمون شرعاً فقط. بل نقول -أيضاً-: أنهم مستحقُّون للعقوبة الدنيوية. فلو ذهبت تلك الحكومة ومجلسُها التشريعيُّ، فمن حقِّ المتضرِّر مقاضاة القاضي الذي حكم عليه بما يخالف الشرعَ، ومقاضاة من أنفذ الحكم مع معرفته بمناقضته للشرع. ولا يُعفي هؤلاء من المسؤولية استنادهم لقرار مجلسٍ تشريعيٍّ ناشيءٍ عن (سيادة الأمة). لأن تشريعاتِ الإسلام وتكاليفه لا تبطلها مجالسٌ ولا أصواتٌ. لكن حسبَ نظرية (سيادة الأمة)، فإنه لا مسؤولية على من أنفذ حكماً مخالفاً للشرع، فأراق دماً أو استباحَ مالاً أو عِرضاً. لأن هذا لم يزد على امتثال ما يجبُ عليه (شرعاً!).

حسناً...لقائلٍ أن يقول: هل يمكن أن تنجح دولةٌ بهذا الطريقة ؟ يقرِّرُ المجلس التشريعي، فيرفض القضاةُ تنفيذَ قراره. ويحكم القاضي، فترفض السلطة تنفيذ حكمه؟

بالتأكيد: لا يمكنُ أبداً أن تنجحَ دولةٌ هذا نظامُها. لأجل ذلك قلنا: لا يسوغ شرعاً ولا يجوزُ -في حال الاختيار- طرح أحكام الشرع المطهَّر للتصويت. لأن ثمرة هذا التصويت لن يكون لها قيمة في حكم الإسلام، وليس لها أيةُ أثرٍ قانونيٍّ إلا بحُكم القوةِ والإكراه.

وهذا كلُّه في التصويت على قانونٍ واحدٍ مناقضٍ للشرعِ. أما التصويت على نبذِ مرجعيَّة الشريعة كلِّها فذاك أمرٌ أنكَرُ وأبطَلُ. ومتى حصل هذا، فإن الدولة تفقِدُ شرعيَّتها أصلاً، والمجلس التشريعي يفقد شرعيَّته أيضاً. فلا فرقَ بين حاكمٍ فَرْدٍ ينبُذ الشرعَ، أو مجلس تشريعيٍّ يمارسُ العملية نفسها. وهذا مقتضى قول الله تعالى: (إن الحكمُ إلا لله).

تلك هي البدهية الشرعية التي لم يدرك بعضُ الناسِ آثارها القانونية في نظام الإسلام. فالحكومات حين تنبذُ مرجعية الإسلام بالقوةِ أو بالتصويت، ثم تحولُ بين الناس وبين الاحتكام إلى دينهم، فالنتيجة سقوط شرعية الحكومة، لا سقوط سيادة الإسلام.

ولمزيدٍ من التوضيح، دعونا نسأل أصحاب نظرية (سيادة الأمة): حين يأتي التشريع المناقض لدين الله من خلال تصويتٍ نزيهٍ يعبِّرُ عن ذاك الشيء الذي تسمُّونه (سيادة الأمة)، فما موقفكم منه؟

هم يقولون: سنسعى لإبطاله عبر تصويتٍ آخر. لكن ما موقفهم إذا لم يستطيعوا ذلك. هل سيتركون ما أمرهم الله به، ويلتزمون القانون الناشيء عن (سيادة الأمة)، فينتهكون به الدماء والأعراض والأموال المعصومة ؟

وإذا كان أحدُهم في موقع السلطة التنفيذية، هل سيُلزِمُ الناسَ بهذا التشريع المناقض لدين الله والمستند إلى (سيادة الأمة)؟

وإذا كان في موقع القضاء: هل سيقضي بسجن ومعاقبة من اختار دينه، فأطاع الله وعصى القانون الصادر عن مجلسٍ تشريعيٍّ منتخَبٍ يمثِّلُ (سيادة الأمة)؟

هذه التساؤلات هي ما سيقرِّبُ ويشرحُ الخلل الضخم في فكرة (سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة). وهذا المعنى هو ما قصدتُ تقريبه في مقالة (مهزلة العقل "التنويري" ).

مرجعية الشريعة وسيادتها، تعني أن شرعية الأفعال والتصرفات والدول، وحدود الحقوق والالتزامات تقاسُ بالشريعة، وليس بقرار بشرٍ، فرداً كان أو جماعةٍ. مرجعية الشريعة في الدولة المسلمة مادةٌ دستورية أو (فوق دستورية) كتبها الله في كتابه، فلا يغيرها تصويتٌ ولا اقتراعٌ. وتعطيل هذه المادة (بالقوَّةِ أو بالتصويت)، لا يعني أن آثارها القانونية انتهت. فالتشريع الذي يعطلُ عقوبة القصاص من قاتل العمدِ -مثلاً- ويكتفي بسجنِه، لن يكونَ له أثرٌ في إثبات عصمة دماء القتلة. فمتى سقط هذا التشريع، أو سقطت الدولة التي فرضته، وجاءت دولةٌ تلتزم مرجعيَّة الشرع، فحقُّ القصاص ثابتٌ، وليس لأحدٍ أن يقول: إن الجريمة وقعت قبل اعتماد الشريعة مرجعاً. وقس على ذلك سائر الأحكام والتشريعات الإسلامية. فتعطيلها عملياً، لا يعني أن آثارها في عصمة الدماء والأموال وإثبات الحقوق انتهت.

نقطة أخرى حصل فيها خلطٌ كثيرٌ:

أصحابُ فكرة (سيادة الأمة) يحسبون أنا إذا قلنا إن على الحاكم المتغلِّب أن يلتزم شرع الله في حكمه، فنحن نمنحه حقَّ اختيار الشريعة أو نبذها، فلذلك صاروا يقترحُون ويقولون: لماذا لا نجعل حقَّ اختيار الشرع ونبذه منوطاً بالأمة بدل أن نجعله لفردٍ متغلبٍ؟!

ما لم يفهمه هؤلاء: أننا نحنُ حين نطالب المتغلِّب بالتزام شرع الله، فإنما نطلبُ منه التزام أمرٍ واجبٍ عليه ولازمٍ له، ولسنا نخيره كي يحكمَ بدين الله أو ينبذه. فلا يصلح أن يقارَن حالُنا بحالِ من يريدُ إقرار حقِّ رفض مرجعية الإسلام عبر التصويت.

نحن نقول للمتغلِّب: لا خيار لك سوى الحكم بشرع الله. وإن لم تفعل فلا شرعية لنظامك عندنا. بل إن الشرعية ستكون لمن يقدرُ على خلعك واقتلاعك من كرسيك، ومحاكمتك على جنايتك العُظمى حين حرمتَ المسلمين من الاحتكام لدينهم.

فهل هذا التصوُّر الشرعيُّ الواضحُ، يماثلُ موقف الآخرين من ذلك الشيء الذي يسمونه (سيادة الأمة)، حين جعلوا له حقَّ اختيار الشريعة، وحقَّ رفضها ووطئها بالأقدام ؟

هم يريدون مجلساً أو صناديقَ تملك الحقَّ في نبذ دين الإسلامِ، ثم يكون على الناس السمعُ والطاعة، بعدما يرتبون على قرار الصناديق الحقوق والالتزامات.

فرقٌ كبيرٌ بين من يطالب الحاكمَ المتغلب بالتزام الشرع، وبين من ينصبُ -باختياره- مجلساً تشريعياً أو استفتاءً يملك الحقَّ القانوني في نبذ وإقصاء دين الله بطريقةٍ (حضارية!!).

حسناً...لقائلٍ أن يقول: لكن هذا الفرد المتغلِّب قد يحكم بالشريعة اليومَ، وينبذها غداً؟

نرجع لنقول ونكرِّر: ومن قالَ إننا منحناه الحقَّ في ذلك، أو فوضناه فيه...فهل نسيتم أنكم تتحدثون عن (متغلِّب)؟ ... هل تفهمون ما معنى (متغلبٍ)؟

أنتم تتحدثون عن حاكمٍ فرضَ سلطانه بالقوَّةِ، ولم يكن لأحدٍ خيارٌ في نصبه وتمكينه. فإذا أمَرْناهُ بالتزام شرعِ الله في حكمه وقضائه وتشريعاته، فهل يعني هذا أنا منحناه تفويضاً بنبذ الشريعة متى شاء ؟ هل يمكن لعاقلٍ أن يفكر بهذه الطريقة ؟

إن قلتم: نريدُ ضمانات تقطع على هذا المتغلِّب السبيل كي لا يجعل الشرع ألعوبةً بيده، فيأخذ به متى شاء، وينبذه متى شاء؟

مرةً أخرى سنقول: تذكروا أنكم تتحدثون عن (متغلِّبٍ) لا يرى نفسه ملزماً بمطالباتكم. فإن استطعتم إقناعه أو إلزامهُ بضماناتٍ تحفظ شرع الله من عبثه، فنحن معكم، بل سنكون قبلكم في هذا الطريق ... لكن في الواقع أنتم لا تفعلون هذا.

أنتم لو أطاعكم هذا المتغلِّبُ، فلن تطلبوا منه تصويتاً لتشكيل مجلسٍ يراقب التزامه بشرع الله. بل ستطلبون منه تصويتاً أو مجلساً يملك الحقَّ في نبذ شرع الله! أنتم تريدون نقلَ حقَّ العبث بالشرع، من قصر الرئاسة إلى قبة البرلمان!

أما نحنُ فلو أطاعنا هذا المتغلِّب، أو قدرنا على إلزامه، فسوف ننصبُ فوقه مجلساً يراقب التزامه بالشرع، ويملك حقَّ عزله ومحاسبته لو نبذ مرجعية الإسلامِ ورفض الاحتكام إليه؛ فهل أدركتُم الفرقَ بيننا وبينكم الآن ؟

نحن مرجعية الشرع لدينا محسومةٌ، وإنما نبحثُ عمَّن يحولها إلى واقعٍ عمليٍّ. أما أنتم فمرجعية الشريعة عندكم محلُّ بحثٍ ونظرٍ، وتصويتٍ واقتراعٍ. نحن نريدُ مرجعية الإسلام. وأنتم تريدون مرجعية صناديق الاقتراع. نحن نريدُ (كلمةَ الله) هي العليا. وأنتم تريدون (الحرية) هي العليا.

بكلمةٍ أوضح: أنتم شربتم الكأس الليبرالية دون شعورٍ، فأسكرت عقولكم وقلوبكم، فصرتم تطالبون بحرية (نبذ الشرع)، تحت شعار (المحافظة على الشرع)!

فإن أردتم برهاناً إضافياً بشرحُ الإشكال لديكم، فاقرأوا معي الفقرة الآتية:
أنتم تستدلون بآية: (لا إكراه في الدين) كي تسندوا رأيكم في عدم جواز الحكم بشريعة الإسلام دون تصويتٍ واستفتاءٍ. فهلا أخبرتمونا من أين تسرَّب إليكم هذا الفهمُ للآية ؟

تلك الآيةُ الكريمةُ إنما يستدلُّ بها في هذا الموضع ذاك الليبرالي والعلماني الذي يأبى أن يستندَ نظامُ الدولة لمرجعية دينيةٍ، سواءٌ جاءت هذه المرجعيَّة عبر فردٍ متغلِّبٍ، أو عبر صناديق الاقتراع، لأنه يرى الدين التزاماً شخصياً لا يجوز إقحامه في مرجعيَّة الحكم بأي طريقٍ.
تلك هي الرؤية الليبرالية العلمانية المعروفة، ومنها انطلق أصحابها في تفسير خاطئ لآية (لا إكراه في الدين)، كي يثبتوا أنه لا يجوز أن يستند نظامُ الحكم لمرجعية دينيةٍ.

لكن ماذا عنكم أنتم يا من تريدون فرضَ مرجعيةِ الدين عبرَ صناديق الاقتراع ؟ هل يصلح لكم أن يستندَ لمثل هذه الآية ؟

أصحاب نظرية (سيادة الأمة) متى حصلوا على أغلبية الثلثين مثلاً، ونجحوا في تثبيت مرجعية الشريعة في الدستور، فهم -في النهاية- سوف يُلزِمُون الثلث المتبقي بمرجعية الشريعة الإسلامية. أي أنهم سيمارسون ( الإكراه في الدين )! ولا مفرَّ لهم من هذه الحقيقة إلا أن يراجعوا فهمهم للآية الكريمة، فيكفُّوا عن قراءتها بأعينٍ ليبراليةٍ علمانيةٍ.

تلك الآية الشريفة لا علاقة لها بنصب الشريعة مرجعيةً لنظام الحكم. فهي إنما تتحدثُ عن إكراه الكافر على اعتناق دين الإسلام. وأما اعتمادُ مرجعية الشرعِ، فليس هذا من الإكراه الممنوع في الآية. ومن أصرَّ على هذا الفهم، فإن عليه ألا يحكم بشريعة الإسلام حتى يحصل على تأييدٍ كليٍّ يبلغ نسبة (100%) من الأصوات! وحتى بعد الحصول على هذه النسبة الخرافية، فليس للقاضي في المحكمة أن ينزل أيَّ عقوبةٍ شرعيةٍ إلا بعد إقناع الجاني بقبُولها، كي لا يمارس عليه الإكراه في الدين باسم سيادة الأمة!

 

 

 

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات