خطباء مخترقون (1/2)

محمود الفقي - عضو الفريق العلمي

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات: مقالات

اقتباس

إخواني الخطباء: فلنطلقها صرخة قوية مدوية مجلجلة صريحة: إن منا مخترَقون، نعم؛ منا خطباء مصابون من دواخلهم، خطباء مجروحون بالمعنى الحديثي للجرح والتعديل، خطباء مكبلون مسلسلون مقيدون...

أعلم أنك تحيرت عند قراءة عنوان هذا المقال؛ هل تقرؤه بفتح الراء من "مخترَقون" على أنها اسم مفعول، فيكون المعنى أن الخطباء اخترقهم غيرهم، أم تقرؤه بكسر الراء؛ "مخترِقون" على أنها اسم فاعل، فيكون المعنى أن الخطباء هم من يخترقون غيرهم! وقد فكرت أن أوفر عليك العناء وأضع على راء "مخترقون" فتحة أو كسرة، لكنني تراجعت عن ذلك لأنني أقصد المعنيين؛ فحديثنا -إن شاء الله- حول خطباء مخترَقين من غيرهم، نقدِّم لهم الاستراتيجية التي نأمل أن يجعلها الله سببًا ليصبحوا مخترِقين لغيرهم؛ "استراتيجية مكافحة الاختراق"، مع أننا قد نفرد للمخترِقين -بكسر الراء- مقالًا مستقلًا في مستقبل الأيام إن أراد الله -تعالى- ذلك.

 

وقبل أن أبدأ حديثي معك -أيها الزميل الخطيب- دعني آخذ عليك العهد ألا تغضب مني ولا تحرد إن قسوتُ أو تجنيتُ أو حملتُك ما لا تطيق، فإني -والله- أوجِّه كلامي الآتي لنفسي قبل أن أوجهه إليك، وأصبه على رأسي صبًا قبل أن أقدمه لك، وما أريد إلا الخير لي ولك، وأن ننتقد أنفسنا لـهُوَ أجمل وأليق بنا من أن ينتقدنا غيرنا ونحن الدعاة والخطباء الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر!

 

إخواني الخطباء: فلنطلقها صرخة قوية مدوية مجلجلة صريحة: إن منا مخترَقين، نعم؛ منا خطباء مصابون من دواخلهم، خطباء مجروحون بالمعنى الحديثي للجرح والتعديل، خطباء مكبلون مسلسلون مقيدون، وقد أجملناها في العنوان بقولنا: "خطباء مخترَقون" ونوضح الآن فنقول: بفتح الراء لا بكسرها، وإن سألتني: وما الذي اخترقهم؟! وكيف اخْترِقوا؟!... رددتُ عليك قائلًا: إن الإجابة في النقاط التالية:

أولًا: خطباء اخترقتهم ذنوبهم:

ولا أقصد ها هنا ذنوب القلوب وحدها كما قد يتبادر للبعض، وإنما أقصد أيضًا -وأحزن حين أصرِّح بهذا-: ذنوبًا يقع فيها العامة كإطلاق البصر والغيبة والنميمة والتقصير في تقويم الأهل والأولاد والتدخين... حتى كاد أن يكون أمرًا عاديًا أن ترى في أوساط الدعاة والخطباء في بعض البلاد الإسلامية من يدخن في غرفته داخل المسجد؟! أو يقع في عرض زميله الخطيب وينتقص منه أو يصفه بالمرائي! أو يكذب ويدلس ويقلب الحقائق! أو يصافح النساء الأجنبيات القريبات أو اللاتي جئنه مستفتيات... ونسي أو تناسى -وهو من يذكِّر الناس- قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه"([1])، وكأنه لم يبلغه ماذا يُصنع بمن يقول ما لا يفعل من الخطباء يوم القيامة؛ فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رأيت ليلة أسري بي رجالًا تقرض شفاههم بمقارض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخطباء من أمتك، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون"([2]).

 

أَعْلمُ أن الخطباء بشر، وأنه لا بشر بلا خطأ، كما قالها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل بني آدم خطاء..."([3])، ولكن النقطة السوداء في الثوب الأبيض أشد منها وضوحًا على غيره من الألوان! وما قد يُتجاوز عنه مع العامة من الناس لا يمكن أن يُتجاوز مع أهل الشريعة من دعاة وخطباء فهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، حتى إن للمفرطين منهم عذابًا ونكالًا خاصًا بهم في نار جهنم -والعياذ بالله-؛ فعن أسامة بن زيد أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه"([4])، فيا فضيحتهم يوم القيامة!

 

ودعنا نتساءل: كيف لمثل هذا الخطيب الذي تلبس بالمعاصي أن يزرع التقوى فيمن يخاطبهم؟ إن كلامه يخرج باهتًا ميتًا جامدًا لا روح فيه ولا حياة، ونحن نحفظ قول مالك بن دينار: "إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما تزل القطرة عن الصفا"([5])... لكن أبشر فإن لكل داء دواء.

 

واستراتيجية الدواء لهذا الداء؛ داء المعاصي ومحقرات الذنوب، أشهر من أن تُفَصَّل؛ فهي استراتيجية التوبة، وأركانها معروفة: إقلاع عن الذنب، والندم على ما مضى، والعزم على عدم العود، والتحلل من المظالم، والخطباء هم أهل الخبرة بها، وللناس يصفونها، إنها استراتيجية تقول: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ...)[التحريم: 8]، وتقول: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)[الزمر: 45]، وأنتم -إخواننا الخطباء- أعلم بتفاصيلها.

 

فهذه الاستراتيجية مكونة من ثلاثة بنود:

البند الأول: مجاهدة النفس على اجتناب الذنوب ابتداءً.

البند الثاني: الوعي بطبيعة الوقوع في الذنب.

البند الثالث: التوبة الفورية منها كلما وقعت.

 

والخطر الخطر الخطر؛ أنه غالبًا ما ينتج عن هذا الاختراق -أقصد: اختراق الذنوب لبعض الخطباء- اختراقٌ آخر هو -في نظري- أشد خطورة من الأول، ونتناوله في النقطة التالية.

 

ثانيًا: خطباء اخترقهم احتقارُ الذات:

لسان حال الخطيب المنهزم نفسيًا: "نحن أقل من أن ننصح أو نغيِّر؛ فإن كنا مصابين من دواخلنا فكيف نأخذ بأيدي غيرنا، بل نحن أحوج إلى من ينتشلنا من مضيعتنا! ونحن فاقدو التقوى فكيف نصفها لغيرنا، فإن فاقد الشيء لا يعطيه!"... وهكذا يستدرجهم الشيطان استدراجًا حتى يقعدهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!

 

ثم يستخفهم أخرى فيصدِّقون في أنفسهم كلام أعدائهم من العلمانيين والملحدين والمستغربين؛ يصدقونهم حين يهاجمونهم قائلين: "إنما الدين ستار يتخفى خلفه قوم يستأكلون به!"، ويصدِّقون في أنفسهم قول القائلين: "الشريعة غير ممكنة التطبيق على أرض الواقع؛ بدليل: أن الدعاة إليها لا يستطيعون تطبيقها"، وصاروا يشكُّون في صدق المقنِّطين الذين يقولون: "اتسع الخرق على الراقع... ولا فائدة من المحاولة... والخطب أعظم من قدراتنا... والاعتزال هو الحل"!... وهنا تقع الكارثة؛ فيقعدون ويتخلفون بل ويثبطون من حولهم، ويصيرون لهم فتنة!

 

واستراتيجية معالجة هذا الداء اختصرها الحسن البصري حين حذَّر قائلًا: "ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا"، فقد قال الحسن البصري يومًا لمطرف بن عبد الله: عظ أصحابك، فقال: إني أخاف أن أقول ما لا أفعل، قال: "يرحمك الله! وأينا يفعل ما يقول! ويود الشيطان أنه قد ظفر بهذا، فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر"، ويعيد سعيد بن جبير نفس المعنى وإن اختلفت الكلمات فيقول: "لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر"، وعلق الإمام مالك قائلًا: "وصدق؛ من ذا الذي ليس فيه شيء!"([6]).

 

ويؤكده ابن حزم قائلًا: "ولو لم ينه عن الشر إلا من ليس فيه منه شيء ولا أمر بالخير إلا من استوعبه لما نهى أحد عن شر ولا أمر بخير بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-"([7])، وصدق من قال:

إذا لم يعظ في الناس من هو مذنب *** فمن يعظ العاصين بعد محمد

 

وينقل النووي كلامًا متوازنًا يستحق الإثبات فيقول: "قال العلماء: ولا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال ممتثلًا ما يأمر به مجتنبًا ما ينهى عنه، بل عليه الأمر وإن كان مخلًا بما يأمر به، والنهي وإن كان متلبسًا بما ينهى عنه؛ فإنه يجب عليه شيئان: أن يأمر نفسه وينهاها، ويأمر غيره وينهاه، فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر!"([8])... ولا يعني كل هذا أنني أبرر لك ولنفسي الوقوع في الذنب، بل أنتم -إخواني الخطباء- أعرف بعقوبات الذنوب.

 

فهذه الاستراتيجية مكونة من أربعة بنود:

البند الأول: إدراك أن طبيعة البشر الغفلة والسهو والزلل، وأن الإيمان يزيد وينقص.

البند الثاني: الحذر من كيد الشيطان لحبسك داخل ذنبك وجعله قبرك، وإدراك طبيعة الصراع بيننا وبينه.

البند الثالث: مواصلة الدعوة إلى الله مهما كان حالك.

البند الرابع: استعادة الثقة في النفس، وإدراك أنه ليس من شرط الخطيب أن يكون كاملًا.

 

ثالثًا: خطباء اخترقهم اليأس والقنوط:

ما أبشع أن ييأس الداعية، الموكل ببث الأمل في مدعويه، من الإصلاح! وما أقبح أن يقنط الخطيب، الذي يستقي منه سامعوه الدين والعلم والفهم، من الترقي بهم! وهل أضيع من رواد مسجدٍ أصاب اليأسُ خطيبَهم!

 

نعم، قد تكون هناك أسباب عديدة قد دفعت الخطيب دفعًا إلى الإحباط، لكن ما من داعية ولا خطيب ولا نبي مرسل إلا وقد عانى أشد منها، وهل أكثر من أن يقول الأنبياء المرسلون: (مَتَى نَصْرُ اللَّهِ)؟... فإنهم وإن أصابهم اليأس لحظة، فسرعان ما ثابوا وعادوا.

 

وأعيد: قد يدبج الخطيب الخطبة ويُحْكِمها ثم يصعد المنبر فيلقيها على المسامع أروع ما تكون، ثم ينزل فيناقش الحضور فيها وفي أركانها، ثم يتعاهدهم يومًا بعد يوم وأسبوعًا بعد أسبوع ليتأكد من استيعابهم لمفرداتها، ثم يتابعهم في تطبيق ما سمعوا ويعينهم عليه ويحضهم ويحثهم... لكنه بعد كل هذا الجهد قد يصدمه ويخيب أمله أن أكثر السامعين ما عملوا بما سمعوا رغم كل ما بذل من جهد! فيتسرب الإحباط إلى قلبه، ويفقد الأمل في هداهم...

 

والاستراتيجية لعلاج مثل هذا الداء أن تعلم أن ساعة اليأس -بعد استفراغ الجهد وبذل الوسع- هي نفسها ساعة النصر، فالقرآن -أيها الخطيب اليائس- يقول ذلك: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا...)[يوسف: 110]؛ "أي: يئسوا من إيمان قومهم"([9])، جاءهم النصر ساعتها... وهل أتى النصر المبين لموسى وقومه إلا حين حصروا بين البحر وبين جند فرعون؟ وهل صار يوسف عزيزًا على مصر إلا بعد أن ألقي في الجب وبِيْعَ عبدًا رقيقًا وأُتهم زورًا ولبث في السجن بضع سنين؟!... وفي الجملة يقول القرآن الكريم: (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا)[الأنعام: 34]...

 

فلا تستبطئ الفرج فتقنط، بل ابذل أقصى ما عندك في نصح رواد مسجدك وفي تذكيرهم وأمرهم ونهيهم، ثم لا تشغل نفسك بهداهم؛ فهداهم على الله، ولقد قال الله -عز وجل- لخاتم رسله: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)[البقرة: 272].

 

ولتعلم -أيها الخطيب الحبيب- أنك تنال أجرك من ربك على أدائك وإبلاغك لدعوتك بإخلاص وإتقان، لا على مدى استجابة الناس لها، وأنت تعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "عرضت علي الأمم، فجعل يمر النبي معه الرجل، والنبي معه الرجلان، والنبي معه الرهط، والنبي ليس معه أحد..."([10])، والأنبياء ما قصَّروا في بلاغ رسالتهم، فإنما تحاسب على أخذك بالأسباب لا على نتائج الأسباب.

 

وبنود هذي الاستراتيجية كالتالي:

البند الأول: أدرك سراج الأمل قبل أن ينطفئ... فإن كان قد انطفأ فأنت أدرى كيف تشعله.

البند الثاني: عليك السعي وليس عليك إدراك النجاح.

البند الثالث: بث الأمل فيمن حولك، تجده أنار في قلبك.

 

***

 

فهذه أدواء ثلاث، قد حاولت تقديم استراتيجية العلاج الناجع لها، وبقيت أدواء أخرى بعلاجاتها نطرحها -إن شاء الله- في الجزء القادم من هذه الاستراتيجية.

 

أخي الخطيب القارئ: ربما قد تتعجب؛ لماذا لم نتوسع هذه المرة في تقديم استراتيجية خاصة بعلاج كل اختراق عرضناه كعادتنا؟! وأقول: هل أقدم وصفة العلاج إلى أطباء؟! هل أبيع التمر لمالكي أشجاره؟! هل أعرض الماء على من يسكنون على ضفة النهر؟! إنكم أنتم أطباء قلوب البشر، أنتم من تصفون لهم العلاج فكيف أصفه لكم! إنني إنما ألفت نظركم إلى تشخيص داء، وأنتم أدرى بالدواء، فإنما أخاطب خطباء وعلماء ودعاة كان بعضهم في حاجة إلى النصيحة -مثلي- فلما قدمتها لهم فقد انتهى واجبي، وهم أدرى بما يصنعون حيالها.

 

والله من وراء القصد عليم، هو نعم المولى ونعم النصير.

 

 

([1]) أحمد (3818)، والطبراني في الكبير (10500)، وصححه الألباني (الصحيحة: 389).

([2]) ابن حبان (53)، والبزار في مسنده (7231)، وصححه الألباني (الصحيحة: 291).

([3]) ابن ماجه (4251)، والترمذي (2499)، وحسنه الألباني (صحيح الجامع الصغير وزياداته : 4515).

([4]) البخاري (3267)، ومسلم (2989).

([5]) الزهد لأحمد بن محمد بن حنبل (262)، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 1999م.

([6]) تفسير القرطبي (1/367-368)، بتصرف يسير، الناشر: دار الكتب المصرية - القاهرة، الطبعة: الثانية، 1384هـ - 1964م.

([7]) الأخلاق والسير في مداواة النفوس لابن حزم (94)، الناشر: دار الآفاق الجديدة - بيروت، الطبعة: الثانية، 1399هـ - 1979م.

([8]) شرح النووي على صحيح مسلم (2/23)، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة: الثانية، 1392.

([9]) تفسير القرطبي (9/275)، الناشر: دار الكتب المصرية - القاهرة، الطبعة: الثانية، 1384هـ - 1964م.

([10]) البخاري (5752)، ومسلم (220).

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
rayan rayan
14-02-2020

جزاك الله خيرا كلام جميل جدا

عضو نشط
زائر
13-03-2021

ممتاز