خطبة عيد الفطر ١٤٤٠ العمل الصالح بعد رمضان

عبدالله بن رجا الروقي
1440/09/28 - 2019/06/02 02:24AM

الحمدلله ، والله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

أما بعد، فإن من نعم الله - عزوجل - على عباده أن جعل لهم أوقاتا فاضلة يتزودون فيها من الطاعات؛ فتُضاعفُ لهم الحسناتُ، وتُغفرُ لهم السيئاتُ.

ومن هذه المواسمِ شهرُ رمضان المباركُ، والذي اجتهد فيه الموفّقون في العبادات، والفضل في ذلك لله فهو الذي من على عباده بإدراك الشهر وهو الذي وفقهم لصيامه وقيامه وأعانهم على ذلك، ولهذا أمرهم بشكر هذه النعم بقوله تعالى في آيات الصيام :
﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون ﴾
فعلينا واجبُ الشكر لله على هذه النعمة العظيمة
فنسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وأن يتقبل منا.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد

عباد الله قد انقضى شهر رمضان لكنْ :
" عملُ المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله؛ فإن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت قال تعالى : {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
فهذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كُلُّها مقاديرُ للآجال ومواقيتُ للأعمال، ثم تنقضي سريعا وتمضي جميعا، والذي أوجدها وخصها بالفضائل : باقٍ لا يزول ، ودائمٌ لا يحول، هو في جميع الأوقات إلهٌ واحد ولأعمال عباده رقيبٌ مشاهد، فسبحان من قلّبَ عبادَه في اختلاف الأوقات بين أنواع الطاعات ، يُسبِغُ عليهم فيها فواضلٓ النعم ويعاملهم بنهاية الجود والكرم ، لمّا انقضى شهر الصيام أقبلت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام ، فلله الحمد والمنة ".
فيُشرع للمؤمن أن يجتهد في الطاعات ويستكثر من الخيرات مادام حيًا، قال الله تعالى : ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ وقال الله تعالى : ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
فالمؤمن مأمور بالعمل الصالح مدةَ حياته، وبالصبر عليه في الأوقات الفاضلة وغيرها.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله ، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون:
اجتهد كثير منا في الأعمال الصالحة من الصيام والقيام، وقراءة القرآن والزكاة، والصدقة، والدعاء والذكر وغيرها لكن السؤال الأعظم هنا: هل تقبل الله هذه الأعمال أو لا؟
يقول الله - تعالى- ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
« سألتُ رسول الله ﷺ عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال ﷺ : لا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ» رواه الترمذي.
ولقد كان السلف الصالح رحمهم الله يجتهدون في إكمال العمل وإتقانه ثم يقع عليهم الهم بعد ذلك في قَبوله ويخافون من رده فقد كانوا لقَبول العمل أشدَّ اهتماما منهم بالعمل.

وكان بعض السلف يقول في آخر ليلة من رمضان:يا ليت شِعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه.ا.هـ
فمما يستحب بعد رمضان أن يكثر المسلم من دعاء الله عزوجل أن يتقبل صيامه وقيامه وسائر عباداته، وأن يتجاوز عن تقصيره.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

عباد الله:
من الأعمال الصالحة بعد رمضان صيام ستة أيام من شوال ، فقد روى مسلم في "صحيحه" أن النبي ﷺ قال: «من صام رمضان ثم أتبعه بستّ من شوال كان كصيام الدهر »
ووجه ذلك أن الله - جل وعلا - جعل الحسنة بعشر أمثالها، فصيامُ رمضان يُعدُّ مُضاعفًا بعشرة شهور، وصيام هذه الأيام الستّة بستين يومًا، فيكون له أجر صيام سنةٍ كاملة.
وقال بعض أهل العلم: إنه يعدل صيام سنة كاملة فرضًا فكأنه صام رمضان مدة سنة كاملة.
لكن هذا الأجر الوارد في الحديث لا يكون إلا لمن صام رمضان كاملًا فمن كان عليه قضاء من رمضان فلابد أن يقضي ثم يصوم الست.
وهذه الأيام الستة يجوز صومها متتابعة ومتفرقة
ومن صامها في سنة فلا يلزمه أن يداوم عليها كل سنة.
فليحرص المسلم على صيامها بعد رمضان فإن صيامها يَجْبُر ماحصل في الفرض من خلل ونقص لأن الفرائض تُجبر بالنوافل يوم القيامة.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون : إن العيد ينبغي أن يكون سبباً لصفاء القلوب وزوال الشحناء بين المسلمين فلْنَصِلْ في هذا العيد أقاربَنا ولْنَحْذرْ من قطيعة أرحامِنا، قال النبي ﷺ: الرحمُ مُعَلَّقةٌ بالعرش تقول : من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله. متفق عليه.
وقال ﷺ : لايدخل الجنة قاطع. متفق عليه. أي: قاطع رحم.

ويحرم أن يهجر المسلم أخاه أكثر من ثلاثة أيام لقول النبي ﷺ: لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوق ثلاثٍ ، يلتقيان فيصدُّ هذا ويصدُّ هذا ، وخيرُهما الذي يبدأُ بالسلامِ. رواه البخاري.
وقال ﷺ: تُفْتَحُ أبوابُ الجنة يومَ الاثنين، ويوم الخميس، فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.

أقول ماتسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية
الحمدلله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد فإن النبي ﷺ خطب في العيد خطبةً ثانيةً وخص بها النساءَ وأمر الرجالَ أن يجلسوا لها؛ فاقتداء بسنة النبي ﷺ أقول:
إن من واجب النصح تحذيرَ المسلمات من أمر انتشر وهو من كبائر الذنوب ألا وهو التساهل في الحجاب الشرعي ووقوعُهن في معصية التبرج التي نهى الله عنها فترى المرأة تمشي بين الرجال في الأسواق كأنها في بيتها وتلبس عباءة هي في الحقيقة تحتاج إلى عباءة.
إن هذا مجاهرة بالمعصية والنبي ﷺ قال : ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين )رواه البخاري ومسلم.
فخروج المرأة متبرجة تبارز الله بالمعصية: مجاهرةٌ بها وفتنةٌ للناس وتكون قدوةً سيئة للنساء فهي ظلمات بعضها فوق بعض .
وقد نهى الله عن ذلك بقوله : (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )
أي : لا تخرجن متبرجات متجملات أو متطيبات كعادة أهل الجاهلية الأولى الذين لاعلم عندهم ولا دين.

وأُذكِّر بحديث قد سمعه النساء كثيرا لكنْ خالفه كثيرٌ منهن قال ﷺ : صنفانِ من أهلِ النارِ لم أرَهما: قومٌ معهم سياطٌ كأذنابِ البقرِ يضربون بها الناسَ، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مميلاتٌ مائلاتٌ، رؤوسُهنَّ كأسنِمَةِ البختِ المائلةِ، لا يدخلْنَ الجنةَ ولا يجدْنَ ريحَها، وإن ريحَها لتوجدُ من مسيرةِ كذا وكذا. رواه مسلم.
ياله من وعيد شديد على معصية التبرج والسفور
(لايدخلن الجنة ولايجدن ريحها)
فعلى من وقعت في هذه المعصية المبادرة بالتوبة قبل هجوم الأجل.


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون إن نبينا ﷺ إذا كان يومُ عيد خالف الطريق فيسن لمصلي العيد أن يرجع من غير الطريق الذي جاء منه.

اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم...

المشاهدات 2220 | التعليقات 0