معركة مؤتة

ياسر دحيم
1440/01/29 - 2018/10/09 01:02AM
الحمد لله معز الإسلام بنصره, ومذل الشرك بقهره, ومصرف الأمور بأمره, ومديم النعم بشكره, ومستدرج الكافرين بمكره, الذي قدر الأيام دولا بعدله, وجعل العاقبة للمتقين بفضله, وأفاء على عباده من ظله, وأظهر دينه على الدين كله, القاهر فوق عباده فلا يمانع, والظاهر على خليقته فلا ينازع, والآمر بما يشاء فلا يراجع, والحاكم بما يريد فلا يدافع.
 
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ شهادة من طهر بالتوحيد قلبه وأرضى به ربه, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله رافع الشك, وداحض الشرك, صلى الله عليه وعلى خليفته أبي بكر الصديق السابق إلى الإيمان, وعلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب محرر بيت المقدس من الصلبان, وعلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان جامع القرآن, وعلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مزلزل الشرك ومكسر الأوثان, وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.
 
أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، فبها يكون الفرج والمخرج, وعلى أصحابها يتنزل النصر, (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل: 128].
 
أيها المؤمنون: بعد صلح الحديبية تفرّغ النبي -صلى الله عليه وسلم- لدعوته، فبعث الرسل إلى الملوك والولاة, يدعوهم إلى الإسلام وكان من بين هؤلاء الرسل: الحارث بن عمير الأزدي -رضي الله عنه- الذي بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- بكتابه إلى هرقل ملك الروم بالشام، وخرج الحارث -رضي الله عنه- برسالة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فلما نزل مؤتة في شمال الجزيرة عرض له عامل قيصر على الشمال شُرحبيل بن عمرو الغساني فأوثقه رباطاً, ثم ضرب عنقه ليموت شهيداً -رضي الله عنه- وأرضاه.
 
وبلغ الخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأصابه همّ عظيم لقتل رسوله، إذ كان الحارث -رضي الله عنه- الرسول الوحيد من بين رسله الذي تعرض للقتل, والأذى وكانت الرسل لا تقتل, فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- وجمع المسلمين وأخبرهم الخبر، ثم جهز جيشاً قِوامه ثلاثة آلاف مقاتل لغزو مؤتة، انتصاراً لهذا الصحابي الجليل الذي قتل، ولما تجهّز الجيش وعزم على الرحيل قام فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وعقد لهم لواءً أبيضاً ودفعه إلى زيد بن حارثة -رضي الله عنه-, وأمّره على هذا الجيش, ثم قال: "إن أصيب زيدٌ فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس".
 
ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اغزوا بسم الله في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغيروا ولا تقتلوا وليداً ولا امرأةً ولا كبيراً ولا فانياً ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرةً ولا تهدموا بناءً", وهذه من أبرز تعاليم الحرب في الإسلام, فإن القتال في الإسلام إنما شرع لنصرة المستضعفين والدعوة إلى الله -تعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة، لا إلى التخريب والاعتداء.
 
وخرج الجيش من المدينة، وخرج معهم المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في مجموعةٍ من أصحابه -رضي الله عنهم- مشيّعاً لهم حتى بلغ ثنيّة الوداع، ثم ودّعهم والدموع تفيض من عينيه -صلوات الله وسلامه عليه-، وكان آخر من ودّعه عبد الله بن رواحة، ودّعه مُجهَشاً بالبكاء وهو يقول:
 
فثبّت الله ما آتاك من حسنٍ ** تثبيت موسى ونصراً كالذي نُصروا
 
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وأنت فثبّتك الله يا ابن رواحة". قال هشام بن عروة -رحمه الله-: "فثبّته الله -عز وجل- أحسن الثبات فقتل شهيداً وفُتحت له الجنة فدخلها".
 
وتحرك الجيش الإسلامي إلى الشمال حتى نزل مُعان من أرض الشام، فبلغتهم الأخبار بأن هرقل ملك الروم قد نزل أرض مآب من أرض البلقاء في مائة ألفٍ من الروم، وانضم إليهم من نصارى العرب مائة ألفٍ أخرى، فلما علموا بذلك أصابهم من الغمّ والحزن ما الله به عليم. ولكم أن تتصوروا الموقف! ثلاثة آلاف يقفون في مقابل مائتي ألف من الروم وأعوانهم، والروم أكبر قوة على وجه الأرض آنذاك.
 
اجتمع المسلمون وتشاوروا في أمرهم، وأقاموا ليلتين وهم يفكّرون في الأمر، ثم قالوا: نكتب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونخبرُه بعدد عدوّنا وما أعدوا لنا، فإمّا أن يمددنا بمدد من عنده، وإمّا أن يأمرنا بأمره فنمضي له. فقام عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- يشجع الناس ثم قال: "أيها الناس! والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون -يعني الشهادة-، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلاّ بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهورٌ وإما شهادة".
 
فتشجّع المسلمون ومضوا لقتال عدوهم حتى نزلوا مؤتة بأرض الشام، وكان الروم قد نزلوا قريباً منهم، واقترب الفريقان، والتقى الجمعان، وكان يوماً مشهوداً في تاريخ المسلمين، معركةٌ عجيبةٌ غريبةٌ في دنيا الواقع، تشاهدها الدنيا بالدهشة والحيرة، حيث يقف ثلاثة آلاف مسلم أمام مائتي ألفٍ من الروم وأحلافهم، تستغربها موازين البشر وتعجز عن إدراكها العقول.
 
أخذ الراية زيد بن حارثة أولُ الأمراء الثلاثة، مولى رسول الله, فقاتل قتالاً مريراً وقدّم من ضروب البسالة والشجاعة ما يعجز عنه الوصف، وبينما هو كذلك أصابه رمح من رماح الأعداء، فخرّ شهيداً -رضي الله عنه-, فتقدم جعفر بن أبي طالب واستلم الراية ودافع عنها كدفاع صاحبه وهو يقول:
 
يا حبّذا الجنة واقترابها
 طيبةً بارداً شرابها
والروم رومٌ قد دنا عذابها
 كافرةً بعيدةً أنسابها
عليّ إذ لاقيتها ضِرابها
 
فلما اشتد القتال نزل جعفر -رضي الله عنه- عن فرس له شقراء فعقرها ثم تقدم يقاتل فقطعت يده اليمنى, فاستلم الراية بيده اليسرى فقطعت, فاحتضنها بعضديه؛ لئلا تسقط راية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فلم يزل رافعاً لها حتى ضربه روميّ ضربةً قطعته نصفين.
 
روى البخاري عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: "فالتمسنا جعفراً فوجدناه في القتلى, ووجدنا في جسده بضعاً وتسعين طعنةً ورميةً, وكانت كلها فيما أقبل من جسده".
 
ثم تقدم الأمير الثالث عبد الله بن رواحة فاستلم الراية ثم ارتجز بأبياتٍ جميلةٍ، وتقدم وهو يقول:
 
أقسمتُ يا نفسُ لتنزِلنّه ** طائعةً أو لتُكرهِنّه
إن أجلب الناس وشدّوا الرنّة ** ما لي أراكِ تكرهين الجنة
 
وأخذ سيفه وقاتل حتى قتل -رضي الله عنه-.
 
استشهد الأمراء الثلاثة، وارتبك الناس واختلطوا, فتقدم ثابت بن أرقم وأخذ الراية وقال: "يا معشر المسلمين! اصطلحوا على رجل منكم". قالوا: أنت! قال: "ما أنا بفاعل" لقد أبى القيادة، لا نُكُوصاً عن الموت، بل شعوراً بوجود الأكفأ منه في الجماعة فيما يتعلق بفنون الحرب والقتال, فاصطلح الناس على خالد بن الوليد -رضي الله عنه- ولم يمض على إسلامه خمسة أشهر بعد، فقد أسلم بعد الحديبية.
 
استلم القيادة خالد بن الوليد وجعل هدفه أن ينسحب بالمسلمين دون خسائر كبيرة وأن ينقذ المسلمين من الهلاك الجماعي، فبعد أن قدَّر الموقف واحتمالاته المختلفة تقديرا دقيقاً، ودرس ظروف المعركة درساً وافياً، اقتنع بأنَّ الانسحاب بأقل خسارة ممكنة هو الحل الأفضل؛ ولأنَّ قتال الانسحاب يؤدي إلى خسائر فادحة بالمنهزمين رأى القائد الذكي أنه حتى يؤَمِّن انسحابه من ميدان المعركة بقوَّةٍ وانتظام، وبأقل خسائر في جيشه، عليه أن يرسم خطَّةً سعى فيها إلى إيهام العدو أنَ المسلمين لازالوا في أماكنهم يقاتلون وأن مدداً قد جاءهم من المدنية، فدفع مقدمة جيش المسلمين إلى مناوشة العدو بينما تحرَّك ببقية الجيش، وأعاد تنظيم قوَّاته، وألَّف مؤخرة قوية لحماية الانسحاب من ميدان المعركة.
 
فكر خالد في مكيدة حربية تلقي الرعب في قلوب الرومان حتى ينجح في الانحياز بالمسلمين من غير أن يقوم الرومان بحركات المطاردة، فقد كان يعرف جيدًا أن الإفلات من براثنهم صعب، فلما أصبح اليوم الثاني غيّر أوضاع الجيش، وعبّأه من جديد، فجعل مقدمته في المؤخرة، وميمنته ميسرة، وعلى العكس، فلما رآهم الأعداء أنكروا حالهم، وقالوا: جاءهم مدَد، فرعبوا، وصار خالد بعد أن تراءى الجيشان وتناوشا ساعة يتأخر بالمسلمين قليلاً قليلاً، ولم يتبعهم الرومان ظنًّا منهم أن المسلمين يخدعونهم، ويحاولون القيام بمكيدة.
 
وهكذا انحاز العدو إلى بلاده، ولم يفكر في القيام بمطاردة المسلمين، ونجح المسلمون في الانحياز سالمين، حتى عادوا إلى المدينة واستشهد يومئذ من المسلمين اثنا عشر رجلاً، أما الرومان، فلم يعرف عدد قتلاهم من كثرتهم, روى البخاري في صحيحه أن خالد بن الوليد -رضي الله عنه- قال: "لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحةٌ يمانية".
 
وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو في المدينة يشاهد المعركة كرامة من الله عن طريق الوحي، ويخبر أصحابه عن إخوانهم المجاهدين فقال: "أخذ الراية زيدٌ فقاتل حتى قتل شهيداً, ثم أخذها جعفر فقاتل حتى قتل شهيداً, ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل شهيداً". ثم قال: "ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله -يعني خالد بن الوليد-، حتى فتح الله عليهم" (رواه أحمد).
 
وانصرف النبي -صلى الله عليه وسلم- وعيناه تذرفان بالدموع يتفقد أسر الشهداء, تقول أسماء بنت عميس زوج جعفر -رضي الله عنهما-: أتاني رسول الله وقد فرغت من اشتغالي وغسّلت أولاد جعفر ودهنتم, فأخذهم وشمهم واحتضنهم ودموعه تسيل من عينيه، فقلت: يا رسول الله! أبلغك عن جعفرٍ شيء؟ قال: "نعم! لقد أصيب هذا اليوم" ثم عاد إلى أهله وقال: "اصنعوا لآل جعفرٍ طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم" (رواه أحمد وغيره).
 
 وعاد الجيش إلى المدينة واستقبله الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام رضوان الله عليهم.
 
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم...
 
الخطبة الثانية:
 
الحمد لله رب العالمين
 
عباد الله: لقد استطاع خالد بن الوليد أن ينقذ جيش المسلمين من الفناء التام، بما صنع من خطة حربية مكنته من تضليل الأعداء والانسحاب بانتظام، وحينما رجع الجيش إلى المدينة قابلهم المسلمون الذين رأوا أن انسحاب الجيش فرارٌ من المعركة وحثوا في وجوههم التراب، وقالوا لهم: "يا فرار! فررتم من الجهاد في سبيل الله".
لقد ظن المقيمون بالمدينة أن انحياز خالد بالجيش هزيمة، واستنكر على الجيش أن يعود من غير أن ينتصر، وعيَّروا رجاله, أخرج الحاكم بسندٍ صحيحٍ عن أُمِّ سلمة -رضي الله تعالى عنها- أنَّها قالت لامرأة سلمة بن هشام بن المغيرة: "ما لي لا أرى سلمة يحضر الصَّلاة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومع المسلمين؟", قالت: "والله ما يستطيع أن يخرج، كُلَّما خرج صاح به النَّاس: يا فُرَّار، أفررتم في سبيل الله -عزَّ وجلَّ-! حتَّى قعد في بيته فما يخرج".
 
لكن في اللحظة المناسبة يتدخَّل القائدُ البصيرُ الذي يدرك معنى النَّصر الحقيقي، ويدرك ظروف وملابسات معركة مؤتة، وما أبداه المسلمون فيها من بسالةٍ، وبطولاتٍ حقيقيةٍ أذهلت أعداءهم, ويدرك ما قام به خالد والمسلمون من تنظيم انسحابٍ رائعٍ ومنظَّمٍ, يتدخَّل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بقوةْ ليرُدَّ عن الجيش البطل الشجاع، ويرُدَّ على تعيير أهل المدينة لهم بالفُرَّار قائلاً: "ليسوا بالفُرَّار، ولكنَّهم الكُرَّار إن شاء الله -تعالى-".
 
إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد نظر إلى الموقف من جميع نواحيه اعتبرهم منتصرين، ووصف ما قام به خالد فتحاً حين قال: "ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم".
 
لقد استطاع خالد بن الوليد - رضي الله -تعالى- عنه - أن ينظم انسحاباً قوياً ناجحاً دون أدنى خسائر تُذْكَر، مع الإثخان في العدو، وهو أمر يخالف ما جرت به العادة من أنَّ المنسحِب -غالبا- هو الذي يتكبَّد الخسائر الكبيرة، فلمَّا صار العكس وأفلت خالد - رضي الله عنه - بجيشه من قبضة العدوّ رغم تشديدهم الضغط عليهم, اعتبره المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فتحاً، بل نصراً مؤزَّراً، استحق عليه اللقب الذي قلَّده إياه النبي -صلى الله عليه وسلم-, أخرج الحاكم وصحَّحه عن الشعبي، عن عبد الله بن أبي أوفى: "أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تُؤذوا خالداً، فإنه سيفٌ من سيوفِ الله صبَّه على الكُفَّار".
 
عباد الله: إن هذا الدرس ينبغي أن يعيه جيداً أولئك الشباب المتحمس بجهله الذين أحرجوا الأمة بدعاوى الجهاد وقتال الكفار؛ فأدخلوها في معارك خاسرة؛ ذهب ضحيتها الآلاف من شباب المسلمين دون تحقيق أي أهداف تجني الأمة ثمارها, بل يُقتل شبابها من أهل الإقدام والشجاعة وحفظة القرآن وطلاب العلم وغيرهم, وتهدر طاقاتها وتسال دماؤها دون أن يكون لهذه الأعمال نفع للمسلمين.
 
 ولا بد أن يعلم هؤلاء الشباب أن أهل العلم الكبار حينما ينتقدونهم إنما هو من باب النصيحة محبةً وخوفاً عليهم, فكم من طاقاتٍ أهدرت دون نتيجة؟! وكم من دماءٍ سفكت دون وجه حق؟! حتى أصبحت ديار الإسلام موطناً للقتل والاقتتال والآلام والمصائب والنكبات, بسبب تهور هؤلاء وعدم إدراكهم لمآلات أفعالهم التي يقومون بها رغم نصح العلماء لهم, فمتى يعتبرون؟!.
 
صلوا وسلموا وأكثروا من الصلاة والسلام على من أمركم ربكم بالصلاة والسلام عليه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب : 56].
 
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ , كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ , كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
المشاهدات 1119 | التعليقات 0