أسباب الأمن                   

عبدالله التميمي
1439/11/05 - 2018/07/18 16:56PM

                                                  أسباب الأمن                           

إن الحمد لله، نحمده ونستعينُه ونستغفِرُه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل لا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وصحبه أجمعين   أما بعد:

 فاتقوا الله وراقبوه ، وأطيعوه ولا تعصوه ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصادقين﴾ .

عباد الله: كلُ النعم لا قيمةَ لها إذا عُدمَ الأمنُ والإيمان ، ففي رحابهما يأمنُ الناس على أموالهم ومحارمهم ويعبدون ربهم ، ويهنؤونَ بطعامهم وشرابهم  ﴿فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ * ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۢ﴾.

وإن نعمة الأمنِ مع العافية ِوالرزق توازي نعيمَ الدنيا بحذافيرها ، قال صلى الله عليه وسلم: (مَن أصبحَ مِنكمْ آمنًا في سربِهِ ، مُعافًى في جسدِهِ ، عندهُ قوتُ يومِهِ ، فكأنَّما حيزتْ له الدّنيا بحذافيرها).

ومن أعظم أسبابِ الأمن: التوحيدُ والإيمان ﴿ٱلَّذِينَ آمنوا وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَانهم بِظُلۡمٍ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ﴾. والظلم: هو الشرك  ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٌ﴾.

وكلما ضَعُفَ التوحيدُ ضَعُفَ الأمن ، وكلما زادَ الشركُ زاد َالخوف ﴿سَنُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ بِمَآ أَشۡرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰناۖ﴾ .

ومن أسبابِ الأمنِ: طاعةُ الرحمن ، وعدمُ المجاهرةِ بالعصيان ، فإن المعصيةَ إذا خَفيت لم تَضُرَّ إلا صاحبَها ، وإذا أُعلنت ضرَّتِ الخاصةُ والعامة ، قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا ثُمَّ لَا يُغَيِّرُوا إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ).

قال ابنُ القيم: "وهل في الدنيا والآخرةِ شرٌّ وداءٌ إلا سببهُ الذنوبُ والمعاصي!".

ومن أسبابِ الأمن: شكرُ اللهِ على نِعمهِ العظيمة ، وعدمُ الإسرافِ والتبذير ، فالشكرُ يحفظُ النعمَ الموجودة، ويجلبُ النعمَ المفقودة ، والكفرُ سببٌ لزوال النعمِ وحلولِ النقم ﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلا قَرۡيَة كَانَتۡ ءَامِنَة مُّطۡمَئِنَّة يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدا مِّن كُلِّ مَكَان فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ﴾

ومن أسباب الأمن: الحذرُ من الشائعات ، والتثبت في الأخبار التي تتعلق بأمن البلاد قال سبحانه:(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ).

ومن  أبشع صور الإخلال بالأمن: سفك الدماء ، و الاعتداءُ على الأبرياء ، و قد حمى اللهُ النفوس و أكّد حرمتها ؛ ليستقيمَ المجتمع ، و يحلَّ فيه الأمن ، (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا). قال المفسرون: (وَلَيْسَ وَرَاءَ هَذَا التَّشْدِيدُ تَشْدِيدٌ ، وَ لاَ مِثْلَ هَذَا الوَعِيدُ وَعِيدٌ).

و من أعظم أسباب الأمن: نشرُ العلمِ الشرعي ، المبنيِ على الكتابِ و السنة ، فالعلمُ عِصمةٌ من الفتنة، و أساسُ الأمنِ و الحكمة ، قال ابنُ القيم: (وَإِذَا ظَهَرَ الْعِلْمُ فِي بَلَدٍ أَوْ مَحَلَّةٍ قَلَّ الشَّرُّ فِي أَهْلِهَا ، وَإِذَا خَفَى الْعِلْمُ هُنَاكَ ظَهَرَ الشَّرُّ وَالْفَسَادُ).

أيها المسلمون: ما نزل بلاءٌ إلَّا بذنب ، ولا رُفِعَ إلاّ بتوبة ، وعبادة الرحمن: هي الحِصن الأعظمُ الذي من دخله كان من الآمنين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).

 

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعنا بما فيهما من آيات وحكمة أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحمد لله على إحسانه ، والشكرُ له على توفيقه وامتِنانه ، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه ، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الداعِي إلى رِضوانه ، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابِهِ ومن تبِعَهم بإحسانٍ.

عباد الله:ومن صور ِالإخلالِ بالأمن ، ما وقع من اعتداء على رجال الأمن من قبل أُناسٍ استسلموا لما يُقذفُ عليهم من شُبهات ، فصاروا مَعاولَ هدمٍ وتخريب ، وما عَملُهم إلا ضَربٌ من ضروبِ الفسادِ في الأرضِ وإخلالٍ بالأمن ، واسترخاصٌ للأنفسِ المعصومة ، وهو عملٌ مخالفٌ للشرع ، لما ينتجُ عنه من زعزعةٍ الأمنِ والاستقرار، ونشرِ الخوف والاضطراب ، والله تعالى يقول: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ ويقول سبحانه: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾.

فالحذر الحذر من مضلات الفتن والأهواء ؛ فإنها تُردي أصحابهَا في الدنيا وتُوبقهم في الآخرة ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

ثم اعلموا أن الله أمرَكم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه ، فقال في مُحكَم التنزيل: ﴿ إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا ﴾.

 

المشاهدات 541 | التعليقات 0